رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1326

في حوار نشرته الشرق مع أول ناشطة تدخل برلمان بلادها في الشرق الأوسط..

فاطمة إبراهيم: قطر تقود حراكاً كبيراً لتطوير التعليم

18 أغسطس 2017 , 09:39م
alsharq
عواطف عبد اللطيف

نشأت في أسرة متعلمة سياسية ومتدينة جدها لأمها أول ناظر لأول مدرسة بنين أولية بمدينة الخرطوم بميدان أبي جنزير فألحق امها واخواتها بمدرسة البنين لعدم وجود مدرسة بنات بالعاصمة، فالوحيدة للبنات أنشأها صديقه الشيخ بابكر بدري بمدينة رفاعة .. قالت بعد أن أكملت أمي الاولية الحقها والدي بالارسالية الانجليزية الوسطى للبنات وهكذا أصبحت أول فتاة سودانية تتعلم اللغة الانجليزية، وكان والدي وامي يديران نقاشا بينهما حول الاستعمار وسياساته ونحن من حولهما نسمع..

وفي صباح يوم اقتحم رجال الامن منزلنا واجروا تفتيشا مكثفا واعتقلوا شقيقي صلاح الذي كان تلميذا في المدرسة الوسطى بتهمة توزيع منشورات تدعو للنضال ضد المستعمر واطلق سراحه لصغر سنه.. وفيما بعد علمنا أن شقيقي الأكبر مرتضى عضو بالحزب الشيوعي وهذا ما دفعني للاهتمام بالحزب خاصة انني كنت معجبة بالدكتورة خالدة زاهر اول سودانية تدخل الطب وتنتمي للحزب ولمنظمة السلام، بالإضافة إلى ان تجارة الرقيق واختطاف الامهات من بين اطفالهن اثرت على نفسي ومشاعري منذ طفولتي فأدركت ان العمل السياسي هو الطريق الوحيد للقضاء على الاضهاد العنصري والجنسي ضد النساء..

خرجت من السودان إلى بريطانيا عام 1990 م لإجراء عملية جراحية رتبها أخويّ مرتضى وصلاح .. وبقيت فاطمة في بلاد الضباب لأكثر من اربعة عشر عاما كنت اتردد عليها بشقتها المتواضعة لطالبي اللجوء السياسي بلندن كلما حللت هناك.. عاشت لوحدها تعانى آلام الغربة رغم التفاف الكثيرين حولها وابنها الوحيد المقيم بعيداً في إحدى المدن البريطانية يزورها من وقت لآخر بحكم عمله كطبيب.. كنا نحادثها عن هموم الوطن وضرورة عودتها فى ظل مبادرة الرئيس السوداني البشير ودعوته بعودة المعارضة وإجراء محادثات مع كافة القوى السياسية فى الداخل والخارج، ورحبت وقتها المناضله بهذه الأطروحات وبمناخ الحوار السياسي الذى أعلنته الحكومة آنذاك، وقالت خلال حوار صحفي أجريناه معها لصحيفة الشرق القطرية عام 2003 "إنها ترحب بهذه الدعوة لنعود لوطننا لنمارس نشاطاتنا من هناك"، ونفت بشدة نيتها اعتزال العمل السياسى.

قالت: هذا هو الاختبار العملي لمصداقية الحكومة، مضيفة "ما اصعب الغربة والبعاد عن الوطن والأهل خاصة عندما يكون مفروضا عليك وليس اختياريا وأن غالبية الشباب السوداني المقيمين فى بريطانيا هم من الجيل المثقف والمتعلم والمؤهل يريدون العودة للسودان وهم لا ينوون البقاء فى بريطانيا طويلا إذا تحسنت الأوضاع السياسية والاقتصادية فى الوطن.. ومن خلال تواجدنا فى لندن التقينا السفير المثقف الدكتور حسن عابدين سفير السودان فى لندن فى تلك الفترة وفاتحناه فى المسألة مبديا سعادته الكبيرة بعودتها للسودان وكافة ابناء الوطن، مؤكدا أنه سيوفر كل التسهيلات لعودتها معززة مكرمة.

قطر وتطوير التعليم ومساندة المرأة

وفي ردها على سؤال أبدت اعجابها الكبير بجهود قطر، وقالت: انها تقود حراكا ملموسا في الداخل والخارج لتطوير التعليم وتعزيز دور المرأة خليجيا وعربيا، قالت: "انني اشيد بجهود قطر لتطوير التعليم وتعزيز دور المرأة في بلادها وبالتأكيد هي مؤهلة لوضع القوانين وتوفير الإمكانات لنشر التعليم وتطوير مستواه ومنح المرأة حقوقها وتمكين استحقاقاتها في اقصر مدة.. وتضحك.. أما نحن فلنا الله كلما حققنا مكاسب بالجهد والعرق تأتي حكومة عسكرية وتطيح بكل ما حققناه ولا يفوتني ان اتقدم بوافر الشكر لجريدة الشرق التي أتاحت لي الفرصة العظيمة لأسهم في مناقشة بعض قضايا الوطن (نشر التحقيق بتاريخ 10 ديسمبر 2003 م كتبت تفاصيله بخط يدها الأنيق بورق فلسكاب ما زلت احتفظ به) لأن الفاكس بشقتها لم يكن به ورق.

ومن أهم المحطات خلال رحلة كفاحها أنها أول سيدة من افريقيا والشرق الأوسط تدخل البرلمان بل أول من انتخبت كرئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العام عام 1991م وكان هدفها الاساسي دخول بوابة العمل السياسي حماية لحقوق المرأة ومساواتها بالرجل في كافة الحقوق والواجبات دون تمييز، وقد تمكنت من تمرير قوانين وأنظمة حقوق النساء المساوية للرجال والحقوق الخاصة بالأحوال الشخصية مما اهل الاتحاد النسائي السوداني لنيل جائزة الامم المتحدة لحقوق الإنسان 1993 م وبذلك كان أول تنظيم نسائي في العالم ينال تلك الجائزة..

وفاطمة كانت أول سيدة سودانية تحاكم أمام محكمة طوارئ عسكرية أيام حكم مايو بعد إعدام زوجها المناضل الشفيع احمد الشيخ، وقالت خلال ذلك التحقيق الصحفي المطول معها: "انني مقتنعة منذ طفولتي بأن العمل السياسي هو الطريق الوحيد للقضاء على الاضطهاد والعنصرية ضد المرأة وأن الاسلام لا يمنع اشتغال النساء بالعمل السياسي ووالدها خريج كلية غردون وعمل إماما لمسجد بأمدرمان.

وبعد ذلك اللقاء الذي كانت تستعد فيه للعودة للسودان بعد أكثر من أربعة عشر عاما قضتها بعاصمة الضباب بضغط من الأسرة خوفا على صحتها ولمعرفتهم أنها لا تسكت عن الحق وتبحث عن الحقوق للآخرين كانت تقضي جله بين المكتبات ومطالعة الصحف والمجلات وحضور الندوات السياسية والثقافية وساعات طويلة بمكتبة الكونجرس عشقها الكبير للقراءة والتوثيق والاستزادة من كنوز المعرفة التي لا تنضب ولتكسير ضبابيات الغربة والشجن للأهل..

فاطمة السمحة قصة حياة

صفحات حياتها مليئة بمحطات كثيرة معبقة بالإنجازات وهي امرأة عاطفية حنونة دمعتها على اطراف مقلتيها رغم صرامتها وجديتها وثوريتها في رحلة الكفاح السياسي وقناعاتها الراسخة بحقوق الإنسان وحريته وانحيازها للضعفاء.. لماحة لا يمل الانسان الحديث معها وذاكرتها متقدة وكثير من حكاويها فيها تلميح والهام بأن ابن السودان بار بأهله وعشيرته مهما تسنم المقاعد العليا ذكرت لي والدموع في عينيها انها حبست في احد السجون في عهد الرئيس نميري "طيب الله ثراه" وفي الصباح الباكر سمعت بغرفتها (الزنزانة) خشخشة ميكروفونات فقالت "بحسي عرفت أنه لقاء جماهيري للرئيس نميري فطلبت من الحارس أن أخرج لخارج الغرفة لأني اشعر بضيق في التنفس لم يتردد لحظة فأخرجني ووقف بعيدا عني وأعطاني ظهره هكذا هو السوداني لم يرد ان يضايقني..

وحينما تأكدت أن اللقاء بالساحة المجاورة للزنزانة أخذت طوبة طوبة وضعتها فوق بعض وارجع حيث اقف.. وبمجرد ان بدأ الريس حديثه الجماهيري "صوت أبوعاج ما بغباني" تسلقت الحائط على الطوبات وهتفت ضده بأعلى صوتي وقبل ان أدخل لزنزانتي جاءت مجموعة من الضباط لأن الريس سأل ( من جاء بهذه هنا.. الآن افرجوا عنها ) وتضحك.. كان هذا اسرع اخلاء لسجينة وطلبت من اخواني الضباط ألا يعاقبوا الحارس لأني غافلته.. وكثير من الضباط ساعدوني ربما اعلن اسماءهم لاحقا) .

مساحة إعلانية