رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1385

خبراء أمريكيون لـ الشرق: التجسس جريمة واعتداء على حرية الصحافة

22 ديسمبر 2020 , 07:00ص
alsharq
واشنطن - زينب إبراهيم

أبرزت الصحافة العالمية ما عرضه الإعلامي تامر المسحال على قناة "الجزيرة" في برنامج "ما خفي أعظم"، حول تعرض 36 من صحفيي القناة الإخبارية الأبرز بالشرق الأوسط إلى الاختراق عبر برامج التجسس وهو ما سلط الضوء على طبيعة تلك التقنيات، وكيف يتم استخدامها، وكيف تعد تعدياً جسيماً على الحريات الصحفية والشخصية، وتخترق كل القواعد المنظمة للعمل الصحفي الحر، وهذا ما أكده خبراء أمريكيون ومسؤولون بمنظمات حقوقية صحفية، بأنه يمثل اعتداء صريحاً على حرية الصحافة وعلى ضمانات وضوابط حرية ممارسة الصحفيين بعملهم دون ترهيب واعتداء، وهو جريمة مؤكدة تعرض لها صحفيو الجزيرة على وجه التحديد، وذلك لما خلقته "الجزيرة" من مساحة نقاش حر وفتح القضايا الشائكة عربياً وخلق منصات ومنتديات تدعم الرأي والرأي الآخر، كما كشفوا أيضاً طبيعة برامج التجسس وسبل عملها من أجل السيطرة على الهواتف وخطورة تهديدات الأمن السيبراني في التأثير على حرية الصحافة.

◄ مخالفة للقانون الدولي

قالت بيتريس وود، عضوة لجنة حماية الصحفيين بواشنطن: إن عمليات التجسس المستهدفة التي يتعرض لها العاملون بقناة الجزيرة، لا تخالف فقط الحق في المعرفة والحق في حرية الصحافة ولكنها تخالف بصورة واضحة القانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان، والقرارات التي نصت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن جميعها أكدت ليس فقط أن الشعوب لديها الحق في إتاحة المعلومات وضرورة وجود الإعلام الحر، لكنها أكدت أيضاً أنه يحق للدول الأمر نفسه من امتلاك وسائل إعلامية تعبر عن آرائها ومواقفها، كما أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اعتبر أن استهداف وسائل الإعلام والتربص بها وقرصنتها يعد بمثابة اعتداء مباشر على حرية الصحافة، ودعا إلى ضرورة وجود ضمانات كافية لكي يتمكن الصحفيون من ممارسة عملهم، ووضع ضوابط صارمة ضد تهديدات الأمن السيبراني التي تهدد وسائل الإعلام.

◄ لماذا الجزيرة؟

أكدت بيتريس وود في تصريحاتها لـ الشرق أن قناة الجزيرة على وجه التحديد والتي أنشأتها دولة قطر قبل عقدين من الزمان نجحت في خلق مساحة مختلفة تماماً في الإعلام العربي وخلق نقاشات حول العديد من القضايا العربية المهمة، وهو ما شجع على فتح منتديات للنقاش الجاد حول ما يدور في العالم العربي، وهو ما أحدث ثورة معلوماتية في طبيعة الإعلام العربي المنغلق في معظمه في ذلك الحين، ولهذه الأسباب وجدنا تلك الحيل والدعوات من أجل اختراق وقرصنة أو شن حملات تجسس وقرصنة على الجزيرة والعاملين بها بسبب الدعوة الإعلامية إلى نقاش حر وخلق منتديات حقيقية للنقاش وتبادل وجهات النظر، ولهذه الأسباب يجب أن ندافع عن تلك المؤسسات الإعلامية إزاء ما تتعرض له، فالإعلام هو السلطة الرابعة التي تقوم بوظيفة كلب الحراسة الذي يراقب أفعال الحكومة ويحاسبها، وليس فقط استخدامها لتمجيد المسؤولين والترويج لهم، ولهذا تظهر أهمية الإعلام في نقل الحقيقة للجمهور ومحاسبة المسؤولين والتشجيع من أجل خلق نقاشات جادة حرة ومستقلة.

◄ جريمة مؤكدة

وتابعت بيتريس وود الحقوقية الأمريكية: إن واقعة التجسس التي تعرض لها صحفيو الجزيرة هي جريمة مؤكدة عبر ارتكاب فعل معاد للحريات الشخصية والصحفية عبر باستخدام التقنيات التكنولوجية من أجل تحقيق غايات سياسة وإستراتيجية، وإننا بالتأكيد شاهدنا وسنشاهد مستقبلاً المزيد من حالات تهديدات الأمن السيبراني وحروب القرصنة تلك، وهذا ما يؤكد على ضرورة التعامل مع قضايا القرصنة والأمن السيبراني بصورة أكثر جدية خاصة وأنه كما شاهدنا فستكون النموذج الأول من الإجراءات المعادية أو حتى شن الحروب بكل تأكيد في المستقبل، وصحيح أن وسائل الإعلام قد بات يتم استخدامها من أجل التحريض والفبركة بل حتى استهداف الناشطين وقمع الحريات، وأيضاً استخدامها لشرعنة وتبرير الأزمات المفتعلة، فإن هذا ما يوجبنا أن ندعم حرية الصحافة واستقلال الإعلام من الهجمات المحاكة ضده، لأن الإعلام يبقى من أحد ضمانات حرية التعبير، كما ان ممارسة الديمقراطية تبنى على حق الشعب في المعرفة وخلق نقاشات حرة وضمانة تدفق حر للمعلومات مما يمكن من المشاركة في العملية السياسية.

◄ خفايا التجسس

قال جون سكوت، الخبير التقني بمركز "سيتيزين لاب" الذي اعتمد برنامج "ما خفي أعظم" على معلوماته البحثية في إعداد التقرير: إنني عملت بالفعل على بحث موسع حول الشركات التقنية الكبرى والتي تبيع خدماتها في المراقبة والتجسس في دول عالمية وعربية عديدة، ولكن بدلاً من أن تستخدم هذه التقنيات في عمليات المراقبة ورصد الإرهابيين والمجرمين والتنصت على بياناتهم، فإنهم كانوا يستخدمونها في الواقع من أجل استهداف النشطاء والصحفيين وتعد شركة NSA جروب وهي شركة تقنيات وأمن معلوماتي إسرائيلية أبرز الشركات التقنية التي تقدم هذه الخدمات من المراقبة والتجسس، وتزود الشركة تطبيق "بيجاسوس" الذي تحدث عنه البرنامج وهو تطبيق للتجسس على الهواتف الذكية، وبتوضيح آخر فإن الأجهزة والجهات التي تستخدم "بيجاسوس" فإنه يمكنها من إرسال رسائل نصية مرفق بها روابط خبيثة وإذا قام الهدف المقصود بالضغط على أحد من هذه الروابط فسوف تكون هواتفهم مخترقة مما يسمح بمشاهدة كل ما هو متواجد من بيانات على الهاتف سواء الرسائل النصية في المحادثات الخاصة بالإضافة إلى الصور والفيديوهات الشخصية، بل حتى يمكنها استخدام المايكروفون بداخل الهاتف كوسيلة للتجسس والتنصت على الهدف المقصود والأمر نفسه فيما يتعلق بالكاميرات المزودة بالهاتف والتي ستكون مخترقة وتسمح بالتنصت على المحادثات التي يجريها الشخص أو تبيان ماذا يفعل بالتحديد في تلك اللحظة.

◄ أدوات القرصنة

يتابع جون سكوت في تصريحاته لـ الشرق: في بحث مركز سيتزين لاب الموسع حول شركة NSA جروب رصدنا من خلال وقائع متعددة أن تلك التكنولوجيا المستخدمة في التجسس والتنصت تتخصص في استهداف الصحفيين والنشطاء فقط لمجرد ما يقولونه أو الطريقة التي يعبرون فيها عن رأيهم والذي يختلف مع بعض القضايا السياسية ويصطدم معها كما هو الحال في قناة "الجزيرة" وما وضع إعلاميوها هدفاً لتلك البرامج من أجل التجسس على هواتفهم، كما وجدنا كم هائل من البيانات بعضها يمكن تحليله من وجهة نظر تقنية وبعضها غير ذلك ولكن ما يمكننا تأكيده هو أننا أثبتنا وجود ثغرة في برنامج "بيجاسوس" عى وجه التحديد مكنتنا من معرفة أن الهاتف مخترق بل والجهة والدولة التي قامت بعملية الاختراق، وللتوضيح فإن بيجاسوس يلتهم كافة المعلومات الموجودة بالهاتف تقريباً ويخزنها ويسمح بالاطلاع عليها، والسؤال هنا يتعلق بإذا ما كانت الشركة المصنعة لهذه التقنية على علم باستخدامها ضد الصحفيين والنشطاء أم لا، وهذا أمر لا يمكننا تحديده من وجهة نظر تقنية تتعلق بمدى متابعة الشركة لأفعال مستخدمي تقنياتها حتى يمكن محاسبتها إثر الأضرار الناجمة عن ذلك، وخلال بحثنا الموسع أيضاً للمتضررين من تقنية "بيجاسوس" حول العالم وضحايا الاختراق والقرصنة فقد وجدنا أن رسائل خبيثة كان يتم إرسالها للصحفيين والذين كانوا عرضة لمثل تلك الرسائل النصية المرفق بها النصوص ذات الروابط الخبيثة، من أجل التجسس على كافة البيانات بهواتفهم.

◄ برامج إسرائيلية

يختتم جون سكوت الخبير الأكاديمي في تكنولوجيا الاتصالات: إن الملاحظ في التقنيات المستخدمة في تلك الوقائع أنها تابعة لشركات تجسس وقرصنة إسرائيلية من أجل استهداف النشطاء والصحفيين والتنصت على هواتفهم، موضحاً أن التقنيات المذكورة تسمح للأجهزة الأمنية أن ترسل رسائل نصية تحوي روابط خبيثة للصحفيين سواء داخل أراضيها أو في أماكن أخرى عديدة بالعالم، من أجل التنصت عليهم وعلى ما بهواتفهم من محادثات وصور وبيانات شخصية، كما أكد أيضاً أنه بدلاً من أن تستخدم تلك التقنيات ضد المجرمين والإرهابيين فإنها يتم استخدامها ضد الصحفيين والنشطاء موضحاً أن عدداً من الصحفيين في المنطقة العربية ومن بينهم صحفيو الجزيرة تم استهداف هواتفهم بتلك التطبيقات الخبيثة والتي تسمح بالسيطرة على كافة المعلومات والبيانات بهاتفهم، كما أوضح أيضاً أن على شركات التقنية أن تراجع نفسها في أن تزود الحكومات بتلك التقنيات التي تستخدم للتجسس على الصحفيين والنشطاء.

مساحة إعلانية