رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تتغير الحكومات في إيران لكن ما لا يتغير هو استمرار صعود إيران في المنطقة وتزايد نفوذها. سواء أكان الحكم في طهران متطرفا بقيادة أحمدي نجاد. أم معتدلا بقيادة حسن روحاني فإن مسار السياسة الإيرانية يبدو متجها في ذات الخط التصاعدي. ليس ثمة عبقرية خاصة تميز تلك السياسة تقودها إلى إنجازات من نوع مختلف. بل هو الفراغ الإقليمي العربي وضعف الدول العربية هو الذي يغري دولا إقليمية مثل إيران وتركيا كي تحتلان موقعا متميزاً في قلب النفوذ الإقليمي. مُضافا إلى ذلك غباء السياسة الأمريكية في العراق التي انتهت إلى تقديمه على طبق من فضة لطهران ونفوذها. خلال فترة حكم نجاد اختلطت السياسة الإيرانية وتوسعها الإقليمي بنبرة أيديولوجية دينية وشعارات وتهويمات الرئيس نفسه الذي كان يعيش عالمه الغيبي الخاص به. في السياسة ليس اخطر من رجل يعتلي هرمها وتقوده أحلام أو أوهام الأيديولوجيا ويظن أن الغيب أوكل إليه مهمة إصلاح الكون. كان نجاد يعتقد أنه قائد جيش المهدي المنتظر وأن ظهور هذا الأخير بات وشيكاً وكل ما كان يقوم به نجاد هو التمهيد الضروري لعودة ظهور الإمام. وكان يرى في الغزو الأمريكي للعراق محاولة أمريكية يائسة لتأخير ظهور الإمام لأن وسائل الاستخبارات الأمريكية علمت قبل غيرها بموعد الظهور!
بكل الأحوال صار ذلك خلف ظهورنا. ونأمل إلى الأبد. مع انتخاب وتولي حسن روحاني الحكم الذي يتأمل كثيرون أن يفتح صفحة جديدة في السياسة الإيرانية خاصة لجهة علاقات إيران مع جيرانها العرب. لكن المواقف والتوجهات التي يمكن رصدها حتى الآن من سياسات الحكم الجديد تشير إلى الشيء ونقيضه وما زالت لم تترسخ. ومن الموضوعي منحها فترة أطول حتى تتبين بشكل أوضح ومن ثم يتم الحكم عليها.
لكن الشيء المقلق هو أن تتغير السياسة الإيرانية دوليا وتتصالح مع الغرب في الوقت الذي تبقى على حالها من تشدد وبسط نفوذ وتدخل على المستوى الإقليمي. بل وأزيد من ذلك أن يوفر لها انفتاحها على الغرب وتقديمها تنازلات في الملف الأهم بالنسبة للدول الكبرى. وهو سقف امتلاكها التكنولوجيا النووية وقدرتها على تحويل تلك التكنولوجيا إلى المجال العسكري. فرصا جديدا للاستقواء الإقليمي وتكريس سياسة التدخل في الجوار وبسط النفوذ. والشيء الأكيد هنا هو أن طهران تقرأ وتستوعب الدرس السوري جيدا ومدى الهوس الغربي بسلاح سوريا الكيماوي الذي أدهش وفاجأ حكام دمشق أنفسهم. حيث اكتشفوا أن هذا السلاح هو رافعة النجاة للنظام. ليس عبر استخدامه بل عبر التفاوض مع الغرب على تسليمه. ومن شبه الأكيد هنا أن تكون طهران قد قدمت نصيحة غالية لدمشق لقبول فكرة تسليم السلاح الكيماوي. بهدف كسر الانسداد السياسي الذي كان يواجه الحكم في سوريا. وفتح الطريق واسعا إلى "المفاوضات مع الغرب" حول كيفية وآلية تسلميه. والجدول الزمني. وترتيبات السلامة. والبروتوكول السياسي والدبلوماسي والأمني. وقائمة طويلة لا تنتهي من الإجراءات. طهران التي تمتلك خبرة عريقة في "المفاوضات مع الغرب" حول الملف النووي سوف تكون إلى جانب دمشق تمدها بتلك الخبرة. وسوف تطول مفاوضات الملف الكيماوي السوري مع الغرب كما طالت شقيقتها الإيرانية. وخلال ذلك يستقوي النظام ويستمر في طحن الشعب السوري دفاعاً عن حكم الإقطاع الأسدي.
كانت طهران تدرك أن الملف النووي هو الورقة الأهم إن لم تكن الوحيدة التي تمتلكها على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة والغرب من أجل اكتساب اعتراف بموقع ومصالح إيران في المنطقة والكف. حسب ما تقول طهران. عن التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية. والآن جاء الدرس السوري ليس ليؤكد ما كانت تعرفه إيران وحسب. بل ولتدهش حكامها بمدى هوس الغرب واستعداده لتقديم تنازلات كبيرة في سبيل تحييد هذا السلاح في سوريا. ثم في إيران. لم يهم الغرب أن أكثر من مائة ألف سوري قتلوا بالسلاح التقليدي غير الكيماوي. ذلك أن هذا السلاح فعال فقط ضد الشعب ولا فاعلية له خارج حدود سوريا. وتحديدا مع إسرائيل. وكذا الأمر بالنسبة للملف النووي الإيراني. فطالما تم تحييده فإن خطر إيران على إسرائيل (سواء أكان حقيقيا. أم متوهماً) سوف يتم إبطاله. في المقابل تُترك إيران حرة وطليقة في سياساتها الإقليمية وإزاء جيرانها.
على ذلك فإن المرحلة المُقبلة سوف تشهد تحديات كبيرة للنظم الإقليمي العربي المتداعي أصلا إزاء ما قد تصل إليه المفاوضات الإيرانية الغربية. فطهران روحاني سوف تكون في الغالب أكثر اعتدالا وبراغماتية مع الغرب إزاء الملف النووي. وليس من المُستبعد أن تصل معادلة شبيهة بالمعادلة الروسية وأساسها هو: التنازل للغرب من أجل السيادة في الإقليم. ولأن بوصلة الاهتمام الأمريكي والغربي عامة هو أمن إسرائيل فحال أن يتم تأمين ذلك بشكل مطبق. فإن إطلاق يد طهران إقليميا لن يقض مضاجع الرئيس الأمريكي أو حلفائه. وهذا يُبقي التحدي الحقيقي والكرة الملتهبة في الملعب العربي ويطرح الأسئلة الصعبة التي يجب التصدي لها وهي كيفية التعامل مع إيران. وما هي الرهانات على طهران الجديدة وحاكمها الجديد. وما هي نسبة الجديد والمتغير إزاء القديم والمستمر في سياستها.
المعضلة الكبيرة في السياسات العربية. في كل القضايا تقريبا. هو التردد والبطء وعدم الإقدام. على العكس تماما من السياسة الإيرانية التي تتصف بالهجومية وعدم التردد. خلال سنوات الثورة السورية الثلاث دخلت إيران في قلب النار من دون تردد. ووقفت إلى جانب نظام الحكم الدموي ولم تأبه لأي شيء آخر. كانت تدرك أن سقوط النظام يعني إنحسار نفوذها الإقليمي وانكسار الهلال الإيراني في الحلقة الأهم منه. في المقابل لم يكن هناك موقف عربي يتسم بنفس السمات في سوريا مؤيدا لثورتها. وإذا نظرنا إلى سياسة دول مجلس التعاون الخليجي خاصة في السنتين الماضيتين فإننا نرى بوضوح التردد والتراخي في الملف السوري. وعندما صار هناك موقف خليجي مبادر وفعال وهجومي فقد اتجه للمعركة الخطأ. أي في مصر. واستنزف الجهد والموارد والتخطيط للحرب على نظام الإخوان في القاهرة وهو النظام الذي كان سقوطه محتما بالانتخابات وبالإرادة الشعبية ومن دون تدخل خارجي. وفي غمره الانهماك في مصر. كانت إيران تتجذر في سوريا واليمن والمنطقة كلها.
في زمنٍ تتنازع فيه القوى الإقليمية والدولية على النفوذ السيادي وتغيب فيه لغة العقل أمام صخب المصالح تبرز... اقرأ المزيد
63
| 12 أكتوبر 2025
المنطق يحتم على السودانيين باختلاف انتماءاتهم العرقية والجهوية وبصفة خاصة النخب السياسية والأكاديمية منهم أن يتدبروا أمرهم جيداً... اقرأ المزيد
66
| 12 أكتوبر 2025
في خطوة نوعية تعكس رؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع متماسك ومتوازن، صادق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم... اقرأ المزيد
87
| 12 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8670
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6909
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4818
| 05 أكتوبر 2025