رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يأتي كتاب (قضية فلسطين: أسئلة الحقيقة والعدالة) كمراجعة نقدية شاملة لتاريخ القضية الفلسطينية الذي يبدأ بالنكبة وينتهي بصفقة القرن، ويتوقف عند أبرز المحطات التي ساهمت في تطور القضية وما صاحبها من حركة وطنية مضادة للاستعمار الاستيطاني، وتأثيرها في المسار المستقبلي والخيارات المتاحة له. ومع الإشكالية التي صاحبت ترجمة الكتاب الصادر منذ عامين، والمتعلقة بحرب الإبادة التي تشنها «إسرائيل» على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، فقد ارتأى الباحث إلحاقه بكتاب آخر، ليستكمل معالجة القضية الفلسطينية حتى الساعة، وجاء بعنوان (الطوفان: الحرب على فلسطين في غزة).
ففي مقدمته، يعلل الباحث السبب في استهلال كتابه بالنكبة، والذي يتمثل في التأكيد على «أن قضية فلسطين هي قضية ظلم يمكن حلها فقط من خلال تطبيق العدالة»، وأن هذه العدالة المرجوة لا ينبغي لها أن تتضمن مساومة الفلسطينيين على سيادتهم في قطاع غزة والضفة الغربية، والاستمرار في تقديم تنازلات على ما لا يتجاوز اثنان وعشرين بالمائة من أرض فلسطين التاريخية! كذلك، لا تقوم العدالة في نظره إلا من خلال توازن مكونيها الرئيسيين: المساواة والحرية. فبينما تتحقق الثانية بالتحرر من الاحتلال، تتحقق الأولى بالاعتراف بالهوية وبالسيادة التي ترتبط بـ «الشعبين الموجودين في المنطقة بين الأردن والبحر الأبيض المتوسط».
يتراءى للباحث وقت إعداد الكتاب، طابع التهميش الذي تلبّس القضية الفلسطينية حين هرعت عدد من الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع «إسرائيل»، متعللين بـ (أسطورية) القضية التي لم تعد تشكّل أولوية لدى العرب في رأيهم، متغافلين عن طبيعة الشعب الفلسطيني الصامدة تحت وطأة «احتلال وحشي لا يلين».. فليس للقضية أن تتهاوى، وليس للتطبيع الاستيطاني أن يحلّ في فلسطين، لا سيما وقد أشار الباحث في أسباب الحيلولة دونه إلى الفصل العنصري-الإثني الذي يمارسه المستعمر «الإسرائيلي» لشعبين لا يحظيان تحت حكمه بحقوق متساوية، إضافة إلى الوعي القومي الذي شكّل حسّاً عالياً بالهوية الوطنية لدى الفلسطينيين، وهوية عربية أكثر شمولية ضمن الأمة العربية، رغم محاولات طمس الاعتبارين الاجتماعي والسياسي لهم كشعب محتل.
يضع الكتاب الأكاديمي والسياسي والمفكر الفلسطيني (د. عزمي بشارة 1956)، النائب السابق في الكنيست «الإسرائيلي» وأبرز مؤسسي حزب (التجمع الوطني الديمقراطي)، والذي عُرف عنه -إلى جانب تمثيله للمواطنين الفلسطينيين- جرأته في طرح قضايا تمس قيم المواطنة والحرية والعدالة والقومية والديمقراطية، فضلاً عن تعرّضه للمجتمع وللدولة في «إسرائيل» بالبحث والنقد. ونشر مئات المقالات في الصحف العربية، وأصدر العديد من الكتب الفكرية باللغات العربية والعبرية والإنجليزية، وهو يتولى حالياً إدارة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
يعرض الباحث مادته في تسعة فصول تمتد من خلال قسمين رئيسيين، حيث يعرض في (القسم الأول: تأملات في قضية عادلة) قراءة تحليلية للتاريخ الفلسطيني ضمن مجموعة أفكار اعتبرها أساسية لفهم أكثر دقة وشمولية! حيث يسلّط الضوء ابتداءً على المسألة الفلسطينية التي -ويعتبرها مسألة عربية- فتُعرف بالمسألة اليهودية في الغرب، الأمر الذي زادها تعقيداً وعرقل عملية تحرر الفلسطينيين. ينتقل بعدها للتحوّلات التي طرأت على مسار التحرير الفلسطيني بين الطرفين العربي والإسرائيلي، ابتداءً من مرحلة التأسيس حتى مرحلة المقاومة المسلحة، وما تخللها من مرحلة استسلام تمثّلت في عقد اتفاقيات سلام مع «إسرائيل» بمنأى عن المسائل الأساسية التي تتطلب بالضرورة حلولاً جذرية! فمن مرحلة «توحد العرب بلا منازع» تحول المسار إلى «نزاع إسرائيلي-فلسطيني» حصراً، التحول الذي همّش دور منظمة التحرير الفلسطينية، وأحالها من منظمة معترف بها دولياً إلى دائرة ضيقة تفتقد إلى السيادة، فضلاً عن انشقاقها داخلياً وصراعات أعضائها على السلطة. أما في (القسم الثاني: صفقة ترامب-نتنياهو) فيعرض قراءة تحليلية أخرى لمسألة الاستعمار الصهيوني وطبيعته كنظام فصل عنصري (أبارتهايد)، إضافة إلى الصفقة التي أبرمت عام 2020 والتي رغم تلاشيها ظاهرياً، فمستمرة في العقلية الصهيونية التي تأخذ بجانبها الاقتصادي كصفقة أكثر من جانبها القيمي كعدالة، فضلاً عن استمرارية إلقاء اللوم على الشعب الفلسطيني عربياً، وتهافت الأنظمة العربية على عقد مثل هذه التحالفات مع الغرب، إلى جانب اعتناق الدوائر المحيطة بالرئيس الأمريكي السابق للخطاب الصهيوني القومي-الديني. ثم ينتهي الفصل بطرح التساؤلات حول العمل المستقبلي المطلوب، والأخذ بعين الاعتبار النظام الفلسطيني الحالي، والتعاطي مع الوضع السياسي الذي يقسّمه الباحث بين (استعمار استيطاني) يتطلب كفاحاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وبين (فصل عنصري) يتطلب كفاحاً آخر لتحقيق المساواة في دولة واحدة، وما يتبعهما بطبيعة الحال من تساؤل آخر حول ما يتم تداوله من حل قائم: إما على دولتين أو على دولة واحدة!
وختاما، فقد جاء الكتاب موضوعياً، ولم يصنّف الباحث نفسه كمتخصص في التاريخ الفلسطيني رغم دراساته الأكاديمية المنشورة فيه، فهو -على حد تعبيره- يقارب القضية الفلسطينية كباحث، ويعني بها كفرد فلسطيني عايش الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في «إسرائيل» عن قرب، وآلف الفلسطينيين -من جهة أخرى- في حياتهم وفي منافيهم، وهو يؤكد قائلاً: «فلسطين هي وطني وقضيتي».
الســـودان القضيــة التي ماتت
عام 2025 يوشك على الانتهاء بعد شهرين من الآن وأزمة السودان التي تفجرت منذ 15 أبريل 2023 تتفاقم... اقرأ المزيد
183
| 02 نوفمبر 2025
الذكاء الاصطناعي.. من يقرر ملامح الحقيقة القادمة؟
لم يعد سؤال الهيمنة في عصر الذكاء الاصطناعي مجرّد منافسة تقنية على أدوات السيطرة، بل تحوّلًا بنيويًا في... اقرأ المزيد
144
| 02 نوفمبر 2025
زمن الشهرة الزائفة
لم يعد التغيير الذي أصاب النفوس البشرية خفيًّا أو محدودًا، بل أصبح واضحًا لكل من يتأمل طبيعة العلاقات... اقرأ المزيد
237
| 02 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6693
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2754
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2391
| 30 أكتوبر 2025