رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
استغرب من بعض الكتاب الذين ينتسبون إلى أي من دول مجلس التعاون الخليجي عندما يتسابقون على الكتابة في الصحافة اليومية والأسبوعية والهذيان على وسائل الإعلام المرئية معلنين رفضهم انضمام المملكة الأردنية إلى منظومة مجلس التعاون، قد أفهم تحفظهم على انضمام المملكة المغربية لأسباب البعد الجغرافي والفارق الكبير في السلوك السياسي ويقيني بأن تطلعات النخب المغربية ليست نحو المشرق بقدر ما هي نحو شمال المتوسط والفضاء العربي في الشمال الإفريقي.
قرأت في إحدى الصحف الخليجية مقالا لأحد كتاب(المارينز) معلنا رفضه المطلق وعدم رضاه لدعوة المملكة الأردنية الهاشمية للانضمام إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي لأن الأردن كما قال " مرهقة اقتصاديا وسياسيا منذ تأسيسها "الأردن كما قال بلا نفط ولا غاز ولا موارد طبيعية، وأرضها لا ينبت فيها عود أخضر، يقول ذلك (المخلوق) إن عدد سكان الأردن ستة ملايين نسمة 10% منهم من أهل الأردن الأصليين والباقي خليط من البشر، يقيني إنه نسي أن دولته كلها عبارة عن نتوء سياسي وجد في غفلة من التاريخ وأهميتها لا تزيد عن أهمية برميل من البترول تتلاعب بسعره شركات أمريكية وبريطانية كيفما شاءوا، ونسي أيضاً أو تناسى أن سكان دولته يتكونون من (50%من الزبير، و40 % من السعودية، و5 % من البدون، 3 % من إيران، 2 % من بقايا حملة محمد علي باشا).
صحيح أن الأردن ليس منتجا للبترول ولا الغاز لكنه منتجا للعقول والأدمغة التي تعج بها جامعات العالم من اليابان شرقا مرورا بالصين إلى أوروبا والأمريكيتين غربا ناهيك عن جامعات العالم العربي ومدارسه ومستشفياته وبنوكه ومؤسساته المالية وصحافته ومكتباته. تاريخ الأردن وحضارته تعود إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام بـ 7750 عاما، فنبي الله نوح عليه السلام سار على ثراه وبقى أثره على مقربة من مدينة الكرك الأردنية، أما تاريخ بلدك فتؤرخ نشأته بتاريخ اكتشاف أول بئر بترول وكانت في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي. بلادكم لم يمر بها عملاق من عمالقة تاريخنا العربي إلا عبدالعزيز بن سعود، أما الأردن فمر على ثراها من أنبياء الله عز وجل الكثير نذكر منهم نبي الله نوح عليه السلام، وهود وصالح المرسل إلى قبيلة ثمود ولوط وشعيب وموسى وأيوب وعيسى بن مريم وهارون وسليمان وغيرهم عليهم أفضل الصلاة والسلام وكذلك النبي يحيى " يوحنا المعمداني " عليه السلام. أما بلادكم فلم يمر عليها إلا تجار السلاح وسماسرة شركات النفط ومهربو الأموال (غسيل أموال) وتجار الجنس الأبيض.
في ثرى الأردن العربي الأصيل يرقد العديد من أصحاب النبي الرسول محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام نذكر منهم معاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنه وزيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحه وكلهم لم يكونوا من تجار النخاسة أو تجار التهريب أو النفط لكنهم مجاهدون في سبيل الله عز وجل قضوا وهم يدافعون عن العرب ورسالة الإسلام.
" المخلوق " المعني في مقالتي هذه أحد أشهر " كتاب المارينز " وقد ورد اسمه في قائمة الشرف التي نشرتها الصحافة العبرية انقشع عن وجهه قناع الحياء والنبالة فراح يبث سموم نسبه المشبوه على أهلنا في الأردن الشقيق بقولة " البحث عن زوجة خليجية لذكر من الأردن أو زوجة أردنية لمواطن من الخليج وكأن بناتنا في الجانبين معروضات لمن يرغب. لا أيها النفطي المتخم برائحة الغاز المصاحب، لسنا ذلك ولن نكون، لسنا من نسل " البدون " ولو أن في " البدون " من هم أشرف منك مقاما وأعرق منك أصلا. فكلنا من الأردن إلى الخليج ننتمي إلى أشرف القبائل العربية وأعرقها، والأنساب والأعراض لها عندنا قدسية لا يعرفها إلا أهل النسب. قبائل شمر من الأردن إلى قلب جزيرة العرب، وكذلك الحويطات، وبني خالد وابني صخر والرشايدة والعدوان وبني حسن وقريش وزهران وبني تميم، إن الشعب الأردني بضفتيه ينسب إلينا ونحن ننسب إليه.
تقول يا " درام الغازات "إن الأردن سيبعث إليك بمليونين من البشر بجيوب فارغة من المال، أليسوا أفضل وأحرص وأكثر عطاء من 17 مليون آسيوي يعيشون بين ظهرانينا من أقوام شوهوا لغتنا وأدخلوا علينا سلوكيات ترفضها عاداتنا وتقاليدنا؟
الأردن يا ابن النفط ليس مجدبا كما تقول، إنك تعلم بأن أرضك مجدبة إلا من سلعة النفط، وأنك وقومك لا تستطيعون أن تجلسوا على مائدة طعامكم إلا وخير أرض الأردن سيد مائدتكم من خضرة وزيتون وزيت وفاكهة ولحم فلما المكابرة؟
آخر القول: على قمة هرم السلطة في الأردن سيد هاشمي من قريش، وسكان الأردن بضفتيه من قبائل العرب إلا القليل لكنهم استعربوا بحكم التاريخ والمعايشة، عضويتهم في مجلس التعاون إضافة لسكان الخليج علما وعملا وأمنا ويكتمل الطوق عندما ينظم اليمن بعد زوال الغمة عنه، والعراق بعد رحيل الاحتلال المزدوج فهل تخرس أقلام وألسنة الحاقدين ونرحب بالثلاثة في مجلسنا الخليجي من أجل أمننا ورخاء أمتنا العربية عامة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13749
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1815
| 21 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1296
| 25 نوفمبر 2025