رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

3609

القرضاوي: زواج " التحليل" من الشروط الفاسدة التى تبطل الزواج

30 يونيو 2016 , 12:37م
alsharq
الدوحة - الشرق

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة

المؤلف: د. يوسف القرضاوي

الحلقة: السادسة والعشرون

الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته.

وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).

فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه.

وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.

ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض".

وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن.

وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228).

ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35)

* الشروط الفاسدة

أما الشروط الفاسدة فهي نوعان: نوع يُبطل الزواج، ونوع لا يبطله.

فأما الذي يبطله فله أقسام:

الشغار:

الأول: ما يعرف بـ(الشِّغَار)، ومعناه: أن يزوِّج الرجل ابنته، على أن يزوِّجه الآخر ابنته، وليس بينهما صداق. وقد نهى عنه النبي، ورُوِيَ عن الصحابة أنهم فرَّقوا بين الزَّوْجين.

زواج التحليل

الثاني: ما يعرف بزواج (التحليل)، وهو الذي يتزوج المرأة المطلَّقة من زوجها ثلاثًا، بشرط أن يطلِّقها إذا أحلَّها للأول، فهذا ليس زوجًا وإنما هو واسطة، وقد حرمه النبي ولعن فاعله. فقال: "لعن الله المحلِّل والمحلَّل له".

والسر في ذلك أن الزواج الذي شرعه الإسلام لا بد من أن تصحبه نية التأبيد، حتى يؤتي ثماره المرجوة من السكن والمودة والرحمة والنسل وغيرها. وزواج المحلَّل على غير هذه السُّنة، فإنه إنما يتزوجها ليلة أو ليلتين، أو ساعة أو ساعتين، أو أدنى من ذلك أو أكثر، لا لشيء من تلك الأغراض النبيلة، بل لمجرد أن تحلَّ للأول، وسواء اشترط ذلك باللسان أم نواه بقلبه، فهو حرام وباطل. روى نافع عن ابن عمر: أن رجلًا قال له: تزوجتها أحلُّها لزوجها، لم يأمرني، ولم يعلم! قال: لا؛ إلا نكاح رغبة، إن أعجبتك أمسكتها، وإن كرهتها فارقتها. ثم قال: وإن كنا لنعده على عهد رسول الله سفاحًا.

زواج المتعة

الثالث: ما يعرف بزواج (المتعة)، ومعناه: أن يتزوج الرجل امرأة لمدة يحددانها؛ نظير أجر معين.

والزواج في الإسلام عقد متين، وميثاق غليظ، يقوم في الأصل على نية العِشْرة المؤبَّدة من الطرفين؛ لتتحقق ثمرته النفسية التي ذكرها القرآن — من السكن النفسي والمودة والرحمة — وغايته النوعية العمرانية، من استمرار التناسل وامتداد بقاء النوع الإنساني: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً}[النحل:72].

أما زواج المتعة، فلا يتحقق فيه المعنى الذي أشرنا إليه. وقد أجازه الرسول قبل أن يستقر التشريع في الإسلام. أجازه في السفر والغزوات، لشدة حاجة الصحابة ومعظمهم شباب إليه، ثم نهى عنه وحرَّمه على التأبيد، وإن قال بعض الصحابة والتابعين ببقاء الإباحة في حالة الضرورة كأكل الميتة.

وكان السِّر في إباحته أولا أن القوم كانوا في مرحلة يصح أن نسميها (فترة انتقال) من الجاهلية إلى الإسلام؛ وكان الزِّنى في الجاهلية ميسرًا منتشرًا. فلما كان الإسلام، واقتضاهم أن يسافروا للغزو والجهاد: شق عليهم البعد عن نسائهم مشقَّة شديدة، وكانوا بين أقوياء الإيمان وضعفائه؛ فأما الضعفاء، فخيف عليهم أن يتورَّطوا في الزِّنى، أقْبِح به فاحشة وساء سبيلًا!

وأما الأقوياء فعزموا على أن يُخصوا أنفسهم أو يجُبُّوا مذاكيرهم، كما قال ابن مسعود: كنا نغزو مع رسول الله، ليس معنا نساء، قلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا رسول الله عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل.

وبهذا كانت إباحة المتعة رخصة لحل مشكلة الفريقين من الضعفاء والأقوياء، وخطوة في سير التشريع إلى الحياة الزوجية الكاملة، التي تتحقَّق فيها كل أغراض الزواج، من إحصان واستقرار وتناسل، ومودة ورحمة، واتساع دائرة العشيرة بالمصاهرة.

وكما تدرَّج القرآن بهم في تحريم الخمر، وتحريم الربا — وقد كان لهما انتشار وسلطان في الجاهلية — تدرج النبي بهم كذلك في تحريم الفروج، فأجاز عند الضرورة المُتعة، ثم حرم هذا النوع من الزواج، كـمـا روى ذلك عنه عليٌّ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم.

ومن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن سبرة الجهني: أنه غزا مع النبي في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء، قـال: فلم يخرج حـتـى حـرَّمـهـا رسول الله، وفي لفظ من حديثه: "وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة".

ولكن هل هذا التحريم باتٌّ كزواج الأمهات والبنات، أو هو تحريم مثل تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير، فَيُباح عند الضرورة وخوف العَنَت؟

الذي رآه عامة الصحابة أنه تحريم باتٌّ حاسم، لا رخصة فيه بعد استقرار التشريع. وخالفهم ابن عباس وأصحابه، فرأوا أنها تُبَاح للضرورة، فقد سأله سائل عن متعة النساء، فرخص له. فقال مولى له: إنما ذلك في الحال الشديدة، وفـي النساء قلة أو نحوه؟ قال ابن عباس: نعم.

ثم لما تبيَّن لابن عباس رضي الله عنه أن الناس توسَّعوا فيها، ولم يقتصروا على موضع الضرورة، أمسك عن فتياه ورجع عنها. واستمر بعض أصحابه كعطاء وسعيد بن جبير وطاوس يفتون بجوازها.

وهو ما استأنسنا به ونحن نفتي بعض الشباب المسلم الذي يعيش في بلاد الغرب في أوربا وأمريكا لدراسة الماجستير وأحيانا البكالوريوس، ولم يتمكن من الزواج قبل الذهاب أن يتزوج من بعض الفتيات مدة دراسته، ويطلقها بعد ذلك، وقد يعجبه طيب أخلاقها وحسن سلوكها، وقد تتأثر بدينه وأخلاقه، فتغير دينها إلى دينه، وتربط حياتها بحياته، فيبقيها زوجة لها، وبذلك ينقلب الزواج إلى زواج إسلامي دائم، قائم على الأهداف الشخصية والعائلية والاجتماعية.

من سنن عقد النكاح ومستحباته

يسن في عقد الزواج أن يكون في المسجد، ويسن إعلانه وإعلام الناس به، لحديث: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف".

كما يُسَنُّ أن يصحبه شيء من اللهو والغناء المباح، لما في ذلك من إشاعة السرور، وتمام الإعلان، روى البخاري عن عائشة: أنها زفَّت امرأةً إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله: "يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟!".

أما الأغاني الخليعة والاختلاط العابث؛ فحرام بالإجماع.

ومن السنن: الوليمة، وذلك أن يعد الزوج طعامًا لأحبائه وأصدقائه على قدر طاقته، {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}[الطلاق:7]. وقد قال عليه السلام لعبد الرحمن بن عوف: "أولم ولو بشاة". ولما تزوج النبي زينب بنت جحش أوْلَمَ بشاة. وأولم على بعض نسائه بمُدَّيْن من شعير.

ومن دُعِي إلى هذه الوليمة، فواجب عليه أن يجيب، لحديث: "من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". وذلك ما لم يكن عذر، أو يعلم بوجود منكر كالخمر والتماثيل واللهو المحرم، وفي الحديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر".

ويستحب من الحضور الدعاء للزوجين أو لأحدهما بعد العقد بالبركة والسعة وحسن العشرة، ويندب تهنئة الزوجين وإدخال السرور على كل منهما، أو عليهما.

والسنة أن يقال للزوج: بارك الله لك وبارك عليك، وجمع بينكما في خير، لما ورد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفَّأ إنسانًا إذا تزوج قال: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير".

ويستحب أن يُبدأ عقد النكاح بخطبة يبين فيها مكانة الزواج في الإسلام، وحقوق كل من الزوجين، ويوصيهما بحسن العشرة.

ويستحب للعروس إذا زفت إليه زوجته أول مرة أن يأخذ بناصيتها، ويدعو أن يبارك الله لكل منهما في صاحبه، "إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادمًا، فليقل: اللهم إني أسالك خيرها، وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها، وشر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه، وليقل مثل ذلك".

ويسن في الزواج تخفيف المهر، لما فيه من القصد والبعد عن الإسراف، والترغيب في الزواج، وفي الحديث: "خير الصداق أيسره". وقال عمر: "لا تغالوا في صدقات النساء". ومن يسر المؤنة: الاعتدال في الجهاز، فإن الله لا يحب المسرفين.

والمغالاة في المهور إحدى المشاكل التى تواجه الشباب، وتؤخر إتمام الزواج.

أيسر المهور

الواقع أن هذه تعقيدات من الناس على أنفسهم، شددوا فيما يسره الله تعالى عليهم، لقد قال النبي في الزوجات: "أيسرهن مهرًا أكثرهن بركة". والنبي حينما زوج بناته زوجهن بأيسر المهور، لم يشترط لهن المئات ولا الآلاف، وإنما أخذ أيسر المهور، وكذلك السلف الصالحون، لم يكونوا يبحثون عن مال الرجل، وماذا يدفع؛ لأن البنت ليست سلعة تباع، إنما هي إنسان، فليبحث لها الأب أو الولي عن إنسان مثله، إنسان كريم، كريم الدين، كريم الخلق، كريم الطباع، ولهذا جاء في الحديث عن النبي : "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".

فالمهم، والذي يجب أن يطلبه الأب أو الولي هو الدين والخلق، قبل كل شيء. فماذا يغني الفتاة أن تتزوج ويُدفع لها مهر كبير، إذا تزوَّجت من لا خُلُق له، ولا دين له؟ ولهذا قال السلف: إذا زوجت ابنتك فزوِّجها ذا دين، إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها. لأن دينه يمنعه، وخلقه يردعه، حتى في حالة الكراهية، كما قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء:19].

اقرأ المزيد

alsharq المدينة الإعلامية قطر تطلق مبادرتها السنوية "يوم المشاركة 2025"

أطلقت المدينة الإعلامية قطر مبادرتها السنوية يوم المشاركة 2025تحت شعار معًا نبدع، التي جمعت طواقم الموظفين وأعضاء مجلس... اقرأ المزيد

132

| 27 سبتمبر 2025

alsharq افتتاح معرض المرأة العربية بمشاركة واسعة من رائدات الأعمال

انطلقت اليوم فعاليات /معرض المرأة العربية/ في نسخته الثالثة عشرة بمركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات، وتستمر حتى الثاني من... اقرأ المزيد

168

| 27 سبتمبر 2025

alsharq وزارة الصحة تغلق مطعماً 15 يوماً

أعلنت وزارة الصحة عن إغلاق منشأة غذائية (مطعم) لمدة 15 يوماً في منطقة 52 شارع 810 مبنى 57.... اقرأ المزيد

428

| 27 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية