رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
"عامان تامان مرا منذ أحداث الربيع العربي شهد العالم العربي خلالها عددا من المتغيرات والتحديات، وأنها رغم اتخاذها أشكالا سياسية في ظاهرها، فإن مسبباتها الحقيقية لا يمكن أن تخطأها العين بأي حال من الأحوال.. ولا يمكن إغفال الأسباب التنموية أو تجاهل الطموحات التي تتطلع إليها الشعوب العربية وآمالها نحو حاضر مشرق ومستقبل مزدهر".. هذا ما أكده الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماع المشترك لوزراء الخارجية ووزراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالدول العربية للتحضير لأعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة التي شهدتها الرياض. ولم يكن غريبا على الفيصل أن يطالب بان تكون القمة عاكسة للموضوعات والقضايا الرئيسة التي تلامس حياة الشعوب العربية مما يتطلب الارتقاء بقرارات القمة لتكون على مستوى تطلعات الشعوب.
فالواقع الذي أراد الفيصل التنويه إليه هو أن الأزمة الحقيقية التي تواجه العرب هي التعامل مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لأن هذا يتطلب المعالجة من منظور شامل يغطي جميع الجوانب بما يتوجب معه تفعيل ومتابعة مسيرة التكامل الاقتصادي العربي والمراجعة الشاملة والدقيقة لما سبق اتخاذه من قرارات في القمتين السابقتين لتكون منطلقا أساسيا للمضي في البناء وتحقيق الأهداف المنشودة. وأعتقد أن الفيصل وضع يده على الآمال بما يمكننا من دراسة أساليب واليات استغلالها الاستغلال الأمثل، ومن دواعي الآمال هو ما يزخر به الوطن العربي من ثروات متعددة من موارد طبيعية وبشرية ورؤوس أموال وموقع استراتيجي.. والأمل هنا ينحصر في ضرورة تيسير تدفقات الاستثمار والتجارة العربية البينية في سبيل بناء تكامل اقتصادي عربي قائم على أساس المنفعة المشتركة.
ولهذا، كان من بين إنجازات قمة الرياض اعتماد الاتفاقية الموحدة المعدلة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، بما يؤدي إلى تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيس يسهم في رسم وتنفيذ مسار مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية.. فالتنمية الاقتصادية الشاملة بما تمثله من تحديات وفرص تتطلب في البداية وضوح الرؤية والأهداف، ومن ثم العمل المتواصل اعتمادا على الموارد المتاحة لبلوغ الغايات المنشودة في النمو والازدهار. وهنا نشير إلى مكون آخر غاية في الأهمية يتعلق بتوفير موارد جديدة إضافية لدعم جهود الدول العربية الأقل نموا لتحقيق تلك الأهداف.. وهو ما يسمى في علم الاقتصاد بتعظيم الموارد.
وإذا كانت السعودية أشارت بوضوح إلى المكونات أو الموارد الطبيعية، فثمة معطيات أخرى تمثل عاملا مهما في نفس الوقت، فدول المنطقة العربية تمتلك جميع المقومات الجغرافية والمناخية والاقتصادية المثلى لتطوير صناعة محلية مستدامة ورائدة في مجال الطاقة المتجددة. ولهذا، فإن اعتماد قمة الرياض للإستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة خلال الفترة من 2010 إلى 2030، يعد إنجازا للآمال العريضة، لأن تلك الإستراتيجية ستفتح المجال أمام إقامة سوق عربية لأجهزة ومعدات الطاقة المتجددة، التي تعمل على توفير فرص عمل جديدة بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص. وبالتالي يمكن استغلال مصادر الطاقة المتجددة المتاحة ونقل التقنيات الخاصة بتصنيع معداتها إلى الدول العربية، وهذا أيضاً يعد خيارا استراتيجيا للدول العربية لضمان تأمين وتنويع مصادر الطاقة وإرساء قواعد صناعة أنظمتها عربيا، سعيا إلى تسويقها على المستوى الإقليمي في بادئ الأمر ومن ثم على المستوى العالمي في مرحلة لاحقة. ثم نأتي إلى مكون مهم أيضاً ويتمثل في توفير الآليات اللازمة لمشاركة القطاع الخاص بشكل أكثر فاعلية في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية.
نحن لا ننكر كشعوب خليجية وعربية ما حققته الدول العربية من مكتسبات على صعيد العمل العربي المشترك خلال السنوات الماضية، بيد أنه من المهم التأكيد على أن واقع هذا التعاون وما حققه من إنجازات ملموسة على الأرض لا يزال قاصرا عن تلبية طموحات شعوبنا التي تدرك تماما أن لديها من الموارد والمقدرات ما يكفل لها حاضرا أفضل ومستقبلا أكثر إشراقا. وهذا يتطلب كما فعل الأمريكيون والأوروبيون والآسيويون قبلنا، الاعتماد على طرح الأفكار الخلاقة والرؤى الحديثة التي تكفل المضي قدما لهذه المسيرة والتصدي بكفاءة وفعالية لما يعترض طريقها من صعوبات وتحديات، حتى تستعد القيادات العربية بقوة لمواجهة التحولات الكبرى التي تعيشها الشعوب، وما أفرزته من تداعيات وتحديات غير مسبوقة، الأمر الذي تطلب من هؤلاء القادة اتخاذ المواقف المطلوبة لمواجهة هذه التحديات والتعامل معها وتعزيز التضامن والتكاتف العربي لتجاوزها.
كما أننا لا ننكر أهم إفرازات القمة وهي التأكيد على أهمية الاستثمار في الوطن العربي كأحد الحلول الجذرية لمواجهة ارتفاع معدلات البطالة وضعف نتائج برامج التشغيل والعمل في معظم الدول العربية.. أما إذا تحدثنا عن أهمية تعديل الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال بالدول العربية، فنقول هنا أنها ركيزة أساسية للموائمة مع المتغيرات الجديدة على الساحتين الدولية والإقليمية لتوفير المناخ الملائم لزيادة الاستثمارات العربية البينية والمساهمة في توجيه الاستثمارات العربية إلى داخل المنطقة العربية بدلا من إهدارها في الخارج، بهدف الحد من البطالة والفقر وزيادة رفاهية المواطن العربي.
وعلى سبيل المثال، كان ثمة تصريحات مهمة لعدنان القصار رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة العربية، أشار فيها إلى أن مصير الحلم العربي بالتكامل الاقتصادي يعتمد على إقامة السوق العربية المشتركة، وتأمين الغذاء ومعالجة البطالة، وتسهيل التجارة البينية والاستثمارات العربية. لم يكن هذا هو المطلب الوحيد للقصار، فثمة مطلب آخر وهو ضرورة تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية الحقيقية، ينتظر قرارات سياسية نافذة مشفوعة بآلية عمل فاعلة من القمة.. وعليه، فإن القمة الاقتصادية كانت منبرا هاما لإصدار القرار السياسي، الذي يتم من خلاله معالجة كافة العقبات التي تواجه حركة الاستثمار في البلاد العربية، وحرية التجارة العربية البينية، وقضايا النقل والتنقل، والمشروعات العربية، لتحقيق مشاركة فاعلة للقطاع الخاص في مبادرات التنمية والتكامل الاقتصادي العربي.
إذًا.. نحن أمام السوق العربية المشتركة، وبدونها، سينهار الحلم العربي وتصبح التوصيات مجرد فقاعات أطلقت في الهواء. والأمل، أن يكون القادة على قدر المسؤولية ويعملون بكل ما أوتوا من قوة وعزم على تبني القرارات الكفيلة لمعالجة كافة العقبات التي تواجه حركة الاستثمار في البلاد العربية، وتفعيل التجارة العربية البينية، ودعم حرية التنقل والمشروعات العربية، وصولا إلى إقامة السوق العربية المشتركة، خاصة أن هناك وقتا كافيا حتى عام 2020، سيما وأن القطاع الخاص ومؤسسات الغرف التجارية والصناعية العربية، مستعدة للعمل معا لبلوغ التكامل الاقتصادي.
وإذا عرجنا على القطاع الخاص، فقد تعرض لظلم بين، بسبب تباين واختلاف الأنظمة العربية وتغير السياسات الاقتصادية والعلاقات العربية - العربية، ما انعكس سلبا على ميلاد هذا الحلم، وبالتالي عدم تمكن القطاع الخاص العربي من تنفيذ أي خطة عملية بهذا الشأن، رغم ما يتمتع به القطاع الخاص على المستوى العربي من الإمكانات، بما يمكنه من تحقيق هذا الحلم، بهدف إحداث نهضة الأمة العربية من خلال تنشيط التجارة البينية وغيرها.
إجمالا.. كانت القمة لحظة فارقة وتحديدا في حياة ومستقبل مجلس التعاون الخليجي ومستقبل التكتل الاقتصادي العربي. فكان أمام الزعماء قوائم طويلة من آمال وطموحات الشعوب، خاصة وأن الواقع يؤكد أن معظم بلدان العالم العربي يأتي في موقع متأخر جدا على مستوى التقدم الحضاري والاقتصادي والعلمي، هذا رغم ما أسلفناه بأن العالم العربي ليس فقيرا في الموارد ولكنه فقير في حسن إدارة الثروات وفي عبقرية التعاون والتكامل بين بلدانه وحكوماته، وتوجد كثير من الموارد الاقتصادية المهمة في العالم العربي عاطلة وتحتاج فقط إلى إدارة اقتصادية حكيمة لتفعيلها لتسهم في تنمية بلدانها ورقي مواطنها.
ولهذا، مثلت قمة الرياض أملا عربيا عريضا لإنعاش الاقتصاد العربي، الذي أصابه التقهقر والوهن، نتيجة لعوامل متعددة من أبرزها تراجع الأداء في أكثر من دولة نتيجة تفاعلات الثورات العربية..سيما وأن قمة الرياض الاقتصادية أخذت على عاتقها تحدي الواقع، لتضع معالم الخروج من الوضع الراهن إلى عالم الواقع الجديد المليء بالخير لشعوب تنتظر التقدم والرقي، وهذا ما تستحقه في الوقت نفسه، لتكون بمنزلة التحدي الحقيقي لتداعيات الربيع العربي.
وكلمة أخيرة نوجهها إلى المملكة العربية السعودية، فهي وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تبقى الدولة الأم المؤهلة لقيادة العمل المشترك بعد التداعيات المتواصلة والسريعة التي أشغلت العقل العربي بهموم ضاعفت منها الاضطرابات السياسية التي تعيشها الشعوب العربية. فالسعودية تتسم بعلاقة متوازنة تجعلها تقف على مسافة واحدة من مختلف الأطراف، وفق سياسة متزنة تحكمها ثوابت المملكة.
            
            حدود العنكبوت
            حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
1371
| 04 نوفمبر 2025
            
            إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
            ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
249
| 04 نوفمبر 2025
            
            نظم في قطر
            انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
246
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
 
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2832
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
1941
| 03 نوفمبر 2025