رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

674

بحر غزة.. الهروب من الحر والحرب

03 مايو 2024 , 07:00ص
alsharq
ارتفاع الحرارة وشح المياه دفعا بالغزيين إلى البحر
❖ غزة - محمـد الرنتيسي

الغزيون يحبون البحر، ربما انتصاراً للماء الذي في أجسامهم، ويبلغ الحب ذروته عندما تمتد ألسنة الحر لتلعق ماءهم، حتى تجف حياتهم، ساعتئذ يلجأون للبحر، يطمئنون إليه فيرتمون بين أحضانه، واثقين أنه سينتصر لهم، ورغم أنه يبلع أحبتهم أحياناً، إلا أنه قلما يقسو عليهم، وربما يخافونه، لكن سرعان ما يبثون إليه همومهم وأشجانهم.

على شاطئ بحر غزة، تدفق المئات من المواطنين في رحلة لم تكن الأجمل، فقد أصابت الحرب الدموية الاقتلاعية قلوبهم في مقتل، فبلغ الوجع حد الأنين.

وباتت مياه بحر غزة الملاذ الأخير للمواطنين لقضاء حوائجهم كالاستحمام وغسل الملابس وغير ذلك، فيلجأ النازحون على وجه الخصوص إليه، ويستحمون في مياهه، ويغلسون ملابسهم فيه، نتيجة لشح المياه في مراكز الإيواء.

ويساهم قرب البحر من بعض مراكز النزوح والنقص الحاد في المياه، في توجه المئات إليه مع بدء ارتفاع درجات الحرارة، كما تقول النازحة من مخيم الشاطئ مريم الوشاحي (44) عاماً، مبينة أنها بدأت تتوجه مع عائلتها إلى شاطئ البحر، مستغلة الأيام المشمسة، إذ يقوم أطفالها بالاستحمام، بينما تغسل هي ملابسهم، فضلاً عن الاستجمام وقضاء أوقات من الراحة، بعيداً عن ضوضاء الحرب، وضيق الخيام.

بينما يقول أيمن الغول (28) عاماً، إنه يستغل مياه البحر للاستحمام بعد أن منعه الازدحام الشديد في مراكز الإيواء من ذلك، مبيناً أن البحر يبعد ما يزيد على كيلو ونصف الكيلو متر من مكان إقامته، لكن لا مفر أمامه من اللجوء إلى البحر، للقيام بكل الأعمال التي تحتاج إلى المياه.

ويضيف: "الحياة في مراكز النزوح أصبحت لا تطاق، بفعل التكدس في أعداد النازحين، والناس يتوجهون إلى البحر لقضاء جوائهم المختلفة، ناهيك عن حاجتهم للتفريغ النفسي، ولم تمنعهم طلقات الرصاص والقذائف المتقطعة من زيارته.. الحياة بلا ماء غير ممكنة".

وحسب مواطنين آخرين، فالمشكلة الوحيدة التي تواجه الغزيين مع البحر، هي تلوث أجزاء كبيرة من مياهه، نتيجة لضخ مياه الصرف الصحي فيه دون معالجة، ما يعني أنه سيصبح مع مرور الوقت مرتعاً للأمراض، وبالتالي فإن الاستحمام بمياهه وغسل الملابس والأواني فيه غير آمن، لكن الغزيين مضطرون لذلك، لغياب البدائل.

ومنذ بدء الحرب التطهيرية في 7 أكتوبر، يقطع آلاف النازحين في قطاع غزة، مسافات طويلة بحثاً عن الماء، الذي تضاعف الطلب عليه مع بدء ارتفاع درجات الحرارة، لكنهم لا يعودون إلا بكميات قليلة، لا تلبي الحد الأدنى من احتياجاتهم.

واستناداً إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة، فإن حصول الأطفال النازحين في قطاع غزة على الماء أقل كثيراً من الكمية المطلوبة للبقاء على قيد الحياة، ما ينذر باحتمال وفاة عدد كبير منهم بسبب الحرمان من الماء.

كما أظهرت معطيات فلسطينية رسمية نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بالتعاون مع سلطة المياه، تراجع حصة الفرد من المياه في قطاع غزة بنسبة 97 % بفعل الحرب في القطاع وما نجم عنها من تدمير واسع لبنية المياه التحتية، واصفة الوضع المائي في قطاع غزة بالمتردي.

مساحة إعلانية