رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

3493

تونس تستبق القمة بألوان فن الشارع

24 مارس 2019 , 05:00ص
alsharq
لوحة الفنان التشكيلي محسن العواضي
الدوحة - الشرق:

أسفل جسر شارع الجمهورية قبالة قصر المؤتمرات مكان احتضان القمة العربية بالعاصمة تونس، ينهي الفنان التشكيلي محسن العواضي لمساته الأخيرة على لوحته الفنية بأحد أعمدة الجسر لامرأة متلحفة بلباسها التقليدي "السفساري" وهي تهم بالخروج من منزل عريق ذي باب عتيق مسمّر أزرق.تأخذ الصورة بأبعادها المستوحاة من الواقع خيال الناظر إليها بعيدا إلى زمن أصيل يعيد حلم ماض جميل، ويؤّمن آذان المارة السابحين في جمال الصورة شر منبهات السيارات.يمسك الرسام الموقر بفرشاته بلين، ثم يغمسها قليلا في خليط من الألوان ليطلي آخر بقع رمادية حزينة كانت تفسد المكان.

هذا الفنان هو أحد عشرات المتطوعين من رسامين وطلبة فنون جميلة جاؤوا من كل فج عميق لإعادة الحياة إلى أعمدة جسر شارع الجمهورية التي اتشحت مؤخرا بحزن اللون الرمادي القاتم بعدما أقدمت وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية على طمس رسومها، مما أثار ردود فعل غاضبة ببراعة ساحر مبدع، جعل الرسام خريف الجدار ربيعا، وأعاد زهو المكان فانقشع الحزن بالألوان، لم يرتسم التعب مطلقا على وجه الرسام رغم وقوفه ساعات تلذذ دقائقها دون نسيان طغيان اللون الرمادي المائل للسكون والهوان، يقول "اللون الرمادي أعادنا إلى المربع الأول لكننا سنعيد التجربة".

وقبل أيام قليلة من انعقاد القمة العربية في قصر المؤتمرات بالعاصمة قبالة جسر شارع الجمهورية، أزالت وزارة التجهيز 113 لوحة من جملة 240 جدارية بأحجام كبيرة طلتها باللون الرمادي، غير أن هبة المجتمع المدني والفنانين التشكيليين وطلبة الفنون الجميلة أعادت وهج فن الشارع إلى الاتقاد.يقول الرسام "إذا تركنا أعمالنا يمكن أن تضيع منا، لا بد من مواكبة إنتاجنا حتى لا نترك المجال للطرف الآخر".ويضيف التشكيلي الذي له تجربة تزيد عن أربعين عاما، أن ما وقع يمثل فرصة لإعادة الاعتبار لفن الشارع قصد تنقية النفوس وإحياء روح جديدة لدى الناس ليشعروا بقيمة الحياة وجمالها.

 ليس بعيدا عنه أنهت طالبة معهد الفنون الجميلة بتونس أنيسة نمري طلاء جدار رمادي بخلفية بيضاء ناصعة، ثم شرعت في رسم صورة جديدة لم تتضح معالمها بعد، تطفو ملامح البراءة على وجهها النقي، لكنها لا تخفي صدمتها من طمس ثلاث لوحات جدارية رسمتها بالمكان نفسه عام 2016. يمثل الرسم على الجدران في الشارع، وفقها، "فسحة أمل" للمواطنين المخنوقين من ضوضاء السيارات المزعجة، تقول بصوت عذب "ذات مرة قال لي سائق سيارة أجرة إن تلك الرسومات الجميلة كانت تخفف عنه وطأة اكتظاظ السيارات واختناق المرور، فلا بد أن نعمم هذه التجربة، لا أن نوقفها".

من جانبه يقول رئيس اتحاد الفنانين التشكيلين التونسيين وسام غرس الله للجزيرة نت إن الفنانين التشكيليين وطلبة الفنون الجميلة لن يتوقفوا عن الرسم إلا بعد الانتهاء من كل الجداريات، مشيرا إلى أن إزالة بعض اللوحات من وزارة التجهيز كانت بمثابة حافز جديد للعناية بفن الشارع وجمالية المدن.           

مساحة إعلانية