رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مها الغيث

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

615

مها الغيث

العدالة لفلسطين

29 أغسطس 2024 , 02:00ص

يأتي كتاب (قضية فلسطين: أسئلة الحقيقة والعدالة) كمراجعة نقدية شاملة لتاريخ القضية الفلسطينية الذي يبدأ بالنكبة وينتهي بصفقة القرن، ويتوقف عند أبرز المحطات التي ساهمت في تطور القضية وما صاحبها من حركة وطنية مضادة للاستعمار الاستيطاني، وتأثيرها في المسار المستقبلي والخيارات المتاحة له. ومع الإشكالية التي صاحبت ترجمة الكتاب الصادر منذ عامين، والمتعلقة بحرب الإبادة التي تشنها «إسرائيل» على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، فقد ارتأى الباحث إلحاقه بكتاب آخر، ليستكمل معالجة القضية الفلسطينية حتى الساعة، وجاء بعنوان (الطوفان: الحرب على فلسطين في غزة).

ففي مقدمته، يعلل الباحث السبب في استهلال كتابه بالنكبة، والذي يتمثل في التأكيد على «أن قضية فلسطين هي قضية ظلم يمكن حلها فقط من خلال تطبيق العدالة»، وأن هذه العدالة المرجوة لا ينبغي لها أن تتضمن مساومة الفلسطينيين على سيادتهم في قطاع غزة والضفة الغربية، والاستمرار في تقديم تنازلات على ما لا يتجاوز اثنان وعشرين بالمائة من أرض فلسطين التاريخية! كذلك، لا تقوم العدالة في نظره إلا من خلال توازن مكونيها الرئيسيين: المساواة والحرية. فبينما تتحقق الثانية بالتحرر من الاحتلال، تتحقق الأولى بالاعتراف بالهوية وبالسيادة التي ترتبط بـ «الشعبين الموجودين في المنطقة بين الأردن والبحر الأبيض المتوسط».

يتراءى للباحث وقت إعداد الكتاب، طابع التهميش الذي تلبّس القضية الفلسطينية حين هرعت عدد من الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع «إسرائيل»، متعللين بـ (أسطورية) القضية التي لم تعد تشكّل أولوية لدى العرب في رأيهم، متغافلين عن طبيعة الشعب الفلسطيني الصامدة تحت وطأة «احتلال وحشي لا يلين».. فليس للقضية أن تتهاوى، وليس للتطبيع الاستيطاني أن يحلّ في فلسطين، لا سيما وقد أشار الباحث في أسباب الحيلولة دونه إلى الفصل العنصري-الإثني الذي يمارسه المستعمر «الإسرائيلي» لشعبين لا يحظيان تحت حكمه بحقوق متساوية، إضافة إلى الوعي القومي الذي شكّل حسّاً عالياً بالهوية الوطنية لدى الفلسطينيين، وهوية عربية أكثر شمولية ضمن الأمة العربية، رغم محاولات طمس الاعتبارين الاجتماعي والسياسي لهم كشعب محتل.

يضع الكتاب الأكاديمي والسياسي والمفكر الفلسطيني (د. عزمي بشارة 1956)، النائب السابق في الكنيست «الإسرائيلي» وأبرز مؤسسي حزب (التجمع الوطني الديمقراطي)، والذي عُرف عنه -إلى جانب تمثيله للمواطنين الفلسطينيين- جرأته في طرح قضايا تمس قيم المواطنة والحرية والعدالة والقومية والديمقراطية، فضلاً عن تعرّضه للمجتمع وللدولة في «إسرائيل» بالبحث والنقد. ونشر مئات المقالات في الصحف العربية، وأصدر العديد من الكتب الفكرية باللغات العربية والعبرية والإنجليزية، وهو يتولى حالياً إدارة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

يعرض الباحث مادته في تسعة فصول تمتد من خلال قسمين رئيسيين، حيث يعرض في (القسم الأول: تأملات في قضية عادلة) قراءة تحليلية للتاريخ الفلسطيني ضمن مجموعة أفكار اعتبرها أساسية لفهم أكثر دقة وشمولية! حيث يسلّط الضوء ابتداءً على المسألة الفلسطينية التي -ويعتبرها مسألة عربية- فتُعرف بالمسألة اليهودية في الغرب، الأمر الذي زادها تعقيداً وعرقل عملية تحرر الفلسطينيين. ينتقل بعدها للتحوّلات التي طرأت على مسار التحرير الفلسطيني بين الطرفين العربي والإسرائيلي، ابتداءً من مرحلة التأسيس حتى مرحلة المقاومة المسلحة، وما تخللها من مرحلة استسلام تمثّلت في عقد اتفاقيات سلام مع «إسرائيل» بمنأى عن المسائل الأساسية التي تتطلب بالضرورة حلولاً جذرية! فمن مرحلة «توحد العرب بلا منازع» تحول المسار إلى «نزاع إسرائيلي-فلسطيني» حصراً، التحول الذي همّش دور منظمة التحرير الفلسطينية، وأحالها من منظمة معترف بها دولياً إلى دائرة ضيقة تفتقد إلى السيادة، فضلاً عن انشقاقها داخلياً وصراعات أعضائها على السلطة. أما في (القسم الثاني: صفقة ترامب-نتنياهو) فيعرض قراءة تحليلية أخرى لمسألة الاستعمار الصهيوني وطبيعته كنظام فصل عنصري (أبارتهايد)، إضافة إلى الصفقة التي أبرمت عام 2020 والتي رغم تلاشيها ظاهرياً، فمستمرة في العقلية الصهيونية التي تأخذ بجانبها الاقتصادي كصفقة أكثر من جانبها القيمي كعدالة، فضلاً عن استمرارية إلقاء اللوم على الشعب الفلسطيني عربياً، وتهافت الأنظمة العربية على عقد مثل هذه التحالفات مع الغرب، إلى جانب اعتناق الدوائر المحيطة بالرئيس الأمريكي السابق للخطاب الصهيوني القومي-الديني. ثم ينتهي الفصل بطرح التساؤلات حول العمل المستقبلي المطلوب، والأخذ بعين الاعتبار النظام الفلسطيني الحالي، والتعاطي مع الوضع السياسي الذي يقسّمه الباحث بين (استعمار استيطاني) يتطلب كفاحاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وبين (فصل عنصري) يتطلب كفاحاً آخر لتحقيق المساواة في دولة واحدة، وما يتبعهما بطبيعة الحال من تساؤل آخر حول ما يتم تداوله من حل قائم: إما على دولتين أو على دولة واحدة!

وختاما، فقد جاء الكتاب موضوعياً، ولم يصنّف الباحث نفسه كمتخصص في التاريخ الفلسطيني رغم دراساته الأكاديمية المنشورة فيه، فهو -على حد تعبيره- يقارب القضية الفلسطينية كباحث، ويعني بها كفرد فلسطيني عايش الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في «إسرائيل» عن قرب، وآلف الفلسطينيين -من جهة أخرى- في حياتهم وفي منافيهم، وهو يؤكد قائلاً: «فلسطين هي وطني وقضيتي».

اقرأ المزيد

alsharq الســـودان القضيــة التي ماتت

عام 2025 يوشك على الانتهاء بعد شهرين من الآن وأزمة السودان التي تفجرت منذ 15 أبريل 2023 تتفاقم... اقرأ المزيد

183

| 02 نوفمبر 2025

alsharq الذكاء الاصطناعي.. من يقرر ملامح الحقيقة القادمة؟

لم يعد سؤال الهيمنة في عصر الذكاء الاصطناعي مجرّد منافسة تقنية على أدوات السيطرة، بل تحوّلًا بنيويًا في... اقرأ المزيد

144

| 02 نوفمبر 2025

alsharq زمن الشهرة الزائفة

لم يعد التغيير الذي أصاب النفوس البشرية خفيًّا أو محدودًا، بل أصبح واضحًا لكل من يتأمل طبيعة العلاقات... اقرأ المزيد

237

| 02 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية