رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يقول الشيخ عبد الله بن المبارك التميمي (118 – 181 هجري) في حكمته البالغة ذات الأبعاد الثلاثة... «من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالأخوة ذهبت مروءته». ونضيف بُعداً آخر ينطبق على عصرنا الحاضر، ويتوافق مع طبيعته وخصائصه وثقافته السائدة «ومن غَلَبَ مصالَحَه، ذهبت مبادئه، وازدوَجَت معاييره، واختَلَت موازينَه.» والسؤال الأول في حكمة ابن المبارك، هو: هل عبارة الاستخفاف بالعلماء تنطبق على علماء اليوم، علماء البلاط، والمُغلبينَ لمصالحهم على مبادئ دينهم، وشرعهم، وملتهم الإسلامية؟ هل الاستخفاف بمن يقول علناً بأن أمريكا صانعة سلام دون دليل، يدخل ضمن المحظور، وكيف يمكن تصديق مثل هذا الادعاء؟ ألم تشعل أمريكا الحرب في أفغانستان، والعراق، وتتبنى إثارة الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط، وتغض الطرف عما يحدث في فلسطين، وغزة على وجه الخصوص، فأين السلام الذي يتحدث عنه هذا الشيخ العالِم؟ وماذا عن الشيخ أو العلِم الذي ينكر على المجاهدين الفلسطينين جهادهم في غزة، ووصفهم بالجرذان المختبئين في جحورهم أي أنفاقهم، فهل يدخل ضمن القائمة المُحَذَر الاستخفاف بها، وما رأي الشيخ ابن المبارك فيمن يصنف ابطال طوفان الأقصى بأنهم فئة ضالة، وفيمن يقول إن المجاعة والتجويع في غزة فيه خير لأهلها، وكأن ما يحدث في غزة ليس تجويعاً مُتعمداً مُمنهجاً، فماذا يقال عن هذا العالم الجليل؟ وأمثاله من علماء اليوم المتماهين مع الركب السائد في إدانة المقاومة الفلسطينية، وإنكار عليها جهادها في سبيل الله، والسكوت على مصيبة أهل غزة، فهل يجوز لكل هؤلاء العلماء أن يظلوا في قائمة عدم النقد، لضمان عدم ضياع الآخرة؟
أما البعد الثاني من حكمة المبارك أعلاه، والمعني بالاستخفاف بالأمراء وولاة الأمر، وما يترتب عليه من عواقب، فلا استخفاف، ولا نقد على الاطلاق، بل الدعوة لأمراء وملوك وحكام الأمة العربية والإسلامية اليوم جميعاً بالصلاح والهداية إلى سبيل الرشاد، والتوفيق في إدارة أمور هذه الأمة النائمة، وإيقاظها من سباتها للقيام بوظيفتها ومهامها وواجباتها الوطنية والقومية والدينية، والعمل بإخلاص على توحيد كلمتها، والرقي بأدائها السياسي والعسكري واللوجستي، ليتوافق مع حجم وقوة الهجمة الشرسة عليها من أعداء الله وأعدائها، ومواجهة هذا العدوان، وإيقاف المعتدي عند حده، والعمل على نصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الأم، والدفاع عن كيان الأمة وكينونتها، ورفع الظلم عن أبنائها الفلسطينيين في غزة، والضفة الغربية، وباقي أرجاء وأنحاء ومدن فلسطين المحتلة ككل، ومواجهة العدو الإسرائيلي بكل قوة وحزم سياسياً وعسكرياً، وثقافياً ولوجستياً، وعلى كل الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية، وعدم الاستجابة لمطالبه السياسية والعسكرية، وعدم السماح بتسليم سلاح المقاومة باعتباره الأداة الوحيدة الباقية لصد العدوان الإسرائيلي الغاشم، فوجود السلاح في يد المقاوم المدافع عن أرضه وعرضه وشرفه، هو شرف بحد ذاته، والتخلي عنه وتسليمه يعنى التفريط في شرف الأمة ككل. ولذا، فنرجو من زعماء الأمة ألا يتهاونوا مع العدو المحتل، وعدم الاستجابة لمطالبه، وعدم الانخداع بحيله ومكره وألاعيبه القذرة، ومقاومة كل الضغوطات الخارجية المبيتة للنيل من الأمة وثرواتها ومقدراتها، وقيمها، ورفض كل المخططات والصفقات المُهينة، وعدم التنازل عن حقوق الأمة في العيش والبقاء، وحق الدفاع عن النفس، ومقاومة العدوان بكل أشكاله. * أما عن البعد الأخير في حكمة ابن المبارك، فمتعلق بالأُخوّةِ والمروءةِ، وما بينهما من علاقة وطيدة، فالأُخوة تلدُ المروءة، وغياب الأولى يعنى بالضرورة ضياع الثانية، ولا يستقيم الأمر إلا في صلتهما الطبيعية ببعضهما البعض، وعدم فصل أي منهما عن الأخرى تحت أي ظرف من الظروف، ولأي سبب من الأسباب. وليس أدل على ذلك مما نشهده في واقعنا العربي المرير مع أخوتنا الفلسطينيين، فهو شاهدٌ علينا، ومسجلٌ علينا خذلاننا لهم في محنتهم ونكبتهم الثانية. ومرة أخرى يتكرر السؤال هنا أيضا وفي السياق نفسه، وبالصياغة ذاتها.. «هل استخففنا بالأُخوةِ»؟ فالإجابة بــ «نعم» استخففنا بالأُخوَةِ، فذهبت المروءةُ، فأين المروءة في زمننا هذا، وأين مروءتنا نحن العرب والمسلمين مع إخوتنا الفلسطينيين المشردين المُجوَعين في محنتهم وحربهم الطاحنة المفروضة عليهم من العدو الصهيويني. وما تَركُنا لإخوتنا في مآسيهم يعانون ويلات الحرب، والدمار، والتشريد، والتهجير، والتجويع الممنهج، والإبادة الجماعية في غزة والضفة، وباقي المدن الفلسطينية، إلا دليل على تجردنا من أُخوتِنا وضياع مُروءَتنا، ونخوتنا، وشهامتنا العربية، والإسلامية، فأين نصرنا لإخواننا، وأين امتثالنا لحِكَمنا وأمثالنا العربية الإسلامية الأصيلة؟ فلِمَ لم ننصر أخانا ظالماً أو مظلوما؟! ولم نقف معه في ظلمه ومظلوميته لنمنعه أو نرد الظلم عنه؟! ولم نقف مع أخينا ضد ابن عمنا، ولا مع ابن عمنا ضد الغريب، بل تجاوزنا ذلك، وتخلينا عن أُخوتنا، وفقدنا مروءتنا بوقوفنا مع الغريب ضد أخينا وابن عمنا، ويا ويلنا من الله على ما ارتكبنا من جُرمٍ كبيرٍ بحق إخوتنا الفلسطينيين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
786
| 10 ديسمبر 2025