محليات

188

أنقرة .. عاصمة السياسة والصناعة

في العاصمة التركية أنقرة اختلفت الجولات والزيارات والحوارات، ما بين سياسي وإعلامي وتعليمي وإنساني واجتماعي، لكن في مجملها تكشف عن رغبة حقيقية تركية في تطوير العلاقات مع العالم العربي في شتى المجالات، والتأكيد ـ جميع من التقيناهم ـ على ضرورة عودة الروح والتجانس بين العرب والاتراك الذين عاشوا عقودا من الزمن معا، وتجمعهم الجغرافيا والعقيدة والمشتركات العديدة الراسخة، التي لا يمكن فصلها .أنقرة العاصمة السياسية للجمهورية التركية، تضم في الوقت نفسه أكبر المصانع العسكرية والتصنيع، الذي توليه أهمية، فهناك في منطقة كازان التي استضافنا رئيس بلديتها الأستاذ لقمان ارتورك، وهو شخصية قمة في التواضع ودماثة الأخلاق

تضم مصانع عسكرية من بينها الطائرات العسكرية والمقاتلات الحربية وطائرات بدون طيار، التي وصلت تركيا إلى مرحلة الاكتفاء ـ طائرات بدون طيار ـ مع كفاءة عالية، والإعلان مؤخرا عن تدشين قطع بحرية لأول مرة في تاريخ تركيا، والتي تؤمل في فترة قصيرة تدشين حاملات طائرات صناعة تركية خالصة.

الجولة في كازان لم تكن تقليدية كما هو الحال في الجولات في المدن المختلفة، بل أصر رئيس بلديتها السيد ارتورك أن نشاركه وأعضاء البلدية في زراعة أشجار في حديقة ضخمة يتم تجهيزها لافتتاحها قريبا، فكانت لفتة طيبة أن شارك الوفد الإعلامي العربي في زراعة الأشجار، والاحتفاظ بالأسماء على الأشجار، ويقول السيد ارتورك مازحا: أريدكم أن تأتوا بين فترة وأخرى إلى أنقرة ليس لزيارتي، إنما لسقي أشجاركم بالماء، أنتم مسؤولون عن نموها، يقول مبتسما.

احتفاء كبير

احتفاء كبير وجميل نظمه السيد لقمان ارتورك الذي قال لي: وقفت قطر مع تركيا في أحلك الظروف التي مرت بها المنطقة، لن ننسى لكم هذه المواقف الأخوية العظيمة.

في البلدية التي وصلنا إليها في وقت متأخر بعد انتهاء الدوام الرسمي، وجدنا جميع الموظفين بانتظارنا، رغم انتهاء وقت الدوام الرسمي،

وليس هذا فحسب، بل كانت الورود وقبلها الترحيب الحار يسبق الاستقبال، ثم قدموا شرحا مبسطا عن الخدمات التي تقدمها البلدية لسكان المنطقة، وهي متعددة، بما فيها إبرام عقود الزواج في قاعات مجانية للأفراح، فقلت للسيد ارتورك: هل هذه القاعات تقدم للأتراك فقط أم يمكن أن يستفيد منها غير الأتراك، فرد مبتسما: بشرط أن تكون الزوجة تركية.

هناك عمل على قدم وساق في كل مكان في تركيا، مشاريع تنموية تسابق الزمن، وتطور تشاهده في المشاريع التي تنفذ، وهو أمر مفرح أن تجد بلدا مسلما حقق كل هذه الطفرات في مختلف المجالات، وحقق هذه الإنجازات في فترة زمنية لا تتجاوز 12 عاما، منذ تولى حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا عام 2002.

في كل جولاتنا كان المستشار بهاء الدين اكيون مرافقاً وحاضراً بأريحية وابتسامة لاتفارقه ابداً

العرب وتركيا

في مكان آخر، أو مؤسسة حكومية أخرى وهي المديرية العامة للإعلام التابعة لرئاسة مجلس الوزراء ـ بالمناسبة تركيا ليس لديها وزارة إعلام ـ التقينا السيد سنان كورون مدير إدارة الإعلام والنشر، الذي أكد على الترابط القائم بين العرب وتركيا، وأهمية كلا الطرفين للآخرين، مشيرا إلى أن تركيا تحولت خلال الفترة الماضية إلى مكان يلتقي فيه قادة العالم لمناقشة مختلف القضايا، خاصة الأمن والسلام، فقد شهدت تركيا انعقاد اجتماعات مجموعة العشرين وقمة التعاون الإسلامي وقمة أنطاليا والقمة الإنسانية العالمية.

يتحدث عن سوريا بألم ويقول: إن هناك نحو 8 ملايين سوري ما بين لاجئ ونازح، تستضيف تركيا 3 ملايين، صرف على استضافتهم أكثر من 11 مليار دولار، ويؤكد أن ما يقومون به تجاه السوريين هو واجب أخوي، ولا ينتظرون دعما من دول العالم أو منظماته.

ويستطرد: قطر والسعودية هما الدولتان اللتان قدمتا مساعدات للأشقاء السوريين في تركيا، وهنا أود التوجه إلى الأشقاء في قطر والسعودية بالشكر الجزيل على مواقفهما الأخوية ، بينما الأطراف الدولية الأخرى حضورها لا يذكر أبدا، بما فيها الأمم المتحدة، فهي لم تقدم أكثر من 450 مليون دولار.

ويضيف: العالم يعيش اليوم معركة إعلامية، ويجب على العالم الإسلامي أن يكون قادرا على خوضها، فنحن نخوض حربا إعلامية تستهدف دولنا ، وهو ما يتطلب منا جميعا العمل للتصدي لها مجتمعين، فالاستهداف اليوم ليس لدولة بعينها، بقدر ما هو استهداف لعالمنا الإسلامي.

مؤسسة نوعية

من بين الجهات التي قمنا بزيارتها مؤسسة الأتراك المقيمين بالخارج، وهي مؤسسة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، وتعمل في ثلاثة مسارات لخدمة الأتراك الذين يعيشون بالخارج، وأقارب الأتراك الموجودين بالخارج،

والطلاب الأجانب الذين يدرسون في تركيا، ولهذه المؤسسة نشاط في 160 دولة، تخدم نحو 10 ملايين تركي بالخارج، بهدف ربطهم بوطنهم عبر فعاليات مختلفة، بما في ذلك تعليم أبنائهم اللغة التركية، وتنظيم زيارات لهم إلى تركيا؛ حتى يظلوا على تواصل مع وطنهم، ودراسة المشاكل التي يتعرضون لها بالخارج، ورفع المقترحات بحلها عبر مجموعة من القانونيين. من المهام التي تقوم بها هذه المؤسسة تقديم منح دراسية للطلاب الأجانب بالجامعات التركية، مع تحمل كافة المصاريف، بدءا من تذاكر السفر والإقامة وتعليمهم في عامهم الأول اللغة التركية والضمانات الصحية ومصروف مالي شهري، فعلى سبيل المثال طلاب البكالوريوس يصرف لهم شهريا 650 ليرة، والماجستير 800 ليرة والدكتوراة 1200 ليرة، وحاليا يتواجد في تركيا يدرس بنظام المنح 15 ألف طالب أجنبي يدرسون في 168 جامعة تركية، من بينهم 14 طالبا فقط من دول الخليج.

وكالة الكوارث

ومن بين المؤسسات الهامة التي اطلعنا على جانب من الأدوار التي تقوم بها هي وكالة الكوارث والإغاثة العاجلة "افاد"، وهي مؤسسة تتولى التنسيق مع كل جهات الدولة للقيام بالمهام بأسرع وقت ممكن، ولا يقتصر دورها على الإنقاذ داخل تركيا، بل لديها شعبة التدخل الدولي، ولديها حضور قوي في تقديم المساعدات والدعم والإنقاذ في مختلف قارات العالم، وتسيير قوافل مساعدات للمحتاجين من دول الجوار. ومن بين الأدوار التي يقومون بها توفير الخدمات للاجئين السوريين، الذين يقدر عددهم على الأراضي التركية بـ 3 ملايين سوري، وهناك 334 ألف طالب سوري يتلقون تعليمهم في عموم تركيا، وخلال فترة الأزمة ولد نحو 152 ألف طفل سوري في تركيا، مع توفير الضمانات الصحية والتعليم والغذاء من قبل الحكومة التركية.