رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مقالنا اليوم عن ما يحدث في هذا القطاع المهم في كل الدول، فعلى الرغم من أهميته فإننا هنا وفي دولتنا الحبيبة لانرى فيه أي تقدم أو تطور بل بالعكس، فنحن لانرى سوى ضعف وانحدار وأخطاء فادحة تذهب فيها ارواح غالية علينا، وذلك لأسباب كثيرة لاتعد ولاتحصى، قد يكون من أهمها عدم المراقبة والمحاسبة والسؤال من قبل المسؤولين وقد يكون أيضا بسبب التوظيف العشوائي وتحريك فيتامين واو (الواسطة) لكل الكادر الإداري والطبي. ومما يؤسف ويحزن أننا حينما نذهب لهذه المستشفيات بجميع تخصصاتها نرى مايذهلنا من تنسيق وديكور وتزيين مما يعمي العيون، ويعتقد الشخص فينا لوهلة أنه قد أخطا في العنوان وذهب لأحد الفنادق الفخمة، وفي الحقيقة إنها قد فاقت في الجمال هذه الفنادق.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا كل هذا التكلف والمبالغة وإهدار المال العام؟ في حين أن أي مكان صحي في العالم لاتزينه سوى البساطة والنظافة والاهتمام، فالمريض عندما يذهب إلى المستشفى لايبحث عن كل هذا التكلف والمبالغة بل يبحث عن الأمان والراحة والشفاء والاهتمام، ولكن هيهات!! ديكور فخم وجدران مطلية بألوان رائعة وأجهزة نداء متنوعة وكراسي فخمة كل ذلك نراه، ولكن في المقابل نفوس متذمرة مريضة من موظفين وأطباء لامبالية بهؤلاء المرضى، ناهيك عن المواعيد الطويلة الأجل وكأننا في الصين الشعبية أو قد تفوقنا عليها في العدد، ورغم طول الأجل في المواعيد فقد تلغى أو تؤجل بكل بساطة، ولأي سبب من الأسباب دون مراعاة لهذا المريض أو حالته أو سنه، بل الويل لك إذا اعترضت أو ناقشت فسوف تقابل بهجوم من قبل من ليس في مكانه المناسب، بل لعب معه الحظ لعبته هنا. فما نراه يحدث في هذا القطاع الحساس يدمي القلب ويشيب له الرأس، وعلى سبيل المثال، مايحدث في مستشفى القلب الذي فرحنا كثيرا بافتتاحه واستبشرنا خيرا، ولكن ماحدث ويحدث كل يوم لهو أشد وقعا ومرارة على النفس، فكم من مريض ذهب ورحل بسبب الأخطاء الفادحة في هذا المستشفى بالذات ـ مستتشفى القلب ـ للأسف الشديد، والأحداث التي نسمعها أو نراها بأنفسنا تشهد على ذلك. ومن الملاحظ في مستشفى القلب أن أغلب الكادر الطبي أو الإداري من جنسية عربية واحدة وكذلك اللامبالاة في حالات المرضى وخطورتها، والتركيز في العمل على الممرضات فقط، فهن اللاتي يقمن بدور الطبيب في كل شيء حتى إن الطبيب يأخذ تفاصيل حالة المريض وعلاجه من هذه الممرضة، والأدهى من ذلك أن هذا الشيء يحدث في غرف العناية المركزة، ناهيك عن الزوار لهذه الغرف الخطرة فليس هناك مواعيد ولا التزام ولاتعقيم، وكأن لسان هؤلاء ـ مُدّعي الطب ـ يقول إن هؤلاء المرضى هم ميتون لامحالة. فالطبيب في الصباح لايشخص المريض إلا من خلال الممرضة وفي الليل الطبيب يقضي مناوبته نائما طوال الليل متحججا بحجته المعهودة (إذا فيه شيء صحوني) وهنا سؤال يطرح نفسه أيضا كيف لإنسان نائم وفي عز نومه أن يستيقظ ويباشر حالة المريض الخطرة والذي في العناية الفائقة بكل تركيز وحرص؟ ناهيك عن الذي يكون أصلا في منزله بتغطية من ممرضاته، حيث لاحسيب ولارقيب سوى رب العالمين. فالذي يذهب إلى هذا المستشفى وخاصة في الليل لايرى سوى المرضى على الأسِرّة وفي غرف العناية المركزة وصوت أجراس الخطر تقرع وبصوت مسموع ولا أحد يجيب، وأنوار مطفية وممرضات يتجولن في الممرات أو في الأسفل يتناولن الوجبات ويتبادلن الأحاديث والضحكات، وما أكتبه في هذا المقال ليس من فراغ ولكن من واقع مرير خضت تجربته بنفسي، وأنا على يقين أن كل من جاء لهذا المستشفى بنفسه أو مع قريب، لهو مصدق لما كتبته الآن. فهذا هو مايحدث في المستشفى. رعب لاينتهي وأرواح تذهب ضحية الإهمال وسوء الإدارة وعدم المراقبة للجميع من إداريين وأطباء.
وفي الختام نناشد المسؤولين تسليط الضوء على مايحدث في هذه المستشفيات وبالأخص مايحدث في المستشفى ـ السالف ذكره ـ فهذه مسؤولية كبيرة وأرواح تذهب بدون سبب على يد هؤلاء، رغم وجود الأجهزة المتطورة التي قد لاتوجد في أفخم المستشفيات في العالم، ولكن أجهزة متطورة مع كادر طبي سيء وقلوب لاتعرف الرحمة أو الخوف من الله؛ لن يكون لها أي نفع، هذا والله من وراء القصد.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1818
| 21 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1521
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1488
| 25 نوفمبر 2025