رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

6887

القرضاوي: فلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج هو أساس الأسرة

09 يونيو 2016 , 12:16م
alsharq
الدوحة - الشرق

الكتاب : فقه الأسرة وقضايا المرأة

المؤلف: د. يوسف القرضاوي

الحلقة : الخامسة

الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته.

وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).

فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه.

وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.

ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض".

وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن.

وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228).

ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35)

الشذوذ الجنسي من كبائر المحرمات

وكما حرم الإسلام الزِّنَى وحرم الوسائل المفضية إليه، حرم كذلك الشذوذ الجنسي الذي يُعرف بـ(عمل قوم لوط) أو (اللِّواط).

فهذا العمل الخبيث انتكاس في الفطرة، وانغماس في حمأة القذارة، وإفساد للرجولة، وجناية على حق الأنوثة.

وانتشار هذه الخطيئة القذرة في جماعة، يفسد عليهم حياتـهـم، ويجعلهم عبيدًا لها، وينسيهم كل خُلُق وعرف وذَوق. وحسبنا في هذا ما ذكره القرآن الكريم عن قوم لوط، الذين ابتكروا هذه الفاحشة القذرة، وكانوا يَدَعون نساءهم الطيبات الحلال، ليأتوا تلك الشهوة الخبيثة الحرام. ولهذا قال لهم نبيهم لوط: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:165 — 166]. ودمغهم القرآن — على لسان لوط — بالعدوان، والجهل، والإسراف، والإفساد، والإجرام، في عدد من الآيات.

ومن أغرب مواقف هؤلاء القوم التي ظهر فيها اعوجاج فطرتهم، وفقدان رشدهم، وانحطاط أخلاقهم، وفساد أذواقهم: موقفهم من ضيوف لوط عليه السلام، الذين كانوا ملائكة عذاب، أرسلهم الله في صورة البشر؛ ابتلاء لأولئك القوم، وتسجيلًا لذلك الموقف عليهم

عقوبة من يرتكب فاحشة اللواط

وقد اختلف فقهاء الإسلام في عقوبة مَن ارتكبا هذه الفاحشة:: أيُحدَّان حد الزِّنى أم يقتل الفاعل والمفعول به؟ وبأي وسيلة يقتلان؟ أضربة بالسيف أم حرقًا بالنار أم إلقاء من فوق جدار؟

وكان علي رضي الله عنه يقول: يجلدان إن كانا غير محصنين، ويرجمان إن كانا محصنَيْن. وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: يُعلى أعلى الأماكن من القرية ثم يُلقى منكوسا فيتبع بالحجارة، وهو قوله تعالى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}[الحجر:74]. وكان ابن الزبير رضي الله عنه يقول: يحبسان في أنتن المواضع حتى يموتا نتنًا.

وهذا التشديد الذي قد يبدو قاسيًا، إنما هو تطهير للمجتمع الإسلامي من هذه الجراثيم الفاسدة الضارة، التي لا يتولد عنها إلا الهلاك والإهلاك.

ويرى الشافعية أن عقوبة اللواط هي حد الزنى؛ فإن كان اللائط محصنًا وجب عليه الرجم، وإن كان غير محصن وجب عليه الجلد والتغريب.

ويرى المالكية والحنابلة في أظهر الروايتين عن أحمد أن عقوبته الرجم بكل حال، سواء أكان ثيبًا أم بكرًا.

ويرى أبو حنيفة أن عقوبة من يأتى فاحشة اللواط تعزيرية، موكولة إلى القاضى تقديرًا بما يناسب الجريمة، ويعتبر هذه الجريمة لا عقوبة لها في الشرع مقدَّرة، فيجب التعزير فيها يقينًا، وما وراء ذلك من السياسة موكول إلى رأي القاضى إن رأى شيئًا من ذلك.

ويعلل أبو حنيفة لذلك: بأن هذا الفعل ليس بزنى لغةً؛ لأنه ينفى عنه هذا الاسم بإثبات غيره. فيقال: لاط وما زنى. وما ورد في الحديث: "إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان". فهو مجاز لا تثبت حقيقة اللغة به، والمراد به الإثم دون الحد، ألا ترى أنه قال: "وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان". أي في الإثم، كما أن الله تعالى سمى هذا الفعل فاحشة، فقد سمى كل كبيرة فاحشة، فقال: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأنعام:151].

وأما قوله في حق من يأتون هذه الفاحشة: "اقتلوا الفاعل والمفعول به". وفي رواية: "ارجموا الأعلى والأسفل". فمحمول عنده على من استحلَّ ذلك الفعل، فإنه يصير مرتدًّا فيقتل لذلك.

وقد اتفق الصحابة على أن هذا الفعل ليس بزنى؛ لأنهم عرفوا نص الزنى، ومع هذا اختلفوا في ما يجبُ من العقوبة بهذا الفعل، ولا يظن بهم الاجتهاد في موضع النص؛ فكان هذا اتفاقًا منهم أن هذا الفعل غير الزنى، ولا يمكن إيجاب حد الزنى بغير الزنى.

ولذلك أرجح أن العقوبة هنا في جريمة الشذوذ الجنسي من الرجل أو من المرأة، هي عقوبة تعزيرية، والعقوبة التعزيرية تخضع للاعتبارات المختلفة للزيادة أو النقص، يقدرها أهل الرأي والقدرة على ذلك.

حكم الاستمناء

ولما كان الشيء بالشيء يذكر، رأينا أن نتحدث عن حكم الاستمناء، فنقول:

قد يثور دم الغريزة في الشابِّ، فليجأ إلى يده، يستخرج بها المني من جسده، ليريح أعصابه، ويهدئ من ثورة الغريزة، وهو ما يعرف اليوم بـ(العادة السرية).

وقد حرمها أكثر العلماء، واستدل الإمام مالك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[المؤمنون:5 — 7]. والمستمني بيده قد ابتغى لشهوته شيئًا وراء ذلك.

وجاء عن الإمام أحمد بن حنبل أنه اعتبر المنيَّ فضلة من فضلات الجسم، فجاز إخراجه كالفصد، وهذا ما ذهب إليه وأيَّده ابن حزم. وقيَّد فقهاء الحنابلة الجواز بأمرين: الأول: خشية الوقوع في الزنى. والثاني: عدم استطاعة الزواج.

ويمكن أن نأخذ برأي الإمام أحمد في حالات ثوران الغريزة، وخشية الوقوع في الحرام؛ كشاب يتعلم أو يعمل غريبًا عن وطنه، وأسباب الإغراء أمامه كثيرة، ويخشى على نفسه العَنَت، فلا حرج عليه أن يلجأ إلى هذه الوسيلة يطفئ بها ثوران الغريزة، على ألا يسرف فيها ويتخذها ديدنًا.

وأفضل من ذلك ما أرشد إليه الرسولُ الكريمُ الشابَّ المسلمَ الذي يعجز عن الزواج؛ أن يستعين بكثرة الصوم، الذي يربِّي الإرادة، ويعلِّم الصبر، ويقوِّي ملكة التقوى، ومراقبة الله تعالى في نفس المسلم، وذلك حين قال: "يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءَة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".

اقرأ المزيد

alsharq وزير العمل الأردني: سوق العمل القطري يتميز بالأمان الوظيفي وأعلى معايير السلامة المهنية

أكد سعادة السيد خالد البكار وزير العمل في المملكة الأردنية الهاشمية، أن سوق العمل القطري، يتميز بالأمان الوظيفي... اقرأ المزيد

58

| 16 أكتوبر 2025

alsharq وزارة البلدية تحتفل بيوم الأغذية العالمي بفعاليات توعوية وتثقيفية

احتفلت وزارة البلدية،بيوم الأغذية العالمي، الذي يصادف السادس عشر من أكتوبر من كل عام، بتنظيم فعاليات تثقيفية وتوعوية... اقرأ المزيد

54

| 16 أكتوبر 2025

alsharq قطر ومصر توقعان مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الصحي

وقعت دولة قطر وجمهورية مصر العربية، اليوم، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الصحي. وقع على المذكرة سعادة السيد... اقرأ المزيد

586

| 16 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية