رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

489

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

التنمر في العمل

25 مايو 2025 , 02:00ص

عجيب أمر عدم قدرة أنظمة ولوائح اماكن العمل او الدول على منع هذه الظاهرة القبيحة من التفاقم في عالمنا المتحضر اليوم! كنت اظن ان هذه الظاهرة ستكون متزامنة فقط في عهد الطفولة وأنها لن تحصل في مرحلة الكبر، ولم أدر بأي حال من الأحوال انها تجاوزت ذلك الى كل مراحل عمر الانسان بل تجاوزتها الى التنمر لما بين الدول، ولكن سأتطرق في مقالتي هذه إلى التنمر في مكان العمل، بالرغم من حداثة المصطلح كمفهوم ولغة وتشبيه بالنمر الغاضب المخيف ومعنها كالبلطجي في بعض اللهجات العربية، الا انه والعلم لله دخل الى معاجم اللغة والاجتماع لتشابه الكلمة والمعنى مع اول جبابرة الأرض وهو النمرود. فتعود للتنمر في العمل؛ فنجد هناك علامات وأشكالا كثيرة لا يجب تجاهلها مهما يكن. فمثال ذلك؛ توجيه النقد المستمر من قبل مسؤولك المباشر بالعمل دون سبب وجيه، حيث لا يتم تقدير قيمة عملك مهما بذلت من جهد، وتقويض مجهودات أدائك عبر أخذ الفضل من قبل المديرين والزملاء او من خلال تدمير كل عمل مقدم من قبلك.

ومن تلك العلامات ان تتم مراقبتك باستمرارية واستجوابك او التحكم بتصرفاتك أكثر من اللازم بما يسمى «بالإدارة الدقيقة»، وقد تشوه سمعتك من خلال نشر الشائعات او من خلال البهتان والقصص المكذوبة والمناقشات التي تدور عنك وحولك ومن وراء ظهرك. كما يتم تهميشك او تحييدك او تجاهلك من قبل شركاء وارباب العمل فيما يسمى بالمعاملة الصامتة. ومن الممكن ان تكون اساءة لفظية عبر توجيه الإهانة المباشرة للشخصية او التعليقات المتهكمة او اللاذعة بشكل مباشر للهيمنة او من خلال حدة الصوت وارتفاعه او الصراخ، وايضاً النقد على الملاحظات او التقارير بشكل غير عادل او تضخيم المسائل الثانوية والتقليل من أهمية جهدك الحقيقي بما يسمى «بالتلاعب بالمراجعات». كما قد يتم تقديم تعليمات مضللة او مبهمة وغير واضحة للعمل المطلوب عن قصد، او مهام غير واقعية، والأدهى والأمر ان تكون مصممة عمداً لجعلك تفشل، ولكن يبقى السؤال المنطقي لهذه المسألة العويصة؛ ما الحل؟

ان معرفة او اجادة المتنمرين او من تكون تصرفاته عدائية هي بداية الحل او إيجاد الاشكال وهو نصف الحل كما يقال، ولا تتعجل بالحديث قبل ترسخ الأمر في العقل قبل القلب. ولا تستجيب للنقد او تبرر له. وابق هادئاً عند الصراخ او الاهانة ومن ثم اجعلهم يتفكرون فيما عملوا وبين تكلفة ذلك بمنتهى الحلم والهدوء. يجب عليك اخي الكريم معرفة حقوقك الإنسانية قبل الوظيفية، فلك حق الاحترام والكرامة ولا شك، ويجب عليك مواجهة التنمر بشجاعة وذلك من خلال مواجهة بوادره وقنوات أذيته ولا تنتظر واطلب المساعدة من اصدق الناس لك واستشر، فما خاب من استشار، فدائماً هناك من يسمع ويساعد. ولا تفهم مثال «الباب الذي يأتيك منه الريح سده واستريح» من خلال الموقف السلبي وذلك من خلال الاستسلام والتسليم للمتنمر. قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} آل عمران (١٣٩).  وفي نهاية المطاف إذا كان مكان عملك يعاني من انتشار التنمر بشكل كبير فعليك بالتفكير بشكل حكيم وسليم بالمغادرة فوراً، والإعداد له بشكل صحيح وقبل فوات الأوان وألا تصبح ضحية للتنمر لا سمح الله! كما يجب عليك مواجهة ذلك من خلال استخدام كل السبل المتاحة للشكوى وايصال ذلك عبر القنوات الصحيحة لإجراء الدفاع عن حقك داخل مكان العمل او خارجه واستخدام القنوات القانونية الصحيحة والمتاحة لإرساء العدل وعدم الركون للظلم. فإن في البلاد من الخير الكبير المسعف لتجنب هذه الظاهرة المقيتة. وإعلموا إخوتي ان منكم من مروءته وحياؤه يمنعه من التصرف، او رقي أدبه وتربيته الأصيلة تترفع به عن النزول لهذا المنزلق المزعج، ولكن ما باليد حيله.

مساحة إعلانية