رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

5536

مصانع خرسانة جاهزة تتلاعب بمواصفات الخلطات

14 أبريل 2016 , 01:00ص
alsharq
تقوى عفيفي

شركات تقوم بزيادة المياه في الخرسانة لتفادي التكاليف العالية

إضافات كيميائية رفضت الشركة شراءها بسبب ارتفاع تكاليفها

سيارات مجهزة بتقارير سليمة وآخرى مخالفة تماماً للمواصفات

مصانع استخدمت إضافات بنسب غير مسموح بها للتلاعب بمحتوى الأسمنت قبل خروجه من المصنع

الشركة رفضت توضيح درجة حرارة المصنع بالتقرير المرفق للمهندس

مصطفى: نطالب الرقابة بتفقد المصانع أولاً.. و"درجة الحرارة " أقل المخالفات

وراء كل جريمة دائماً خيط يوصلنا إلى الحقيقة، وما أن يوصد الباب أمام أصحاب المبادئ حتى نكتشف الحقيقة كاملة، المهندس مصطفى كان واحداً من العشرات الذين قرروا فضح مؤسساتهم والتضحية بوظائفهم، في لحظة فارقة وبعد تغليب المصلحة العامة على مصلحته الخاصة قرر أن يكتشف الألاعيب التي تتم داخل مصنع الشركة التي يعمل بها،وفي يوم من الأيام قام بمعاينة الخلطات الخرسانية التي تأتي إلى موقع البناء وكانت الصدمة كبيرة.

الخلطات الخرسانية -صورة أرشيفية -

مكالمة هاتفية

منذ أسبوع تقريباً تلقت معدة الملف اتصالاً تليفونياً من أحد المهندسين، والذي قرر العودة إلى بلاده والاستقالة من عمله؛ رغم أنه لم يكمل حتى الآن ثلاثة أشهر إقامة في الدوحة، حيث حملت المكالمة الهاتفية تلاعبات الشركات الهندسية وطريقة التكتم على هذه المخالفات، بعد مكالمة هاتفية استمرت ساعتين قررت المحررة مقابلته للحصول على الوثائق والمستندات التي تثبت صحة ما يقول، وبالفعل وجدت أن هذه الشركات تخدع هيئة المواصفات والمقاييس وهيئة الرقابة وتقوم باستخدام إضافات خارج المواصفة القطرية، ولم تكتف بهذا، بل تقوم بزيادة نسبة المياه في الأسمنت وتغامر بأرواح الناس.

محادثات الشخص الذي أعلن عن مخالفات الشركة

جولة ميدانية

على أثر هذه المخالفات قامت تحقيقات "الشرق" بزيارة مناطق مختلفة بأنحاء الدوحة لرصد بعض المشاريع الإنشائية وأخذ آراء المهندسين حول المواصفات الإنشائية القانونية المستخدمة في عمليات البناء، كما أن عملية الرصد شملت رصد عملية صب الخرسانة، التي تحتاج للمراقبة الدائمة من قبل المهندسين للتأكد من عدم التلاعب في المواصفات.

أخطاء نسب المياه

"الأخطاء التي تحدث بنسب المياه بالجملة وحدث ولا حرج"، تلك الجملة التي بدأ بها المهندس مصطفى كلامه، حيث بين أن هناك نسبة معينة من المياه مسموحا بها في الخلطة الخرسانية ويجب ألا يتجاوزها أحد، وأكد أنه إذا كانت نسبة الماء في الأسمنت ثابتة فتصبح مقاومة الخرسانة في الضغط ثابتة مهما اختلفت نسب المواد المخلوطة بالخرسانة. ولكن ما تقوم به هذه الشركات هو زيادة نسبة الماء في الأسمنت من 45. إلى 06. وهو الكود العالمي لتسمح له بالوصول لأعلى المستويات في المبنى، ومن الطبيعي أن تقوم أي شركة هندسية بإضافة مواد معينة للقيام بمثل هذه الخطوة، ولكن بما أنها تكلف الشركة مبالغ باهظة جداً فتقوم بالاكتفاء بزيادة المياه بالأسمنت للضخ بسرعة فائقة لأعلى المبنى.

ويقول المهندس مصطفى، كلما قلت نسبة المياه، كانت نسبة مقاومة الخرسانة عالية، وكلما قلت نسبة المياه ضعفت الخرسانة وأصبحت مشاكلها أكبر بكثير مما نتخيل، فزيادة نسبة المياه تزيد من نفاذية الخرسانة وتسهل من اختراق مياه الأمطار لأسقف المباني.

الإضافات الكيميائية

ولقد حذرت الكودات العالمية سابقاً من الإضافات الكيميائية، موجهة تحذيرا شديد اللهجة حول استخدامات الإضافات، التي يجب أن تكون بضوابط مشددة وحددت النسب المعينة، وهذه الإضافات هي (مواد غير الركام والأسمنت والماء، تضاف إلى الخرسانة أثناء عملية الخلط بكميات صغيرة جداً بغرض إعطاء الخرسانة الطازجة أو الخرسانة المتصلدة خواص معينة). وهذه الإضافات تساعد على زيادة مقاومة الخرسانة وتحسين قابليتها للتشغيل، لكن نفس المواد إذا زادت عن نسب معينة فإنها تنبئ بانهيار المباني مستقبلاً.

وقد حذرت هيئة المواصفات والمقاييس القطرية من استخدام هذه الإضافات إلا في حالة الضرورة ويكتب تقرير مفصل عن أسباب الاستخدام، لكن المصيبة التي لا تعرفها الهيئة هي أن تلك الشركات تستخدم هذه الإضافات دون كتابة هذا في التقرير.

رفضت الشركة شراءها

ويكمل مصطفى أن هناك إضافات رفضت الشركة شراءها بسبب ارتفاع تكاليفها وتلك الإضافات تقوم بتقليل نسبة المياه في الخرسانة ١٢٪ ولكن مفعولها يزيد من العمر الافتراضي للخرسانة ويساعد على سرعة ضخ المياه رغم التكاليف العالية التي ستتكبدها الشركة لشراء تلك الإضافات ولكنها تجعل الخرسانة تعمل بتشغيلة عالية جداً دون زيادة المياه.

وفي الوقت الذي رفضت فيه الشركة شراء الإضافات التي تساعد على ضخ الخرسانة قررت استخدام حل بديل وسريع ألا وهو "المياه". يقول مصطفى إن الخرسانة من الطبيعي أن تكون لزجة كي تسير في الأنابيب لضخها لمستويات أعلى، وهذا يحدث عندما تتبع الشركة النسب المعينة لضخ المياه. ولكن الكارثة الحقيقية التي فعلتها الشركة أنها جعلت الخرسانة سائلة تماماً وتضخ بسرعة هائلة وهذا ما سيقلل من عمر الخرسانة مستقبلاً وسيكون سببا رئيسيا للتشققات التي تحدث بالمباني التي نشاهدها الآن وأبرزها تسربات مياه الأمطار للمباني.

هيئة المواصفات والمقاييس

وذكر الدكتور محمد سيف الكواري الوكيل المساعد بوزارة البلدية والبيئة ورئيس هيئة المواصفات والمقاييس أن عملية التفتيش على المصانع يومياً من أصعب ما تكون، وغالباً ما يتم التفتيش عليها مرة واحدة بالأسبوع وبشكل عشوائي، ولهذا فإن عملية الغش تحدث دون علم الجهات المختصة كما أنه أكد أن الدور الرقابي على الخلطات الخرسانية هو دور المهندس الاستشاري ويجب فحص السيارات قبل دخولها إلى موقع البناء؛ نظراً لأن هناك مواقع لا تلتزم بالمواصفات القطرية.

تشريعات جديدة

ويؤكد الكواري أن هناك مواد إضافية تقوم بعض المصانع بإضافتها دون علم الجهات المسؤولة وهذه المواد عمرها الافتراضي ينتهي بعد شهر أو شهرين، وهي تؤثر على الأبنية ومقاومة الخرسانة. ونوه الكواري بضرورة تطبيق قانون رادع يمنع أي مهندس من التحرك من الموقع إلا بعد خروج آخر سيارة من موقع البناء للتأكد من عدم وجود أي عمليات غش في المكونات. وأكد أن هيئة المواصفات والمقاييس بصدد وضع أداة تشريعية جديدة، ستسمى بـ (لائحة المنتجات الإنشائية) والتي سوف تعمل على تنظيم العمل في المصانع والشركات.

مساحة إعلانية