رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان فريد

- كاتب وأكاديمي في أكاديمية المها للبنين

مساحة إعلانية

مقالات

513

رمضان فريد

الاستخدام الرّاقي للّغة يعني الأخلاق

29 نوفمبر 2024 , 02:00ص

ليس عبثًا القول بأنّ اللّغة هويّة، بل هي أكثر من ذلك إن جاز التّعبير، ولكي تكون اللّغة هويّة مجتمع يجب أن يُحسن الجميع استخدامها وفهمهما وتذوّقها، فربّ كلمة غيّرت حكمًا أو قرارًا أو سلوكًا وانطباعًا، ووظيفة الكلمة يخلقها السّياق والمقام الّذي قيلت فيه، ومن هنا جاءت الفصاحة والبلاغة في مقدّمة الإبداع اللّغوي عند الفصحاء والبلغاء، وعندما تحرّك الكلمة المشاعر بقدر لا حدود له نكون قد ضربنا على أوتار اللّغة بمهارة فائقة.

 وما نُشر في صحيفة الشّرق باستبدال مصطلح «كبار السّن» بمصطلح «كبار القدر» يعكس دقّة الجمال اللّغوي في التّعبير عن الكرامة والمنزلة لكبار القدر في نفوسنا، وهذا الإنصاف الّذي حققّته كلمة «القدر» لهو أجدى وأنفع من ألف خطبة يلقيها خطيب مفوّه، وأقوى من ألف كتاب يدعو إلى بر الوالدين، وأعظم أثرًا من ديوان شعر قيل في فضل الآباء، نعم، إنّها الكلمة المشّعة إجلالًا واحترامًا وتقديرًا لكبار القدر، فقد أنجبت معاني الشّكر في أبهى صورها لمن يستحق، معانٍ يحملها السّياق مُكتسية بالوقار ويبعثها براحة البال من همّ ثقيل كان يحمله المصطلح القديم ولايقّدر هذا إلا من طاردته معاني المصطلح القديم كلما رآه في المطارات أو مراكز الخدمات، فقد كان يذكّرنا نحن كبار السّن بما نحاول أن نهرب منه.

 والثقافة العربية تحمل كثيرًا من دلالات هذا التّقدير والاحترام في سلوك أفراد المجتمع اتجاه كبار القدر، فنحن نقول لكل رجل كبير القدر: يا عمّ ولكلّ امرأة كبيرة القدر: يا خالة حتى وإن كانوا غرباء عنّا، كلّ هذا جزء من الموروث الثقافي العربيّ العظيم لأمة شكّل سلوكها القرآن، وقلّما تجد ذلك في ثقافة أخرى، دلالات لغويّة تحمل من الحب أكثر مما تحمل من الجمال ولذلك نقول: إنّ ما حدث من مجلس الوزراء القطريّ على ضوء اقتراح من وزارة التّنمية الاجتماعيّة والأسرة لهو حدث عظيم، لأنّه يرسم صورة حقيقيّة لكون اللّغة هويّة توثّق علاقات المجتمع القطريّ القائمة على الاحترام والتّقدير.

إنّ هذا الاستخدام الرّاقي للّغة جاء من أقصى القلب لهذا سيدوّنه الدّهر بما يحمل من خلق عربيّ أصيل يملأ القلب جمالًا وطمأنينة، ونأمل من وزارة التّنمية والأسرة أن تتبنى حملة عربيّة واسعة للمحافظة على وحدة الثّقافة العربيّة انطلاقًا من هذا المصطلح الّذي ارتوى من ماء الجنّة، فما أحوج الأجيال القادمة إلى وحدة الثّقافة العربيّة حتى تُبصر وتقوى وتعقل فهذا هو الممرّ الآمن.

 

مساحة إعلانية