رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انتهينا سابقا إلى أن الفلسفة الوضعية كانت الباب الذي دخلت علينا منه كل الشرور. وبتعريف الفلسفة من منظور إسلامي، بأنها شكل من أشكال الغلو فيكون المولي عز وجل قد حذر منها في أكثر من آية، منها «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ». وبهذا ينطبق عليها ما جاء في «فتح الباري» لابن حجر العسقلاني، في وصْفه التنطع، أنها «تكلُّف الفصاحة في الكلام، واستخدام غريب الألفاظ، والبحث عن أمور مغيبة وَرَدَ الشرع بالإيمان وترك كيفيتها». وهنا يكون الرسول الكريم ﷺ أيضا قد حذر منها في أحاديث كثيرة منها (هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ). ومنها أيضا قصة المنافق المتنطع الذي جاءه ﷺ فقال له اعدل يا محمد، وقصته معروفة وظهرت تجلياتها في الفتنة الكبرى.
كما تنبه لهذه العملية التخريبية علماء الإسلام، فقال الشافعي (القرن الثاني) «حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالنعال». لكن عندما تصدى لها الإمام أبو حامد الغزالي، بقوة، أواخر القرن الخامس، كان شرها قد استفحل، وأصاب عقل الأمة. بل وُجد في ذاك الزمان وبعده، مِن المسلمين والمستشرقين، من يخالفه، وينصر الفلسفة والمتفلسفين، أمثال ابن رشد. لكن صار الإجماع إلى عدم جواز الاشتغال بالفلسفة إلا لبيان ضلالها، مع تفضيل الابتعاد عنها بالكلية، إذ قيل إن الغزالي نفسه لم يسلم من أفكارها رغم محاربته لها.
على كلٍ، دخلت الفلسفة الغربية إلى العقل الإسلامي لتصب الزيت على نار التشويه الفكري الذي كان قد أحدثه ابن سبأ، من إدخال التنطع والتشبيه والتجسيم على الفكر الإسلامي، والذي تشعب من أراجيفه وتلفيقه كل ما ظهر في تاريخنا بعده من فرق ضالة، مثل الخوارج والشيعة والمعتزلة والباطنية والقدرية والجبرية، وتفريعاتها، والتي جمعها المستشرق يوهانس هالم تحت مسمى الغنوصية في الإسلام، وأثبت أنها من أصل واحد، كما أشرت سابقا. وقد سبقه وسبق غيره في ذلك أبو الفتح الشهرستاني، في القرن السادس، في كتابه الموسوعي «الملل والنحل» الذي فصّلها تفصيلا موسوعيا وردها جميعا إلى فتنة إبليس اللعين، وجداله مع الملائكة.
وقبل الخوض أكثر في هذا البحث أود أن أوضح أنه ليس بحثا دينيا ولا تاريخيا، لكنه يأخذ من الدين والتاريخ بقدر ما يوضح الخط الناظم له وهو تتبع كيفية تشكُّل العقل العربي المسلم وكيفية تأثره سلبا بحوادث الإرجاف والتشويه وأن هذا هو السبب المُبِكر والرئيس وراء تخلف الأمة، وأن الانهيار لم يبدأ فجأة في القرن الخامس. كما سنوضح لاحقا أن العقل العربي انفصل في وقتنا الحاضر عن العقل المسلم وعاد كما كان قبل أن يدخل عليه الإسلام بدرجة كبيرة.
وقد فند د. علي سامي النشار في كتابه «نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام» زيف الهالة التي أحاطت الفلسفة اليونانية لقرون. كما بين أن أمثال الكِندي (الذي يعد مؤسس ما سُمي بالفلسفة الإسلامية) والفارابي وابن سينا وابن رشد كانوا فلاسفة مسلمين لكنهم لم يعبروا عن فلسفة إسلامية حقيقية، بل عن فلسفة يونانية محضة كليا وجزئيا. وأوضح أن ما يمكن تسميته فلسفة إسلامية هو، مثلا، علم أصول الفقه، وعلم الحِجاج أو علم الكلام، وعلم الاجتماع، والجرح والتعديل. لذلك سنجد أنه وقع خلط كبير في مسمى الفلسفة الإسلامية حتى وقتنا الراهن.
هنا نصل إلى الأضرار التي أصابت الأمة جراء عملية التشويه المنظمة التي بدأها ابن سبأ وقبيله ولم تتوقف للآن، ويمكن وضعها تحت عناوين أربعة كبرى، هي الخسائر الفكرية، والخسائر البشرية، والخسائر العلمية، والخسائر المادية.
فمع تعدد النحَل وكثرة التلبيس والإرجاف شهدت الأمة فترات كان يصعُب فيها تحديد مذهب الرجل أو العالم من العلماء، حتى اختلط حابل الأفكار بنابلها، وتشوهت عقول الكثير. والأخطر أن كثيرا من تلك الفرق، إما استحوذت على رأس السلطة (المأمون مثالا)، أو لجأت إلى السلاح والعنف لفرض آرائها. وكان أولها الخوارج بما أثاره ابن سبأ من نزاعات وحروب واغتيالات، وانقلابه على سلطة الخلافة ذاتها. حتى إن المرء ليعجب من كم الدماء التي أريقت في صفوف المسلمين والتي أحسب أن عدد ضحاياها يفوق عدد من استشهدوا في حروب الأعداء أضعافا مضاعفة. وكان من أخطر تلك الفرق الرافضة، وحربهم على الدين كله، والمعتزلة الذين أثاروا فتنة خلق القرآن، والباطنية الذين تفرع منهم القرامطة الذين اعتدوا على الحرم وسرقوا الحجر الأسود، والإسماعيلية الحشاشين الذين أعملوا القتل في أبناء وعلماء الأمة ولم يوقروا عالما ولا مُصلحاً، حتى نظام الملك الوزير الأشهر صاحب النهضة التعليمية لدى السلاجقة، وحاولوا قتل صلاح الدين الأيوبي، واستولوا على مناطق كبيرة من الدولة الإسلامية مما هز استقرارها، وأهدر أرزاقها.
الطامّةُ أن الفتنة لم تقف عند صراع الفِرق بل إنها ضربت أبناء الفرقة الواحدة. من ذلك شيوع الاختلافات بين الحنفية والشافعية من أهل السنة، مثلا، حتى وصل الأمر في القرن السادس أنهم لم يكونوا يتزاوجون. بل أوردت كتب التراث أن المسجد الحرام كان به آنذاك مقام منفصل لأصحاب كل مذهب، من الأربعة، يُصلّون إليه.
وقد كان من نتيجة تلك الشعوذات التي تسللت إلى عقل الأمة أن تراجع العلم والإيمان وحل محلهما الجهل والتطير. فمثلا عندما دخل التتار بغداد، (القرن السابع)، كان كثيرون ممن يلوذون بالشعوذة ويتعلقون بالأولياء يقولون «ياخائفين من التتر لوذوا بقبر أبي عمر». وفي مصر، لاحقا، كانوا يشيعون أن الإنجليز لن يتمكنوا من احتلالها وفيها قبور أولئك الأولياء المشهورين. لكن ذلك لم يمنع سقوط بغداد ولا ذبح أعداد هائلة من سكانها، ولا من احتلال مصر والعالم الإسلامي كله، وهو ما رصده بيجوفيتش في كتابه «عوائق النهضة الإسلامية». وللحديث صلة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2781
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2454
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
1686
| 03 نوفمبر 2025