رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

360

الذكرى الخامسة للثورة المصرية ... وأد الديمقراطية وعودة لنظام مبارك

25 يناير 2016 , 01:58م
alsharq
الدوحة - بوابة الشرق

مع حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير في مصر، تشيع حالة من الترقب مصحوبة بقلق وتخبط إثر تزايد الحملات الداعية للتظاهر في ميدان التحرير احتجاجا على تردي أوضاع البلاد. ويسود التوتر مستويات عدة من المجتمع المصري سواء على مستوى الدولة والأجهزة الحاكمة، أو على مستوى الحركات السياسية والمعارضة، أو حتى على مستوى رجل الشارع البسيط.

لم تحظ ثورة بهذا القدر من الاضطراب في المشاعر والرؤى والتوجهات كما حظيت الثورة المصرية التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك، الذي دام حكمه ثلاثون عاما، في 25 يناير عام 2011. فبعد انتفاضة شعبية استمرت 18 يوما وكان مركزها ميدان التحرير في القاهرة وكافة الميادين في محافظات البلاد المختلفة، وسقط ضحيتها ما يقرب من الألف قتيل في مواجهات مع قوات الأمن، تخلى مبارك عن الحكم مكلفا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.

ودون الدخول في التفاصيل وسرد الأسباب التي قادت لاندلاع هذه الثورة، كانت دائما مناسبة الاحتفال بذكراها محل اختلاف بين رفقاء الميادين والكفاح، ودائما ما أثارت من القلق والجزع أكثر مما أثارت من الغبطة والفرح. فبعد سقوط الرئيس ودخول الجيش لاعبا رئيسيا في السياسة الداخلية، تغيرت المعطيات السياسية والمسار الديمقراطي في البلاد. وكان الغموض الذي أحاط بموقف الجيش من الثورة، ومعاملته غير الودية في أحيان كثيرة للثائرين، حافزا لأعدائها على المجاهرة بكرههم لها ولما أفرزته من تغير في تركيبة المشهد السياسي للبلاد.

بعد تسليم زمام الأمور للمدنيين في العام 2012، وصلت جماعة "الإخوان المسلمين" للسلطة بعد فوز مرشحها للرئاسة محمد مرسي بالمنصب، وذلك في وقت كان الاستقطاب فيه سيد الموقف في البلاد بين أنصار الرئيس السابق والمنتفعين من العهد البائد من جهة، والإسلاميين ممثلين في الإخوان والسلفيين من جهة ثانية، والعلمانيين والحركات الثورية اليسارية من جهة ثالثة.

في ظل هذه الفوضى السياسية، قام الجيش وبقيادة وزير الدفاع في ذلك الوقت الجنرال عبدالفتاح السيسي بعمل انقلاب وإزاحة الرئيس الشرعي المنتخب في أول انتخابات ديمقراطية شهدتها البلاد.

وشهدت البلاد منذ ذلك الوقت صعودا كبيرا للقوى المناهضة لثورة يناير واحتلالها كافة وسائل الإعلام تقريبا، وأصبح سب هذه الثورة ووصفها بالمؤامرة على البلاد -رغم تجريم دستور البلاد لهذه الأفعال- أمرا معتادا يوميا تقريبا، وحتى على شاشات التلفاز الحكومي. وشنت السلطات الجديدة حملات شعواء على كل من شارك في هذه الثورة دون التفريق بين الإسلاميين -الذين أصبحوا عدو الشعب رقم واحد- والعلمانيين، يساريين أو ليبراليين، لتزج بهم في السجون. وأصبح كل معارض للسلطة الجديدة إما إخوانيا إرهابيا أو عميلا متآمرا للغرب وإسرائيل أو إيران، في خلط واضح لكل الأوراق.

تأتي هذا العام الذكرى الخامسة لتلك الثورة في ظل العداء المتنامي لها على المستويات الحكومية والإعلامية واللامبالاة الشعبية لمصيرها، والدعوات الحثيثة للقوى المطالبة بالتغيير التي دعت للتظاهر في ميدان التحرير مرة أخرى على الأوضاع التي تراها جائرة وبعيدة عن أهداف الثورة، والقوى المناهضة للتغيير والتي تريد وأد هذه الدعوات في مهدها متعللة دائما بسيناريوهات المؤامرة على البلاد واستهداف الجيش الأخير ودفعه للسقوط في هاوية الفوضى على غرار السيناريوهات اللييبي والسوري واليمني.

تستغل هذه القوى الأخيرة كل الوسائل، إعلامية كانت أو غيرها، من تهديد وترغيب، لثني الناس عن مجرد التفكير في المشاركة أو الاستجابة لهذه الدعوات. نجد مثلا صحفيا مشهورا ونائبا في مجلس الشعب الجديد والقديم، مصطفى بكري، يتهم في برنامجه التلفزيوني من سيشارك في أية مظاهرات بهذا اليوم بالإجرام وأن الجيش سيقوم بسحقه. بينما كانت عبارات مذيع آخر، أحمد موسى، في برنامجه التلفزيوني أيضا أكثر وضوحا وتحديدا "نزولك معناه "السجن أو القتل".

في حين أصدرت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه أنها ستطبق بنود قانون التظاهر على كل مظاهرة تخرج دون تصريح، وأضافت بأن "المواطن لن يسمح لأحد بأن يستغله، حيث أصبح يدرك ما يحيط بالوطن من مؤامرات". وتحاول الوزارة من جانبها احتواء واستباق الأحداث القادمة بالقيام بحملات مداهمات عشوائية لشقق مفروشة وسط العاصمة القاهرة، ومصادرة أجهزة حواسيب وهواتف محمولة وتوقيف أشخاص تشتبه بتوجهاتهم السياسية المعارضة لحكومة الرئيس السيسي.

المسؤولون عن إدارة الصفحات المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة "فيس بوك"، لم ينجوا أيضا من التوقيف والاعتقال. الوزارة اتهمتهم بالانتماء لجماعة "الإخوان المسلمين" والوقوف وراء التحريض على الخروج في ذكرى الثورة. وهو الاتهام الذي كررته صحف أخرى ضد الجماعة خارج مصر.

أما الترغيب فجاء من وزارة التموين والتجارة الداخلية التي أعلنت عن طرح كميات كبيرة من السلع الغذائية واللحوم والدواجن في الأسواق بأسعار مخفضة وأقل بكثير من أسعار مثيلاتها في الأسواق استعدادا لذكرى الثورة، وهو أمر اعتبره الكثير من المراقبين محاولة لتخفيف الاحتقان في الشارع من أثر تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية والغلاء المعيشي الذي يطال شرائح واسعة من المجتمع. وضع يتشابه كثيرا، إن لم يكن أكثر سوءا، مع الأوضاع عشية الثورة العام 2011.

المؤسسة الدينية دخلت هي الأخرى على الخط، وهو أمر معتاد في مصر أن يستدعى الدين في كل مناسبة. فشيخ الأزهر قال من الكويت بأنه "ضد أي عمل يؤدي إلى إسالة قطرة واحدة من دم أي مصري، فإذا كان أي تجمع أو مظاهرة سوف يؤدي إلى مواجهة ثم اقتتال ثم إسالة للدماء، فيجب رفضه ومنعه". وأصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا تحرم فيه المظاهرات التي تحيد عن السلمية. فتوى أيدها وزير الأوقاف المصري والذي وجهت وزارته خطباء المسجد بتحذير الناس من الاستجابة لدعوات التظاهر والخروج في ذكرى الثورة.

وحتى هيئة الأرصاد الجوية أدلت بدلوها في الموضوع، ونشرت بيانا حذرت فيه من سوء الأحوال الجوية يوم 25 يناير. وقال رئيس الهيئة أحمد عبد العال "أن الطقس بصفة عامة عاصف وشديد البرودة على مدار الـ24 ساعة، خلال ذروة هذه الموجة أيام الأحد والإثنين والثلاثاء.

مساحة إعلانية