رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبير عاشور

مساحة إعلانية

مقالات

447

عبير عاشور

ظاهرة المشاهير الافتراضيين.. مؤثرون بلا أرواح

24 أكتوبر 2025 , 12:56ص

في عالم تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، لم يعد فيه التفاعل بمنصات التواصل الاجتماعي حكراً على البشر، فقد ظهرت على الساحة فئة جديدة من المشاهير والتي لا تمتلك أجسادا ولا أرواحا حقيقية، بل ولدت من الخوارزميات وتقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والرسوم ثلاثية الأبعاد، وهم المشاهير الافتراضيون، يعيشون بيننا في منصات التواصل الاجتماعي، وتبدو صفحاتهم نابضة بالحياة ويشاركون قصصاً يومية تثير التعاطف والاعجاب ويتفاعلون مع المتابعين، وباتوا اليوم يكتسبون شهرة عالمية لدرجة وصلت إلى تعاقد أكبر الشركات والعلامات التجارية معهم لتقديم الخدمات الإعلانية وتمثيل علاماتهم التجارية والرتويج عن منتجاتهم وأحدث صيحات الموضة.

وتعد (ليلو ميكويلا)، واحدة من أبرز هذه الشخصيات التي نعنيها في سياق هذه المقالة، وهي شخصية غير حقيقية تم انشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتعمل كمودل وتشارك لحظاتها ويومياتها على منصات التواصل الاجتماعي، إذ يتابعها ما يزيد على 2 مليون مستخدم على منصة إنستقرام، وتعاونت مع علامات تجارية عالمية مثل برادا وكالفن كلاين لتمثلها وللإعلان عن أحدث منتجاتهم، وبالرغم من أن ليلو ميكويلا ليست انسانا حقيقيا، فإن محتواها اليومي وصورها عالية الدقة جعلت الكثير من متابعيها يظنون أنها شخصية حقيقية.

قد تحدث ظاهرة المشاهير الافتراضيين تحولا في مفهوم التأثير والتسويق عبر شبكة الإنترنت، إذ يمكن تصميم الشخصية الافتراضية لتتناسب مع صورة العلامة التجارية دون الحاجة إلى التعامل مع الأزمات الشخصية التي قد تواجه المشاهير الحقيقيين، كما أنها لا تشيخ ولا تخطئ، ويمكن التحكم في كل تفاصيلها وحركاتها وسلوكياتها بضغطة زر، وتشير بعض الاتجاهات إلى أن انجذاب المستخدمين لمثل هذه الشخصيات يعود إلى الشعور بالأمان تجاهها، فهي لا تطلق أحكاما مسبقة، ولا تثير الجدل، بالإضافة إلى أنها مثالية في الظهور والسلوك.

إن مثل هذا النوع من المثالية الوهمية قد يضعف القيم الإنسانية الحقيقية لا سيما هنا في المجال الإعلامي والتسويقي، خاصة وأن العلاقات الرقمية اليوم أخذت اتجاها تفاعليا بين البشر والبرمجيات، وهذا ما يثير العديد من التساؤلات الأخلاقية والإعلامية، منها: إلى أي مدى يمكن اعتبار التفاعل مع شخصية غير حقيقية تجربة صادقة؟ ومن يتحمل المسؤولية القانونية في حال نشر المشاهير الافتراضيين لمحتوى مضلل أو مسئ؟ وهل يمثل ظهور هؤلاء المشاهير ملامح مستقبل جديد للإعلام الرقمي، من خلال تقاطع التقنية والإعلام إلى حد يسمح بإنشاء هويات رقمية جديدة تحمل سمات تساهم في إعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا؟

مساحة إعلانية