رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1171

الموصل.. مستقبل مجهول بعد التحرير

19 يوليو 2017 , 12:22م
alsharq
بغداد - الأناضول

بعد مرور أيام معدودة على اكتمال تحرير مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، يتصاعد القلق بين العراقيين جراء تباين آراء القوى السياسية بشأن كيفية ملئ فراغ ما بعد تنظيم "داعش"، الذي كان يسيطر على المدينة منذ يونيو 2014.

و"بمجرد إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في العاشر من الشهر الجاري، تحرير الموصل، عاد إلى الواجهة مقترح تعيين حاكم عسكري للمدينة لمدة عام، وإعلان حالة الطوارئ، لحين إعادة إعمار الموصل وإرساء الاستقرار فيها"، وفق النائب في البرلمان عن نينوى، أحمد الجبوري.

لكن هذا الحل يبدو غير مثالي في ظل واقع فرضته نتائج الحرب، التي دامت حوالي 9 أشهر، حيث تسعى الفصائل المسلحة، وهي ذات مصالح متباينة، إلى الاحتفاظ بالمواقع التي سيطرت عليها، في ظل تعددية سياسية وقومية وطائفية.

وتنتشر فصائل الحشد الشعبي، في مناطق غربي الموصل، فيما تسيطر البيشمركة (قوات إقليم الشمال) على مناطق محيطة بالمدينة من الشرق والشمال، بينما تتواجد قوات الجيش والشرطة العراقية في مركز المدينة.

وقال الجبوري، في تصريحات: "تحاول حكومة الإقليم الكردي إحداث تغيير ديموغرافي في المناطق التي تسيطر عليها البيشمركة في سهل نينوى، تمهيداً لضمها لاحقاً إلى الإقليم".

وتضم الموصل عرباً وكرداً وتركماناً، وأغلب سكانها هم من العرب السُنة، وهي ثاني أكبر مدن العراق سكاناً بعد العاصمة بغداد، إذ يتجاوز عدد سكانها المليونين، نزح منهم نحو 920 ألف شخص، خلال الحملة العسكرية، التي بدأتها القوات العراقية، في 17 أكتوبر الماضي، بدعم من التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، بقيادة واشنطن.

ومضى النائب العراقي قائلاً إن "القوات الكردية بدأت بالضغط على سكان المنطقة للمشاركة في استفتاء انفصال الإقليم الكردي الشمالي عن العراق، والمزمع إجراؤه في 25 سبتمبر المقبل".

مدينة الموصل العراقية بعد تحريرها من داعش

تقسيم عسكري وجغرافي

ويبدو أن واقع الموصل المُقسم يحظى برضا الأكراد، فبحسب النائب الكردي في البرلمان العراقي، طارق صديق، "يمكن تجزئة المدينة عسكرياً وجغرافياً لاستمرار فرض السيطرة الأمنية عليها بعد أن تم تحريريها".

وأضاف صديق، أن "غرفة العمليات العسكرية المشتركة بين القوات الأمنية الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية، بمساندة قوات التحالف الدولي، قسمت الموصل أمنياً وجغرافياً حين انطلاق عمليات التحرير، وتم تسليم محور الشمال إلى القوات الكردية، فحررت المناطق المكلفة بها.. ويمكن أن تبقى القوات نفسها في الأماكن المحررة إلى حين اكتمال إعادة النازحين إلى مناطقهم وإعمار إعمار المناطق المدمرة".

وتابع النائب الكردي أن "حكومة الإقليم مع إعادة محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، إلى منصبه، كون إقالته جاءت كرد فعل من الأطراف السياسية في التحالف الوطني وأطراف في اتحاد القوى".

وكان البرلمان العراقي أقال النجيفي من منصبه، في 21 يونيو 2015؛ إثر اتهامه بالتقصير في إدارة المحافظة، والتسبب باجتياح "داعش لها، بينما يرجع النجيفي إقالته إلى رفضه مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل.

مدينة الموصل العراقية بعد تحريرها من داعش

إعادة الإعمار

المعارك الضارية بين القوات العراقية ومسلحي "داعش" في أكبر معقل للتنظيم بالعراق تسببت في تدمير قرابة 80% من البنى الخدمية للموصل والآلاف من المنازل؛ ما أجبر نحو مليون شخص على النزوح.

وتعتزم الحكومة إعادة إعمار المدينة عبر خطتين تستمران عشر سنوات، بتكلفة بين 50 و100 مليار دولار، وفق ما صرح به قبل أيام، المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي.

ويبدو أن الخلافات السياسية حول كيفية إدارة الموصل ربما تعرقل جهود إعادة إعمار المدينة، وإعادة سكانها النازحين، وإرساء الأمن فيها مستقبلاً.

وهي تحديات يبدو أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش، استشعرها عندما هنأ الحكومة العراقية قبل أيام بتحرير الموصل، قائلاً إنه رغم سحق "داعش" فإن الحرب ضد الإرهاب لم تنته بعد، وإن أمام العراق المزيد من العمل لتحقيق التعافي الكامل وإرساء السلام الدائم.

مدينة الموصل العراقية بعد تحريرها من داعش

تغيير ديموغرافي

وبجانب الخلافات السياسية ما يزال الهاجس الأمني يشكل تحدياً كبيراً في الموصل.

واعتبر الخبير العسكري العراقي، اللواء متقاعد عبد الكريم خلف، أن تحرير الموصل "لا يعني انتهاء المشكلة الأمنية في المدينة"، التي يبدو مستقبلها "مجهولاً".

وأردف خلف قائلاً، إن انتصار القوات العراقية في الموصل "لا يعني الانتصار على الإرهاب"، مشدداً على ضرورة "إنهاء الأفكار الإرهابية، التي زرعها داعش في المدارس والجيل الجديد".

وشدد على "أهمية مواجهة قضايا شائكة عدة، مثل التغيير الديموغرافي للموصل، والعمل على استيعاب النازحين، وتحقيق المصالحة الوطنية، فضلاً عن المخاطر القادمة من الدول المجاورة".

ورجح الخبير العسكري "أن يكون عناصر داعش توجهوا إلى الصحراء الحدودية مع سوريا، قبل محاصرة الموصل من جميع المحاور.. وجودهم في تلك المناطق المترامية الأطراف لا يقل خطورة عن تواجدهم في الموصل".

وبحسب خلف فإنه "يمكن السيطرة على الوضع في الموصل عبر منح الفرصة للعراقيين السنة لملء الفراغ الذي تركه داعش في المدينة، واستثمار المناخ العام الإيجابي الحالي بين السنة والشيعة والأكراد، خاصة وأن الحرب على التنظيم جمعت الفصائل المتعارضة سوياً".

مدينة الموصل العراقية بعد تحريرها من داعش

موقف شيعي

لكن يبدو أن قوى شيعية لا تشاطر الخبير العسكري العراقي الرأي بشأن كيفية إدارة الموصل مستقبلاً.

وقال خلف عبد الصمد، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الدعوة، الذي ينتمي إليه العبادي، إن "إبعاد سكان الموصل عن القوات الأمنية هو خطأ وقعت فيه حكومة نينوى السابقة، بقيادة أثيل النجيفي".

وأضاف عبد الصمد، أن "النجيفي حرض المواطنين على القوات الأمنية الجيش والشرطة، فاستغل داعش هذه الثغرة، ودخل المدينة بسهولة، وهو خطأ استراتيجي لا يمكن الوقوع به مرة أخرى بعد تحرير المدينة".

ورجح البرلماني العراقي أن "يتم إعلان الموصل مدينة منكوبة، وتكليف محافظ نينوى الحالي، نوفل العاكوب (سُني من أهل الموصل)، بإدارة المدينة، بمتابعة من مجلس المحافظة، ودعم من الحكومة الاتحادية".

وختم عبد الصمد بـ"استبعاد تعيين حاكم عسكري للموصل، وكذلك استبعاد إعادة النجيفي محافظاً لنينوى".

ومع استمرار الوضع القائم في إدارة نينوى والموصل، ينصب حديث الحكومة الاتحادية على جهود إعادة إعمار المدينة وإعادة النازحين.

وبينما يتنازع السياسيون العراقيون على سيناريوهات متباينة لمستقبل الموصل المدمرة، يكابد مئات الآلاف من المدنيين حياة قاسية للغاية في المخيمات المنتشرة بمحيط المدينة، ولا يشغل بالهم سوى العودة إلى منازلهم، وطي صفحة مريرة من تاريخ مدينتهم.

مساحة إعلانية