رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

البروفيسور د. أحمد أويصال

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
 

مساحة إعلانية

مقالات

729

البروفيسور د. أحمد أويصال

معضلة صورة المسلمين في العالم.. أسباب المشكلة

23 أكتوبر 2024 , 02:00ص

يشكل المسلمون جزءًا كبيرًا من سكان العالم، وقد لعبوا دورًا هامًا في التاريخ. على الرغم من أن الإسلام ينظر إلى المسيحيين واليهود بإيجابية باعتبارهم أهل الكتاب، إلا أن العلاقات بينهم شهدت تقلبات على مر التاريخ. بعد انتشار الإسلام في الأراضي المسيحية، احترم المسلمون العقائد المسيحية وتعايشوا معهم بسلام لفترة طويلة. وعلى الرغم من الحروب الصليبية، حافظت الدولة العثمانية على تقليد التعايش السلمي. ومع ذلك، تدهورت العلاقات بعد صعود الغرب على حساب العالم الإسلامي، مما أثر سلبًا على صورة المسلمين.

كما أوضح ماكسيم رودنسون في كتابه «أوروبا وسر الإسلام»، لم تكن صورة الإسلام دائمًا سيئة في الغرب، بل كانت إيجابية في فترات مختلفة. أما اليوم، فإن صورة المسلمين تبدو سلبية بشكل عام في الغرب، وهذا الأمر ينعكس على بقية أنحاء العالم. والحقيقة أن معظم هذه السلبيات مبالغ فيها ولا أساس لها، لكن ذلك لا يغير من واقع الصورة السلبية. في هذا المقال، سنستعرض أسباب هذه المشكلة بالتفصيل. بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، كتب المنتصرون الغربيون تاريخًا سلبيًا للأتراك والعرب وأجزاء أخرى من العالم. وعلى الرغم من أن هذه الرواية تعرضت للطعن والتحدي من الداخل والخارج، إلا أنها لا تزال قائمة حتى اليوم.

ترتبط الصورة السلبية للمسلمين بعوامل تاريخية متعددة. بعد الفتوحات الإسلامية في آسيا وشمال إفريقيا والأندلس، شن الصليبيون حملات على المسلمين في بلاد الشام خلال القرون الأولى. كما أن توسع الأتراك في شرق أوروبا أثار حالة من الخوف، وتجسد ذلك في الشعار المعروف «الأتراك قادمون». إلى جانب ذلك، حدث التوسع الغربي والاستعمار في معظم الأحيان على حساب المسلمين، حيث استعمرت القوى الغربية العديد من الأراضي الإسلامية في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. أدى هذا الاستعمار إلى استغلال الموارد وقمع الشعوب، مما دمر الاقتصاد المحلي وأثار استياءً عميقًا ومقاومة قوية ضد القوى الغربية.

واليوم، لا يزال الصراع على النفوذ العالمي مستمرًا في الشرق الأوسط على حساب شعوبه، مع دعم أعمى من الغرب للدولة الصهيونية، بينما هناك جماعات ضغط قوية تسعى لتشويه سمعة العرب والمسلمين في هذا الصراع. لطالما حاولت إسرائيل تشويه صورة العرب والمسلمين على الصعيد الدولي. وقد برر الغرب تدخلاته في أفغانستان والعراق ودول إسلامية أخرى من خلال تشويه سمعة شعوبها. أصبح هذا الجهد جليًا بشكل خاص بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، التي نُسبت إلى أسامة بن لادن وبعض الشباب العرب. ومع ذلك، لم يتم البت في هذا الحدث حتى في المحاكم الأمريكية. ورغم ذلك، فقد أدى إلى تصاعد المشاعر المعادية للمسلمين في الغرب وحول العالم، حيث بدأت تُربط صورة المسلمين بالإرهاب.

كما ساهم التطرف والجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة في تعزيز الصورة السلبية للمسلمين. وعلى الرغم من أن المسلمين هم أيضًا ضحايا لهذه الجماعات، إلا أن حقيقة أن الإرهابيين يشوهون صورة المسلمين على مستوى العالم تبقى قائمة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب وسائل الإعلام الغربية دورًا في تعزيز هذه الصورة السلبية من خلال المبالغة في بعض الأحيان وتشويه الحقائق المتعلقة بالمسلمين. يمكن ملاحظة ذلك في التغطيات الإخبارية وكذلك في أفلام هوليوود. كما يساهم الجهل بالإسلام على نطاق واسع في تعزيز الصورة السلبية عنه. وقد أدت الصراعات الكبرى في المنطقة إلى خلق ملايين اللاجئين، مما أسهم في تفاقم الكراهية ضد المسلمين، والتي تُعرف أيضًا باسم الإسلاموفوبيا.

أدى تدفق اللاجئين المسلمين من السوريين والأفغان والأفارقة إلى زيادة وضوح الرموز الإسلامية في الغرب، مما تسبب في مخاوف من عدم الاستقرار الاجتماعي والثقافي في الغرب. ولا تُعتبر العنصرية والتعصب العرقي أمورًا جديدة في الغرب؛ فالفاشية والنازية تمثلان أبرز أمثلة على هذه الآراء المتطرفة. سابقًا، كانت تلك الأحزاب اليمينية المتطرفة تستهدف دولًا أوروبية أخرى، لكنها بدأت مؤخرًا تستهدف اللاجئين أو المقيمين المسلمين كتهديد لأمنها وثقافتها. حتى إن بعض الدول تستثمر في تعزيز الصورة السلبية عن المسلمين، الذين يُلامون ظلمًا على الجرائم والبطالة والفقر. للأسف، يفتقر العالم الإسلامي إلى مؤسسة دولية قادرة على مواجهة هذا الاتجاه، حيث إن منظمة التعاون الإسلامي ليست فعالة جدًا في هذا الصدد، مما يعكس الوضع العام للمسلمين. سأقترح بعض الحلول لتحسين صورة المسلمين في المقال القادم.

مساحة إعلانية