رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عمل قانون الموارد البشرية على تنظيم العمل الإداري والمالي لموظفي الدولة وذلك في الدوائر الحكومية لحفظ الحقوق للموظفين.
في سنة 2009 تمت إعادة تسكين موظفي الدولة على الدرجات المالية وفق سنوات خبرتهم وشهاداتهم العلمية بعد أن تبين أن جهات عدة لم تعمل على ترقية الموظفين بالترقية البينية وتعطيلها.
وفي عام 2011 تمت إعادة بناء الهيكلة المالية للدرجات الوظيفية بعد زيادة المخصصات المالية 60٪ لنصل إلى تعديل القانون في سنة 2016 والتي شملت الكثير من بنوده الإدارية والمالية.
الترقية الاستثنائية
نص القانون المُعدل على أحقية حصول الموظف على الترقية الاستثنائية وفق الشروط المنظمة له وهي بإتمام الموظف خمس سنوات من تاريخ أول تعيين، حصول الموظف على تقدير امتياز لآخر سنتين، موافقة الرئيس الأعلى على الترقية وانقضاء عشر سنوات ما بين الترقية الاستثنائية الأولى الحاصل عليها والتالية المراد الحصول عليها وأن تكون الاستفادة من الترقية الاستثنائية إلى الدرجة الأولى وما دونها!
ونتناول هُنا بعض الشروط وجدواها في شأن تحفيز الموظف للإنجاز والعطاء وهذا هو الهدف من إنشاء بند الترقية الاستثنائية.
• شرط انقضاء خمس سنوات من تاريخ التعيين، بمعادلة حسابية بسيطة فالموظف الذي تم تعيينه بالشهادة العلمية الجامعية سيتمكن من الحصول على الترقية الاستثنائية لمرتين وفق القانون المنظم لها ولكن بصعوبة بالغة، حيث إن عدم حصول الموظف على تقدير امتياز في السنة الخامسة من تاريخ التعيين يتوجب عليه تأخير سنتين بالتمام ليتم التقديم من جديد للحصول على الترقية الاستثنائية ففي هذه الحالة يصبح من الاستحالة حصول الموظف على الترقية الاستثنائية الثانية وذلك بعد انقضاء فترة العشر سنوات من حصوله على الترقية الاستثنائية الأولى حيث سيكون قد وصل إلى الدرجة المالية الأولى وهنا قام القانون المُعدل بتعطيل الترقية الاستثنائية في الدرجة الأولى.
إذا (من الإنصاف لتكافؤ الفرص تقليل الفترة الزمنية ما بين الترقية الاستثنائية الأولى والترقية الاستثنائية الثانية والمُحددة بعشر سنوات لتصبح خمس سنوات).
• ربط القانون شرط الترقية بموافقة الرئيس الأعلى للجهة يجعل الترقية اختيارية شخصية ووفق رؤية الرئيس لا وفق المعطيات التي جعلت الموظف متميزاً في عمله وهذا يُعطي نوعاً من الإحباط للموظف فالترقية مع اكتمال شروطها تعود إلى تقدير رئيس الجهة الوظيفية البعيد كُل البعد على الأغلب عن عمل الموظف ليُعطي الموافقة من عدمها.
إذاً (من الإنصاف عدم ربط شرط الحصول على الترقية الاستثنائية بموافقة الرئيس الأعلى وذلك في حال إتمام الموظف كافة الشروط المطلوبة للترقية).
• تعطيل الترقية الاستثنائية عن الموظف الذي وصل إلى الدرجة الأولى قرار غريب نوعا ما، حيث ذكرنا آنفاً أن الترقية الاستثنائية الهدف منها ومن إدراجها هو تحفيز الموظف للعطاء والاجتهاد، وتعطيل هذه الترقية عن الموظف الذي خدم مؤسسته سنوات عدة هي كبند جزائي، فالمتوقع من القانون الذي عمل على تمييز الموظف الحاصل على الدرجة المالية الأولى فأعلى مالياً وإدارياً أن يجعل هناك حافزاً للتقدم وليس إيقاف الترقية الاستثنائية عنه، والاستمرار بهذا القرار هو دعوة غير صريحة بأن الاجتهاد بالعمل منعدمة لن يكون له أي تغيير أو تأثير فتقييم العمل الجيد هو مساوٍ لتقييم العمل امتياز!
إذا (من الإنصاف فتح امتياز الحصول على الترقية الاستثنائية بذات الشروط المُطبقة لجميع الدرجات
دون استثناء، ووضع بند مُستحدث للحصول على الدرجة الاستثنائية للدرجات المالية الأولى والخاصة وذلك بإتمام الموظف سنة كاملة من تاريخ الحصول على تلك الدرجة).
بدل السكن
ينص قانون الموارد البشرية على عدم التفرقة ما بين الموظفين بناءً على الجنس وأن كل موظف مستقل وظيفياً ومالياً، ولكن ما نرى في علاوة بدل السكن أمرٌ مغاير فعند ارتباط موظفين في الدولة يقوم القانون بصرف علاوة بدل السكن للزوج بفئة متزوج وللزوجة بفئة أعزب، فيلغي استقلالية كل موظف ويدمج تأثير الموظف الزوج على الموظفة الزوجة بإعطائها علاوة أقل قيمة من الزوج، كما أنه يتم خصم بدل السكن فيحال توجه الزوج للحصول بشكل كُلي ويتم خصم بدل السكن من الموظفة الزوجة بشكل كُلي وهذا أمر مُستغرب أن يتم خصم العلاوة من الزوجة وكأن البند يُجبر الزوجة على المشاركة في الدفع لسكن الزوجية مخالفاً ذلك (للعرف) بتحمل الزوج شرعاً واجتماعياً تأمين السكن للزوجة، وفي بعض الحالات نجد أن المبلغ المخصوم من الزوجين يضاهي ذات القيمة المقدمة من الإسكان الحكومي للإيجار وهو مخالف لفكرة السكن الحكومي والذي يهدف لتخفيف أو مشاركة الحكومة في تغطية جزء من ذلك الإيجار.
• بطاقات تعليم الأبناء: تقوم بعض الجهات بصرف بطاقات تعليم للأبناء لفئة المدراء بقيمة تفوق 60٪ من قيمة ما يتم صرفه من قبل هيئة التعليم للمواطنين والمقررة بثمانية وعشرين ألف ريال قطري، فلماذا لا نجعل من باب التحفيز للموظفين المواطنين لزيادة الإنتاجية والمنافسة والعطاء والتطوير صرف كوبونات بذات النسبة للموظفين في جميع الوظائف القيادية لتصبح تلك أحد امتيازات الوظيفة الإشرافية (رئيس قسم، مساعد مدير، مدير إدارة)، حيث إن القيم المالية المدفوعة ليست إلا استثماراً في أبناء الوطن وهذا ينعكس على ما تقوم به الدولة من استثمار في المورد البشري.
مصلحة العمل
يقوم هذا البند بإعطاء صلاحية مُطلقة للرئيس المباشر في إقصاء موظف من منصبه الوظيفي أو نقل الموظف إلى جهة أخرى دون وجود أسباب يُستند إليها كتجاوز (قانوني، عملي، أخلاقي) بني عليه هذا القرار، وقد يكون هذا الموظف على قدر كبير من العطاء في العمل والابتكار في مجاله وقد يكون تقييم الأداء يقع في خانة الامتياز، فالبند المُطلق يسبب عدم استقرار وظيفي للموظف لعلمه بأن كل ما قدمه قد يمحى بجرة قلم، فوجود لجنة يُرفع لها قرار سيكون لها الأثر الإيجابي للموظفين ككل، يرفع طلب التنحية أو النقل إلى اللجنة مدعوماً بالوثائق والأمر يعود للجنة في التنفيذ أو إلغاء القرار.
مكافأة نهاية الخدمة
يستحق الموظف غير القطري مكافأة نهاية خدمة عن كل سنة يعمل بها وتُصرف له نهاية خدمة عشر سنوات بحد أقصى.
يستحق الموظف القطري مكافأة نهاية خدمة يبدأ احتسابها من بعد إتمامه عشرين سنة من الخدمة!
توفي موظف مواطن بعد أن أفنى تسع عشرة سنة في وظيفته ولكن للأسف ليس هُناك مكافأة نهاية خدمة لورثته تدعمهم، فخدمة العشرين سنة الأولى هي سنوات تحت بند يُسمى بـ "هباءً منثورا"!
فلكم النظر والتأمل.
أخيراً
إننا نقدم هذا المقال لوزارة التنمية الإدارية وذلك مشاركةً منا في وضع مُقترحات تعمل على تطوير العمل ووضع اليد على كُل شأن يعمل على إيقاف العمل ومعالجته لاستعادة الحافز والعطاء والابتكار لموظفي الدولة، ونحن على ثقة بأن الوزارة ستعمل بكُل ما فيه مصلحة الموظف والذي سيعود بالأثر إيجابياً في أداء وزارات الدولة كافة.
bosuodaa@
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
7881
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
6510
| 14 أكتوبر 2025
منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر الموظفون والمتقاعدون في قطر بمرحلة جديدة من العدالة الاجتماعية والتقدير العملي لعطاءاتهم الطويلة. فقد نصت المادة (31) من القانون على أن الموظف الذي أكمل أكثر من ثلاثين سنة في الخدمة يستحق مكافأة عن السنوات الزائدة، وهو ما اعتُبر نقلة نوعية في التشريعات، ورسالة وفاء وعرفان من الدولة لأبنائها الذين أفنوا أعمارهم في خدمة مؤسساتها. غير أن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً، إذ جاءت اللائحة التنفيذية لتضع قيداً لم يرد في النص الأصلي، حيث حصرت استحقاق مكافأة السنوات الزائدة فيمن تجاوزت خدمته الثلاثين سنة ابتداءً من عام 2023 فقط، متجاهلة بذلك آلاف المتقاعدين الذين أنهوا خدماتهم الطويلة قبل هذا التاريخ. هذا التفسير الضيّق أثار جدلاً واسعاً بين القانونيين والمتقاعدين، لأنه خالف صراحة روح المادة (31) وأفرغها من مضمونها العادل. النص التشريعي والغاية المقصودة: لا جدال في أن المشرّع حين أقر المادة (31) كان يبتغي تحقيق مبدأ المساواة والعدل بين كل من خدم الوطن أكثر من ثلاثين عاماً، دون التفريق بين من انتهت خدمته قبل أو بعد 2023. فالقانون قاعدة عامة مجردة، ومقاصده تتجاوز اللحظة الزمنية لتغطي جميع الحالات المماثلة. فإذا جاء النص واضحاً في تقرير الاستحقاق، فإن أي تفسير لاحق يجب أن يكون شارحاً ومكملاً، لا مقيّداً أو مفرغاً من المضمون. إن حصر المكافأة بفئة زمنية محددة يتنافى مع المبادئ العامة للتشريع، ويجعل القانون غير منصف في تطبيقه. فالذين تقاعدوا قبل 2023 قدّموا جهدهم وعرقهم طوال عقود، ومن غير المنطقي أن يُحرموا من حق أثبته النص لمجرد أن توقيت تقاعدهم سبق صدور القانون الجديد. أثر التمييز الزمني على المتقاعدين: إن استبعاد فئة كبيرة من المتقاعدين من حق المكافأة يخلق شعوراً بالغبن واللامساواة، ويؤدي إلى اهتزاز الثقة في العدالة التشريعية. هؤلاء المتقاعدون خدموا في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، وأسهموا في بناء نهضة الدولة منذ بداياتها، وتحملوا ظروف العمل في فترات صعبة لم تكن فيها الامتيازات والرواتب كما هي اليوم. إن تجاهل هذه الفئة يرسل رسالة سلبية مفادها أن جهد العقود الطويلة يمكن أن يُطوى بجرة قلم، وأن التقدير مرهون بتاريخ تقاعد لا بعطاء حقيقي. وهذا يتناقض مع قيم الوفاء والعرفان التي اعتادت الدولة على إظهارها لأبنائها. الحديث عن مكافأة السنوات الزائدة ليس مجرد نقاش مالي أو قانوني، بل هو في جوهره قضية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية. فالمكافأة تمثل تقديراً رمزياً لمشوار طويل من الخدمة، وتساهم في تحسين أوضاع المتقاعدين الذين يواجهون أعباء الحياة المتزايدة بعد انتهاء عملهم. ومن هنا فإن إعادة النظر في تفسير المادة (31) ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو استجابة طبيعية لقيم العدالة التي تميز نظامنا القانوني والإداري. الحق لا يسقط بالتقادم: ومن المهم التأكيد على أن الحق لا يسقط بالتقادم، خاصة إذا كان مرتبطاً بسنوات خدمة طويلة بذل فيها المواطن جهده وطاقته في سبيل وطنه. إن مكافأة السنوات الزائدة تظل حقاً أصيلاً لصاحبها، يحق له المطالبة به ولو بعد حين، ما دام القانون قد أقرّه صراحة في نصوصه. إن محاولة إسقاط هذا الحق بمرور الزمن أو تقييده بتاريخ صدور اللائحة التنفيذية أمر يتعارض مع المبادئ القانونية الراسخة ومع قواعد العدالة والإنصاف. المقارنة بتجارب خليجية سابقة: من المفيد أن نشير إلى أن دولاً خليجية أخرى اعتمدت أنظمة تقاعدية أكثر مرونة في هذا الجانب، حيث شملت مكافآت أو بدلات السنوات الزائدة جميع المتقاعدين دون تمييز زمني، إيماناً منها بأن العطاء لا يُقاس بتاريخ انتهاء الخدمة بل بعدد السنوات التي قضاها الموظف في خدمة وطنه. هذا يعكس أن المبدأ ليس غريباً أو صعب التطبيق، بل هو إجراء ممكن وواقعي أثبت نجاحه في بيئات مشابهة. المطلوب هو أن تشمل مكافأة السنوات الزائدة جميع من تجاوز ثلاثين عاماً خدمة، سواء تقاعد قبل 2023 أو بعده. فذلك هو التطبيق الأمثل لروح القانون، والتجسيد الحقيقي للعدل، والضمانة لردّ الاعتبار لمن حُرموا من حقهم رغم استحقاقهم. إن مكافأة السنوات الزائدة ليست ترفاً ولا منحة عابرة، بل هي استحقاق مشروع وواجب وطني في حق كل من خدم الدولة أكثر من ثلاثة عقود. تجاهل هذا الاستحقاق يفتح باب التمييز ويضعف الثقة في التشريع، بينما إنصاف المتقاعدين يرسخ مبادئ العدالة ويؤكد أن الدولة لا تنسى أبناءها الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية البناء والتطوير. وليطمئن كل متقاعد أن عطاءه محفوظ في سجل الوفاء الوطني، وأن سنوات الخدمة الزائدة لن تضيع هدراً، بل ستُكافأ بالعدل والإنصاف.
3435
| 12 أكتوبر 2025