رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اقتصاد

1037

الخاطر: القطاع العام والخاص في دول التعاون يحتاج إلى تغييرات جذرية

01 ديسمبر 2015 , 08:05م
alsharq
محمد طلبة

يستعرض الدكتور خالد بن راشد الخاطر - متخصص في السياسة النقدية وعلم الإقتصاد السياسي - في الجزء الثاني من ورقته البحثية "تحديات انهيار أسعار النفط والتنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجى".. مدى استفادة دول مجلس التعاون من تجارب الانهيارات السابقة في أسعار النفط وشروط نجاح التنويع، ونموذج النمو في دول مجلس التعاون.

صناديق التحوط ليست كافية.. ويجب بناء قاعدة صناعية للتصدير للخارج

في البداية وفي رأي صادم للجميع يؤكد الدكتور خالد أن دول مجلس التعاون لم تتخذ الخطوات اللازمة من السياسات السليمة في أوقات الطفرات، لتحويل الاقتصادات من اقتصادات ريعية تعتمد على الاستخراج والاستقطاع والتوزيع، إلى اقتصادات تعتمد على العمل والإنتاج، وتنويع الأنشطة والصادرات، وتحويل الموارد الطبيعية الناضبة إلى أصول يتولد عنها نمو قابل للاستمرار في الآجل الطويل، وأهمها رأس المال البشري.

فنموذج النمو السائد في دول المجلس يعتمد على مداخيل النفط التي يعاد توزيعها في الاقتصاد بواسطة آلية الإنفاق الحكومي؛ جزء منه إنفاق استهلاكي على أجور ورواتب المواطنين في القطاع العام، والجزء الآخر إنفاق رأسمالي على مشاريع التنمية والبنى التحتية والخدمات الاجتماعية، ويشكل هذا الإنفاق الأخير تعاقدات وأرباح القطاع الخاص. ونشاط القطاع الخاص لا يزال بعد أربعة عقود من تصدير النفط، يتركز في ثلاثة مجالات رئيسة هي: (أ) المقاولات، و(ب) الخدمات و(ج) تجارة الاستيراد والترويج للمنتج الأجنبي من خلال نظام الوكالة التجارية، مستفيداً في ذلك من عاملين أساسيين هما (أ) الإنفاق الحكومي الضخم في أوقات الطفرات النفطية و(ب) رخص وكثافة عوامل الإنتاج من رأسمال، ومدخلات طاقة رخيصة وعمالة أجنبية قليلة المهارة، ويشكل دخلها تسرباً في رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج وتحدث تحورات خطيرة في التركيبة السكانية للمجتمع.

واستمرارا لطرحه الفكري يؤكد الدكتور خالد أن القطاع الخاص يسعى لتعظيم الأرباح السريعة من الطفرات النفطية، وفورات الإنفاق العام المصاحبة لها، ويعزز من ذلك بتوظيف عمالة أجنبية قليلة المهارة ومتدنية الأجر، بينما معظم المواطنين موظفين لدى الدولة في قطاع عام مترهل، كبير الحجم وقليل الكفاءة والإنتاجية، يتقاضون رواتب ينفقون جلها في طلب استهلاكي على مخرجات القطاع الخاص. فالقطاع الخاص يستفيد من الإنفاق الحكومي بشقيه، بصفة مباشرة من الإنفاق الرأسمالي، وبصفة غير مباشرة من الإنفاق الجاري على رواتب وأجور القطاع العام التي تشكل لاحقاً طلباً استهلاكياً على القطاع الخاص.

ومع الطفرات النفطية وارتفاع الإنفاق الرأسمالي، يذهب جزء كبير من رؤوس الأموال والاستثمارات المتولدة عن هذه الطفرات النفطية إلى قطاع السلع الغير متاجر بها دولياً، نحو أسواق المال والأسهم والعقار، والتوسع في بناء الأبراج والمدن الترفيّة، والبذخ أحيانناً حتى في إنشاء البنى التحتية والمرافق العامة، وغير ذلك من أوجه إنفاق تؤدي إلى مزاحمة قطاع السلع المتاجر بها دولياً، ولا تسهم في تنويع الصادرات، ولا يتولد عنها قيم مضافة عالية للإنتاج، ولا نمو قابل للاستمرار بعد انفجار الفقاعات وانقضاء الطفرات.

فالتنمية ترتكز على بناء رأس المال البشري والابتكار والتطور التكنولوجي، بينما نموذج النمو المتبع في دول مجلس التعاون يعتمد على تعاضد عاملين أساسيين هما، قوة الانفاق الحكومي وكثافة عوامل الإنتاج، من عمالة أجنبية رخيصة خصوصاً. فجل مخرجات هذا النمو تتمثل في طفرة عقارية يصحبها زيادة غير مبررة في عدد السكان بسبب الهجرة المفتوحة للعمالة الأجنبية، ولا يتولد عن هذا النمو تراكم لرأس المال البشري الوطني، ولا تطور تكنولوجي، ولا تحول صناعي، ولا اسهام في بناء اقتصاد معرفي، ولا في تنويع الصادرات، وربما ينتهي بفقاعة يتبعها ركود لفترة تطول من الزمن حتى تعاود أسعار النفط ارتفاعها من جديد. فنموذج النمو هذا منحاز بطبيعته للتركز في قطاع السلع الغير متاجر بها دولياً، لتحقيق الأرباح السريعة من الطفرات النفطية والإنفاق الحكومي، من خلال استثمار رخيص التكلفة ومعلوم الربحية، يعتمد على عمالة أجنبية متدنية الأجر في أسواق محلية شبه احتكارية، عوضاً عن مخاطرة الدخول في سوق صادرات أجنبية تنافسية، تتطلب مهارات فنية وإدارية عالية، وابتكار وتطوير للبقاء في دائرة المنافسة. ويلاحظ أن هذا النموذج يؤدي إلى المزيد من التركز في الاقتصادات مع الطفرات، وإلى انخفاض الإنتاجية في القطاعين العام والخاص،

ويطالب الدكتور خالد دول المجلس بتبني نموذج يقوم على تنويع الصادرات، وقيادة قطاع تصنيع موجه للصادرات، من خلال خلق الحوافز أولاً لتركيم رأس المال البشري الوطني، والتطور التكنولوجي والصناعي، وتبني برامج دعم وحماية للصناعات الوليدة، والحد من النمو المرتكز على كثافة عوامل الإنتاج (من عمالة أجنبية رخيصة ورؤوس أموال)، والمنحاز للتوسع المفرط في قطاع الأصول (العقار وأسواق المال) على حساب قطاع التصدير.

ويطرح الدكتور خالد سؤالا ذا أهمية.. هل استفادة دول المجلس من تجارب الانهيارات السابقة في الأسعار؟

وفي رده يقول.. لقد نجحت دول مجلس التعاون إلى حد معين مقارنة بتجارب الانخفاضات السابقة في أسعار النفط في جانب واحد، وهو بناء صناديق التحوط، ولو أنني أعتقد أنه كان يمكنها أن تفعل أفضل من ذلك، أي أنه كان من الممكن أن تكون أحجام هذه الصناديق أكبر مما هي عليه الآن مقارنة بالمداخيل الضخمة التي تحققت لدول المجلس بالعملة الأجنبية من ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة السابقة.

أما من حيث التنويع، فقد حققت نجاحات لا بأس بها ولكن فقط في مجال القطاع النفطي والصناعات المصاحبة له أو ما يسمى بالتنويع الرأسي وليس أبعد من ذلك إلى مجالات أخرى أو ما يسمى بالتنويع الأفقي.. خصوصاً قطاع تصنيع موجه للصادرات، وهو الأهم. وبالتالي هي لا تزال منكشفة على صدمات أسواق الطاقة العالمية.

وبشكل عام حتى الآن فهي قد فشلت في الوصول بالاقتصادات إلى الحد الأدنى المطلوب من التنويع، وتقليص الاعتماد على النفط ومداخليه، والتركز في الصادرات، والانكشاف على تقلبات الأسعار. فهناك حاجة لإجراء إصلاحات جذرية لتنويع الاقتصادات في الآجل الطويل،

وهي تندرج في جانبين:

(أ‌) إصلاحات جانب الطلب سياسات الأجل القصير إلى المتوسط.

من خلال إصلاح الإطار العام لإدارة الاقتصاد الكلي (السياسات المالية والنقدية وسعر الصرف) لتشكيل مزيج مرن من هذه السياسات وهذا مهم لإدارة الدورات الاقتصادية - دورات الرواج والركود ولتعزيز الاستقرار الاقتصادي في الآجلين القصير إلى المتوسط، ودعم التنويع والتنافسية في الآجل الطويل.

(ب‌) إصلاحات جانب العرضسياسات الأجل الطويل، وتندرج تحت أربعة مجالات رئيسة:

1. بناء القاعدة المطلوبة من رأس المال البشري لانطلاق عملية تنويع ناجحة تضع الاقتصادات على مسار التنمية الذاتي المرتفع.

2. إصلاح القطاع العام كبير الحجم والمترهل لرفع كفاءته وإنتاجيته، وتعزيز الحوكمة مع التركيز على أهلية COMPETENCY قياداته لتحفيز تنمية رأس المال البشري وبناء القدرات الوطنية فيه.

3. إصلاح القطاع الخاص للحد من تركزات الأسواق عبر الاقتصاد وتركزات الثروة عبر المجتمع، ولخلق قطاع خاص تنافسي متنوع بعيداً عن التسول على الدولة PATRONAGE وتدوير الريع والارتباط بالنخب السياسية، وبحيث يسهم هذا القطاع بصورة فعالة في تنويع الاقتصادات والتطور التكنولوجي وبناء اقتصاد معرفي، وتوفير فرص عمل للمواطنين كما تعد بذلك استراتيجيات التنمية في دول المجلس.

4. بناء قاعدة صناعية لإسناد عملية التنويع وبالأخص قطاع صناعات موجهة نحو التصدير لأن هذا يبقي الاقتصادات في دائرة المنافسة العالمية ويعزز من نمو قابل للاستمرار.

الشروط لعملية تنويع ناجحة

أولاً: تركيم رأس المال البشري.. وهو العنصر الأهم والتحدي الأكبر في عملية التنمية وتنويع الاقتصادات. ففي كثير من دول العالم الثالث لا يوجد نقص في الجامعات ولا في خريجي الجامعات ولا في المرافق التعليمية والمختبرات ونحو ذلك، ولكن تراكم رأس المال البشري لا يصل إلى الحد الأدنى أو الكتلة الحرجة أو الزخم المطلوب لتكوين قاعدة تنطلق منها عملية تنويع ناجحة تضع الاقتصاد على مسار التنمية الذاتية المرتفع.

الدفع بالكفاءات الوطنية نحو المواقع القيادية في القطاع العام لتطويره

ثانياً: إصلاح القطاع العام

يعتبر توظيف المواطنين في القطاع العام الآلية الأساسية والأعم لإعادة توزيع الريع على المواطنين في دول مجلس التعاون. فبموجب العقد الاجتماعي الخليجي، الدولة ملزمة بتوفير الوظائف للمواطنين. غير أن القطاع العام وصل مرحلة التشبع وأصبح كبير الحجم وتدنت كفاءته وإنتاجيته. وأول شرط لإصلاح القطاع العام هو أن يبدأ من الرأس، رأس المؤسسة، وذلك من خلال توفر النزاهة والكفاءة، والملاءة أو الأهلية COMPETENCY، في من يكون على رأس المؤسسة، وربط الثواب والحوافز بالإنتاجية وهذا مهم لإرسال الإشارات الصحيحة للأجيال الناشئة لتحفيزهم على بناء قدراتهم البشرية.

ويطالب الخاطر بالدفع بالكفاءات الوطنية المتخصصة من خريجي الجامعات على كافة المستويات نحو المواقع القيادية في القطاع العام وتمكينها، وإلا فإن استحضار الجامعات والمؤسسات التعليمية الأجنبية المرموقة وإنفاق مليارات الدولارات عليها لا جدوى منه، لأن عدم تمكين الكفاءات والشباب المؤهل يرسل رسائل خاطئة للشباب والأجيال الناشئة. أما إذا كانت قيادة المؤسسة ركيكة، ومرتبكة، ضعيفة وغير متمكنة، فإنها تفسد المؤسسة بأكملها، وتعيق تكون رأس المال البشري، وبناء القدرات الوطنية خصوصاً، وتخلق سقف CAP يحد من تكون القيادات والكفاءات الوطنية لا يمكنها تجاوزه، لأنها ترى من منظورها الخاص أن الكفاءات الوطنية قد تشكل تهديداً لاستمرارها وبقائها في المنصب.

ثالثاً: إصلاح تشوهات الأسواق والقطاع الخاص

ويضيف الخاطر أن القطاع الخاص الخليجي بالتوازي مصاب بالتركزات في نشاطه، وقلة في التنويع، وقد انعكس ذلك أيضاً بقدر من التركزات والتشوهات في الأسواق، وتكوينات لبنى احتكارية فيها. فبعد عقود من الاستفادة من تصدير النفط، لا يزال نشاط القطاع الخاص يتركز في ثلاثة مجالات رئيسة هي: (أ) المقاولات (ب) تجارة الاستيراد والترويج للمنتج الأجنبي من خلال نظام الوكالة التجارية و(ج) الخدمات. فعبر عقود من التوسع غير المنظم واللامحدود تكونت هناك تركزات اقتصادية ورأسمالية عبر شرائح ضيقة من الأفراد والعائلات في المجتمع، بعضها على ارتباط وثيق بالنخب السياسة، تمكنت من تركيم ثروات ورؤوس أموال طائلة، ومن تكوين شبكات مصالح واسعة ومتداخلة مع النخب السياسية، وأصبحت تشكل موانع دخول لكثير من الأنشطة أمام المستثمرين الجدد، وتغذي تكوينات احتكارية وإمبراطوريات لرجال أعمال يصعب منافستها. والواقع هو أن نمو القطاع الخاص يعتمد الآن أكثر من أي وقت مضى على الدولة، وعلى آلية الأنفاق الحكومي خصوصاً، وما تجود به الحكومات من عقود ومشاريع لقطاع الأعمال. وتشير الدراسات إلى أن الحكومات الخليجية كانت دائماً تتخذ سياسات محابية للرأسماليين وطبقة التجار.

توظيف المواطنين في القطاع الخاص

إن عدد الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص الخليجي كبير جداً، ما يقارب %80 من حجم القوة العاملة في دول المجلس ولكن معظمها (ما يقارب %90) مستغل بواسطة عمالة أجنبية متدنية الأجر ومنخفضة الإنتاجية، إلى أن تركيز القطاع الخاص قصير الأجل على استقطاع الريع من خلال العمالة الأجنبية متدنية المهارة والتكلفة، وتجنب الاستثمار طويل الأجل في تطوير الإنتاجية ومهارة العمالة الوطنية، أسهم في استثناء جزء كبير من العمالة الوطنية من سوق عمل القطاع الخاص.

ويصف HERTOG القطاع الخاص الخليجي بالقطط الرأسمالية الخليجية السمينة التي تتغذى على المال العام ولا تقوم بتوظيف المواطنين ولا تقدم شيء مقابل ذلك للمجتمع. إلا أن هذا النمو الذي يعتمد على كثافة عوامل الإنتاج، يحد من عملية تنويع يقودها القطاع الخاص، وهذا وضع غير قابل للاستمرار في الأجل الطويل لا اقتصادياً ولا اجتماعياً ولا سياساً.

قلة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار الوطني

يقع 25 من بين أكبر 30 شركة في العالم العربي من حيث رأس المال في دول مجلس التعاون، ومن بين رجال الأعمال العرب يوجد لدى الخليجين أكبر استثمارات خارجية، تقدر بمليارات الدولارات. والقطاع الخاص الخليجي الريعي يراكم ثرواته وأصوله الخارجية سواء كان بسبب أعمال إنتاجية أو نتيجةً لطلب الريع. إلا أن رؤوس الأموال هذه تبقى محتفظاً بها بعيداً نسبياً عن الرقابة والشفافية والحوكمة، وتبقى مغيبة عن استفادة المواطنين من المساهمة في استثماراتها، ومن تمويلها والاستفادة من عوائدها. ومعظم ثراء وأصول القطاع الخاص تبقى محصورة فيه، وتمويله أيضاً ذاتي.

نظام الوكالة التجارية

هذا النظام بشكله الحالي يعطي امتيازات احتكارية لترويج منتجات أجنبية عبر شرائح واسعة من المنتجات والبضائع وأصبح يستدعي المراجعة لأنه يضر بالمستهلك ويسهم في تركيز الثروة في المجتمع وربما يؤدي إلى مزاحمة قطاع الصناعات الوطنية الوليدة. فعند وضع هذا النظام كانت أسواق الاستيراد بسيطة وفي بداية تشكلها، ولكن مع تطورها واتساعها مع الزمن، غلب عليها النمو بشكل رأسي عبر الأفراد. فالوكالات لا تنتشر عبر شريحة أكبر من المجتمع مع تطور الأسواق ومع ظهور ودخول سلع ومنتجات جديدة، ولكنها تتركز تقريباً في نفس الفئة المتمكنة من التجار ورجال الأعمال، وهذا أدى إلى تركزات في الأسواق وفي الثروة. فهناك موانع دخول تشكلت أمام المستثمرين الجدد، تكرس التركز في نفس الفئة القائمة المتمكنة، وهذا أسهم في خلق بنى احتكارية وتشوهات في الأسعار، وتركزات في الأسواق عبر الاقتصاد، وتركزات في الثروة ورؤوس الأموال المال عبر المجتمع، ولا يدفع نحو التنويع المنشود. وهناك إمكانية لوجود قدرات لديها تعمل على إجهاض محاولات بناء قطاع صناعات وليده، من خلال المنافسة غير العادلة، بفضل ما تمكنت من تركيمه من رؤوس أموال طائلة ومن القوانين الحمائية التي مازالت توفرها لها الدول منذ عقود طويلة دون تحديث أو مراجعة لمدى مناسبتها وصلاحيتها لمتطلبات هذه المرحلة من تنويع للاقتصادات وحد للممارسات الاحتكارية فيها.

وإذا كانت الشركات الأجنبية المصدرة إلينا تضع شروط وقيود، تشكل موانع دخول وتسهم في تركزات الأسواق وتكريس الممارسات الاحتكارية في أسواقنا بهدف تعظيم أرباحها، فهي لا تستطيع انتهاج مثل هذه الممارسات في بلدانها بسبب قوانين حماية المستهلك ومكافحة الاحتكار ANTITRUST LAWS ولكنها تصدرها إلينا.

فعلى دول مجلس التعاون أيضاً مراجعة نظام الوكالة التجارية الذي مضى عليه عدة عقود، وإعادة تنظيم تجارة الاستيراد على أسس تحد من الممارسات الاحتكارية، وتعزز من تكافؤ الفرص والتنافسية، وتضمن كفاءة الأسواق، وحقوق المستهلك، وتوزيع أكثر عدالة للثروة في المجتمع.

1. مثلاً).

والآن، وبعد عقود من الاستفادة من تصدير النفط لا يزال نشاط القطاع يتركز في ثلاثة مجالات رئيسة هي:

(1) المقاولات، و(2) الخدمات، و(3) تجارة الاستيراد والترويج للمنتج الأجنبي من خلال نظام الوكالة التجارية.

أما استراتيجيات التنمية في دول مجلس التعاون فهي تؤكد على دور القطاع الخاص في تنويع الاقتصادات وخلق فرص عمل للمواطنين، وبناء اقتصاد معرفي، أكثر إنتاجية وأقل اعتماداً على الريع، ولكن هذه الادعاءات لا تزال بعيدة عن الواقع. لذلك يجب إصلاح القطاع الخاص للحد من تركزات الأسواق والثروة فيه، ولخلق قطاع خاص تنافسي يسهم في التنويع والتطور التكنولوجي وفي خلق فرص عمل للمواطنين.

رابعاً: التصنيع من أجل التنويع

يؤكد الخاطر أن النمو القائم على صادرات المواد الأولية يبقى محدود بالاكتشافات في الدول الأخرى وعرضةً لتقلبات الأسعار التي تحد من استمراريته وتقلص من قيمته. وفي دول مجلس التعاون الاثنان مرتبطان ببعضهما؛ فتوسع قطاع السلع غير المتاجر بها دولياً مرتبط بتحسن شروط التجارة الدولية في سوق صادرات المواد الأولية، التي تبقى عرضة للتقلبات.

ويوضح الخاطر فوائد التصنيع من أجل التنويع، وهو يقلص من عيوب النمو الذي يعتمد على تركز الصادرات في المواد الأولية.

خصوصاً إذا ما استهدف سوق الصادرات، فهو يسهم في إحلال الواردات وتنويع الصادرات، وهذا يؤدي إلى خفض فاتورة الاستيراد وخلق مصادر دخل جديدة.

كما أن التصنيع مليء بالتدفقات والآثار الإيجابية على بقية الاقتصاد

ويعطي أمثلة لدخول مستثمرين جدد ويدرب عمالة ومتخصصين وفنيين ومديرين كما يسهم في خلق وظائف وخفض معدلات البطالة.

ويؤكد الخاطر أن السياسة الصناعية الجيدة هي التي تمنع استمرار الفاشلين من استنزاف الموارد إلى مالا نهاية. والتركيز على الأنشطة وليس القطاعات، مع استهداف أنشطة ذات أثر تدفقي للتكنولوجيا والمهارات على الأنشطة الأخرى كإمكانية التجميع لأنشطة أخرى، أو توليد للمعلومات أو تدفق للتقنيات. الصناعة الخاصة الخليجية لا تزال تركز على إنتاج متدني التقنيات، قليل القيمة المضافة، ولم تضع الدول شروطاً لتكثيف استخدام التكنولوجيا والتنويع.

ويضيف..في دول مجلس التعاون الأبحاث والتطوير لا تزال متخلفة، ولا يوجد تركز تكنولوجي حول صناعة معينة، ولا تواصل بين قطاع الأعمال والجامعات، والإنفاق على الأبحاث والتطوير ضعيف. ولقد كان النمو السريع في الصين بسبب الإصرار على الحصول على التكنولوجيا من الخارج وتنويع الصادرات. ومن تجارب كثير من الدولبنغلادش، الهند، تايوان، تشيلي، كورياكان مفتاح نمو الصناعات هو التقليد من خلال دخول الكفاءات الإدارية والعمالة بشكل كبير.

ويؤكد الخاطر أن السياسة الصناعية هي سياسة اقتصادية سليمة، من حيث توفر البنى التحتية والمرافق العامة المناسبة للقطاع المنتج: من مختبرات عامة، أبحاث وتطوير، تدريب مهني وتقني، وبنى تحتية ومرافق عامة، كالطاقة والماء، وشبكتي مواصلات واتصالات حديثتين ومتطورتين، وموانئ جوية وبرية وبحرية، ومدن صناعية ومناطق تجارة حرة.

ومن خصائص السياسة الصناعية الناجحة الشفافية، فيجب أن ينظر إليها المجتمع بشكل عام كجزء من استراتيجية نمو موجهه نحو إتاحة حيز أوسع من الفرص المتكافئة للجميع، وليس لتكون حظوة لفئة معينة أو للفئة المتنفذة في الاقتصاد.

السياسة الصناعية وإصلاح القطاع الخاص

ويقول.. في دول مجلس التعاون يمكن تبني سياسات صناعية ضمن إطار شامل لإصلاح القطاع الخاص.

نظام الوكالة في الخليج يضر بالمستهلك ويسهم في تركيز الثروة في المجتمع

الحد من تركزات الأسواق والثروة، وذلك من خلال سن وتنفيذ قوانين مكافحة الاحتكار على أسس تضمن:

كفاءة الأسواق، وحقوق المستهلك، وتكافؤ الفرص للمستثمرين، ودعم التنافسية محلياً وخارجياً، وهذا يدفع نحو التنويع بينما الاحتكار يكرس التركز والأوضاع القائمة.

إن التصنيع مهم من أجل التنويع، وهناك استراتيجيتين معاً لدعم التصنيع والتنويع، وهما: سياسة صناعية قوية موجهه نحو صادرات مستجدة، وسياسة سعر صرف داعمة للإنتاج في قطاع السلع المتاجر بها دولياً في عامة الاقتصاد.

فبدون سعر صرف تنافسي ومستقر لا يمكن عملياً تحريك الاستثمارات والكفاءات الإدارية الخلاقة في قطاع السلع المتاجر بها. ولكن من دون سياسة صناعية موجهه نحو الصادرات، فإن سياسة سعر الصرف وحدها لا يمكنها أن تكون أداة تنويع. ومع التقدم في عملية تنويع الصادرات، مطلوب سياسات سعر صرف أكثر مرونة لتحفيز الصادرات ودعم التنافسية.

مساحة إعلانية