رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان 1435 alsharq
الشيخ عبد الله بن جاسم مؤسس الحركة التعليمية بقطر

إستكمالا للحلقات السابقة كان الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- عالمًا محبًا لأهل العلم والأدب، يقربهم ويحتفي بهم ويكرمهم، يقول الوالد الشيخ عبد الله بن محمد آل ثاني: كان الشيخ عبد الله عالمًا، إذا أتاه أحد العلماء قرَّبه، وأخذ منه علمه ا.هـ ويقول الوجيه محمد بن راشد العسيري -رحمه الله-: إنه ذهب إلى الحج على ظهور الجمال مرافقًا للشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله-، وكان من ذوي الجاه والكرم، وكان يحب ويقرب العلماء ا.هـ ومن العلماء والأدباء الذين قربهم: الشاعر محمد بن عبد الله بن عثيمين-رحمه الله- ولد سنة 1270هـ، في بلدة السلمية من أعمال الخرج، وطلب العلم على عدد من المشايخ، كالشيخ عبد الله بن محمد الخرجي، ورحل في سبيل هذه الغاية لعدد من الأقطار، وبعد اضطراب الأوضاع في نجد أثناء تلك الفترة، رحل الشيخ الخرجي ومعه تلميذه إلى سواحل الخليج، وألقيا عصا التسيار في قطر لدى الشيخ جاسم، الذي أكرمهما غاية الكرم؛ حيث كان الشيخ جاسم عالمًا أديبًا، يتذوق الشعر ويتعاطى قرضه، وخاصة الشعر باللهجة العامية، فحل الشاعر عنده منزلة رفيعة، ومكث في كنفه حقبة من الزمن، تفتحت فيها شاعريته، وجادت قريحته، ثم إن الشاعر اتصل بأبناء الشيخ، وخاصة الشيخ جوعان؛ حيث كان يقرض الشعر العامي، فاتصل به اتصالاً وثيقًا؛ حتى أصبح نديمًا له، وصفيًا من خلص أصفيائه، يتقارضان الأشعار، ويتسامران بطرائف الأخبار، إلى أن قتل الشيخ جوعان سنة 1304هـ يوافقه 1888م، فاتصل بأخيه الشيخ عبد الله، فأحسن صلته، وأكرم مثواه، ووجد منه ومن جميع أفراد أسرته ما حبب إليه إطالة الإقامة في قطر، بل المشاركة في معاركهم، ومدح شيوخهم، وعندما أنشأ الشيخ عبد الله المدرسة الأثرية، درس على شيخها الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، وقرأ عليه بداية المجتهد لابن رشد، وبعد أن استولى الملك عبد العزيز على الأحساء، قصده الشاعر، وبقي في بلاده إلى أن وافته المنية سنة 1363هـ يوافقه 1944م. ولم تنقطع صلة الشيخ عبد الله -رحمه الله- بصديقه الشاعر محمد بن عثيمين -رحمه الله- حتى بعد رحيله من قطر وإقامته بالسعودية، فظلَّت المراسلات بينهما، وقد ذكرنا في الكتاب رسالة من الشيخ عبد الله له تدل على قوة وعمق العلاقة التي جمعت بينهما. الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع -رحمه الله- وهو من العلماء العاملين، ولد ونشأ في عنيزة سنة 1300هـ يوافقه 1883م، ورحل في طلب العلم إلى غير ما بلد، ثم استقر في البحرين، ومنها قدم لقطر، وأنشأ المدرسة الأثرية، كما سيمر معنا بالتفصيل عند الحديث عن المدرسة وكيف توثقت علاقته بالشيخ عبد الله -رحمه الله- وطلب منه إنشاء المدرسة التي كان لها أكبر الأثر في الحركة التعليمية في قطر وما حولها. الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود-رحمه الله- بداية معرفة الشيخ عبد الله بن جاسم-رحمه الله- بالشيخ عبد الله بن زيد آل محمود -رحمه الله- كانت في المدرسة الأثرية؛ حيث كان الشيخ ابن محمود من طلابها الذين التحقوا بها للدراسة على يد الشيخ ابن مانع -رحمه الله-؛ حيث درس عليه لمدة أربع سنوات تقريبًا، ولما رجع الشيخ ابن مانع إلى السعودية، غادر الشيخ ابن محمود قطر إلى السعودية مواصلاً طلب العلم، وبذهاب الشيخ ابن مانع-رحمه الله- والذي كان قاضيًا للبلاد، أراد الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- قاضيًا يقوم مقامه، وفي سنة 1359هـ يوافقه 1940م قصد الشيخ عبد الله -رحمه الله- مكة للحج، وبعد أداء النسك، طلب الشيخ عبد الله من الملك عبد العزيز آل سعود-رحمه الله- أن يبعث معهم رجلاً يتولى القضاء والفتيا بعد مغادرة الشيخ ابن مانع -رحمه الله-، فاختاره شيخه الشيخ ابن مانع ليكون خليفة له في تلك البلاد، فتوجه الشيخ ابن محمود مع الشيخ عبد الله للقيام بما أسند إليه من عمل، وتولى القضاء في قطر، واتجه لوضع نظام للمحكمة الشرعية التي تولى رئاستها، ولترتيب أمور القضاء وجميع الشؤون الدينية، وبقي -رحمه الله- قائمًا بهذا الأمر إلى أن طلب الاستعفاء منه في 1/12/1412هـ يوافقه 2/6/1992م، وقد وافته المنية : سنة 1417هـ الموافق 1997م. وكان لقدوم الشيخ ابن محمود إلى قطر أثر كبير في نهضتها القضائية؛ حيث أخذ الشيخ ابن محمود -رحمه الله- في تنظيم القضاء وتطويره، إلى جانب ما كان يقوم به من إمامة وخطابة وتعليم للناس؛ حيث رحل إليه عدد من طلبة العلم من السعودية لتلقي العلم على يده في قطر، كالشيخ محمد بن صالح بن مطلق، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الشثري. وكان الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله-، يجري لهم الرواتب، إعانة منه لهم على المواصلة في طلب العلم الشرعي. الشيخ أحمد بن يوسف الجابر -رحمه الله-: يتحدث الشيخ أحمد الجابر -رحمه الله- عن نفسه فيقول: أنا من مواليد 1320هـ، وفي بداية حياتي قرأت القرآن الكريم في الكتاتيب، وكان يقوم بتعليمي المرحوم فضيلة الشيخ محمد بن جابر بن عبد الله الجابر، وبعد سبعة شهور من دراستي في هذه الكتاتيب انتقلت إلى المدرسة الابتدائية عند فضيلة الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، وكان اسم هذه المدرسة: المدرسة الأثرية، وكانت هذه المدرسة الوحيدة في قطر، وكنت متفوِّقًا في حفظ القرآن الكريم وقراءة الشعر، وعندما قام المرحوم الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني حاكم قطر في ذلك الوقت بزيارة المدرسة، وأثناء زيارته لفصلي الدراسي وقع علي الاختيار في قراءة القرآن الكريم والشعر، وأثنى سعادته علي وألحقني بالعمل معه. وفي مقابلة أخرى مع الشيخ بيَّن القصيدة التي قرأها للشيخ عبد الله بن جاسم ـ رحمه الله ـ، حيث قال: إنه قرأ طرفًا من قصيدة ابن القيم النونية، فأعجبته قراءته فاتخذه قارئًا عنده منذ ذلك الوقت، وذلك سنة 1334هـ. وهكذا لحق الشيخ الجابر بالشيخ عبد الله، ولازمه ملازمة تامة يقرأ له ويذهب معه، وكذلك بولديه الشيخ علي بن عبد الله والشيخ حمد بن عبد الله، ولما تولَّى الشيخ علي الحكم أسند للشيخ الجابر عددًا من المناصب، وكان دائم الملازمة للشيخ علي -رحمه الله- في حله وترحاله. وقد حظي الشيخ الجابر بمكانة خاصة لدى الشيخ عبد الله إلى وفاته سنة 1376هـ يوافق 1957م؛ حيث أوصى له في وصيته، وجاء فيها: وأحمد بن يوسف مطوعنا يعطا ألفين ربية. الشيخ عبد الرحمن بن هدلان -رحمه الله-: ويرجع في نسبه إلى الخنافر من قحطان، كان يؤم المصلين بجامع بلد المصانع ـ في الرياض ـ، ثم طلبه الشيخ عبد الله بن جاسم للقدوم إلى قطر، وفيها توفي -رحمه الله-. وقد نتج عن هذا التقريب للعلماء والأدباء وتشجيعهم وإنشاء المدرسة الأثرية، تنشيط الحركة الثقافية في قطر، مما أنتج عددًا من المؤلفات والتي تعد باكورة العطاء العلمي القطري، ومنها: كتاب بستان الأكياس والأفراد من الناس الذي وضعه الأديب الشاعر عبد الرحمن بن صالح الخليفي، في نحو سنة 1355هـ يوافقه 1936م، وكتاب: نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار، وكتاب: الدُّرة المضيئة وكلاهما للأديب الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن درهم، وضعهما في الثلاثينات من القرن المنصرم، وكتاب: الخلُّ الموافق في الآداب والرقائق للأديب الشاعر عبد الله بن صالح الخليفي، وقد ألفه في أواخر عهد الشيخ عبد الله. وقد ظلت هذه الكتب محفوظة ولم يتح نشرها إلا بعد انقضاء عهد الشيخ عبد الله، وقد مثَّلت علامة فارقة في التاريخ الثقافي القطري قبل عهد النفط، وكان هؤلاء المؤلِّفون القطريون الرواد على علاقة متينة بالشيخ عبد الله، وممن يحضر مجالسه العلمية، ولهم مدائح فيه -رحمه الله-. إنشاء المدرسة الأثرية: كان الشيخ عبد الله -رحمه الله- مهتمًا اهتمامًا كبيرًا بالتعليم؛ حيث تربَّى في كنف والده في وسط يجلُّ العلماء ويهتم بهم ويدعمهم، وكانت تنتشر في قطر الكتاتيب في المساجد يعلم فيها المشايخ الطلاب القرآن وشيئًا من مبادئ العربية والحساب، ويسر الله على يديه فتح المدرسة الأثرية والتي كان لها أكبر الأثر ليس في قطر فقط ولكن في المنطقة بأكملها؛ حيث درس فيها جملة من الطلبة الذين أصبح لكل واحد منهم شأن، وأفاد الناس منه، وقد كان قدوم الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع الذي تولى إنشاء المدرسة الأثرية إلى قطر سنة 1334هـ يوافقه 1916م، ويحكي الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع -رحمه الله- قصة إنشاء هذه المدرسة في مذكراته فيقول: في سنة 1331هـ طلبني أهل البحرين بواسطة مقبل الذكير لأكون مدرسًا في النادي الإسلامي، وداعيًا إلى الحق، ورادًا على المبشرين من النصارى، فأقمت في البحرين قريبًا من أربع سنين، فلما أراد مقبل الذكير الارتحال إلى عنيزة حاول مني أن أذهب معه، وقال لي: القرص الذي آكله أجعله بيني وبينك نصفين؛ لأنني اعتذرت بقلة ذات اليد، فلا أتمكن من سكنى عنيزة، فلما علم الشيخ عبد الله بن قاسم بعدم رغبتي في الإقامة بالبحرين كتب إلي يدعوني إلى قطر، فأجبت فلما وصلت أكرمني -رحمه الله-، وقال لي: إننا حنابلة ومذهبنا مذهب السلف الصالح، فأقمت عنده في قطر من سنة 1334هـ إلى سنة 1358هـ، فأمر الملك عبد العزيز بسفري إلى الحجاز. كان الشيخ عبد الله بن قاسم رجلاً ذكيًا جدًا، محافظًا على شرائع الإسلام، عفيفًا نزيهًا صالحًا كريم الشمائل، محبًا لأهل العلم معظمًا لهم، متأدبًا بالآداب الشرعية، سالكًا مسلك والده بمحبة أهل السنة، يبغض أهل البدع ولا يألف مجالستهم، يعرف طرفًا صالحًا من أخبار العرب القديمة والحديثة، كثير السماع لكتب التفسير والحديث والتاريخ، قلما يتحدث الناس بشيء من ذلك إلا وله فيه إلمام، يحب الدولة السعودية ويثني على رجالها وملوكها، ويحب الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف محبة دينية، وكذلك عموم آل الشيخ ا.هـ وكان الشيخ عبد الله-رحمه الله- مهتمًا بهذه المدرسة اهتمامًا كبيرًا، فأنشأ المدرسة أولاً في حجرة بقصره الشرقي قرب فريق الهتمي ـ مكان متحف قطر الوطني حاليًا ـ، ثم انتقلت إلى منزل لآل الباكر قرب سوق الشيخ محمد بن علي آل ثاني -رحمه الله-، ثم أسس مدرسة في الجسرة قرب مسجد محمد بن عبد اللطيف المانع، وكان يدرس فيها صباحًا، وفي المساء يلقي دروسه في مسجد المانع. وكان الشيخ عبد الله ينفق عليها من ماله، وكذلك بعض المحسنين كالوجيه خالد بن محمد الغانم -رحمه الله-، والوجيه خليل بن إبراهيم الباكر -رحمه الله-، ومن شدة اهتمامه بها أنه كان يزورها ويتفقدها، ومن زياراته لها ما ذكره الشيخ أحمد بن يوسف الجابر وهو يتحدث عن مراحل دراسته: أنا من مواليد 1320هـ، وفي بداية حياتي قرأت القرآن الكريم في الكتاتيب، وكان يقوم بتعليمي المرحوم فضيلة الشيخ محمد بن جابر بن عبد الله الجابر، وبعد سبعة شهور من دراستي في هذه الكتاتيب انتقلت إلى المدرسة الابتدائية عند فضيلة الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، وكان اسم هذه المدرسة المدرسة الأثرية، وكانت هذه المدرسة الوحيدة في قطر، وكنت متفوقًا في حفظ القرآن الكريم وقراءة الشعر، وعندما قام المرحوم الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني حاكم قطر في ذلك الوقت بزيارة المدرسة، وأثناء زيارته لفصلي الدراسي وقع علي الاختيار في قراءة القرآن الكريم والشعر، وأثنى سعادته علي وألحقني بالعمل معه. وأما ما كان يُدرَّس في هذه المدرسة فقد أخبر به أحد تلاميذها وهو الشيخ محمد بن سعيد بن غباش الذي درس على الشيخ ابن مانع في المدرسة الأثرية حيث يقول: ثم حضرتُ في عام 1336هـ / 1918م على فضيلة الشيخ ابن مانع نحوًا من أربع سنوات، فقرأت عليه في عقائد السلف: كتاب التوحيد المذكور. والرسالتين الحموية والتدمرية وغيرهما من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب النونية للحافظ ابن القيم، وشرح الشيخ محمد السفاريني على عقيدته المشهورة مع حفظها، وعقيدة الشيخ عثمان بن قائد النجدي ثم المصري، وفي الفقه: دليل الطالب مع حفظ غالبه، وقراءة شرحه للشيخ عبد القادر التغلبي، وفي شرح الزاد بقراءة غيري عليه، وفي الحديث: أكثر بلوغ المرام وعمدة الأحكام بشرحيهما للصنعاني وابن دقيق العيد، وفي الفرائض: شرحي الشنشوري والمارديني على الرحبية، وفي النحو: الآجرومية والأزهرية والقطر بشروحها مع حفظ الآجرومية، والقطر، وكثير من الألفية، وقراءة شرحها لابن عقيل، وفي الصرف: كتابي العزية، ولامية الأفعال بشرحيهما ا.هـ وقد أسهمت هذه المدرسة في النهضة العلمية في المنطقة بأجمعها، وقد رحل إليها طلبة العلم من السعودية والإمارات والبحرين والكويت وساحل فارس، فممن درس فيها: أحمد بن صالح الخليفي، وأحمد بن محمد بن مانع، وأحمد بن يوسف الجابر، وحسن بن عبد اللطيف المانع، وحسن بن عبد الله بن مراد، وحسن بن محمد بن عبد الله الجابر، والشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني، وحمد بن محارب من الكويت، وحمد بن محمد المشغوني، وحميد بن أحمد بن فلاو، والشيخ خالد بن عبد الرحمن آل ثاني، والشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، وسليمان البواردي من أهل شقرا، وسليمان بن ماجد من أهل ثرمدا، وسيف المدفع، وعبد الرحمن الشملان، وعبدالرحمن بن محمد بن مانع، وعبد العزيز بن محمد بن مانع، وعبد اللطيف بن إبراهيم الباهلي، وعبد الله بن إبراهيم الأنصاري، وعبدالله بن تركي السبيعي، وعبد الله بن حميد بن ثاني، وعبد الله بن زيد آل محمود، وعبد الله بن علي بن سلمان، وعبد الله بن صالح القاضي، وعبد الله بن مبارك بن حميد، وعبد الله بن محمد الشيبة، وعبد الله بن ناصر السويدي، وعبدالله بن ناصر بن عتيق، وعلي بن سليمان القصيمي، وعلي بن عبدالرحمن الغانم، والشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، وعلي بن غانم الغانم، والشيخ فالح بن ناصر آل ثاني، وفيصل بن عبد العزيز آل مبارك، وقاسم بن درويش فخرو، ومبارك بن سيف الناخي من الشارقة، ومبارك بن فضالة السليطي، ومبارك بن نصر النصر، ومحمد بن جابر، ومحمد بن خلفان أبو خاطر، ومحمد بن سعيد آل غباش ودرس فيها لمدة أربع سنوات وهو من رأس الخيمة، والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومحمد بن عبد الرحيم الصديقي، ومحمد بن عبد الله بن عبد المحسن آل عبد القادر، ومحمد بن عبد الله بن عثيمين، ومحمد بن عبد الله المانع، ومحمد بن عبيد بن فايز، ومحمد بن علي الحويل من الكويت، والشيخ ناصر بن خالد آل ثاني، وغيرهم. ونكمل في الحلقة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ الحديث عن المدرسة الأثرية، ونبدؤها بذكر قصة دراسة الشيخ مبارك بن سيف الناخي فيها.

12043

| 22 يوليو 2014

رمضان 1435 alsharq
منح إمتياز التنقيب عن النفط في قطر خضع لشروط الشيخ عبد الله بن جاسم

كان لوجود النفط في قطر والمنطقة فرص ضئيلة ما لبثت أن تزايدت؛ حيث كانت جهود المنقبين في شمال غرب إيران قد نجحت بعد إخفاق متكرر وذلك سنة 1908م، ثم بعدها بعشرين سنة وإلى أن انتهت الحرب العالمية الأولى، تدفق النفط هادرًا من بابا غرغور بشمال العراق، فلم يعد ثمة شك في أن المنطقة في حوض الخليج خاصة تعيش على بحيرات من الذهب الأسود، ومع دخول الأمريكيين والفرنسيين إلى شركات النفط، قُرع ناقوس الخطر لدى البريطانيين؛ لما يعلمون من خبرة الأمريكان الطويلة في حقول البترول ببلادهم، والقوة المالية الضخمة لمجموعة شركاتهم، التي مكنت لشركة ستاندرد أويل أوف أميركا أن تنتزع امتياز بترول البحرين والسعودية من البريطانيين. ومن حسن حظ المستثمرين الأجانب أن تجيء اكتشافات النفط ومفاوضات الحصول على امتيازاته وسط الضائقة المالية الخانقة الناتجة عن بوار تجارة اللؤلؤ خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، مما حقق للشركات أفضل المكاسب للفوز بالامتيازات النفطية. نفط قطر والمباحثات حوله في سنة 1923م طلبت الشركة الشرقية رسميًا من المقيم البريطاني أن يسمح لمندوب عنها بزيارة قطر والتباحث في مسألة الحصول على امتياز للنفط فيها، ولكن الحكومة البريطانية التي لم تكن راضية عن هذه الشركة أجابت بالرفض وأن الوقت غير مناسب للدخول في مثل هذه المفاوضات، وكان ذلك في شهر شعبان سنة 1341هـ يوافقه 4 أبريل سنة 1923م، وكانت الشركة الإنجليزية الفارسية قد قدمت نفس الطلب ورُفض أيضًا. وبعد ذلك بسنتين تقريبًا أي في سنة 1342هـ يوافقه شهر أكتوبر سنة 1925م، عادت الشركة الإنجليزية الفارسية وتقدمت بطلب لإجراء مسح أولي للنفط في أراضي قطر. وبالفعل فقد قام وفد من الجيولوجيين وعلى رأسهم مهندس يدعى المستر ليس بجولة في أراضي قطر، قاموا بعدها بتقديم طلب إلى الشيخ عبد الله بأن يمنحهم مهلة قدرها ثمانية عشر شهرًا للقيام بدراساتهم والاتصال بالشيخ لتحديد موقفهم النهائي من طلب الامتياز، وتضمن هذا الطلب المقدم خطيًا في شهر شعبان سنة 1344هـ يوافقه 10 مارس سنة 1926م، ما يلي: ونحن الآن نلتمس من سعادتكم أن تتعهدوا لنا بأنكم لا تعطوا لأحد امتيازًا لحفر النفط من تاريخ هذه الرسالة إلى مدة ثمانية عشر شهرًا، وخلال هذه المدة ستجري مخاطبات بين شركتنا وبين جنابكم، وإن حصل الاتفاق أنتم على ما تريدون، والأمر لجنابكم، ودمتم. التوقيع عبد الله ويليمسون، وكذلك توقيع المهندس المذكور. وأكدت الشركة الإنجلو إيرانية عزمها على العمل الجاد في رسالة أخرى وجهتها للشيخ عبد الله في 9 أبريل من نفس السنة، تؤكد فيها أنه حالما ينتهي مهندسوها من أشغالهم في الدراسات والتحاليل فإنهم سيشرعون في المفاوضات الخاصة بالامتياز مع الشيخ. مسح شامل للإمكانيات البترولية وبالفعل فقد كانت التعليمات الصادرة لفنيي الشركة تقضي بإجراء مسح شامل للإمكانات البترولية ليس في شبه جزيرة قطر وحدها، ولكن في العديد من الجزر الواقعة بين قطر وأبو ظبي، وقد طرحت نتائج أعمال هذه البعثة الاستكشافية على سائر الدوائر المختصة في لندن وكان المفروض أن يتخذ القرار الحاسم في سنة 1346هـ يوافقه أغسطس 1927م، ولكن الأمر أجِّل لعدة أسباب من أهمها أن النتائج التي جاءت بها البعثة عن الإمكانات البترولية في قطر والجزر والمياه البحرية كانت إيجابية جدًا، بحيث بات على بريطانيا أن تتدبر أمورًا كثيرة منها أولاً حسم العلاقات مع السعودية في أمور حيوية، وذلك ما تم بالفعل في معاهدة جدة في سنة 1346هـ يوافقه شهر ديسمبر سنة 1927م، وإن لم تحسم المعاهدة كل شيء يتعلق بالحدود السعودية مع إمارات الخليج وترك ذلك لمحادثات وأبحاث أخرى لاحقة، وكذلك كان لزامًا وضع خطة لتقسيم الجزر في الخليج وترتيب سائر متعلقات العمل البترولي الكبير كالمواصلات من مطارات وموانئ وطرق وبريد وهاتف، فضلاً عن وضع التشريعات التي ستقتضيها الحاجة لضمان سهولة تدفق الفنيين الأجانب على يد شركات الامتياز إلى مواقع العمل. مواصلة المحاولات واصلت الشركة الشرقية محاولاتها في الحصول على امتياز نفط قطر، فأرسلت في شهر صفر سنة 1351هـ يوافقه 11 يونيو سنة 1932م مندوبًا عنها هو السيد حسين يتيم للتفاوض مع حاكم قطر، ولكن الشيخ عبد الله أحاله إلى الحكومة البريطانية التي انزعجت من هذه الزيارة لعلمها بما تقوم به الشركة الشرقية من تحويل امتيازاتها إلى الشركات الأمريكية. وإزاء ذلك قامت الحكومة البريطانية بالضغط على الشركة الإنجليزية الفارسية حتى تزيد من نشاطها في الكشف عن النفط في قطر ملوِّحة إلى خطورة أن يقع المحظور وتدخل أمريكا في الساحة النفطية القطرية كما حدث في مناطق أخرى من الخليج. وقد ورد في مذكرة سرية قدَّمها ممثل عن الأميرالية البحرية البريطانية يبدو أنها موجهة إلى وزارة المستعمرات: إن أركان الأميرالية وهم يستعرضون أهمية زيت الخليج ككل؛ ليرون أن من سوء الحظ أن تكون المصالح الأمريكية قد ضمنت لنفسها هذا المركز القوي كله في أطراف منطقة كانت عما قريب منطقة مؤَمَّنة لبريطانيا وحدها، كما أنها أي المصالح الأمريكية تسعى الآن لمد نفوذها إلى موقع هو أهم المناطق استراتيجية بالنسبة للمصالح البريطانية يعني قطر، ولذلك فهي توصي بعدم إهمال أية خطوة لازمة لمد نفوذ شركة البترول الإنجلو إيرانية إلى هذه البقعة العظيمة الأهمية. وفي 19 ربيع الآخر سنة 1351هـ يوافقه 20 أغسطس سنة 1932م توجه مندوب من الشركة الإنجلو إيرانية يدعى ميلز إلى قطر يرافقه الحاج عبد الله ويليمسن موظف الشركة المعروف يلتمس استئناف الأعمال الجيولوجية للشركة، وقد تقدم الوفد المذكور بطلب إعطائه تجديدًا للإذن السابق بالتنقيب عن الزيت متقدمًا بعرض باسم الشركة يتضمن: أولاً: أن تكون المدة الممنوحة للتنقيب لهم أو لأية شركة بريطانية تمثلهم سنتين لا يعطى خلالهما لغيرهم مثل ذلك الحق. وثانيًا: أن يتقدموا خلال فترة التمديد هذه بعرض للحصول على امتياز باحتكار استخراج موارد الزيت القطري خاضع لقبول الشيخ لشروط ذلك الامتياز، فإن فشلوا في تقديم مثل ذلك العرض منهم يتعهدوا بألَّا يُصار مطلقًا إلى قبول أي طلب مستجد منهم للإذن لهم بالمزيد من التنقيب أو محاولة الحصول على الامتياز، كما تعهدوا بدفع مبلغ ألف وخمسمائة روبية شهريًا لقطر خلال فترة سنتي التنقيب. وقد تم تقديم هذا العرض بتاريخ 24 ربيع الآخر سنة 1351هـ يوافقه 25 أغسطس 1932م. وقد وافق الشيخ عبد الله على هذا العرض مع تأكيد التحفظ على أنه سيكون له مطلق الحرية إذا لم تعجبه عروض الشركة بعد فترة السنتين بأن يمنح الامتياز لأي شاء. وبذلك حصر حق البحث الجيولوجي على الشركة الإنجلو إيرانية لمدة سنتين اعتبارًا من ربيع الآخر 1351هـ يوافقه أغسطس 1932م. وبعد توقيع الاتفاق الذي أبلغته الشركة إلى المقيم السياسي في أبو شهر وأطلعته على وثائقه، قام مندوب من الشركة الشرقية بزيارة لقطر للاطلاع على حقيقة ما جرى لدراسة الموقف بالنسبة للشركة بعد أن أفلت الزمام من يدها، فقدَّمت الحكومة الأمريكية استفسارًا للحكومة البريطانية عن أسلوبها في إحكام السيطرة البريطانية الكاملة على نفط قطر، مشيرة بذلك إلى إبعاد الشركة الشرقية عن الساحة القطرية، الأمر الذي يعني حرمان الشركات الأمريكية من الدخول في هذه الساحة عن طريق شراء الامتياز من هذه الشركة، وكان رد الحكومة البريطانية أنها رأت أن تركِّز حقوق الامتياز في قطر في أيدي الشركات البريطانية فقط؛ لأن ذلك سيكلفها مشقة إعادة النظر في ترتيبات البريد والرقابة البريطانية وحماية الرعايا الأجانب! ولإظهار أبهة بريطانيا وعظمتها، فقد طلب المعتمد السياسي في البحرين الكولونيل لوخ في سنة 1933م أن يقوم بزيارة لقطر وأن تكون زيارته على ظهر بارجة حربية وسط مظاهر رسمية، والهدف أن يوطِّد علاقاته مع الشيخ عبد الله، وأن يطلع على عمليات المسح الجيولوجي التي بدأت في قطر. والتي كانت الشركة قد تقدَّمت بطلب للسماح لها بإجرائها في شهر شعبان سنة 1351هـ يوافقه 3 ديسمبر 1932م، ويتكون الفريق المكلف بذلك من شخصين متخصصين في علم طبقات الأرض يصحبهما ويليمسن وبعض الخدم. وفي شهر شعبان 1351هـ يوافقه 17 ديسمبر 1932م تقدم المقيم السياسي في أبو شهر فاول بنفس الطلب، وقد أرسل إليه الشيخ عبد الله بن جاسم - رحمه الله - بالموافقة على بدء العمل في هذا المسح الجيولوجي، وأن يأتي فريق العمل المكلف بذلك. وكان المستر سامبسون ممثل شركة نقط العراق قد طلب من المقيم السياسي في الخليج أن يسمح له بزيارة قطر للاطلاع على سير الأعمال النفطية فيها، ولكن المقيم رفض هذا الطلب، وبناء عليه عقد اجتماع في لندن في وزارة المستعمرات البريطانية برئاسة أحد كبار موظفي الوزارة وهو المستر باركنسون. وحضر الاجتماع مسؤولون عن وزارة المستعمرات ووزارة الخارجية ودائرة النفط ووزارة شؤون الهند، وبُحثت في هذا الاجتماع السياسة النفطية في قطر بشكل عام، وقرر السماح للمستر سامبسون بزيارة قطر على اعتبار أن امتياز النفط الذي ستحصل عليه بريطانيا بعد التأكد من وجوده في قطر، سيؤول إلى شركة نفط العراق بناء على اتفاقية الخط الأحمر، وأُبرق إلى المقيم السياسي في الخليج بذلك، وقام بدوره بالسماح للمستر سامبسون بزيارة قطر حاملاً معه مشروعًا للمفاوضات لشيخ قطر حول النفط. وحول هذا المشروع أخذت الحكومة البريطانية تبدي بعض الملاحظات انطلاقًا من حرصها على أن تكون ذات سيطرة مطلقة على النفط في قطر. وقد بعث الكولونيل لوخ برسالة لشيخ قطر يذكر فيها أن بريطانيا لديها بعض الملاحظات حول هذا المشروع وذلك في شهر جمادى الآخرة سنة 1352هـ يوافقه 4 أكتوبر سنة 1933م، وجاء التحرك البريطاني هذا ردًا على التلميح الفرنسي بأن يكون لفرنسا نصيب في نفط قطر لكونها أي فرنسا تملك قسمًا من شركة نفط العراق، ولكن بريطانيا ردت بأن ذلك لا يمكن، فظروف معاهدة النفط في العراق كانت تختلف عنها في قطر. الرد على الرسالة وفي شهر جمادى الآخرة سنة 1352هـ يوافقه 11 أكتوبر 1933م رد الشيخ عبد الله بن جاسم على رسالة الكولونيل لوخ ذاكرًا بأنه سيبحث في الاتفاقية التي يحملها المستر سامبسون وما يتفق ومصالح قطر، وقد أثار هذا الرد حفيظة الكولونيل لوخ الاستعمارية وبعث إليه رسالة في شهر رجب يوافقه 29 أكتوبر من نفس العام مدعيًا فيها بأن ذلك لا يعفي الشيخ من التزاماته في اتفاقية 1916م، وخاصة المادة الخامسة منها، وأرسل الشيخ عبد الله رسالة أخرى في شهر رجب 1352هـ يوافقه 6 نوفمبر 1933م إلى المقيم السياسي البريطاني في أبو شهر الكولونيل فاول، ذكر فيها أن لوخ لم يذكر ما هي الملاحظات التي لديه حول الاتفاقية، وأنه وإن واصل مباحثاته مع الشركة البريطانية الفارسية، فإن ذلك لا يعني تنصله من التزاماته نحو بريطانيا، ثم إنه لم يصل بعد إلى اتفاق نهائي حول هذا الموضوع، كما ذكر في رسالته بأن أسلوب لوخ كان غامضًا ويحمل في طياته روح الإنذار. وكان مفاوض الشركة الإنجليزية الفارسية مع الشيخ عبد الله هو المستر تشيشولم الذي ذكر للشيخ عبد الله بناء على استفسار منه، أن مفاوضاته تكون مع الشركة مباشرة وبعد ذلك تصدق عليها الحكومة البريطانية، وقد أبدى الشيخ عبد الله أثناء هذه المفاوضات ثلاث ملاحظات رغب في الحصول على إيضاحات لها: 1 — عند بدء أعمال الشركة ستحتاج إلى حماية وإلى سلاح فهل ستؤمن الشركة السلاح للشيخ؟ 2 — طلب الشيخ عبد الله أن تكون الاتفاقية الأصلية باللغة العربية؛ لأن جميع الاتفاقيات هي بهذه اللغة الرسمية والمعترف بها. 3 — طلب الشيخ عبد الله أن تخضع الشركة لرغبته عندما يرى الاستغناء عن أي موظف يعمل بالشركة ولا يرغب في وجوده، كما طلب أن يكون النظر من قِبله هو في جميع الخلافات التي تنشب بين العاملين في الشركة ورعاياه. بعث المستر تشيشولم بهذه الملاحظات إلى المقيم السياسي في أبو شهر وطلب الرد عليها مبينًا أن الشركة ترغب في الاستجابة لهذه الطلبات إذا كانت لا تتنافى مع روح الاتفاقيات بين الحكومة البريطانية وشيخ قطر. وجاء الرد من المقيم عن طريق المدير العام للشركة الإنجليزية الفارسية في عبدان المستر الكنجتون. 1 — بموجب المادة الحادية عشرة من مسودة الامتياز، فإن مسؤولية حماية الشركة تقع على عاتق الشيخ، وأنه من غير المرغوب فيه تزويد الشيخ بالسلاح والذخيرة لأن الشيخ يستطيع في أي وقت أن يشتري السلاح من الهند أو من أي مكان آخر بموجب كتاب عدم اعتراض يصدر من المقيم. 2 — حسب معرفة المقيم فالمعاهدات مع شيخ قطر وشيوخ الخليج لم تحرر إلا باللغة العربية وطالما أنه من الممكن تحرير نص دقيق وحذر للغاية باللغة العربية فليس هنا أي مجال لقيام مشكلات أو صعاب في هذا الخصوص. 3 — أما فيما يتعلق بشؤون القضاء بين الرعايا المحليين والأجانب فسوف يرفع الأمر إلى الحكومة البريطانية لأخذ الرأي ثم يخبر الشركة بالرد. وقد سمى الكولونيل فاول ملاحظات الشيخ عبد الله باسم: النقاط الغريبة، عندما رفعها إلى حكومته للاستفسار في شهر شعبان 1352هـ يوافقه 4 ديسمبر 1933م. وذكر في مذكرته أن رغبة الشيخ في أن يكون له حق الاستغناء عن أي موظف لا يرغب بوجوده في الشركة هي أمر يسير، فإن كان هذا الشخص مواطنًا فأمره راجع للشيخ، وإذا كان أجنبيًا فيمكن نقله إلى أي موقع تعمل فيه الشركة أو الاستغناء عن خدماته. واقترح بالنسبة للنقطة الثالثة أن يكون رد الحكومة البريطانية مرتكزًا على أن النزاع الذي ينشب، ومن النوع الذي يفكر فيه الشيخ، فإنه يُحال إليه ويُتشاور في أمر حَلِّه مع ممثل الشركة المحلي، وأن يتم ذلك بطريقة غير رسمية، وفي حالة فشل هذا الإجراء إذا ما كان النزاع خطيرًا فإنه يُحال إلى محكمة مشتركة تتكون من الشيخ والمعتمد البريطاني في البحرين. ونكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى مباحثات الشيخ عبد الله مع البريطانيين حول نفط قطر.

9952

| 14 يوليو 2014

رمضان 1435 alsharq
الشيخ عبدالله بن جاسم يساند حريات الأمم والشعوب

استكمالا لمسيرة الشيخ جاسم بن عبدالله آل ثاني ملاحظات عامة على المعاهدة والسياق التاريخي: هذا السياق التاريخي الذي مرَّ معنا هو ما يذكر في أكثر الكتب التي تناولت الموضوع، وهو سياق للمعاهدة والتاريخ من وجهة النظر البريطانية التي استقى منها الكُتَّاب هذه الأحداث التاريخية، إضافة إلى ميول كل منهم وانطلاقاته ومواقفه، وإذا نظرنا إلى هذه الأحداث نستطيع ملاحظة أمور واستشفاف أخرى وكذلك فهم بعض الإشكالات، ومنها: 1 — اضطرار الشيخ لتوقيع المعاهدة مع بريطانيا بعد خروج العثمانيين، وقد كانت قطر هي الدولة الوحيدة التي لم توقع هذه المعاهدة بخلاف جميع الإمارات التي حولها، فكسبت بذلك صداقة بريطانيا وأمَّنت نفسها من عدائها، وكذلك كسبت حماية الحدود القطرية من أي اعتداء خارجي، وقد نصت المعاهدة على ذلك في المادة الحادية عشرة؛ حيث تنص على أنه: وهم أي البريطانيين يتعهدون أيضًا بمنحي أي شيخ قطر معاونة فيما إذا هوجمت أنا ورعاياي داخل قطر، وأنه لمن المفهوم بشكل كامل أن هذا الالتزام يترتب على الحكومة البريطانية فقط في الحالة التي لا ينتج فيها عمل استفزازي، سواء كان برًا أو بحرًا، بسبب عمل أو هجوم أقوم به أو يقوم به أحد رعاياي ضد الآخرين. وهذه المعاهدة هي أول معاهدة تتجاوز الخط التقليدي لمعاهدات الهدنة، فهي تنص على التزام الجانب البريطاني بضمان سلامة قطر. بنود الهدنة 2 — فرض الشيخ رأيه في بنود المعاهدة بخلاف الإمارات المجاورة، فاعترض على ثلاثة بنود كما مر معنا، فتم الاتفاق على وقف العمل بها، مما أدى إلى قبوله للانضمام إلى المعاهدة، التي أتت مع قناعات الشيخ عبد الله الدينية ولم تتعارض مع نفوذه وسلطته على أرضه، وضمنت له في نفس الوقت عدم اعتراض فئات المجتمع المختلفة، لعدم تفعيل البند الخاص بوجود المعتمد البريطاني في قطر، مما أدى إلى عدم وجود الأجانب في المجتمع القطري. 3 — تملص الجانب البريطاني من بنود في المعاهدة كبند تزويد السلاح وحماية كافة الأراضي القطرية، مما أدخل الشيخ عبد الله معها في مناورات سياسية. 4 — استطاع الشيخ عبد الله استغلال تناقض مصالح شركات النفط البريطانية والأمريكية لتحقيق مكاسب وإلزام الجانب البريطاني بتعهداته بشكل أوضح. 5 — استطاع الشيخ عبد الله الضغط على الجانب البريطاني بتهويل احتمال وقوع مشكلة داخلية أو اعتداء وتحريض من الجانب السعودي. 6 — التوتر القطري السعودي الذي يظهر في الوثائق البريطانية، والتهديدات من الجانب السعودي، وغيرها من الشائعات والتخمينات التي توردها الوثائق البريطانية، ويركز عليها الكثير ممن يسوق التاريخ لهذه الفترة، وقد سردناه سابقًا، وسنورده في قضية الحدود، وذلك لإطلاع القارئ الكريم عليها، ومعرفة المنظور البريطاني والذي دُوِّن في الوثائق بخلاف وجهات النظر القطرية والسعودية والتي نلمسها في القليل من الكتب، وتظهر جليَّة في المراسلات، والتاريخ الشفهي الموروث عن تلك الفترة، وبعض الوثائق البريطانية وقد مر معنا جانب منها، والتي تبين احتمال المبالغة وعدم الصدق في الكثير من هذه الأمور، ومن وجهة نظري التي تكونت بعد قراءة الوثائق البريطانية والاطلاع على مراسلات الجانبين، وما يتناقله أبناء وأحفاد تلك الفترة، أن العلاقات بين البلدين كانت من أحسن العلاقات؛ حيث كانت هناك علاقة أخوة تربط بينهما، وكان الملك عبد العزيز وأبناؤه يحتفون بالشيخ عبد الله كلما زار السعودية احتفاءً كبيرًا، وانظر ما مر معنا من رحلات الشيخ عبد الله رحمه الله للسعودية، وكذلك كانت المراسلات بينهما وبين الشيخ عبد الله وابن جلوي تدل على صفاء الود، والمحبة التي كانت تجمع بينهما، وأكثر من ذلك أن الشيخ خليفة بن جاسم كان قد أبدى نوعًا من التذمر؛ حيث كانت البلاد تعيش فترة من التقشف بسبب الظروف الاقتصادية والتي سنذكر تفاصيلها في الكتاب، وكثر الحديث عن هذا الأمر في الوثائق البريطانية، وأنه يُدعم من الملك عبد العزيز وما إلى ذلك، وقد حدثني الشيخ حمد بن خالد بن ثاني بن جاسم، أن الشيخ عبد الله أرسل للملك عبد العزيز يذكر له هذا الموضوع، فأرسل الملك عبد العزيز رسالة للشيخ خليفة يعاتبه فيها على ذلك، ويطلب منه طاعة الشيخ عبد الله وعدم مخالفته، وأنه لا يرضى بذلك، وقد كانت الرسالة عند جده الشيخ ثاني بن جاسم شقيق الشيخ خليفة، ويظهر من ذلك كذب هذه الدعاوى والشائعات، ونستطيع القول ان الشيخ عبد الله رحمه الله استفاد من هذه الشائعات بأعلى درجة من الذكاء، وذلك أن الحكومة البريطانية كانت تخشى ذهاب امتياز النفط إلى الشركة الأمريكية والتي أخذت هذا الامتياز من الملك عبد العزيز، ولا أستبعد صحة أن الملك عبد العزيز نصح الشيخ عبد الله بالتعاقد مع هذه الشركة، وذلك لارتفاع العرض الذي تقدمه عن الشركة البريطانية، وكذلك لمصلحة الملك عبد العزيز من ناحية الحدود مع قطر، وكان الشيخ عبد الله يعلم أن هذا الأمر قد يوقعه في أمرين: الأول: مشكلة مع الجانب البريطاني، وخاصة أنه قد وقع معه معاهدة. الثاني: تقوية الرأي السعودي في مسألة الحدود التي ستنشأ من التنازع على مناطق الامتياز. ومن ناحية أخرى يرغب في التزام الجانب البريطاني التزامًا جادًا بحماية الأراضي القطرية من أي اعتداء قد يحدث، وهذا الاعتداء لا يلزم منه اعتداء من جانب الملك عبدالعزيز، وإنما من قِوى قد تنشق عنه، وموافقتها على استتباب الوضع الداخلي بتسمية الشيخ حمد بن عبد الله رحمه الله وليًا للعهد، والذي كان الساعد الأيمن لوالده، وزيادة العرض المقدم من الجانب البريطاني في مقابل منح الامتياز له. وقد استطاع الشيخ عبد الله بذكائه أن يحصل على جميع مراده، فأعطى الشركة البريطانية الامتياز، وحصل على ما طلب، وبقيت علاقاته مع أخيه الملك عبد العزيز والسعودية على أوفق ما يرام. تولية الشيخ حمد بن عبد الله لولاية العهد اختار الشيخ عبد الله بن جاسم رحمه الله ابنه الشيخ "حمد" لولاية العهد لما خاله فيه من علائم النجابة والرئاسة، ولما رأى فيه من الاقتدار السياسي وما تميز به من رجاحة الرأي ومضاء العزم؛ حتى أصبح الساعد الأيمن لأبيه، ووكَّل إليه تسيير أمور الدولة، والشيخ حمد أوسط أبناء الشيخ عبد الله الثلاثة: الشيخ علي والشيخ حسن، وهو يصغر أخاه الأكبر الشيخ عليًا بسنتين، وكان الشيخ علي منصرفًا عن السياسة إلى مدارسة كتب العلم والأدب إضافة إلى التجارة، فلهذا وقع اختيار الشيخ عبد الله على ولده الشيخ حمد، يقول محمد شريف الشيباني: تناول المرحوم الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني مسؤوليات الحكم في أيام أبيه الشيخ عبد الله بن قاسم، الذي أنابه عنه، وقد بزغ نجمه وأظهر من اللياقة واللباقة ما يعجز عنه وصف الواصفين. وكان رحمه الله أهلاً لوضع الثقة فيه كما دلَّت مجريات التاريخ، وكان شهمًا غيورًا محبوبًا لدى الرعية، مهابًا عندهم، وسخيًا كريمًا يتفقَّد رعاياه ويحنو على الصغير، ويعطف على الكبير. ويقول جورج رنس: فبدأ أي الشيخ عبد الله حوالي عام 1349هـ يوافقه 1930م يحيل إلى ابنه الثاني حمد شطرًا كبيرًا مطردًا من تبعاته، ويبدو أن مؤهلات حمد في الشؤون الإدارية ميَّزته على أخيه الأكبر علي، وحمد هو الذي يمثل الحاكم في علاقاته مع شركة استثمار البترول (قطر) حتى وفاته في عام 1367هـ يوافقه 1948م. ويقول الجيولوجي بي. تي. كوكس: وحكم الشيخ أي الشيخ عبد الله حكما مطلقا، ويساعده ابنه الثاني حمد وهو ولي عهده، أما ابنه الأكبر علي؛ فهو يشتغل بالتجارة على حسابه، وليست له أية مطامح في الحكم. وقد كان الشيخ حمد رحمه الله قائمًا بأعباء الحكم في أيام والده، لما يتميز به من حصافة وحزم وعزم، وقد تم تعيينه رسميًا وليًا للعهد سنة 1354هـ يوافقه 1935م. وكان ينوب عن والده في الكثير من الأمور، ويستقبل الوفود السياسية والتجارية، ويفاوض البريطانيين، ويصرِّف الكثير من الأمور الداخلية، وكان ضمن مجلس الحرب الذي عُقد لحرب الزبارة، ومكلفًا مع عمه الشيخ علي بن جاسم لمفاوضة الجانب البحريني لحل الأزمة. وكان دائم الزيارة والمتابعة لمواقع التنقيب عن البترول، مستبشرًا خيرًا بخروج النفط بكميات تجارية، وما ينتظر قطر من تطور وتقدم. وقد هنأه الشاعر الشيخ عبد الله بن صالح الخليفي رحمه الله بهذه المناسبة، بقصيدة يقول فيها: طلع السعد بسعد وانفرد بولاء العهد للشيخ حمد خير يوم طلعت شمس به أشرق الجو بهاءً وسعد كيف لا والشيخ في دست العلا ومحل المجد والملك قعد قلت يا نفس سرورًا ورضًا بالمرجى للمعالي والمعد إنه كافي كفاة لم يكن يكفها أمثاله قط أبد قضايا ومواقف للشيخ عبد الله بن جاسم رحمه الله مواقف سياسية كثيرة تبين حنكته وخبرته، وقوة موقفه وعدم رضوخه للضغوطات، ومن ذلك: مواقفه من السياسات البريطانية: يتضح للناظر في سيرة الشيخ عبد الله بن جاسم رحمه الله اهتمامه البالغ بمصلحة وطنه وشعبه، وذلك من أول مفاوضاته مع البريطانيين؛ حيث كانت قطر الدولة الوحيدة الخارجة عن ما اصطلح عليه بالساحل المهادن، وأول ما تولى الحكم كان عليه أن يواجه الأطماع البريطانية، وكان أول احتكاك مباشر مع البريطانيين حين رفض في أوائل سبتمبر 1913م أن يبيعهم جزيرة في مواجهة ساحل قطر بمبلغ 75000 روبية، واحتج الشيخ عبدالله بأن الجزيرة تابعة للعثمانيين، واحتج البريطانيون للشيخ بأنهم سيضمنون له موافقة الدولة العثمانية على هذا الأمر، فعاد واحتج عليهم بأن ابن سعود سيعارض الأمر، فأخطروه بضمانهم بأن ابن سعود لن يتدخل في أي شأن من شؤون قطر الداخلية، فرفض الشيخ حينئذ أن يبيع أرضه، وكان رفضه صريحًا بعد أن لم يجد حجة يتذرع بها. كما لم يرض الشيخ بوجود علم بريطاني على أرضه، وتفيد التقارير الراجعة إلى 7 ذي القعدة 1331هـ يوافقه 7 أكتوبر 1913م بأن الشيخ عبد الله قد كتب إلى والي البصرة يطلب إليه عدم ترك قطر في مواجهة البريطانيين، ورد الوالي العثماني بأنهم قد تخلوا عن قطر بموجب الاتفاق، ولم يرض الشيخ عبد الله رحمه الله هذا الرد، ولكنه لم يكن يدري ماذا يفعل إزاء التسلط البريطاني والعجز العثماني، فاضطر الشيخ عبد الله للدخول في معاهدة مع البريطانيين بعد خروج العثمانيين. وقد مر معنا تفصيل هذه المفاوضات والمواقف المشرِّفة التي وقفها الشيخ عبد الله رحمه الله مما يدل على سمو نفسه، وعزَّته بدينه وهويَّته، وخبرته وحنكته السياسية، ونحن هنا نشير إشارات، ونضيء إضاءات على بعضها؛ لنلفت إليها نظر القارئ، ومن ذلك أن المقيم السياسي البريطاني كوكس فضل البدء في المفاوضات عن طريق جراي وكيل المعتمد السياسي البريطاني في الكويت الذي قام بزيارة الشيخ عبد الله في الدوحة ومعه كنيز المعتمد في البحرين الذي كان تولى استلام مواقع الأتراك الخالية منهم غداة ارتحلوا عن قطر. وكان ظن كوكس أن يتمم جراي عقد المعاهدة ويعود بنسختها منتهية، لكن جراي سرعان ما أدرك أن النقاط التي شدد عليها كوكس لصيغة المعاهدة هي نفسها النقاط التي أصر الشيخ عبد الله على التحفظ عليها؛ لذلك عاد المفاوضان البريطانيان دون إبرام أي شيء، وقد كتب إلى رئيسه إذ ذاك يقول: لقد لقيت رجلاً يفضل أن يسمع مني ما نريده نحن منه، رحت أقرأ عليه نص المسودة المقترحة للمعاهدة لدى رده الزيارة لنا على ظهر السفينة لورنس، فلما وصلت إلى المواد التي نبهتني للاهتمام بها وتأكيدها بدا على وجه الشيخ أمارات عدم الارتياح، ثم بدأ نقاشًا في كل واحدة منها. كانت النقاط هي موضوع التعامل بالسلاح، فبينت له أننا نسمح له بالكميات التي تلزمه لاستخدامه الخاص ولكن تجارة السلاح غير مسموح بها، ولم يتسرع الرجل بالالتزام بشيء، لكن الموضوع الذي كان الشيخ فيه واضحًا هو موضوع الرعايا الأجانب، فإن شعب بلاده يكرهون هؤلاء التجار الأجانب، وهو لا يستطيع أن يضمن سلامتهم بحال من الأحوال، كما أنه اعترض أيضًا على مجيء وكيل سياسي بريطاني. ولم يثر الشيخ إطلاقًا أية نقطة أو يلمح من قريب أو بعيد إلى أية مساعدات مالية منا. وبتلك الكيفية فقد عاد جراي دون أن يقدم للشيخ المبلغ الذي جاء به ليدفعه له، كما لم يحصل على موافقة أو توقيع على النص الذي جاء به، ومع ذلك فقد أحس باحترام خاص للشيخ. وواصل الشيخ الإصرار في مفاوضاته معهم على تعطيل بعض البنود التي اعترض عليها، وكان هذا موقفًا مشرفًا تميز به الشيخ عبد الله، ولم يكن له مثيل في الإمارات المجاورة. يقول أحمد العناني: وعندما تولى الشيخ عبد الله حكم البلاد واجه واقعًا لا يترك كبير مجال للتحرك الحر لصالح البلاد، فقد تمت هيمنة الإنجليز على سائر حوض الخليج بكامله، تربطهم بإماراته معاهدات مانعة مفروضة بالقوة القاهرة على كل جزء فيه، ومع ذلك فإنه حين تنشر سائر الوثائق المتعلقة بفترة حكمه سوف تتضح للعيان مجهودات رجل مؤمن يعمل بحكمة وشجاعة نادرتين تحت أقسى الظروف لتحقيق أفضل ما يمكن من الخير، ودفع أكبر ما تدفعه الطاقة القصوى من الشر، فقد واجه تدخل الإنجليز المباشر في شؤون البلاد، وتحركاتهم لقضايا قديمة منتهية للتذرع بها في مواصلة الضغط على الرجل الذي تمكن من مواصلة الرفض العنيد لتطبيق العديد من البنود المجحفة جدًا من معاهدة 1916م . وقد مر معنا وهو يرسل إلى فاول رئيس الخليج فيقول: وزيادة على ذلك نخبر فخامتكم أن الذي بيننا وبين جلالة الملك ابن سعود هي علاقات ودٍّ وصداقة قديمة، وهي صداقة لا تمس بشيء من استقلالنا ولا تتعرض لشؤوننا ونفوذنا ولا تؤثر على علاقتنا مع الحكومة البريطانية المعظمة، وليس من حقكم أن تعترضوا عليها، كما أننا واثقون بأننا لم نعمل ما من شأنه أن يخل بالمعاهدة أو يمس بجوهرها، ونرى من الصالح واللازم أن تبقى صداقتنا مع جلالة الملك ابن سعود حسنة، أما الحماية التي أشار إليها فخامتكم فإننا نقدرها حق قدرها ونشكر الحكومة البريطانية المعظمة على حسن اهتمامها، ونؤجل كل شيء إلى وقته. وما أشار إليه فخامتكم في خصوص حق الكشف والامتياز، فقد أوضحنا لفخامتكم فكرنا في كتابنا السابق تاريخ 19 ذي الحجة 1352هـ من أننا لا نعمل إلا ما نراه حقًا لنا يقضي به الواجب وتقتضيه حقوق الأمم وحريات الشعوب، وقد ألفتنا نظر فخامتكم إلى ما جرى في الجهات الأخرى، وموقف الحكومة البريطانية المعظمة في تلك الجهات، ونأمل أن تعيروا ما ذكرناه جانب اهتمامكم. وتظهر في هذه الرسالة قوة اعتزازه رحمه الله بالحق، وعدم رضوخه لأي أمر يخالف مصلحة بلاده وشعبه. ونكمل حديثنا عن مواقفه السياسية مع البريطانيين في الحلقة القادمة، إن شاء الله تعالى.

2825

| 10 يوليو 2014

رمضان 1435 alsharq
الشيخ عبد الله بن جاسم يرفض التنازل عن حقه في القضاء (12)

من سيرة الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني استكمالاً لحديثنا في الحلقة الماضية عن العامل الجديد الذي طرأ، وهو أن شركة النفط الفارسية البريطانية طلبت الحصول على حق التنقيب عن البترول في قطر، فاشترط الشيخ لتوقيع الاتفاق أن يحصل على حماية مماثلة لما حصلت عليه الكويت والبحرين. فقد حدث أن تقدمت شركة البترول الفارسية الإنجليزية سنة 1932م بتأييد من الحكومة البريطانية بطلب إلى الشيخ عبد الله لإجراء مفاوضات من أجل الحصول على امتياز للنفط يقضي بأن تحول هذه الشركة الامتياز في حالة الحصول عليه إلى شركة نفط العراق، وذلك طبقًا لاتفاق جماعي مبرم بين هذه الشركة والشركة الفارسية الإنجليزية، وجرت المفاوضات بالفعل ولكن الشيخ عبد الله اتخذ منها موقفًا مراوغًا تجاه السلطات السياسية البريطانية في الخليج العربي. وكان الشيخ عبد الله راغبًا في منح الشركة حق الامتياز، ولكنه طلب أن يكون مسؤولاً عن النظر في المسائل القانونية التي تنشأ بين رعاياه وبين موظفي الشركة، كما طلب أن تلتزم الشركة بتزويده بالسلاح لحماية أعمالها. وقد اعتبرت الحكومة البريطانية هذا الطلب الأخير منافيًا للمادة الثالثة من معاهدة 1916م المبرمة بين بريطانيا وقطر، والتي تمنع استيراد الأسلحة إلا عن طريق الحكومة البريطانية، كذلك طلب الشيخ أثناء المفاوضات أن تُحلَّ المنازعات بينه وبين الشركة عن طريق هيئة دولية للتحكيم، مثل محكمة العدل الدولية الدائمة في لاهاي، وأبدى تخوفه من حل المسائل القانونية بواسطة المقيم السياسي. وفي أواخر سنة 1933م كانت البوادر تشير إلى أن حصول الشركة على الامتياز أصبح وشيكًا، ولكن كانت هناك عدة مشكلات أثارها الشيخ عبد الله يمكن تلخيصها فيما يلي: 1 — تحديد العلاقات السياسية بين بريطانيا وقطر. 2 — المطالبة بتنفيذ المواد المعلقة في اتفاقية 1916م، وهي المواد السابق الإشارة إليها. 3 — مطالبة بريطانيا بوضع اتفاقية قضائية لتنظيم أمور القضاء كما هو الحال في الكويت والبحرين، بحيث يترتب عليها نقل السلطة القضائية المتعلقة بالأجانب في قطر إلى الحكومة البريطانية، وفي مواجهة هذا الطلب، كان الشيخ عبد الله يرفض التنازل عن حقوقه في أي أمر من أمور القضاء، بينما استبدت بالجانب البريطاني المخاوف لتوقع تزايد تدفق الأجانب على قطر في المستقبل مع بدء عمليات النفط، مما سينجم عنه حتمًا كثير من المشاكل التي لا قبل للشيخ عبد الله بحلِّها. وفي 15 ديسمبر 1933م طرحت الحكومة البريطانية مسألة أهمية تعيين معتمد سياسي في قطر على النحو الوارد في المادة الثامنة المعلقة من اتفاقية 1916م، رغم أن قطر كما ترى بريطانيا ليست ذات جاذبية بالنسبة للفرد الأوروبي ولم يدخلها أي أوروبي غير الرحالة العابرين، ثم إن مدينة الدوحة وهي العاصمة، مدينة صغيرة بالنسبة للكويت والبحرين لم يتجاوز تعدادها في عام 1917م اثني عشر ألف نسمة، والمظاهر الحضارية معدومة فيها إذا قورنت بمدن أخرى، ورغم كل ذلك فقد انبثقت الفكرة القائلة بضرورة تعيين معتمد بريطاني، بسبب ما كانت قطر مقدمة عليه من حركة شاملة عند بدء التنقيب عن النفط واستغلاله، وإقامة المنشآت والمباني، كما أن جذب عدد كبير من الموظفين من مختلف الجنسيات للعمل في قطر يحتاج إلى وجود معتمد سياسي لممارسة السلطة القضائية وليكون بمثابة الواسطة كما هو الحال في البحرين للمراسلة بين شيخ قطر والشركة في حالة بدء مفاوضات امتياز النفط، وكان الأمر يحتاج في رأي الحكومة البريطانية إلى ضغط شديد على شيخ قطر حتى يوافق على هذا التعيين. وواجهت السياسة البريطانية في منطقة الخليج في هذه الفترة ما عُرف بحرب النفط، وهي المنافسة التي قامت بين الحكومة البريطانية والمصالح الأمريكية في هذا المجال، وكانت المصالح الأمريكية تحظى بالدعم والتأييد من جانب حكومة واشنطن. ولكن ما تهمنا الإشارة إليه هنا، هو أن وزارة الخارجية البريطانية أفصحت مرارًا وتكرارًا عن رغبتها في التصدي لهذه المسألة البالغة الحساسية في هذا الجزء من العالم على النحو الذي يتجنب نشوب حرب نفطية مع المصالح الأمريكية، وقد اتبعت الحكومة البريطانية سياسة الباب المفتوح قدر المستطاع، بينما كان من رأي حكومة الهند بذل كل جهد ممكن حتى يأتي أي تطور في المنطقة خاضعًا للسيطرة البريطانية إلى أقصى حد ممكن، وفي حالة البحرين مثلاً، تم التوصل أخيرًا إلى تسوية تبدو للوهلة الأولى وكأنها مرضية، ولكنها ليست التسوية المثالية بالنسبة لبريطانيا؛ لأنها قدمت للمصالح الأمريكية بعض الضمانات فيما يتعلق باستخدام الموظفين الإنجليز وما إلى ذلك، وكان الوضع في الكويت آنذاك أي في أواخر سنة 1933م مفتوحًا تمامًا، وفي انتظار البحث من جديد في المستقبل القريب. أما في قطر فقد كان من المسلَّم به أنه إذا فازت الشركة الإنجليزية الفارسية بالامتياز فسوف تحيله إلى شركة نفط العراق، وهي شركة عالمية تضم عناصر بريطانية ضئيلة نسبيًا، وحتى هذا الحين لم يكن قد تم التوصل بعد إلى تحديد الشروط المتعلقة بالتمثيل والسيطرة التي تشترطها الحكومة البريطانية للموافقة على الامتياز. وكانت السياسة البريطانية ترمي إلى إغلاق الساحل المتصالح في وجه جميع صائدي الامتيازات النفطية، بريطانيين كانوا أو أجانب، وذلك بحجة الطبيعة المتخلفة للمنطقة، ونظرًا للمخاطر التي قد تنجم عنها، ونتيجة لهذا الموقف لم تبد أي شركة اهتمامًا بنفط مسقط مثلاً لسنوات عديدة. ولكن هذا المنحى الذي ذهبت إليه السياسة البريطانية لا يعني أنها تخلت عن سياسة الباب المفتوح، فقد كان من العسير عليها أن تتخلى عنها نظرًا لصعوبة معيشة الأجانب ما عدا الآسيويين على الساحل المتصالح، كما أن المناطق الصحراوية الداخلية تشكل خطرًا حقيقيًا على أي شركة للنفط ما لم تقدم لها الحكومة البريطانية الحماية عن طريق التسهيلات الجوية ورصف الطرق وتقوية الحاميات. وطرحت الحكومة البريطانية فكرة عقد اتفاقية: الأولى حول المسائل التجارية، وتعقد بين الشركة وشيخ قطر، والأخرى سياسية وتعقد بين الشركة والحكومة البريطانية على أساس الاحتفاظ بالطابع البريطاني للشركة العاملة في قطر، كما اشترطت الحكومة البريطانية موافقتها على ما يعقد بين الشركة والشيخ من اتفاقات حتى تكون سارية المفعول عن طريق توجيه رسالة تنص على هذا المعنى وتحدد مسائل القضاء والإدارة... إلخ. ونتيجة لأعمال المسح الجيولوجي لشبه جزيرة قطر ورسم الخريطة الجيولوجية لها وهي العملية التي قام بها فريق من جيولوجيي شركة النفط الإنجليزية الفارسية ظهرت مشكلة الحدود القطرية السعودية، وسوف نتناول هذا الأمر في مبحث مستقل. والذي يهمنا أنه ما أن ظهرت هذه المشكلة، وتبين خطرها على المصالح البريطانية حتى اتجهت إلى تغيير سياستها، وإعلان منح قطر الحماية إذا وافق الشيخ عبد الله على منح الامتياز لشركة النفط الإنجليزية الفارسية، كما حذرت السلطات البريطانية الشيخ من الاتصال بابن سعود؛ لأن ذلك يخالف المادة الرابعة من معاهدة سنة 1916م، والمادة السادسة من معاهدة جدة المبرمة في سنة 1927م، وأثارت المخاوف من أن ابن سعود إذ يقدم على دعم شركة النفط الأمريكية فهو إنما يسعى لبسط سيطرته على قطر نفسها. وراحت الحكومة البريطانية تدرس مسألة التعجيل بإعلان الحماية على قطر ضد أي عدوان من البر، والتقت وجهات نظر المقيم وحكومة الهند مع رأي وزارة الطيران في ضرورة إعلان الحماية على قطر، مع الاقتناع بأن هذا الإعلان لن تترتَّب عليه أية صعوبات، بل وتعتبر الحماية تأكيدًا جوهريًا من جانب الحكومة البريطانية لإقناع شيخ قطر بمنح الامتياز لشركة النفط البريطانية الفارسية. وفي الفترة من 16 — 18 أبريل سنة 1935م زار المقيم البريطاني قطر؛ حيث أجرى مفاوضات مع الشيخ عبد الله حول الأسس التي ستقوم عليها معاهدة الحماية، واقترح عليه في 17 أبريل ما يلي: 1 — يتم النظر في المنازعات التي تنشأ بين الرعايا البريطانيين، والرعايا تحت الحماية البريطانية، ورعايا الدول الأجنبية غير المسلمة، بواسطة أقرب موظف في الحكومة البريطانية، أي المعتمد السياسي في البحرين أو ممثِّله. 2 — يتم النظر في المنازعات بين الرعايا البريطانيين، ورعايا المحميات البريطانية، ورعايا الدول الأجنبية غير المسلمة وبين رعايا قطر، أو رعايا الدول الأجنبية الإسلامية بواسطة محكمة مشتركة من شيوخ قطر، والمعتمد السياسي في البحرين، أو من ممثلين لشيخ قطر وللمعتمد السياسي في البحرين. وقد رد الشيخ عبد الله على ذلك بالموافقة في رسالة في نفس التاريخ، وأضاف تحديدًا لمكان المحكمة المشتركة بأن تكون في مدينة الدوحة، وأما بالنسبة لرعايا الأقطار المسلمة، فقد أعلن أنه مع موافقته على مبدأ حل المنازعات معهم أمام المحكمة المشتركة، فإنه لا يعتبر نفسه مسؤولاً أمام حكوماتهم إذا ما اعترضت على حكم المحكمة، وختم الشيخ عبد الله رسالته بطلب التزام الحكومة البريطانية بتقديم كامل دعمها له ولولي عهده نجله الشيخ حمد، وبأن تعترف به وليًا للعهد، وأن تؤيده عندما يخلفه. كما وجَّه الشيخ رسالة للمقيم بنفس تاريخ الرسالة الأولى يطلب فيها توضيح نوع الحماية المقترح تقديمها له بالنسبة للبر. وحدد وزير الدولة لشؤون الهند الشكل العام للحماية في برقية وجهها إلى المقيم السياسي في بوشهر في 26 أبريل 1935م ذكر فيها أن حماية بريطانيا على قطر ستكون ضد أي هجوم خطير ولا قدرة لقطر على مواجهته، وأن على الشيخ أن يدرك تمامًا ويتخذ كما أحيط علمًا في 2 مارس 1934م كافة الإجراءات المناسبة للدفاع عن بلاده، وحفظ النظام والأمن داخل حدوده، وهي أمور تعلِّق عليها الحكومة البريطانية أهمية كبيرة، وأعلن وزير الدولة البريطاني أن الحكومة البريطانية ستدرس موضوع الاعتراف بولي العهد على أساس التزامه بنصوص معاهدة سنة 1916م. كذلك وافق الوزير على الترتيبات الخاصة بشؤون القضاء على الصورة التي تم الاتفاق عليها بين المقيم والشيخ، والتي ذكرناها فيما سبق، واشترط توقيع الحماية بعد توقيع امتياز النفط. وفي برقية أرسلها وزير الدولة إلى المقيم السياسي في 4 مايو سنة 1935م، ذكر أن الاعتراف بالشيخ حمد وليًا للعهد مشروط بقبوله الالتزامات المنصوص عليها في معاهدة سنة 1916م، وأعلن أنه مع إقرار الحكومة البريطانية باستعدادها لتقديم الدعم المعنوي للشيخ حمد عندما يخلف أباه، فإنه ليس من المحتم أن تتدخل في شؤون قطر الداخلية بتقديم دعم قوي له في حالة قيام نزاع خطير في بدء حكمه. وقام المعتمد بزيارة لقطر عرض خلالها الأسس المقترحة للحماية في رسائل قدمها للشيخ عبد الله في يوم 11 مايو 1935م، جاء فيها أن الحكومة البريطانية توافق على رسالة الشيخ عبد الله المؤرخة في 14 محرم 1354هـ يوافقه 18 أبريل 1935م، حول مسألة الحماية التي ستقدمها الحكومة البريطانية لقطر بالنسبة للبر، وحددت الرسالة الأسس المقترحة للحماية بما يلي: 1 — تقديم الحماية لقطر مشروط بمنح الامتياز لشركة النفط الإنجليزية الفارسية، وفقًا للمفاوضات السابقة. 2 — ستكون الحماية ضد أي هجمات خطرة من خارج الحدود، وهي الهجمات الكبيرة والعنيفة وليست الصغيرة، وبناء على ذلك فمن المنتظر من شيخ قطر أن يتخذ كافة الإجراءات المناسبة للدفاع عن بلاده والحفاظ على الأمن فيها. 3 — سيكون الأسلوب المقترح لتحقيق الحماية عن طريق سلاح الطيران الملكي. 4 — ونظرًا لوجود طائرات السلاح الجوي الملكي على أراضي قطر، فسوف تلزمها تسهيلات لاسلكية وبرقية؛ لأن جوهر الدفاع الجوي يعتمد على سرعة الاتصال، كما يلزمها موقع للهبوط وأماكن تخزين البترول، فضلاً عن المتطلبات الأخرى اللازمة للطائرات والتي تعينها على أداء مهمتها، كما سيتطلب الأمر زيارات متعددة لقطر من جانب ضباط سلاح الطيران كلما دعت الضرورة لتفقد الإجراءات الدفاعية ولاستقصاء المعلومات اللازمة بالتعاون مع شيخ قطر من أجل وضع الخطط للدفاع عن بلاده. وفي شهر صفر سنة 1354هـ يوافقه 11 مايو 1935م أرسل المقيم السياسي في الخليج برقية إلى وزير الدولة لشؤون الهند من على ظهر البارجة فاوي التي أقلته إلى الدوحة، ذكر فيها أنه بعد مفاوضات طويلة، بسبب تشكك الشيخ وتصلب ابنه حمد، تم الاتفاق على نصوص الاتفاقية المذكورة، وأن الجديد فيها هو تحويل معاهدة سنة 1916م إلى معاهدة: ولاية وخلافة؛ حيث كانت المادة الأولى من المعاهدة سنة 1916م تنص على: أنا الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني أتعهد بأن أتعاون مع الحكومة البريطانية السامية، كما يتعاون معها الشيوخ العرب المتصالحون... كما نصت الاتفاقية على أنها سارية المفعول لمدة خمس وسبعين سنة من تاريخ التوقيع، وأن الامتياز يشمل مساحة أربعة آلاف ميل مربع مقابل 400 ألف روبية تمنح عند التوقيع، و150 ألف روبية سنويًا، ترتفع إلى 300 ألف ربية بعد خمس سنوات أو عند اكتشاف النفط بكميات تجارية، أيهما أقرب. كما تضمنت الاتفاقية نصوصًا حول الرقابة على كميات النفط المستخرجة، وحول الإعفاء من الضرائب والرسوم... إلخ، وفي شهر صفر سنة 1354هـ يوافقه 24 مايو 1935م وقع المقيم الاتفاقية. وبهذه المعاهدة استطاع الشيخ عبد الله أن يضمن الحماية البريطانية لكافة أراضي قطر، وقد أدى ذلك إلى اعتراض الحكومة السعودية على أعمال شركة النفط الإنجليزية الفارسية بحجة أن الحدود الجنوبية لقطر لا تزال غير متفق عليها، مما يهدد مصالحها، وقد ذكرنا ذلك بشيء من التفصيل في مبحث الحدود القطرية السعودية. وقد أعقب ذلك نشوب الحرب العالمية الثانية، والتي أدت إلى أزمة اقتصادية وغذائية، إضافة للكساد الاقتصادي الذي سببه انهيار تجارة اللؤلؤ، ولم تنفرج كل هذه الأزمات إلا عندما استأنفت شركة النفط أعمال التنقيب في بداية سنة 1365هـ يوافقه 1946م، وبدأ التصدير التجاري للنفط في سنة 1369هـ يوافقه شهر ديسمبر 1949م على إثر إتمام خط الأنابيب الممتد من منطقة دخان إلى ميناء مسيعيد على الساحل الشرقي لقطر. وقد نشرت بريطانيا اتفاقية سنة 1935م الخاصة بنظام التقاضي عندما أصدرت في سنة 1939م المرسوم الخاص بتنظيم اختصاصات القضاء في الأحوال الجنائية. وفي سنة 1368هـ يوافقه شهر أبريل سنة 1949م استبدل هذا المرسوم بمرسوم آخر وضع موضع التنفيذ، وذلك بسبب ما طرأ من تغيير على وضع حكومة الهند التي ألغيت بعد إعلان استقلال الهند وباكستان في سنة 1366هـ يوافقه 1947م. وقد تم تعيين وكيل سياسي في الدوحة سنة 1368هـ يوافقه 1949م، وكان تعيينه نوعًا من الترقب لتوسيع نطاق العلاقات بين قطر وبريطانيا، هذا التوسع الذي كان أمرًا لا مفرَّ منه نتيجة لتصدير النفط بكميات تجارية. ونستكمل حديثنا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى وذلك بذكر ملاحظات عامة لنا على المعاهدة والسياق التاريخي لها.

8106

| 09 يوليو 2014

رمضان 1435 alsharq
أوضاع سياسية معقدة في عهد الشيخ عبد الله بن جاسم

من سيرة الشيخ عبدالله بن جاسم كانت قطر تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي، وذلك بسبب خروج حليفها القديم الدولة العثمانية وانهيار دولته، وامتداد الدولة السعودية إلى الاحساء وهي مناطق نفوذ عثماني سابقًا، حتى تاخمت حدودها حدود قطر، وكذلك وجود القوة البريطانية السائدة على الخليج، والتي وقَّع معها حكام إمارات الخليج كلهم المعاهدة التي عُرفت بمعاهدة الإمارات المتصالحة، ولم تشذ عن هذا إلا دولة قطر، فقد استمرت بعلاقتها بالدولة العثمانية إلى انسحابها من قطر كما مر معنا، فترك ذلك فراغًا سياسيًا لا يستطيع معه القطريون الصمود دون الدخول في تحالفات سياسية تضمن لهم سلامة أراضيهم وعدم الاعتداء عليها. وتماشيًا مع هذه الأوضاع السياسية المعقدة، ورغبة بريطانيا في ضم قطر إلى الإمارات المتصالحة؛ حيث كانت الدولة الوحيدة الخارجة عنهم، أبلغت بريطانيا قطر عن بدء الحرب العالمية الأولى رسميًا بينها وبين ألمانيا، فجاء رد قطر مرضيًا. وقد رأى الشيخ عبد الله بن جاسم رحمه الله أن الدخول في معاهدة مع بريطانيا سيعود عليه وعلى شعبه بعدد من الفوائد، من أهمها: سلامة الأراضي القطرية من الاعتداءات الخارجية، سواء بحرية أو برية والتدخل في شؤونها، وخاصة بعد توسُّع الملك عبد العزيز في الأحساء، وكذلك النفوذ البريطاني الذي قد يصبح معاديًا لقطر بعد خروج العثمانيين وعدم الدخول في هذه المعاهدة خلافًا لباقي الإمارات، إضافة إلى استتباب الأمن في بلاده وعدم الإخلال في بسط نفوذه عليها، وخاصة بعد رحيل المظلة العثمانية التي كانت تستظل بها قطر من الناحية الإقليمية والدولية. وقد فضل المقيم السياسي البريطاني كوكس أن يكون البدء في المفاوضات عن طريق جراي وكيل المعتمد السياسي البريطاني في الكويت الذي قام بزيارة الشيخ عبد الله في الدوحة ومعه كنيز المعتمد في البحرين الذي كان تولى استلام مواقع الأتراك الخالية منهم غداة ارتحلوا عن قطر. وكان ظن كوكس أن يتمم جراي عقد المعاهدة ويعود بنسختها منتهية، لكن جراي سرعان ما أدرك أن النقاط التي شدد عليها كوكس لصيغة المعاهدة هي نفسها النقاط التي أصر الشيخ عبد الله على التحفظ عليها، لذلك عاد المفاوضان البريطانيان دون إبرام أي شيء، وقد كتب إلى رئيسه إذ ذاك يقول: لقد لقيت رجلاً يفضل أن يسمع مني ما نريده نحن منه، رحت أقرأ عليه نص المسودة المقترحة للمعاهدة لدى رده الزيارة لنا على ظهر السفينة لورنس، فلما وصلت إلى المواد التي نبهتني للاهتمام بها وتأكيدها بدا على وجه الشيخ أمارات عدم الارتياح، ثم بدأ نقاشًا في كل واحدة منها. كانت النقاط هي موضوع التعامل بالسلاح، فبيَّنت له أننا نسمح له بالكميات التي تلزمه لاستخدامه الخاص ولكن تجارة السلاح غير مسموح بها، ولم يتسرَّع الرجل بالالتزام بشيء، لكن الموضوع الذي كان الشيخ فيه واضحًا هو موضوع الرعايا الأجانب، فإن شعب بلاده يكرهون هؤلاء التجار الأجانب، وهو لا يستطيع أن يضمن سلامتهم بحال من الأحوال، كما أنه اعترض أيضًا على مجيء وكيل سياسي بريطاني. ولم يثر الشيخ إطلاقًا أية نقطة أو يلمح من قريب أو بعيد إلى أية مساعدات مالية منا. وبتلك الكيفية فقد عاد جراي دون أن يقدم للشيخ المبلغ الذي جاء به ليدفعه له، كما لم يحصل على موافقة أو توقيع على النص الذي جاء به، ومع ذلك فقد أحس باحترام خاص للشيخ. وقد ذكر جراي في تقريره الذي بعثه في شهر ذي الحجة سنة 1333هـ يوافقه 26 أكتوبر 1915م للسير برسي كوكس في البصرة، أن الشيخ عبد الله اعترض على ثلاث مواد من مشروع المعاهدة، وهي: المادة الرابعة: المتعلقة بدخول الرعايا البريطانيين إلى قطر لأغراض التجارة، وقد علل الشيخ سبب اعتراضه بأن الشعب القطري يكره وجود الأجانب في بلاده بكل شدة، ويخشى أن يؤدي وجودهم إلى قيام الاضطرابات، كما يمكن أن يؤدي إلى إساءة العلاقات بين أفراد الشعب، الأمر الذي يتيح الفرصة حتمًا لأعدائه ليثيروا المشاكل والمتاعب مع الحكومة البريطانية، وقد أكد الشيخ للمعتمد البريطاني أنه لا يكن شخصيًا أي شعور بالكراهية للأجانب. المادة الخامسة: المتعلقة بوجود معتمدية بريطانية في قطر، فقد اعترض الشيخ على وجودها في ذلك الوقت، ولكنه تعهد باتخاذ كافة الإجراءات لإنشائها في المستقبل. المادة الثامنة: المتعلقة بمكاتب البريد والبرق، فقد رأى الشيخ أنه لا فائدة منها لعدم وجود أجانب في قطر. وقد أوصى المعتمد في تقريره بأن تقبل حكومة الهند التفسير الذي تقدَّم به الشيخ عبد الله لعجزه عن السماح بإقامة التجار البريطانيين داخل أملاكه في الوقت الراهن، وأن تجري المفاوضات معه حول بقية مشروع المعاهدة، على أساس أن يكون مفهومًا أنه سيتم إبرام اتفاقية ملحقة بخصوص المواد المحذوفة. وبات الأمر يتطلب حلاً إذ ان جميع شيوخ المنطقة الآخرين كانوا قد وقعوا دون تردد على سائر بنود المعاهدة بالنص الموحد لبنودها، فكيف يحل الإشكال حيال رفض الشيخ رفضًا تامًا توقيع ثلاثة بنود منها، وفيما تولى السير كوكس المفاوضات فإن المسألة ظلت بين أخذ وردٍّ طوال الفترة من أواخر 1915م إلى أواخر 1916م، وأخيرًا تقدم كوكس باقتراح مقبول خلاصته: التوقيع على الصيغة الموحدة للمعاهدات المانعة مع إرفاقها بمذكرة وقف العمل بالبنود التي اعترض عليها الشيخ عبد الله، وذلك إلى حين يوافق الشيخ على أن الوقت بات مناسبًا لتطبيق تلك البنود الموقوفة، وقد بعث كوكس في شهر جمادى الآخرة 1334هـ يوافقه 17 أبريل 1916م إلى حكومة الهند رسالة بشأن هذا المقترح جاء فيها: أود أن أقترح القيام بمحاولة أخرى لتوقيع المعاهدة بدون أي تعديل، وذلك حتى تكون مسايرة للمعاهدات السارية الآن والمبرمة مع شيوخ الخليج الآخرين، ولكني أعتقد أنه ينبغي علينا أن نقدم للشيخ عبد الله آل ثاني رسالة منفصلة، وفي نفس الوقت نشرح فيها أنه كان من المهم إبرام المعاهدة وفقًا لنفس الشروط التي أُبرمت بها المعاهدات مع الآخرين، وأن نؤكد له أيضًا أنه ليس هناك أية نية في الوقت الراهن لتنفيذ البنود 4 و5 و8. وما دام حقنا في كل هذه الجوانب معترفًا به بشكل واضح، فأعتقد أنه يمكننا التحفظ عليها في الوقت الراهن؛ لأنه إذا نمت التجارة وازدادت التسهيلات الممنوحة لنا في البحرين، وهذا هو الحال بالفعل، فسوف يعتمد الجانب الأكبر من التجارة في شبه جزيرة قطر على البحرين، وذلك عندما تكون لنا سيطرة عملية عليها، أما فيما يتعلق بالمادة 6 الواردة في المعاهدة العامة، فأعتقد أنه من الأفضل للشيخ عبد الله أن يوقع على المعاهدة ككل، ولكن مع كتابة تحفظ فوق التوقيع يتناول البند المذكور بأنه لا يلزم الشيخ. التوقيع على المعاهدة: وقد وجدت حكومة الهند في اقتراح السير برسي كوكس مخرجًا لإكمال الخطى نحو تحقيق المعاهدة، وبناء على ذلك بعثت حكومة الهند ببرقية للسير برسي كوكس في شعبان 1334هـ يوافقه 29 يونيو 1916م، تطالبه فيها بضرورة استئناف المفاوضات مع الشيخ عبد الله على الأساس المقترح مع التأكيد على التعليمات الخاصة بالمادة الثالثة من المشروع، التي تنص على منع استيراد السلاح منعًا تامًا. وسرعان ما أكمل السير برسي كوكس المفاوضات حتى تم التوقيع على المعاهدة في 6 محرم 1335هـ يوافقه 3 نوفمبر 1916م. وأما بالنسبة للمواد 7 و8 و9، والتي تقابل المادتين الرابعة والثامنة في المشروع الأصلي، فقد تُركت كما هي، ولكن اتفق في خطاب مرسل من السير برسي كوكس إلى الشيخ عبد الله في نفس تاريخ إبرام المعاهدة، على أن تظل المواد الموقوفة معلَّقة إلى أجل غير مسمى. وبصرف النظر عن المادة 9 الواردة في معاهدة 1820م المبرمة مع الشيوخ المتصالحين، والتي قام الشيخ بالتوقيع عليها الآن، فقد اتفق على السماح للشيخ ورعاياه بالاحتفاظ بالعبيد الذين في حوزتهم، على أن يعاملوا معاملة مرضية. وتطبيقًا للمادة 3، وقَّع الشيخ عبد الله مشروع الإعلان الخاص بمنع تجارة السلاح، وأصدره في نفس التاريخ حاملاً اسمه. وفي 7 محرم 1335هـ يوافقه 4 نوفمبر 1916م قدم السير برسي كوكس إلى حكومة الهند أصول المعاهدة لتوقيعها، وكذلك رسالته إلى الشيخ عبد الله، وإعلان حظر تجارة السلاح، إلى جانب التقرير التفصيلي عن المفاوضات. وفي برقية مرسلة إلى وزارة الهند في 13 محرم 1335هـ يوافقه 10 يناير 1917م، اقترح نائب الملك التصديق على المعاهدة، وأبرقت وزارة الهند بعد موافقة وزارة الخارجية بإقرارها للمعاهدة، وذلك في برقية مؤرخة في 16 محرم 1335هـ يوافقه 13 نوفمبر 1917م، ثم أُعيدت الأصول الموقع عليها إلى السير برسي كوكس عن طريق وزارة الهند مصحوبة بثلاث نسخ من الترجمة الإنجليزية، وأرسلت إليه التعليمات لإثبات الترجمة العربية في هوامش المعاهدة، وأن يوقِّعها بنفسه، وأن يحصل على توقيع الشيخ عبد الله عليها. وقد نفذت هذه التعليمات بكل دقة، وتم التصديق النهائي على المعاهدة في جمادى الآخرة 1336هـ يوافقه 23 مارس 1918م من جانب حكومة الهند. دراسة لبنود المعاهدة: حقَّقت هذه المعاهدة الأهداف التي سعى لها الشيخ عبد الله بن جاسم رحمه الله، وأهمها كسب صداقة الجانب البريطاني والأمن من عَدَائه، وكذلك حماية الحدود القطرية من أي اعتداء خارجي؛ حيث تضمنت بندًا لم يسبق أن التزمت بمثله بريطانيا مع سائر المتعاقدين معها في الخليج؛ وهو ما نصت عليه في المادة الحادية عشرة: وهم أي البريطانيين يتعهدون أيضًا بمنحي أي شيخ قطر معاونة فيما إذا هُوجمت أنا ورعاياي داخل قطر، وأنه لمن المفهوم بشكل كامل أن هذا الالتزام يترتب على الحكومة البريطانية فقط في الحالة التي لا ينتج فيها عمل استفزازي، سواء كان برًا أو بحرًا، بسبب عمل أو هجوم أقوم به أو يقوم به أحد رعاياي ضد الآخرين. وهذه المعاهدة هي أول معاهدة تتجاوز الخط التقليدي لمعاهدات الهدنة، فهي تنص على الالتزام بضمان سلامة قطر البرية والبحرية. وكذلك أتت المعاهدة مع قناعات الشيخ عبد الله رحمه الله الدينية وعدم تعارضها مع نفوذ الشيخ وسلطته على أرضه، وضمنت له في نفس الوقت عدم اعتراض فئات المجتمع المختلفة؛ لعدم تفعيل البند الخاص بوجود المعتمد البريطاني في قطر، مما أدى إلى عدم وجود الأجانب في المجتمع القطري. الالتزام البريطاني بالمعاهدة وتطورها التاريخي: خشى الشيخ عبد الله بن جاسم رحمه الله من اضطرابات قد تحدث في قطر نتيجة للأحداث الخارجية والتي قد تمتد إليه وإلى التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، فأرسل عدة رسائل إلى المقيم البريطاني يطلب فيها مقابلته بسرعة لعرض أمور سرِّيَّة يود بحثها معه، وفي شعبان 1339هـ يوافقه 6 مايو 1921م قام المقيم البريطاني بزيارة قطر، فقدم له الشيخ عبد الله مذكرة تناولت عدة استفسارات تدور حول المساعدات التي يمكن للحكومة البريطانية تزويده بها. وأضاف المقيم أن الشيخ أخبره بأنه على أحسن ما يكون من التفاهم والوئام مع ابن سعود، وأنه ليس لديه ما يدفعه إلى الخشية من أي هجوم من جانب ابن سعود على قطر في الوقت الحاضر، ولكن ليس هناك ما يقطع بأن الأمور ستستمر على هذا المنوال، فربما يقتل ابن سعود أو يموت أو ينفضُّ عنه أتباعه... إلخ، فماذا يمكن أن يكون عليه الأمر حينئذ؟ وكان الشيخ كما يقول المقيم يتحدث إليه وقد بدا التأثر على وجهه بسبب أحداث الكويت؛ حيث نشب صباح يوم الأحد 26 محرم سنة 1339هـ يوافقه 11 أكتوبر سنة 1920م صدام مسلح بين جماعة ابن سعود المعروفين بالإخوان وبين جماعة من أبناء الكويت، وذلك في قرية الجهراء التي تبعد عشرين كيلو مترا عن الكويت، وكانت كذلك أحداث مشابهة قد جرت قبل ذلك بعام في موقعة حمض في 28 شعبان 1338هـ يوافقه شهر مايو 1920م، مما دفع أهل الكويت إلى بناء سور الكويت في رمضان من ذلك العام. ولقد كان من الطبيعي أن تترك كل هذه الأحداث في نفوس شيخ قطر وحكام الإمارات الأخرى خوفًا من اعتداءات قد تصل إليهم. وكان رد المقيم أنه لا يمكنه تحديد موقف الحكومة البريطانية على الفور من الاستفسارات التي طرحها، ولكنه يستطيع القول بأنه إذا ما وقع هجوم على قطر من جانب ابن سعود، ففي مقدور الحكومة البريطانية أن تقوم بما في وسعها بالطرق الدبلوماسية لتأمين مصالحة أو للتوصل إلى تسوية مرضية تطبيقًا للمادة الحادية عشرة من معاهدة 1916م. وأشار المقيم كذلك إلى أنه ربما أقدمت بريطانيا إذا ما تعرَّضت الدوحة أو الرعايا البريطانيين وممتلكاتهم للخطر على إرسال سفينة حربية إلى هناك، وأخبر المقيم بأنه سيرفع تقريرًا بكل ذلك إلى حكومة الهند ثم يخبره بالنتائج. أما فيما يتعلق بالنقطتين الثانية والثالثة، فقد أجاب المقيم عليهما بنفس التحفظ السابق، فسياسة بريطانيا تلتزم بعدم التدخل بقدر المستطاع في الشؤون الداخلية لإمارات الخليج، وأما بالنسبة للقرض المالي، فقد أقنع المقيم الشيخ عبد الله بعدم الحاجة إليه نظرًا للدخل الكبير الذي يحققه من الجمارك، بينما تحمس لتلبية طلب الشيخ في الحصول على المدفعين، اعتقادًا منه بأنه سيساعد على الاستقرار واستتباب الأمن. ولقد رفع المقيم تقريرًا بكل ذلك إلى حكومة الهند في شعبان 1339هـ يوافقه 13 مايو 1921م، وكان ردها عليه في شهر ذي الحجة 1339هـ يوافقه 18 أغسطس 1921م؛ حيث أوضحت أن إجاباته على أسئلة الشيخ عبد الله بخصوص النقطتين الثانية والثالثة مقبولة بوجه عام، وأما بالنسبة لاحتمالات وقوع أي عدوان على قطر من جهة البر بواسطة ابن سعود أو أيٍّ من أتباعه، فإن حكومة الهند ليست على استعداد لتقديم أي وعد أكثر من المساعدة الدبلوماسية، وأضاف الرد بأنه ليس من المحتمل أن يغامر ابن سعود في الظروف الراهنة بخرق المادة السادسة من معاهدة دارين المبرمة بينه وبين بريطانيا والمؤرخة في 26 سبتمبر 1915م، وتنص هذه المعاهدة على تعهد ابن سعود بعدم التعدي على أراضي شيخ الكويت، والبحرين، وأراضي شيوخ: قطر وعمان وسواحلها، وكل الشيوخ الداخلين تحت الحماية البريطانية، والذين يرتبطون بمعاهدات مع بريطانيا. أما الاقتراح الخاص بتقديم مدفعين قديمين مع ذخيرتهما، فقد كان محل تقدير من حكومة الهند، فهي من ناحية تريد أن تلبي رغبة الشيخ، وأن تلتقي مع الاعتبارات التي برَّر بها طلبه، ولكنها من ناحية أخرى تخشى ما قد تثيره الاستجابة لطلبه من تأثير على موقف الشيوخ الآخرين على الساحل العربي من الخليج الذين لم يحصلوا على مثل هذا الأمر. ونكمل حديثنا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى عن الالتزام البريطاني بالمعاهدة وتطورها التاريخي.

12089

| 07 يوليو 2014

رمضان 1435 alsharq
عبد الله بن جاسم.. سيرة ومسيرة.. الحلقة السادسة

"هو الشيخ عبد الله أفضل من بنى.. بيوت المعالي ثابتات الدعائم.. حليف التقى والعلم والفضل والندى.. عفو رؤوف بالمساكين راحم.. هو القانت الأواب في غسق الدجى.. هو الراكع السجاد في جنح فاحم‍ .. أخو همة إن هم يوماً علا بها ‍.. مع الحزم هامات السهى والنعائم".. كان الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- صاحب دين وورع، محافظًا على صلواته، باذلاً لأمواله، متمسكًا بعقيدته، مجتنبًا لما نهي عنه من الآثام والمعاصي، ساعيًا لصلاح بلاده ورفعتها. يذكر الشيخ فهد بن محمد -رحمه الله- أنه كان في زيارة للبحرين في الخمسينيات من القرن الماضي مع بعض إخوته وأبناء عمومته، وزاروا الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة -رحمه الله- حاكم البحرين يومذاك، وجاء ذكر الشيخ عبد الله بن جاسم، فقال: إن عبد الله بن جاسم لا يضاهيه أحد في التدين والتقوى والتمسك بالدين، وكرر عليهم هذه العبارة: نقي وتقي. ويقول الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع -رحمه الله- في مقاله الذي رثى به الشيخ عبد الله: كان الشيخ عبد الله -رحمه الله- رجلاً ذكيًا، حديد الذهن، سريع الفهم، محافظًا على القيام بشرائع الإسلام، عفيفًا نزيهًا، طاهرًا صالحًا، كريم الشمائل، يحفظ من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والأشعار العربية المتعلقة بالشواهد والأمثال شيئًا كثيرًا، وكان -رحمه الله- محبًا لأهل العلم الصحيح العاملين به، معظمًا لهم، ومحسنًا إليهم، متأدبًا بالآداب الشرعية، سالكًا طريق والده في محبة أهل السنة والجماعة أرباب العقيدة السلفية السليمة، وكان -رحمه الله- يبغض أهل البدع والعقائد الفاسدة، وينفر منهم، ولا يواليهم، ولهذا كان إذا مر أحد في بلاده من أهل العقائد المبتدعة كتم بدعته حتى يرتحل إلى أمثاله، وأما أهل السنة والجماعة، والعقيدة السلفية الصالحة، فقد كانوا يرحلون إلى قطر فيجدون من الشيخ قاسم وابنه الشيخ عبد الله وإخوانه وعموم آل ثاني الإنعامات والكرامات والإحسان المتتابع، ومن لم يزرهم في قطر من أهل العلم وصلته صلتهم في بلاده ا.هـ ويقول الوالد الشيخ عبد الله بن محمد بن جاسم: كان العم عبد الله رجلاً ديِّنًا، مخلصًا لله سبحانه، محافظًا على الدين وعلى الصلاة ا.هـ وكان -رحمه الله- حريصًا على قيام الليل والصلوات، ومن ذلك ما حدثني به سعد بن همام أن الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- كان يقوم قبل الفجر بنحو ساعة يتهجَّد، وهذا يكون عندما يكون نازلاً بالبر للقنص وغيره. فكان -رحمه الله- رجلاً متدينًا ملتزمًا بالصلاة محافظًا عليها إلى آخر عمره، وكان يؤتى به بالعربة المتحركة للصلاة. ومن مظاهر تدينه تلك المساجد التي شيدها، ومنها: مسجد الشيوخ، وسمي بذلك لأن الشيوخ كانوا يقصدونه للصلاة فيه، وكذلك عموم أهل الدوحة، في الصلوات اليومية والجمع والأعياد، ووقَّف في وصيته لمسجد والده أبو القبيب وقفًا لتستمر رسالة المسجد في العطاء، ويستمر أجر والده الذي بناه. الصبر تحلَّى الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- بالصبر مع الإيمان بالله تعالى وبقضائه وقدره، وأن كل شيء مكتوب على الإنسان لحكمة بالغة، فمن ذلك صبره على فقد الكثير من الأحبة على قلبه، كفقده لوالدته وكان عمره 16 سنة، وكذلك فقده والده الشيخ جاسم بن محمد، وشقيقه الشيخ جوعان بن جاسم، وإخوانه الشيوخ: خليفة بن جاسم، وثاني بن جاسم، وعبد الرحمن بن جاسم، وفقده لأم ابنيه علي وحمد، ثم فقده لابنه العزيز على قلبه، وذراعه اليمنى الشيخ حمد بن عبد الله وبعده بيسير حفيده وفلذة كبده الشيخ عبد العزيز بن حمد، وقبل وفاته بأشهر يفجع بفقد ابنه الآخر الشيخ حسن بن عبد الله. وقد ذكر غير واحد أن وفاة ابنه الشيخ حمد كانت نقطة تحول كبرى في حياة الشيخ؛ حيث كان يعتمد عليه بعد الله تعالى في أمور الدولة، والأمل الذي ينظر من خلاله لمستقبل قطر، وقد تلقى التعزية على فقده من جمع من الأحبة والأصدقاء. ومما يدل على صبره وتجلده واحتسابه ما حدث به الشيخ محمد المانع -رحمه الله-؛ حيث يقول: ولما ماتت زوجته أم أولاده، وكانت أحب الناس إليه، ودفنت بعد صلاة المغرب، فرجع من المقبرة إلى بيته وأمر القارئ أن يقرأ كالعادة، ولم يشغله حر المصيبة عن القراءة، وقد رثاها بقصيدة بليغة ا.هـ وغير ذلك من المصائب والأقدار التي نزلت به، وكان -رحمه الله- في كل ذلك صابرًا محتسبًا، ومن ذلك صبره وجلده على ما مرت به البلاد من ضائقة اقتصادية فكان حامداً قانعاً برزق الله تعالى، يسعى بكل سبيل وطريق للتخفيف من هذه الوطأة؛ حتى رفعت الغمة، وفرج الله الهم عن أهل قطر باكتشاف النفط. الكرم والجود: إلى من به تسمو المفاخر والنهى إلى من حيا ذكر الكرام كحاتمِ ‍ هو الشهم عبد الله من شاع ذكره فسل عنه في البادي وأهل العواصمِ فلم تر ثاني لابن ثاني وجوده ولم تر في الأقطار مثل ابن قاسمِ كان -رحمه الله- رجلاً سمحًا كريمًا صاحب مبرات وخيرات، يغيث الملهوف، ويقضي الحاجات حسب استطاعته، يقول راشد بن فاضل البنعلي: الشيخ عبد الله بن قاسم ذو المكارم والأخلاق الحميدة ا.هـ وقال الشيخ ابن مانع -رحمه الله- في بيان صفاته: وكان -رحمه الله- جوادًا سخيًا يبذل كثيرًا من ماله في طاعة الله وما يعود على المسلمين نفعه في صلاح دينهم ودنياهم ا.هـ وقال الأنطاكي صاحب مجلة العمران: الشيخ عبد الله بن قاسم أمير قطر وحاكمها، ورئيس قبائلها، وهو مشهور بكرمه العربي، وأخلاقه العالية التي اتصف بها أمراء هذه الأمة الكريمة ا.هـ فكان -رحمه الله- موئل كل محتاج، يأتيه من يزور قطر أو يتردد عليها فينزل ضيفًا مكرمًا عنده، فيلقى التكريم والترحيب، سواء من العلماء أو شيوخ القبائل، وذلك من أيام والده الشيخ جاسم بن محمد -رحمه الله-. يقول الشيخ ابن مانع -رحمه الله-: وأما أهل السنة والجماعة، والعقيدة السلفية الصالحة، فقد كانوا يرحلون إلى قطر فيجدون من الشيخ قاسم وابنه الشيخ عبد الله وإخوانه وعموم آل ثاني الإنعامات والكرامات والإحسان المتتابع، ومن لم يزرهم في قطر من أهل العلم وصلته صلتهم في بلاده ا.هـ ويقول الزركلي: كان سلفي العقيدة، محبًا للعلم كثير الإحسان للعلماء ا.هـ ويقول الأديب سعيد بن إبراهيم المسلماني وذلك سنة 1363هـ يوافقه 1944م: إن عظمة الشيخ عبد الله بن ثاني حاكم قطر يصرف من كيسه الخاص على فقراء قطر 200 روبية في كل أسبوع ا.هـ وكان لشهرة كرمه يتوافد إليه الناس لطلب المساعدة والعون، فيبذل لهم الشيخ عبدالله -رحمه الله- ما منَّ الله عليه به، وقد ذكرنا في الكتاب بعض نماذج من الطلبات التي كانت تقدم إليه. ولما قصد -رحمه الله- مكة المكرمة سنة 1372هـ يوافقه 1953م، تصدق بالكثير من الأموال على محتاجيها، ومن ذلك تبرعه لدار اليتامى بمكة المكرمة بمبلغ عشرة آلاف روبية، وكذلك لمدرسة دار الحديث بمبلغ خمسة آلاف روبية. اتصف الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- بالشهامة والغيرة والشجاعة، لم يعرف الجبن والخور إلى قلبه سبيلاً، وقد ظهرت شجاعته وشدة بأسه في عدة وقعات خاضها ضد المعتدين، يقول الشاعر محمد بن عبد الله بن عثيمين -رحمه الله-، وهو ممن شاركه عددًا من المعارك والوقعات: ما حكتم فاقتضاكم ذو مماحكة ‍ ما اعتاد في طبعه جبنًا ولا خورا وقد شارك والده -رحمه الله- وإخوانه عددًا من المعارك، كوقعة القلايل حوالي سنة 1303هـ يوافقه 1886م، ويوم خنور سنة 1305هـ يوافقه 1888م، ومعركة الوجبة سنة 1310هـ، يوافقه 1893م، وفي سنة 1319هـ يوافقه 1902م غزا بعض ناهبي الحلال في منطقة ويسة، وكذا سنة 1327هـ يوافقه 1909م غزا بعض من نكث عهده في العنيقا. فهذه بعض الوقائع التي شارك فيها الشيخ عبد الله -رحمه الله-، أيام والده الشيخ جاسم -رحمه الله-، وقد قاد الأخيرتين بنفسه، مما يدل على تمكنه وخبرته، وقد كان النصر حليفًا له في جميع المعارك التي شارك فيها، وقد فصلت شيئًا عنها في مبحث توليه للدوحة وولاية العهد، في فصل حياته السياسية. وأما عهد حكمه فكان عهد استقرار، خلا بفضل الله تعالى من الحروب، إلا وقعة الزبارة سنة 1356هـ يوافقه 1937م، وقد فصلت بعض الكلام عنها في مبحث الحدود بين قطر والبحرين، في فصل الحياة السياسية. صلة القرابة والجيرة صلة الأرحام والإحسان إلى الجيران من أجل الطاعات وأعظم القربات، وقد رغبت الشريعة الغراء كتابًا وسنة في هاتين الخصلتين ترغيبًا عظيمًا، فقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) ]النساء: 36[، وقال : ( قال الله تبارك وتعالى: أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ). فكان الشيخ عبد الله -رحمه الله- متمثلاً بهذه الطاعات، واصلاً لأهله وأصدقائه وجيرانه، دائم السؤال عنهم، والتفقد لأحوالهم، وقد مر معنا في الفصل الأول من الكتاب كيف كانت علاقته بأهله وأقاربه يزورهم ويزورونه، ويراسلهم ويراسلونه، ويحبهم ويحبونه، ويهدي لهم ويصلهم، بل إنه خصهم في وصيته فذكرهم وأعطاهم من ثلث ماله، وذكر المعاضيد وأهل الريان والدوحة، فعمهم بخيره في حياته وبعد مماته، وقصصه في ذلك كثيرة جدًا. الهيبة والوقار تميز الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- بالهيبة والوقار، يقول جدي الشيخ غانم -رحمه الله- كان جدي عبد الله مهابًا كتومًا لا يتكلم كثيرًا ا.هـ وقد وصفه بذلك السيد نصر بن حمود آل سعيد من أمراء مسقط، عند زيارته لقطر؛ حيث يقول: وقد اجتمعنا بحاكم قطر المفخم الشيخ عبد الله بن قاسم، ونجله ولي العهد الشيخ حمد بن عبد الله، وهما على جانب كبير من الوقار، وقطر تعتبر ميناء بحريًا هامًا للسفن الشراعية، وقد دعينا إلى قصرهم الفخم المشرف على البحر ا.هـ ويقول ج. بنينجس الذي زار قطر سنة 1918م: وقبل الغروب تمكنا من زيارة الشيخ ـ أي الشيخ عبد الله ـ والسلام عليه في قصره الذي كان يقع في أقصى المدينة، وقد وجدنا الشيخ رجلاً مهيبًا، ولم يكن طاعنًا في السن، وقد استقبلنا بودية، وأقام لنا الضيافة العربية المعتادة ا.هـ هوايته وممازحته لمن حوله كان -رحمه الله- كآبائه وأجداده فارسًا محبًا للمقناص والطيور، وكان دائم التسابق مع شقيقه الشيخ جوعان، ومن طريف ما يذكر في هذا الباب، أنه كانت للشيخ جوعان فرس تدعى النعامة، وللشيخ عبد الله فرس تدعى سعدى، وذات مرة تسابقا مع والدهما وكان لديه حصان يدعى فراع، فانغلب الشيخ جوعان، بسبب كون فرسه مرضعًا، وفي العام التالي سبق فرس جوعان، فذكره أخوه الشيخ عبد الله ووالده بسباق السنة الماضية، فقال الشيخ جوعان في ذلك شعرًا رائعًا، يقول في مطلعه: يا سابق لي مثل ضبي المسيلة ‍‍ طويلة السمحاق والعنق متلاع وكان -رحمه الله- محبًا للصيد والقنص كعادة العرب، وكان مقناصه في قطر لم يخرج عنها، وله معرفة كبيرة بالصقور وأنواعها وملاكها، ويذكر السيد سعد بن همام جدول يوم الشيخ عبد الله -رحمه الله- عندما يكون في القنص بأنه كان يقوم قبل الفجر للتهجد، ثم بعد الصلاة يُقرأ عليه شيء من تفسير الجلالين أو تفسير ابن جرير الطبري، وربما قُرئ من كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان، ثم يرجع الشيخ إلى خيمته فيفطر ويرتاح قليلاً، ثم إن أراد أن يقنص خرج للقنص. وكثيرًا ما يأخذ معه حفيده الشيخ جاسم بن علي بن عبد الله، وبعد الصلوات كان يجلس للقراءة. ومن حبه للبر والشجر، يذكر الشيخ عبد الله بن أحمد بن علي آل ثاني أن الشيخ عبد الله -رحمه الله- منع قطع الشجر الأخضر في بر قطر حماية للبيئة، وكان قد حمى منطقة في البر اسمها الرفاع ا.هـ وكان -رحمه الله- دمث الأخلاق، طيب المعشر، حسن الملاطفة والممازحة، ومن ذلك أنه جرى حوار بينه وبين أحد العلماء في مسألة، أظهرت براعة الشيخ عبد الله باعتراف هذا العالم نفسه، وعندها قال الشيخ عبد الله لهذا العالم: يا شيخ أنت لك كتابك وأنا لي سياستي.

7360

| 03 يوليو 2014

محليات alsharq
الشيخ خالد بن محمد يفوز بالمركز الأول في مسابقة "أعلام من قطر"

بحضور حشد من أصحاب السعادة الشيوخ والوجهاء والأعيان والسفراء والدعاة والباحثين، احتفل مركز شباب برزان بختام مسابقة " أعلام من قطر" السادسة التي تناولت شخصية الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني حاكم قطر الأسبق رحمه الله. وكرم سعادة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس إدارة مركز شباب برزان والمشرف العام على المسابقة الفائزين بالمراكز الأولى في المسابقة الذين تم الكشف عن ترتيبهم خلال الحفل، حيث فاز الشيخ خالد بن محمد بن غانم آل ثاني الباحث في التاريخ والتراث القطري بالمركز الأول عن بحثه الموسوم :" أدلة المعالي في سيرة الشيخ عبدالله آل ثاني" مناصفة مع الأستاذ الدكتور محمد محمود الدروبي، الأستاذ السابق بجامعة قطر ، فيما فاز الباحث المصري محمود صلاح سيد مطاوع بالمركز الثالث. كما كرم سعادة الشيخ د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل ثاني الداعمين للمسابقة، وجميع المشاركين فيها من الباحثين القطريين والعرب المقيمين على أرض قطر. وشهد حفل تكريم الفائزين في المسابقة عدة فقرات أبرزها عرضا مسرحيا مزج مخرجه بين العمل المسرحي والتليفزيوني، وجاء بعنوان : " الفجر الجديد " حكى ملامح من تاريخ قطر ، منذ عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، حتى حكم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وسلط العرض المسرحي الضوء على سيرة حكام قطر، وأبرز مواقفهم وجهودهم في نهضة البلاد منذ كانت مشيخة حتى أصبحت دولة عصرية، لها مكانة إقليمية وعربية ودولية. كما شهد الحفل عرض فيلم وثائقي حول تاريخ مسابقة أعلام من قطر، احتوى على آراء عدد من العلماء والمفكرين والباحثين في شخصية المسابقة في دورتها السادسة ، من بينهم د. يوسف القرضاوي ود. يوسف عبيدان والشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني ، والوجيه يوسف جاسم الدرويش. د. عبدالعزيز آل ثاني يكرم الشيخ خالد بن محمد آل ثاني الفائز بالمركز الأول تحفيز الباحثين وأكد سعادة الشيخ د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل ثاني المشرف العام على مسابقة " أعلام من قطر " ، رئيس مجلس إدارة مركز شباب برزان أن المسابقة نجحت في تحريك المياه الراكدة ، واستقطبت باحثين وكتابا كبارا وحفزتهم على كتابة أبحاث قيمة عن أبرز أعلام قطر . وقال إن تاريخ قطر – قبل المسابقة - كان في ذاكرة الآباء والأجداد ولم يكن مدونا في كتب ، فكان لابد من كتابته خوفا من الضياع. وذكر أن مسابقة " أعلام من قطر " عبر دوراتها الست نقلت تاريخ البلاد من من ذاكرة العقول ، إلى الكلام المنشور في كتب ، معربا عن فخره بأن مركز برزان استطاع أن يحفز مؤسسات الدولة للتنافس في كتابة تاريخ قطر . حب الأوطان وأوضح الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل ثاني أن الوطن ليس ترابا ولابيوتا ، وأن من يخلق حب الوطن هم الأشخاص الذين يجعلون له ذكريات جميلة لايمكن نسيانها . وأشاد بالدعم السخي لسمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، للمسابقة بزيادة جوائزها أضعافا مضاعفة، حيث تضاعفت 20 ضعفا عما كانت عليه في بداياتها، وقال : " مهما جلسنا لنثني عليه فلن نوفيه حقه في حفظ تراث قطر " وأشار إلى أن دعم صاحب السمو الأمير الوالد للمسابقة ، ساهم في زيادة جوائزها إلى 200 ألف ريال للفائز الأول ، و60 ألف ريال للفائز الثاني ، و30 ألف ريال للفائز الثالث. اهتمام كبير وفي ختام كلمته توجه رئيس مجلس إدارة مركز شباب برزان بالشكر لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على دعمه للتراث والتاريخ القطري وحرص سموه الشديد على كتابته وتأصيله، كما وجه الشكر الى صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مشيرا الى انه بذل جهدا كبيرا من اجل حفظ تراث قطر بأشكال متعددة من بينها دعمه لهذه المسابقة. واثني الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل ثاني على جهود مركز شباب برزان وأعضاء مجلس إدارته على دعمهم ووقوفهم خلف هذه المسابقة حتى تحقق النجاح الذي وصلت إليه وخص بالتحية فريق عمل مسابقة أعلام من قطر وفي مقدمتهم السيد ناجي العجي وباقي افراد فريق العمل. كما وجه التحية للباحثين والمحكمين وللحضور معربا عن أمله في تواصل عمليات تدوين التاريخ القطري حتى يكون نبراسا للأجيال القادمة. الفائزون بالمراكز الأولى في لقطة جماعية مع مسؤولي المسابقة 10 آلاف نسخة من ناحيته، أكد السيد ناجي عبدربه العجي أمين السر العام بمركز شباب برزان ومدير مسابقة أعلام من قطر أن مخرجات المسابقة هذا العام كانت متميزة جداً، وذلك لأهمية شخصية الشيخ عبدالله بن جاسم رحمه الله التي تستحق أكثر من ذلك. وكشف العجي عن استعداد مركز شباب برزان لطباعة البحثين الفائزين بالمركز الأول، حتى يكونا في متناول القارئ خلال مدة زمنية لن تزيد على ثلاثة أشهر، مشيرا إلى أن المركز سوف يقوم بطباعة 10 آلاف نسخة من البحثين بمعدل 5 آلاف نسخة من كل بحث.

6072

| 21 أبريل 2014

آخرى alsharq
أنشطة متنوعة بمعرض "الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني.. قصة قائد"

تنظم هيئة متاحف قطر ومتحف قطر الوطني محاضرتين ثقافيتين على هامش معرض "الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني.. قصة قائد" والمقام حالياً في جاليري هيئة المتاحف بمؤسسة الحي الثقافي (كتارا). ويقدم المحاضرة الأولى الدكتور ربيعة الكواري مساء بعد غد الأربعاء للتعرف على فنون الأدب والشعر التي رأتها البلد خلال حقبة الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني، وذلك في قاعة متحف الفن الإسلامي، فيما يقدم الأستاذ محمد علي عبدالله محاضرة مساء الإثنين القادم يناقش فيها أساليب الحفظ والترميم التي استخدمت في عهد الشيخ عبدالله بن جاسم المستخدمة للإبقاء على قلعة الريان القديمة في متحف الفن الإسلامي أيضاً. وتعتبر هذه المحاضرات والأنشطة الثقافية جزءً من معرض" الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني.. قصة قائد" الذي ينعقد في جاليري هيئة متاحف قطر بدعم من شريكها الرئيسي إكسون موبيل والذي يستمر حتى 30 يناير الجاري. من جهة أخرى ينظم متحف قطر الوطني كجزء من المعرض جولات لطلاب المدارس إلى جانب أنشطة عديدة طورها معلمون مختصون، فضلا عن برنامج متكامل من ورش العمل التعليمية التي تدعم المنهاج المدرسي المعتمد وجولات في المعرض لمختلف القدرات والفئات العمرية باللغتين العربية والإنجليزية.

1137

| 13 يناير 2014