رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1094

الأسير خضر عدنان.. حرية باهظة ثمنها الشهادة

04 مايو 2023 , 07:00ص
alsharq
الأسير الشهيد خضر عدنان
رام الله - محمد الرنتيسي

الزنازين، السلاسل، القيد.. كلمات يسمعها من هو خارج الأسر، لكن انعكاساتها لا تفارق الأسير نفسه، فالزنازين هي مكان للقتل الآدمي جسداً وروحاً، والسلاسل تحدٍ وعنفوان من الأسير لسجانه، أما القيد فهو محاولة طاغية وجائرة لتقييد حرية الإنسان بالكلمة والجسد.

الأسرى يقولون لا بأس، فقد تحتاج الضحية من أجل تسويغ خسارتها، والالتفاف على قهرها، إلى الكثير من "الحِيَل" ومفردات المكابرة، فتتراكم الأوجاع كهالة ملائكية وأسطورية لا تحتمل المسّ، بل إنها في مرحلة ما ضرورية من أجل تحفيز أدوات الدفاع عن الوجود، وضياع الهويّة.

اليوم، يروي الأسير الفلسطيني "الشهيد" خضر عدنان (45) عاماً، حديثاً مختلفاً، يعدّ بمثابة كشف حساب إنساني، يفضح الوجه البائس لجلاديه، وهو يضع يديه المكبلة بأصفاد المحتلين، على حريته المؤلمة، بثمنها الباهظ جداً، وهو الشهادة.

في فلسطين، هنالك عشرات آلاف ممن خاضوا تجربة الاعتقال، ولكن سيلاً من التفاصيل المعبّرة عن وجع "الأسير الإنسان" وعن همومه "الصغيرة" التي غرقت في بحر الحديث عن التضحية والبطولة، كما لم تدع مساحة للحديث عن الألم والضعف والشوق، رغم أن هذه المفردات هي الحجج الأقوى في المرافعة الإنسانية بعيدة المدى أمام الجلاد.

ليس هناك أغلى من الحرية للأسير، فالخروج من واقع الأسر إلى عالم الحرية هو أمنية كل أسير فلسطيني، وإذا نظرنا إلى التحرر بالمفهوم الشخصي الأُسري الصغير، فلا توجد كلمات تصف سعادة الإنسان المفرج عنه، والأهل الذين عاد لهم ابنهم بعد طول غياب، لكن في حالة الأسير الشهيد خضر عدنان، الذي سيعود إلى عائلته وأطفاله شهيداً، الكثير مما هو مختلف، بل وخارج عن المألوف.

كل شيء في سجون الاحتلال، معقّد ومركّب، فما يُسمّى بالجهاز القضائي الإسرائيلي، هو بالأساس أحد أذرع الاحتلال، ومن غير الممكن أن يكون نزيهاً حين يتعلق الأمر بالأسرى الفلسطينيين، كما أن محاكم الاحتلال تستند لما يقرره هذا الجهاز، وما جرى مع الأسير عدنان وغيره خير دليل، إذ مورست وتمارس بحق الأسرى الفلسطينيين أساليب تعذيب وحشية ومحرّمة دولياً، بناء على توصية من جهات قضائية إسرائيلية، أهمها وأبرزها الحرمان من العلاج، ما يدق ناقوس الخطر، باستشهاد أسرى فلسطينيين آخرين.

ولا تعير دولة الاحتلال أي اهتمام، للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية، التي تحرّم استخدام أساليب قاسية بحق الأسرى، أو تمنع علاج المرضى منهم، بل إن سلطات الاحتلال تلجأ أحياناً لأساليب استثنائية، باستخدام التعذيب حتى ضد الأسرى المرضى!.

كان الأسير خضر عدنان، وهو العارف ببواطن الأمور في الإضرابات المفتوحة عن الطعام، ومن أوائل من خاضوا هذه التجربة، إذ سبق له انتزاع حريته من خلال الإضراب خمس مرات، كان يعلم أنه كما أصبح رمزاً لانتصار إرادة الأسير الفلسطيني على جلاده، سيصبح رمزاً للشعار الذي يرفعه الأسرى في سجون الاحتلال "نموت واقفين ولن نركع".. ولعل هذا ما دفعه للقول في وصيته لزوجته وأطفاله: "ذاب شحمي ولحمي، ونخر عظمي، وضعفت قواي، لكني كلي ثقة بنصر الله وتمكينه، وأدعو الله أن يتقبلني شهيداً" وأمام منزله في بلدة عرابة قرب مدينة جنين، قالت زوجته: "سيرى الاحتلال من أبنائي التسعة ما لم يرَه من خضر".

ويعد الإضراب المفتوح عن الطعام، أحد الخيارات الصعبة التي يلجأ إليها الأسرى الفلسطينيون للاحتجاج على سياسة الاعتقال الإداري (اعتقال دون تهمة أو محاكمة) وهو إضراب مستنسخ من التجربة الأيرلندية، ولا ينتهي إلا بتحقيق المطالب أو الشهادة.

مساحة إعلانية