رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هي فتنة تكاد تنتشر في أنحاء المحروسة ضمن سياق محاولات عديدة لإجهاض ثورة الخامس والعشرين من يناير في صدارتها إثارة الاحتقان الطائفي على نحو غير مسبوق من جراء الشحن العاطفي باتجاه تفجيره بشكل يومي خاصة أن الأنفس قابلة للاختراق على هذا الصعيد بفعل عوامل كامنة منذ أن كان النظام السابق يحركها.
وتأتي فتنة العفو عن حسني مبارك مقابل التنازل عن ثروته وممتلكاته كدلالة أخرى على أن ما يطلق عليه "فلول النظام السابق" لا تفتر همتها في سبيل تبرئة الرجل عن كل ما ارتكبه على مدى ثلاثين عاما من حكم مطلق شديد الاستبداد بصورة لم تحدث في التاريخ المصري منذ إنشاء الدولة المصرية القديمة في العصر الفرعوني.
والبداية كانت في حوار للمستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض مع أحد البرامج التلفزيونية "فَهِم على سبيل الخطأ في حين أنه لم يكن يقصد من ورائه" كما أكد في لقاء آخر إثارة "حديث العفو عن مبارك" وأنه كان فقط يتحدث عن أنواعه ومحدداته القانونية.
واللافت أن إحدى الصحف اليومية الحديثة الإصدار في مصر كشفت عما اعتبرته سبقا صحفيا ويتعلق باستعداد مبارك لإلقاء خطاب اعتذار للشعب طلبا للعفو وهو ما تناقلته وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية على نحو واسع مما أثار ما وصفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالكثير من البلبلة في الشارع المصري واتهم مسربي هذه الأخبار بالكذب ونشر الشائعات بهدف الوقيعة بين الجيش والشعب رافضا أسلوب الاعتماد على مصادر مجهولة المصدر مؤكداً أنه لا يتدخل في الإجراءات القضائية ووصل الأمر باللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع المصري للشؤون القانونية وعضو المجلس الأعلى إلى التهديد باللجوء إلى المادة 13 من قانون العقوبات التي تتيح تقييد وسائل الإعلام والصحف في حال نشرت أو عرضت مواد تخل بالأمن القومي للبلاد بشكل استثنائي وقد تم بالفعل استدعاء رئيس تحرير الصحيفة ومحرري التقرير للتحقيق في النيابة العسكرية التي أمرت بإخلاء سبيلهما بعد تعهد بعدم نشر أي أخبار أو تقارير تتعلق بالقوات المسلحة إلا بعد العودة إلى الجهات المعنية فيها.
ولاشك أن إثارة حديث العفو عن مبارك الآن ينبئ عن محاولة للالتفاف على ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي نجحت في الإطاحة بالرئيس السابق مما يمهد لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل انبثاق الثورة خاصة أن العفو عنه قد يفتح الباب للعفو عن رموز نظامه وأغلبهم من كبار السن ومصابين بأمراض الشيخوخة وهي المبررات التي يتكئ عليها أصحاب الدعوة إلى العفو عن مبارك الرجل المسن وصاحب الأمراض العديدة والاهم من ذلك أنه صاحب الضربة الجوية في حرب أكتوبر من العام 1973 ولكن هذه المبررات كما يرى الكثير من المختصين لا تخضع للمنطق القانوني أو السياسي وإن كان البعض يرى إمكانية أن يتم مناقشة الفكرة من خلال حوار وطني شامل بمشاركة كافة القوى السياسية التي تقرر ما إذا كان بالوسع العفو عن مبارك من عدمه في ظل توافر شروط معينة من أهمها عدم شموله نجليه أو أي من أركان نظامه الذين ارتكبوا جرائم سياسية وجرائم الفساد المالي، والذين يرفضون العفو عن مبارك وهم يمثلون تيار الأغلبية في مصر يستندون في موقفهم على المعطيات التالية:
أولا: إن جم ثروة مبارك لم يتحدد بعد، فكل يوم تكشف تقارير الجهات الرقابية عن مصادر جديدة في هذه الثروة سواء بالداخل أو بالخارج وذلك رغم محاولة نفي تضخم هذه الثروة والتي جاءت على لسان محاميه فريد الديب مشيراً - بعد أن نفى واقعة تسجيل مبارك كلمة لبثها عن طريق قنوات مصرية وعربية. يعتذر فيها للشعب ويطالب بالعفو والصفح عنه، مع التنازل عن كل ممتلكاته وأمواله - إلى أن كل ما لديه عبارة عن فيلا اشتراها عام1997 بمبلغ نصف مليون جنيه في شرم الشيخ. ورصيده في البنك الأهلي لا يتجاوز مبلغ الستة ملايين جنيه. هي حصيلة خدمته في القوات المسلحة والرئاسة على مدى 62 عاما لافتا إلى أنه لا يمتلك أي حسابات خارج مصر أو عقارات أو قصورا في أي مكان داخل مصر أو خارجها سوى فيلا شرم الشيخ معتبرا أن الحديث عن وجود أرقام مبالغ فيها تهدف إلى تشويه صورة مبارك.
غير أن ما كشف عنه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في حديثه لـ" الأهرام" مؤخرا يصب في منحى يؤكد أن ثروة مبارك من الضخامة بمكان رغم أنه بدوره يرفض منطق المبالغة الذي سعى إليه البعض في الحديث عن هذه الثورة فهيكل – اعتمادا على تقارير للبنك الدولي مدعومة بتقارير من المخابرات الأمريكية - يقدر هذه الثروة بالخارج بين 9 و11 مليار دولار وذلك رقم في حد ذاته مهول وفق تعبيره ومن قبل قدرت صحيفة الجارديان البريطانية ثروة مبارك بحوالي 5ر4 مليار دولار وذلك كله يعني أن الرأي العام المصري لن يسمح بمنطق العفو في ظل حالة الحرمان التي عاشتها الأغلبية خلال الثلاثين عاما من حكمه وأضافت بها السبل مما أدى إلى دخول أكثر من 40 % من الشعب المصري منطقة تحت خط الفقر وغياب الخدمات الرئيسية والتي كانت مخصصة للأغنياء فحسب أما هم فكانوا يحصلون عليها بصعوبة شديدة في ظل تدني مستوى الدخول إلى حدودها الدنيا وصعود معدل الأسعار على نحو لا يتسق مع الأجور فانتشرت العشوائيات والحالات المرضية التي لم يكن بمقدور أصحابها الحصول على علاجها بفعل تدهور المستشفيات العامة وارتفاع كلفة المستشفيات والعيادات الخاصة.
ثانيا: إن إعفاء مبارك من المحاكمة، يتعارض مع نصوص القانون، ويجب التعامل مع الأمر في إطاره الطبيعي باعتباره مواطنا عاديا يجب محاكمته دون تهويل أو تهوين، فالحكم في النهاية هو القانون ووفق رؤية كل من المستشار محمود الخضيري رئيس نادي القضاء السابق بالإسكندرية فإنه من الناحية القانونية يجوز للرئيس السابق رد الأموال بالكامل أمام جهاز الكسب غير المشروع وسيكون المقابل عدم محاكمته والاكتفاء برجوع الأموال للشعب المصري. أما عن قضية القتل العمد للمتظاهرين فلابد أن يحاكم لأنه المسؤول الأول والأخير في القضية باعتباره رئيس الدولة في ذلك الوقت قائلا " ستكون عقوبة مخففة".
ثالثا: ثمة اتجاه عام يرى أن مبارك ينبغي أن يخضع لمحاكمة سياسية وشعبية دون أن يقتصر الأمر على مجرد محاكمة تتعلق بفساده المالي فوفقا لأصحاب هذا الاتجاه فإن الأوراق والحيل القانونية التي يلجأ إليها بعض المحامين يمكن أن توفر مساحة لبراءة مبارك منها لكن الانتهاكات والجرائم التي وقعت طوال مدة حكمه التي اقتربت من الثلاثين عام يمكن أن توفر ذرائع واضحة وسافرة لمحاكمته سياسيا وقد حددها "هيكل" في العدوان على روح النظام الجمهوري والبقاء في الرئاسة30 سنة وتعديل الدستور للسماح بتوريث السلطة والتصرف في موارد البلد وثرواته كما لو كانت ملكا شخصيا، كما أن النظام السابق أهمل إهمالا جسيما في قضايا لا تحتمل الإهمال مثل قضية مياه النيل والفتنة الطائفية والتعاون مع إسرائيل. مما جعل أحد وزرائها يصفه بأنه كنز استراتيجي لها وتزييف إرادة الشعب وانتهاك حقوق الإنسان والتواطؤ في أعمال سرية لتحقيق غايات سياسية ومالية، فضلا عن جرائم تزوير الانتخابات لصالح الحزب الوطني وإقصاء القوى السياسية والحزبية الأخرى وهي كلها -كما يقول هيكل - تهم سياسية وليست تهما قانونية والتعامل حيال هذه الجرائم لابد أن يكون سياسيا مما يستوجب الأمر معها أجراء محاكمة برلمانية بعد تشكيل مجلس الشعب المقبل وهو ما حظي بالتأييد من دوائر قانونية وسياسية عدة في مصر غير أن المجلس العسكري وأركان حكومة الدكتور عصام شرف خاصة المستشار محمد عبد العزير الجندي ما زالوا متسمكين بالقانون الطبيعي لمحاكمة مبارك ورموز نظامه وإن كان دوائر شباب الثورة يرون أن البلاد من المفترض أن تخضع لمحددات الشرعية الثورية التي توفر- في ظل ادعاءات البعض بعدم وجود نصوص في القوانين الحالية تجرم الفساد السياسي – الآليات المطلوبة لأي محاكمة سياسية مرتقبة في المستقبل.
على أي حال يمكن القول إن مصير مبارك ما زال معلقا سواء فيما يتعلق بمحاكمته قانونيا أو سياسيا خاصة أن الملابسات الصحية المحيطة به ما زالت تخضع للرأي الطبي الذي لم يحسم بعد موقفه من إخراجه من مقر حبسه الاحتياطي بمستشفى شرم الشيخ الدولي وتحويله إلى سجن طره إلى جانب نجليه ورموز نظامه الكبار وهو ما دفع النائب العام إلى تشكيل لجنة طبية جديدة للبت في أمره
السطر الأخير:
أقيم ممالكي بعينيك
فأنت بوابة تكويني
سر عشقي
ولعي بالشعر القابع فيك
فيض محبتي
سفر حضوري بجناتك
يهيئ عناوين البهجة بقصائدي
يزيح وجعي وأنيني
عولمة قطر اللغوية
حين تتكلم اللغة، فإنها لا تفعل ذلك طلبًا للاحتفاء، بل إعلانًا للسيادة. لا تتحدث من باب العاطفة، بل... اقرأ المزيد
267
| 24 ديسمبر 2025
حفل جمع الأُمة والأئمة
تابعت بكل شغف حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية والذي عُرض فيه فيلم عن البوابة الإلكترونية الجديدة... اقرأ المزيد
108
| 24 ديسمبر 2025
في مراهقتي كنت أراها في المجلات ، أقص صورها وألصقها في دفتر خاص، وأكاد أجزم أنه يستحيل أن... اقرأ المزيد
138
| 24 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1134
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1059
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
684
| 18 ديسمبر 2025