رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ. د. أحمد جاسم الساعي

كلية التربية – جامعة قطر
[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

510

أ. د. أحمد جاسم الساعي

الاستخفاف بالأُخوّة.. وضياع المُروءة

11 أغسطس 2025 , 01:24ص

يقول الشيخ عبد الله بن المبارك التميمي (118 – 181 هجري) في حكمته البالغة ذات الأبعاد الثلاثة... «من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالأخوة ذهبت مروءته». ونضيف بُعداً آخر ينطبق على عصرنا الحاضر، ويتوافق مع طبيعته وخصائصه وثقافته السائدة «ومن غَلَبَ مصالَحَه، ذهبت مبادئه، وازدوَجَت معاييره، واختَلَت موازينَه.» والسؤال الأول في حكمة ابن المبارك، هو: هل عبارة الاستخفاف بالعلماء تنطبق على علماء اليوم، علماء البلاط، والمُغلبينَ لمصالحهم على مبادئ دينهم، وشرعهم، وملتهم الإسلامية؟ هل الاستخفاف بمن يقول علناً بأن أمريكا صانعة سلام دون دليل، يدخل ضمن المحظور، وكيف يمكن تصديق مثل هذا الادعاء؟ ألم تشعل أمريكا الحرب في أفغانستان، والعراق، وتتبنى إثارة الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط، وتغض الطرف عما يحدث في فلسطين، وغزة على وجه الخصوص، فأين السلام الذي يتحدث عنه هذا الشيخ العالِم؟ وماذا عن الشيخ أو العلِم الذي ينكر على المجاهدين الفلسطينين جهادهم في غزة، ووصفهم بالجرذان المختبئين في جحورهم أي أنفاقهم، فهل يدخل ضمن القائمة المُحَذَر الاستخفاف بها، وما رأي الشيخ ابن المبارك فيمن يصنف ابطال طوفان الأقصى بأنهم فئة ضالة، وفيمن يقول إن المجاعة والتجويع في غزة فيه خير لأهلها، وكأن ما يحدث في غزة ليس تجويعاً مُتعمداً مُمنهجاً، فماذا يقال عن هذا العالم الجليل؟ وأمثاله من علماء اليوم المتماهين مع الركب السائد في إدانة المقاومة الفلسطينية، وإنكار عليها جهادها في سبيل الله، والسكوت على مصيبة أهل غزة، فهل يجوز لكل هؤلاء العلماء أن يظلوا في قائمة عدم النقد، لضمان عدم ضياع الآخرة؟ 

أما البعد الثاني من حكمة المبارك أعلاه، والمعني بالاستخفاف بالأمراء وولاة الأمر، وما يترتب عليه من عواقب، فلا استخفاف، ولا نقد على الاطلاق، بل الدعوة لأمراء وملوك وحكام الأمة العربية والإسلامية اليوم جميعاً بالصلاح والهداية إلى سبيل الرشاد، والتوفيق في إدارة أمور هذه الأمة النائمة، وإيقاظها من سباتها للقيام بوظيفتها ومهامها وواجباتها الوطنية والقومية والدينية، والعمل بإخلاص على توحيد كلمتها، والرقي بأدائها السياسي والعسكري واللوجستي، ليتوافق مع حجم وقوة الهجمة الشرسة عليها من أعداء الله وأعدائها، ومواجهة هذا العدوان، وإيقاف المعتدي عند حده، والعمل على نصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الأم، والدفاع عن كيان الأمة وكينونتها، ورفع الظلم عن أبنائها الفلسطينيين في غزة، والضفة الغربية، وباقي أرجاء وأنحاء ومدن فلسطين المحتلة ككل، ومواجهة العدو الإسرائيلي بكل قوة وحزم سياسياً وعسكرياً، وثقافياً ولوجستياً، وعلى كل الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية، وعدم الاستجابة لمطالبه السياسية والعسكرية، وعدم السماح بتسليم سلاح المقاومة باعتباره الأداة الوحيدة الباقية لصد العدوان الإسرائيلي الغاشم، فوجود السلاح في يد المقاوم المدافع عن أرضه وعرضه وشرفه، هو شرف بحد ذاته، والتخلي عنه وتسليمه يعنى التفريط في شرف الأمة ككل. ولذا، فنرجو من زعماء الأمة ألا يتهاونوا مع العدو المحتل، وعدم الاستجابة لمطالبه، وعدم الانخداع بحيله ومكره وألاعيبه القذرة، ومقاومة كل الضغوطات الخارجية المبيتة للنيل من الأمة وثرواتها ومقدراتها، وقيمها، ورفض كل المخططات والصفقات المُهينة، وعدم التنازل عن حقوق الأمة في العيش والبقاء، وحق الدفاع عن النفس، ومقاومة العدوان بكل أشكاله.  * أما عن البعد الأخير في حكمة ابن المبارك، فمتعلق بالأُخوّةِ والمروءةِ، وما بينهما من علاقة وطيدة، فالأُخوة تلدُ المروءة، وغياب الأولى يعنى بالضرورة ضياع الثانية، ولا يستقيم الأمر إلا في صلتهما الطبيعية ببعضهما البعض، وعدم فصل أي منهما عن الأخرى تحت أي ظرف من الظروف، ولأي سبب من الأسباب. وليس أدل على ذلك مما نشهده في واقعنا العربي المرير مع أخوتنا الفلسطينيين، فهو شاهدٌ علينا، ومسجلٌ علينا خذلاننا لهم في محنتهم ونكبتهم الثانية. ومرة أخرى يتكرر السؤال هنا أيضا وفي السياق نفسه، وبالصياغة ذاتها.. «هل استخففنا بالأُخوةِ»؟ فالإجابة بــ «نعم» استخففنا بالأُخوَةِ، فذهبت المروءةُ، فأين المروءة في زمننا هذا، وأين مروءتنا نحن العرب والمسلمين مع إخوتنا الفلسطينيين المشردين المُجوَعين في محنتهم وحربهم الطاحنة المفروضة عليهم من العدو الصهيويني. وما تَركُنا لإخوتنا في مآسيهم يعانون ويلات الحرب، والدمار، والتشريد، والتهجير، والتجويع الممنهج، والإبادة الجماعية في غزة والضفة، وباقي المدن الفلسطينية، إلا دليل على تجردنا من أُخوتِنا وضياع مُروءَتنا، ونخوتنا، وشهامتنا العربية، والإسلامية، فأين نصرنا لإخواننا، وأين امتثالنا لحِكَمنا وأمثالنا العربية الإسلامية الأصيلة؟ فلِمَ لم ننصر أخانا ظالماً أو مظلوما؟! ولم نقف معه في ظلمه ومظلوميته لنمنعه أو نرد الظلم عنه؟! ولم نقف مع أخينا ضد ابن عمنا، ولا مع ابن عمنا ضد الغريب، بل تجاوزنا ذلك، وتخلينا عن أُخوتنا، وفقدنا مروءتنا بوقوفنا مع الغريب ضد أخينا وابن عمنا، ويا ويلنا من الله على ما ارتكبنا من جُرمٍ كبيرٍ بحق إخوتنا الفلسطينيين، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 

 

اقرأ المزيد

alsharq فن التعامل مع العميل الغاضب

في بيئة العمل، نلتقي يومياً بأشخاص يختلفون عنا في أنماطهم وسلوكياتهم وتوقعاتهم. منهم من يمر مرور النسيم؛ هادئاً،... اقرأ المزيد

150

| 17 أكتوبر 2025

alsharq تحقيق الثروة الاقتصادية عن طريق الموارد البشرية

الرضا الوظيفي له دور كبير فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وقد يعتقد الكثير من الهيكل الوظيفي المسئول... اقرأ المزيد

210

| 17 أكتوبر 2025

alsharq الجدالات التي تسرق أعمارنا

منذ عشر سنوات، كنت أدخل النقاشات كما يدخل أحدهم في معركة مصيرية. جلسة عائلية تبدأ بسؤال عابر عن... اقرأ المزيد

123

| 17 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية