رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تحية إجلال وإكبار وتعظيم وسلام لكل بواسل وكواسر ومقاتلي كل فصائل المقاومة الفلسطينية الحرة التي اسهمت برجالها وعتادها وروحها في قهر الجيش الإسرائيلي الأسطورة الذي لا يُقهر، وتحطيم صورته المزيفة. فقد قُهر الجيش الإسرائيلي في سويعات قليلة خلال الساعات الباكرة من صباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023 المجيد، وهُزم شر هزيمة من فئة صغيرة لا يتجاوز عددها ألف مقاتل فلسطيني حر حملوا أرواحهم في أيديهم، واقتحموا بقوة الطوفان السياج الأمني الحدودي الفاصل بين غزة والمستوطنات الحدودية الواقعة على الشريط الحدودي لقطاع غزة، وهجموا على المواقع العسكرية الإسرائيلية، وفاجأوا الجنود الإسرائيليين، وصعقوهم وزلزلوا الأرض من تحت أقدامهم، وأدخلوا الرعب والخوف في نفوسهم ونفوس المستوطنين، وألحقوا بهم الهزيمة النفسية قبل العسكرية.
فالصدمة قوية، والهول كبير، والهلع والذعر كانا سيدي الموقف، ولم يكن أمام إسرائيل في تلك اللحظة إلا الاستنجاد بولية أمرها، وراعيتها والمسؤولة عن تربيتها وتقويتها وحمايتها، والداعمة لعدوانها واعتداءاتها الشرسة الهوجاء على اخوتنا الفلسطينيين في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما أن تلقت أمريكا الصرخة بطلب النجدة إلا وهرعت وأمرت بتحريك قطعها العسكرية البحرية، وتوجيه مدمراتها وحاملات طائرات إلى البحر المتوسط لتكون عوناً وسندا لربيبتها المدللة إسرائيل. وما هذا الموقف وهذه الاستجابة السريعة، إلا ضوء أخضر لإسرائيل للمضي قدماً في الرد بالهجوم العسكري على غزة، واستهداف واستباحة أرضها ودم أهلها من نساء وشيوخ وأطفال، وتدمير مبانيها ومنازلها وأحيائها كاملة بكل صلف وبربرية وهمجية ممنهجة، وبشراسة الدب الأهوج المجنون، ودون هوادة، ولا رحمة، فإسرائيل مجردة من القيم الأخلاقية، ومن الضمير الإنساني الذي يمكن أن يحكم غضبها ويهذب سلوكها العدواني، فسجلها العسكري مليء بالجرائم الإنسانية، فلم يسلم من رعونتها وتجبرها طفل ولا سيدة ولا شيخ، ولا حجر ولا شجر ولا بشر، فهي تطلق النار وتسقط القتلى والجرحى، وتمنع الإسعاف ومحاولات إنقاذ الجرحى والمصابين، وتدمر وتهدم وتعيث في الأرض فساداً ودون هوادة ولا رحمة، فأي خلق هذا، وأي رحمة هذه عند هؤلاء المتجبرين المتكبرين الصهاينة؟ فالرحمة منزوعة من قلوبهم، والدلائل والأمثلة على ذلك كثيرة سواء عند جنودهم وسياسييهم، وصحفييهم الصهاينة الذين نُزعت من قلوبهم الرحمة، فهذا الصحفي الإسرائيلي «ديفيد بن صهيون» على سبيل المثال قد افترى على مقاتلي حماس بكذبة ادعى فيها بأنهم قتلوا الاطفال الأسرى الاسرائيليين، وقطعوا رؤوسهم وتركوهم دون رؤوس، وقام بنشر هذه الكذبة دون دليل واضح. ولم يكن من السياسيين الإسرائيليين إلا التصديق والنشر دون التحقق من صحة الادعاء، وترويج هذه الكذبة إعلاميا وسياسيا والاستشهاد بها في أي مناسبة محلية ودولية، فنتنياهو ذكرها واستشهد بها، وصدقها بايدن، واستشهد بها في إدانته لعملية طوفان الأقصى، ولم يكتفِ بايدين بالاستشهاد بما سمع، بل أصر على صحتها بأنه رأى الواقعة بعينه، فكيف، فهل شهد الواقعة؟ بالطبع لا، ويستمر الكذب والتلفيق والتضليل، وعلى مستوى رؤساء دول الغرب المجردة من الضمير الحي، وعلى رأسهم أمريكا. ولم يتوقف التضليل عند هذا الحد، بل تبنت الكذبة المراسلة الصحفية البريطانية لتتولى نشرها في صحيفة الاندبندنت البريطانية دون التحقق من مصداقيتها. ويمكن القياس على ذلك مع باقي الصحف الغربية المنحازة لإسرائيل، وكل ذلك بقصد تشويه صورة المقاومة الفلسطينية وتأجيج الرأي العام عليها كحركة جهادية تقاوم الاحتلال الإسرائيلي، وتدافع عن أرضها وعرضها. فهذه ليست دولة بل أخلاق عصابات فاشية حاقدة، وغير مستوعبة النصر الذي حققته المقاومة على الجيش الإسرائيلي الذي لا يُهزم ولا يُقهر.
وتستمر إسرائيل في عدوانها الغاشم على غزة حتى اليوم، من القصف الجوي والمدفعي وقطع الكهرباء والماء، وهدم المباني والمنازل على ساكنيها دون تمييز بين الصغير والكبير والمرأة والرجل، والبيت والمدرسة والمستشفى والمخبز وأي مكان يجتمع حوله أبناء غزة العزة الفلسطينيون العزل. ويأتي الرئيس الأمريكي بانحياز واضح وصارخ ليبرئ ساحة إسرائيل من جريمة قصف مستشفى الأهلي المعمداني، ويوجه الاتهام إلى المقاومة، في الوقت الذي يندد فيه العالم بأسره بهذا الهجوم، ومنهم على سبيل المثال حليفهم الرئيس الفرنسي ماكرون الذي قال «لا شيء يبرر قصف المستشفى» فهل هذه مصداقية رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم؟ أما الطامة الكبرى، والخزي الفاضح، والعار الموصوم في جبين زعماء العرب الصامتين الخرسان، والمهزومين الجبناء، والمطبعين الخونة فتمثلت في مواقف مخزية جبانة من بعض الدول العربية التي أدانت عملية طوفان الأقصى من جهة، وقدمت التعازي لمجرمي بني صهيون في قتلاهم وأسراهم من جهة أخرى. أما الشعوب العربية والإسلامية، فنهضت، وانتعشت، وصرخت بأعلى صوتها الموت لإسرائيل ومن يدعمها من الغربيين المتمثلين في أمريكا وأوروبا، والعزة للعرب والمسلمين والفلسطينيين الذين قهروا الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر.
وبنظرة ثاقبة لما حدث، فيمكن القول إن الحدث جاء ليميز الخبيث من الطيب من البشر، والرخيص من الثمين، والصادق من الكاذب، والصديق من العدو، وميزت بين الموازين والمعايير، فتبينت المعايير الصحيحة الثابتة، والمعايير المزدوجة المهزوزة، وغيرها من المقارنات بين الشيء وضده، كالصح والخطأ، والأبيض والأسود والصالح والطالح، والحق والباطل،...... وما إلى ذلك، فتبين العربي المسلم الأصيل المؤيد لعملية طوفان الأقصى، والمعتز بها وبأبطالها، والعربي المتصهين المُدين والمُندد لها من حكامنا العرب. وأهم من هذا كله، يمكن القول إن المقاومة الفلسطينية قد حققت مجموعة من النتائج الواقعية في عملية طوفان الأقصى مثل توحيد الأمة حول قضيتها المركزية (القضية الفلسطينية)، وكسر هيبة العدو الإسرائيلي، ونزع ثقة الإسرائيليين بحكومتهم، وقادتهم العسكريين والسياسيين، كما حققت نجاحاً في تعطيل مسارات التطبيع مع الكيان الصهيوني، بل ربما في إيقافها نهائيا، وزعزعت ثقة المطبعين بقوة إسرائيل وقدرتها على حمايتهم عند الحاجة، فكيف لا، وقد هُزم الجيش وقُهر وأُصيب في مقتل، وأخيراً وليس آخراً، كسبت المقاومة ثقة الأمة العربية بعزيمة رجالها في مقاومة العدو وتحقيق النصر المبين إن شاء الله. أما إسرائيل، فقد وقعت إسرائيل في شر أعمالها.
في بيئة العمل، نلتقي يومياً بأشخاص يختلفون عنا في أنماطهم وسلوكياتهم وتوقعاتهم. منهم من يمر مرور النسيم؛ هادئاً،... اقرأ المزيد
54
| 17 أكتوبر 2025
الرضا الوظيفي له دور كبير فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وقد يعتقد الكثير من الهيكل الوظيفي المسئول... اقرأ المزيد
96
| 17 أكتوبر 2025
منذ عشر سنوات، كنت أدخل النقاشات كما يدخل أحدهم في معركة مصيرية. جلسة عائلية تبدأ بسؤال عابر عن... اقرأ المزيد
39
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كلية التربية – جامعة قطر
[email protected]
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
6735
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
6390
| 14 أكتوبر 2025
منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر الموظفون والمتقاعدون في قطر بمرحلة جديدة من العدالة الاجتماعية والتقدير العملي لعطاءاتهم الطويلة. فقد نصت المادة (31) من القانون على أن الموظف الذي أكمل أكثر من ثلاثين سنة في الخدمة يستحق مكافأة عن السنوات الزائدة، وهو ما اعتُبر نقلة نوعية في التشريعات، ورسالة وفاء وعرفان من الدولة لأبنائها الذين أفنوا أعمارهم في خدمة مؤسساتها. غير أن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً، إذ جاءت اللائحة التنفيذية لتضع قيداً لم يرد في النص الأصلي، حيث حصرت استحقاق مكافأة السنوات الزائدة فيمن تجاوزت خدمته الثلاثين سنة ابتداءً من عام 2023 فقط، متجاهلة بذلك آلاف المتقاعدين الذين أنهوا خدماتهم الطويلة قبل هذا التاريخ. هذا التفسير الضيّق أثار جدلاً واسعاً بين القانونيين والمتقاعدين، لأنه خالف صراحة روح المادة (31) وأفرغها من مضمونها العادل. النص التشريعي والغاية المقصودة: لا جدال في أن المشرّع حين أقر المادة (31) كان يبتغي تحقيق مبدأ المساواة والعدل بين كل من خدم الوطن أكثر من ثلاثين عاماً، دون التفريق بين من انتهت خدمته قبل أو بعد 2023. فالقانون قاعدة عامة مجردة، ومقاصده تتجاوز اللحظة الزمنية لتغطي جميع الحالات المماثلة. فإذا جاء النص واضحاً في تقرير الاستحقاق، فإن أي تفسير لاحق يجب أن يكون شارحاً ومكملاً، لا مقيّداً أو مفرغاً من المضمون. إن حصر المكافأة بفئة زمنية محددة يتنافى مع المبادئ العامة للتشريع، ويجعل القانون غير منصف في تطبيقه. فالذين تقاعدوا قبل 2023 قدّموا جهدهم وعرقهم طوال عقود، ومن غير المنطقي أن يُحرموا من حق أثبته النص لمجرد أن توقيت تقاعدهم سبق صدور القانون الجديد. أثر التمييز الزمني على المتقاعدين: إن استبعاد فئة كبيرة من المتقاعدين من حق المكافأة يخلق شعوراً بالغبن واللامساواة، ويؤدي إلى اهتزاز الثقة في العدالة التشريعية. هؤلاء المتقاعدون خدموا في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، وأسهموا في بناء نهضة الدولة منذ بداياتها، وتحملوا ظروف العمل في فترات صعبة لم تكن فيها الامتيازات والرواتب كما هي اليوم. إن تجاهل هذه الفئة يرسل رسالة سلبية مفادها أن جهد العقود الطويلة يمكن أن يُطوى بجرة قلم، وأن التقدير مرهون بتاريخ تقاعد لا بعطاء حقيقي. وهذا يتناقض مع قيم الوفاء والعرفان التي اعتادت الدولة على إظهارها لأبنائها. الحديث عن مكافأة السنوات الزائدة ليس مجرد نقاش مالي أو قانوني، بل هو في جوهره قضية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية. فالمكافأة تمثل تقديراً رمزياً لمشوار طويل من الخدمة، وتساهم في تحسين أوضاع المتقاعدين الذين يواجهون أعباء الحياة المتزايدة بعد انتهاء عملهم. ومن هنا فإن إعادة النظر في تفسير المادة (31) ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو استجابة طبيعية لقيم العدالة التي تميز نظامنا القانوني والإداري. الحق لا يسقط بالتقادم: ومن المهم التأكيد على أن الحق لا يسقط بالتقادم، خاصة إذا كان مرتبطاً بسنوات خدمة طويلة بذل فيها المواطن جهده وطاقته في سبيل وطنه. إن مكافأة السنوات الزائدة تظل حقاً أصيلاً لصاحبها، يحق له المطالبة به ولو بعد حين، ما دام القانون قد أقرّه صراحة في نصوصه. إن محاولة إسقاط هذا الحق بمرور الزمن أو تقييده بتاريخ صدور اللائحة التنفيذية أمر يتعارض مع المبادئ القانونية الراسخة ومع قواعد العدالة والإنصاف. المقارنة بتجارب خليجية سابقة: من المفيد أن نشير إلى أن دولاً خليجية أخرى اعتمدت أنظمة تقاعدية أكثر مرونة في هذا الجانب، حيث شملت مكافآت أو بدلات السنوات الزائدة جميع المتقاعدين دون تمييز زمني، إيماناً منها بأن العطاء لا يُقاس بتاريخ انتهاء الخدمة بل بعدد السنوات التي قضاها الموظف في خدمة وطنه. هذا يعكس أن المبدأ ليس غريباً أو صعب التطبيق، بل هو إجراء ممكن وواقعي أثبت نجاحه في بيئات مشابهة. المطلوب هو أن تشمل مكافأة السنوات الزائدة جميع من تجاوز ثلاثين عاماً خدمة، سواء تقاعد قبل 2023 أو بعده. فذلك هو التطبيق الأمثل لروح القانون، والتجسيد الحقيقي للعدل، والضمانة لردّ الاعتبار لمن حُرموا من حقهم رغم استحقاقهم. إن مكافأة السنوات الزائدة ليست ترفاً ولا منحة عابرة، بل هي استحقاق مشروع وواجب وطني في حق كل من خدم الدولة أكثر من ثلاثة عقود. تجاهل هذا الاستحقاق يفتح باب التمييز ويضعف الثقة في التشريع، بينما إنصاف المتقاعدين يرسخ مبادئ العدالة ويؤكد أن الدولة لا تنسى أبناءها الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية البناء والتطوير. وليطمئن كل متقاعد أن عطاءه محفوظ في سجل الوفاء الوطني، وأن سنوات الخدمة الزائدة لن تضيع هدراً، بل ستُكافأ بالعدل والإنصاف.
3411
| 12 أكتوبر 2025