رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1131

المليكي لـ"الشرق": الشباب اليمني مصمم على تحقيق أهداف ثورة 11 فبراير

11 فبراير 2017 , 08:51م
alsharq
الشرق - عبدالحميد قطب

الناشط والباحث اليمني جمال المليكي في حوار مع "الشرق":

الحوثيون يحاولون استغلال الثورة لصالح مشروعهم الطائفي

الحوار الوطني الشامل الذي أنتجته الثورة كان صورة حضارية بامتياز

الربيع العربي لم يكن رد فعل.. وسيواصل تأثيره باتجاه مستقبل أفضل

الثورات المضادة استثمرت فكرة تسبب الثورات في إنتاج الوضع الحالي

لم يكن علي عبدالله صالح هو العائق الوحيد وإنما العائق الظاهر فقط

قداسة الحاكم سقطت بعد الثورات وصورة مبارك خلف القضبان خير مثال

سياق التحولات الاجتماعية جعل المجتمعات تستعيد ثقتها وتتأكد من أثر حركتها

هناك صراع بين ماض يستميت من أجل البقاء ومستقبل يتخلق بقوة وإصرار

الثورات كشفت ما كان مختبئاً واختبرت قدرة المجتمع على التعامل مع الواقع

حلت اليوم الذكرى السادسة للثورة اليمنية التي أطاحت بحكم الرئيس علي عبدالله صالح بشكل مؤقت، الذي حكم البلاد طيلة 33 سنة، لكنه سرعان ما انقلب عليها متحالفا مع من كانوا يخدعون الشعب اليمني بأنهم شركاء في الثورة "الحوثيون"، حيث تشارك الطرفان في وأد الثورة والانقلاب عليها، وعلى مبادئها ومطالبها، بل واتفقا على زعزعة الأمن والاستقرار اليمني، حتى يجعلا الشعب اليمني يكفر بالثورة، ويشتاق لعودة النظام السابق، حتى وإن لم ينجز لهم شيئاً، أو يحقق ما يطلبون من عيش كريم كبقية الشعوب.

"الشرق" التقت جمال المليكي أحد شباب ثورة 11 فبراير اليمنية، الذي أكد أن الشباب العربي في بداية ثورات الربيع العربي استعاد ثقته بإمكانية تغيير الأوضاع، لكن التجربة لم تستكمل فتبعتها مرحلة انتكاسة، لاسيما ما حدث في مصر، حيث تمت مواجهة التغيير بالقوة.

وأوضح المليكي أنه من الإجحاف بمكان اختزال تقييم ثورات الربيع العربي في خلال المشهد السياسي الحالي، نافياً أن تكون الثورة هي السبب الذي أنتج الأحداث التي نراها اليوم.

وشدد على أن الثورات كشفت ما كان مختبئاً وأخرجت الأفعى من مخبئها، وكشفت حقيقة الواقع، واختبرت المجتمع في قدرته على التعامل مع هذا الواقع، وهذا أهم اشتراطات التحولات الاجتماعية.

وأسقط المليكي كلامه على المشهد اليمني، الذي أكد أن صيرورة الأحداث فيه تتجه نحو تحقيق أفكار الربيع العربي، لافتا إلى أن الثورة اليمنية انطلقت وكان الإقليم متوجساً منها، وتفاعلت الأحداث وتصارعت الأفكار، حتى أصبح الإقليم برمته يقاتل اليوم في صف الثورة ضد أعتى أعدائها.

وإلى نص الحوار..

*في الذكرى السادسة للثورة اليمنية وفي ظل الأحداث الجارية في اليمن، كيف ترى المشهد؟

** دعني في البداية أنطلق من فكرة أعتبرها مقدمة للحديث عن الربيع العربي عموماً، وعن الثورة اليمنية على وجه الخصوص، أعتقد أنه من الإجحاف بمكان اختزال تقييم ثورات الربيع العربي من خلال المشهد السياسي الحالي، لقد نتج عن هذا الاختزال فكرة أن الثورات بشكل عام هي السبب الذي أنتج الأحداث التي نراها اليوم، وهذا من أخطر الأفكار التي استثمرتها الثورات المضادة ونجحت ولو نسبياً في تمرير هذه الفكرة لدى عموم الناس، بل وبعض نشطاء الثورة، والحقيقة هي أن الثورات كشفت ما كان مختبئاً وأخرجت الأفعى من مخبئها، وكشفت حقيقة الواقع، واختبرت المجتمع في قدرته على التعامل مع هذا الواقع، وهذا أهم اشتراطات التحولات الاجتماعية.

الثورات فعل

*إذاً فأنت ترى أن ثورات الربيع تحول اجتماعي وليست حراكاً سياساً فقط؟

** بالطبع، يمكننا اعتبارها حركة سياسية ثقافية اجتماعية لازالت في بداياتها، لكنها أثبتت على المستوى المحلي والإقليمي والدولي أنها الفعل، وما جاء بعدها ردة فعل، وحسب نواميس التاريخ سيواصل الفعل تأثيره على المشهد، باتجاه مستقبل أفضل مهما كانت اللحظة الحالية قاتمة.

فمن يضع حدث الربيع العربي في سياقه ويتأمله بعمق سيجد أن هناك صراعا بين فكرتين، صراعا بين ماض يستميت من أجل البقاء ومستقبل يتخلق بقوة وإصرار، صراعا بين الماضي بكل ما يمتلكه من قداسة وتحالفات، وبين المستقبل، وما يحمله من طموح وخيال وتوق نحو القادم الأفضل، تجسدت فكرة المستقبل من خلال تلك الثلة الشبابية التي أثبتت بالقول والفعل، بل وبالتضحية أنها لم تعد قابلة للتعايش مع الوضع الراهن مهما كلفها الثمن.

وقد تجسدت فكرة الماضي من خلال المستبدين والحاشية المحيطة بهم، واللوبيات المستفيدة من بقاء هؤلاء على كرسي الحكم، جبهة الماضي كذلك أبدت مقاومة شرسة ومازالت أشكال هذه المقاومة تتفاعل مع الأحداث حتى هذه اللحظة.

لذلك أقول إن الشباب العربي في بداية ثورات الربيع العربي استعاد ثقته بإمكانية تغيير الأوضاع، لكن التجربة لم تستكمل فتبعتها مرحلة انتكاسة، لاسيما ما حدث في مصر، حيث تمت مواجهة التغيير بالقوة.

الصورة الذهنية للحاكم

* لكن البعض يعتقد أن ما تقوله كلام مثالي، ما الذي يجعلك تميل إلى التفاؤل رغم ما نشاهده من أحداث مأساوية وخاصة في اليمن؟

** يمكنني القول بثقة إن هناك ثلاثة أفكار حققها الربيع العربي تعتبر اشتراطات ضرورية ومقدمات لا بد منها في طريق التحول نحو المستقبل، هي:

الفكرة الأولى:

إذا قمنا بعمل مقارنة بين الصورة الذهنية للحاكم في وعي الإنسان العربي قبل الربيع العربي، وبين ذات الصورة بعد الربيع العربي؛ سنجد أن فكرة القداسة التي كانت تحيط بالحاكم قد سقطت، صورة مبارك خلف القضبان على سبيل المثال أسقطت هالة التعظيم والتضخيم، حتى وإن عاد مبارك للحكم مرة أخرى؛ فلن تعود معه فكرة الحاكم بقداستها التي كانت راسخة في ذهن المواطن العربي قبل الربيع.

فهذه اللقطة فعلت في عقول الجماهير وقلوبهم فعلاً بليغاً، فكيف إذا أضفنا إليها صورة معمر القذافي، بنهايته التراجيدية، وكذلك وجه علي صالح المحروق، ـ بغض النظر بالطبع عن الجانب الأخلاقي لتلك الأفعال ـ إلا أنها أسقطت تماماً تلك الهالة التي استماتت المؤسسات الإعلامية المحيطة بالمستبدين في أن تضخمها عقوداً من الزمن.

فسقوط هذه الهالة يشكل باعتقادي أحد أهم شروط واستحقاقات التحول الاجتماعي.

الفكرة الثانية:

المجتمعات العربية كانت بحاجة إلى أن تختبر ذاتها وإمكانية قدرتها على الفعل، وقد كان لها ذلك، لأول مرة يصبح لصوت الجماهير كل هذا الصدى، كان الربيع العربي هو الفعل وما حدث ويحدث حتى الآن ردة فعل، في سياق التحولات الاجتماعية تحتاج المجتمعات أن تستعيد ثقتها وأن تتأكد من أثر حركتها.

الفكرة الثالثة:

إن المجتمعات العربية كان لديها الكثير مما يمكن تسميته "العوائق الخفية" التي تحول دون تحقيق دولة المؤسسات "الدولة التي تكفل الحقوق الاجتماعية والسياسية للمواطن العربي"، لذا نستطيع القول إننا كشعوب انكشفنا أمام أنفسنا. فلو أخذنا على سبيل المثال المشهد اليمني؛ فلم يكن علي عبدالله صالح هو العائق الوحيد، بل كان العائق الظاهر، وهذا ما فعلته حركة الربيع في اليمن عندما كشفت لنا مشكلة الحوثيين مثلاً، وفي مصر لم يكن مبارك هو العائق الوحيد أمام التحول الديمقراطي، بل كانت الدولة العميقة التي وقفت في وجه الثورة، وحالت دون تحقيق مطالبها، وفي ليبيا مثلاً لم يكن العائق نحو التحول الاجتماعي هو معمر القذافي ونظامه فقط، وإنما ظهر الكثير من الإشكاليات الاجتماعية المعيقة، وهكذا في كل بلدان الربيع العربي ظهر على السطح كثير من الملفات التي كانت غائبة عنا، وباعتقادي أن هذا شرط مهم من شروط التحول الاجتماعي.

هذه الأفكار أزعم أنها تحققت إلى حد كبير، وسيكون لها دور في تشكيل ورسم ملامح المستقبل، مهما بدت الصورة قاتمة في الوقت الراهن. وستبقى المجتمعات العربية أمام اختبار الانحياز للمستقبل، وحتى تنجح في اختبار كهذا، لا شك أنها ستدفع الكثير لتتمكن من تحقيق شروط واستحقاقات العبور نحو المستقبل.

المشهد اليمني

*كيف يمكن إسقاط ما ذكرته على المشهد اليمني؟

** ما يحدث في اليمن اليوم مثال صارخ على ما قلته عن الربيع العربي عموماً، فالمشهد اليمني يؤكد أن صيرورة الأحداث تتجه نحو تحقيق أفكار الربيع، فالثورة اليمنية انطلقت وكان الإقليم متوجساً منها، ثم ما لبثت أن تفاعلت الأحداث وتصارعت الأفكار حتى أصبح الإقليم اليوم برمته يقاتل في صف الثورة ضد أعتى أعدائها، سواء صالح الذي يستميت في إفشالها، أو الحوثيون الذين يحاولون استغلالها لصالح مشروعهم الطائفي، هذا مثال يصرخ في وجوهنا، ويؤكد أن العاقبة للفعل الثوري الذي انطلق في بداية الربيع.

ففي اليمن كان الحوار الوطني الشامل الذي أنتجته الثورة، ورغم كل الملاحظات التي تقال، إلا إنها كانت صورة حضارية بامتياز أن يلتقي كل الفرقاء وتناقش كل القضايا وينتج عن هذا الحوار وثيقة تحمل في طياتها مقدمة موضوعية لتشكيل ملامح المستقبل السياسي في البلد وينتج عن هذه الوثيقة مسودة دستور جديد حدث هذا في دولة من دول العالم الثالث.

عند هذه اللحظة كان اليمنيون أمام مفترق طريقين، إما الذهاب بمسودة الدستور نحو البدء في رسم الخارطة السياسية للبلد لتكون الخطوة الأولى نحو المستقبل، أو الذهاب نحو الحرب والاقتتال، فاختار الحوثيون وصالح الحرب، وهكذا فُرضت الحرب فرضا على اليمنيين.

مساحة إعلانية