رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد موفق زيدان

@ahmadmuaffaq

مساحة إعلانية

مقالات

546

د. أحمد موفق زيدان

الأسد.. ومنصبه الذي لا يتمناه أحدٌ اليوم

26 نوفمبر 2024 , 02:00ص

رئيس النظام السوري المعروف بتنظيراته في الأحداث الكبيرة والصغيرة، لاسيما فيما يتعلق بفلسطين والقضية الفلسطينية، غاب تماماً عن المشهد هذه المرة، وغابت كل تنظيراته ومواقفه التي كان يتوقعها البعض، وقد أخذ محور المقاومة والممانعة عليه التزامه صمته غير المعهود، وغير المتوقع، ففي البداية قُرئ صمته على أنه خشية التعرّض الإسرائيلي لنظامه، في ظل الهوج الصهيوني، ولكن بعد مرور وقت على استمرار الحملات الصهيونية على لبنان وتحويلها إلى سوريا، تدفق المسؤولون الإيرانيون إلى دمشق فكان علي لاريجاني مستشار المرشد علي خامنئي، ثم وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده، واللافت أن زيارة وزير الدفاع أتت بعد 24 ساعة على تسليم لاريجاني رسالة المرشد إلى الأسد، تاركاً الرد على الرسالة للأسد نفسه.

الظاهر أن هذه الزيارات المتكررة ورسالة المرشد التي تلقاها، أتت رداً على مشاركة الأسد في القمة العربيةـ الإسلامية، بالإضافة إلى أنها أتت بعد زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، والذي قيل إنها تضمنت رسائل واضحة للنظام بضرورة ابتعاده عن المحور الإيراني، وعلى الرغم من إرسال الأسد لرسائل شكلية كعادته، تمثلت في إزالة صور زعيم حزب الله حسن نصر الله، ووقف تجنيد حزب الله في دمشق، إلاّ أن ذلك سرعان ما ظهر عكسه حين قام وزير خارجية النظام السوري بسام صباغ بزيارة إلى طهران وإعلانه من هناك عن إصرار سوريا على بقائها في محور المقاومة، وأنه لا يمكن لأحد أن يفصمها عن هذا المحور، وهو التصريح الذي قُرأ على أنه رد واضح، وعلني وصريح على رسالة المرشد علي خامنئي، الأمر الذي كان له ارتداداته في تل أبيب، حيث شنت الأخيرة غارات، هي الأعنف من نوعها، حتى الآن، على مواقع حزب الله في تدمر.

الهجمات العنيفة على تدمر أرسلت رسائل واضحة وصريحة للنظام السوري، عنوانها العريض، أنه لم يعد بمقدوره التعويل على الداعم الإيراني في ظل إصرار صهيوني على قطع طرق الإمداد القادمة من العراق إلى لبنان عبر الأراضي السورية، وهو ما فسّرته تحليلات كثيرة عن لجوء قيادات من حزب الله التي تخوض معركة النظام السوري ضد فصائل المعارضة السورية، لتتوجه إلى العراق، بعد أن باتت الأراضي السورية اليوم مسرحاً لاستهدافات الغارات الإسرائيلية التي وصلت أخيراً إلى قصف مستودعات الذخيرة للحرس الثوري الإيراني في بلدة كريتين شرقي إدلب، والتي قيل إن أكثر من 32 قيادياً وعنصراً من حزب الله قضوا في هذه الغارات، مما عنى للكثيرين عن رغبة إسرائيلية في تصفية الوجود الإيراني وفصائله التابعة له في سوريا بشكل عام.

بالمقابل بدا الأسد المنهك داخلياً نتيجة صفر خدمات، وهو العاجز عن تقديمها حتى لمناطق حاضنته التي يحكمها، مقابل تحسن حالة الخدمات بشكل ملحوظ في مناطق المعارضة السورية، مما جعل حاضنة النظام تعقد المقارنات بين الخدمات المتوافرة لديها، وبين الخدمات المتوافرة في مناطق المعارضة السورية، على الرغم من دعم قوة دولية كبرى بحجم روسيا للنظام السوري، ودولة إقليمية كبرى بحجم إيران للنظام، ومع هذا فإن المناطق الخاضعة للمعارضة السورية لا يمكن أن تقارن خدمياً بالمناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

هذا الواقع الداخلي للنظام وحاضنته الميؤوس منه، له امتداداته إقليمياً ودولياً، أما إقليمياً فقد تحدثنا عنه في ظل المعركة الحاصلة في المنطقة، وإمكانية توسيع دوائرها، زمانياً ومكانياً، وأما الامتدادات الدولية، فما يجري على الساحة الأوكرانية يشي اليوم باحتمالية توسع الحرب هناك لتشمل دولا غربية، ومعهم أمريكا، وهو الأمر الذي يعني أن العالم اليوم قد يستفيق في أية لحظة على عالم مختلف عمّا عهدناه، وقد فشل ترامب في تصريحاته التي شدد فيها على أنه قادر على وقف الحرب الأوكرانية بيوم واحد، إذ بدا الطرفان الأوكراني والروسي متمسكين بموقفيهما، بالإضافة إلى قوى دولية غير راغبة بحسم المعركة على الطريقة الترامبية، والذي ينظر إلى العالم كله على أنه اقتصاد، واقتصاد أمريكي تحديداً، وليس اقتصاد عالمي متداخل ومتشابك مع بعضه بعضاً.

ولعل شيئاً من هذا كشفته المستشارة الألمانية السابقة أنجلا ميركل في مذكراتها أخيراً حين سألت بابا الفاتيكان خلال زيارتها له عام 2017 عن كيفية التعامل مع شخصيات مهمة ولكن متناقضة، ويبدو أن البابا فهم على الفور المقصود فقال لها: ( انحني ثم انحني ثم انحني، ولكن إياكِ أن تنكسري.) وعلقت على النصيحة بأنها أعجبتها.

أخيراً وبالعودة إلى عنوان المقال فإنه لا أحد باعتقادي اليوم يتمنى أن يكون في مكان رئيس النظام السوري بشار الأسد، وربما حتى هو نفسه، فعلى أي الجانبين يميل؟!، وهو يرى شقيقه الأقوى عسكرياً ماهر الأسد، الذي خلف في شراسته وقوته عمّه رفعت الأسد يوم كان يقوم بنفس الدور الذي يقوم به اليوم لصالح شقيقه بشار، كان يقوم رفعت بدور شرس مدافعاً عن شقيقه حافظ، عبر مجازر ارتكبها وألصق بها نفسه.

لكن اليوم ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة ليس هو رفعت الأسد عام 1980، بعد أن غدا رأس مطلوباً إسرائيلياً نتيجة الانحياز لإيران بحسب التوصيف الإسرائيلي، ومثل هذا الواقع الحرج والصعب دفع البعض إلى تشبيه نهايات أسد إما بأنموذج علي عبد الله الصالح يوم قضى على يد الحوثي حين سعى إلى الابتعاد عنهم، أو أنموذج حسن نصر الله يوم قتله الإسرائيلي، فعلى أي الجانبين سيميل بشار الأسد اليوم؟.

مساحة إعلانية