رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2059

كل أحلامه أطراف صناعية تعينه على الحياة.. شاب سوري يقهر الإعاقة بالعمل

27 ديسمبر 2021 , 06:45ص
alsharq
إدلب - سونيا العلي

في وقت ركن فيه معظم الشباب في الشمال السوري إلى البطالة واليأس، لم تقف الإعاقة في وجه الشاب أحمد الديوب (20 عاماً) الذي تمكن من إيجاد فرصة عمل للاعتماد على نفسه في تأمين مصروفه، فهو يذهب صباح كل يوم إلى ورشة الخياطة على كرسي متحرك، لإعالة نفسه وجديه المسنين.

 

أرادت مشيئة الله أن يولد أحمد الديوب من معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي في شمال سوريا دون قدمين، وبتشوه في اليدين أيضاً، فاعتنى به جده منذ صغره، كما ساعده في تعلم مهنة الخياطة، ليتمكن من تحصيل لقمة العيش بكرامة دون أن يمد يد الحاجة لأحد. يؤمن أحمد بقدره، ويؤكد أن وضعه أفضل بكثير من الأشخاص الذين بترت الحرب أقدامهم، لأنهم اعتادوا على وجودها في تفاصيل حياتهم، أما هو فقد خلق بدونها.يقول أحمد لـ"الشرق": "الحرمان من المشي وحنان الأبوين المحطات الأبرز في حياتي، فبعد ولادتي توفي والدي بعد إصابته بمرض عضال، وتزوجت أمي من رجل آخر، فتكفل بي جدي المسن والد أمي، وبقي يعتني بي، ويحملني على ظهره حتى بلغت الخامسة من عمري". أكثر ما يسبب لأحمد الحزن والألم هو عدم تمكنه من دخول المدرسة في طفولته لتعلم القراءة والكتابة، بسبب صعوبة تنقله من جهة، وتعرضه للتنمر من قبل الأطفال من جهة أخرى.

 

 

 ولكن أحمد لم يستسلم لإعاقته ونظرة المجتمع المحيط، حيث تعلم مهنة الخياطة وأتقنها، وبدأ العمل بها بإرادة وعزيمة. يستخدم أحمد كرسياً متحركاً يعمل بالطاقة الشمسية في الحركة والتنقل خارج المنزل، ويواجه مصاعب كثيرة، وعن ذلك يضيف: "أقطع يومياً مسافة 5 كيلومترات للوصول إلى مكان عملي، وأمضي ما يقارب ساعتين في طريقي من وإلى ورشة الخياطة التي أعمل بها، وتزداد معاناتي خلال فصل الشتاء جراء البرد ومياه الأمطار والأوحال تزامناً مع رداءة الطرقات ووعورتها التي لا تتلاءم مع بنية جسدي".ويشير أحمد إلى أن مأساة جديدة أضيفت إلى حياته حين اضطر للنزوح بسبب الحرب مع جده وجدته من مدينة معرة النعمان إلى مدينة إدلب التي سيطر عليها النظام السوري نهاية عام 2019، وابتعد عن منزله الذي ضمه منذ طفولته، ورفاق الحي الذين لطالما وقفوا إلى جانبه وقدموا له الدعم والمساندة.صديق أحمد في ورشة الخياطة، ابراهيم العلوش (25 عاماً)، أشاد بحجم العزيمة التي يتمتع بها أحمد، ويحاول من خلالها تجاوز كافة العقبات التي تواجهه، وتحويل الانتكاسات إلى نجاح، ورفضه الاستسلام لمرارة الواقع.ويؤمن العلوش أن المعاق ليس من فقد عضوا من الجسد، لكنه الشخص غير القادر على التكيف والتعايش مع إعاقته، وقد يتغلب ذوو الاحتياجات الخاصة على الأناس الأسوياء بطموحاتهم العالية، وإصرارهم على تحدي الظروف، وقدرتهم على العمل والإنتاج، وأحمد يعطينا طاقة إيجابية لأنه لم يستسلم لقدره، بل قرر دخول معترك العمل ومقاومة إعاقته، ليعيش من عرق جبينه".يعشق أحمد كرة القدم، كما يتمنى أن يقود دراجة نارية كما يفعل أصدقاؤه، ويراوده حلم الحصول على أطراف صناعية تعينه على الوقوف والمشي، مؤكداً أنه سيظل متمسكاً بالأمل والصبر والإيمان رغم كل ما يقاسيه في حياته اليومية من مصاعب.أثبت أحمد بإصراره على تحقيق ذاته والتغلب على ظروفه الصعبة، أن الإعاقة ليست عقبة أمام رغبة المرء بالعمل والإنتاج، كما يؤكد أن الإصرار وراء كل نجاح.

 

مساحة إعلانية