رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تجتهد كاميرات التلفزة لنقل حجم الأضرار على أهل فلسطين لا سيما سكان غزة، والناجمة عن الحرب الهمجية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي عليهم، غير أن حجم الابتلاء عظيم جدا لا يعلمه ولا يحسه إلا أهل غزة وحدهم. ولو قضت محكمة العدل الدولية سنوات عجافا لمحاكمة إسرائيل على جرائم الإبادة والتطهير العرقي في غزة لما أحاطت بجزء يسير منها ولو تركت تحكم دون تأثير سياسي سلبي عليها لما استطاعت أن تنزل الأحكام المستحقة الرادعة والناجزة على المجرم. إن التوصيف الرباني لمصائب أهل فلسطين عموما وغزة خاصة، أنها ابتلاء من الله تعالى لهم بالجهاد في سبيله، وفيه صنوف من الأذى والابتلاء بالقول والفعل، وأذى في الأموال بنقصها وهلاكها، وفي الأنفس بالجروح الغائرة والأسقام المهلكة والأوجاع والقتل. والحرب ابتلاء اجتماعي بالضراء، إذ إن أثره يشمل المجتمع كله، صغيره وكبيره صحيحه ومريضه، فهو غير مقصور على فرد أو أفراد بعينهم.
هذا الابتلاء العظيم يحتاج لطاقة إيمانية عظيمة تمكن من اجتيازه بل تمكن من النصر في نهاية المطاف، نصر لا يتصوره أحد بالحسابات الإنسانية وموازين القوى على الأرض. هذه الطاقة تتمثل في اليقين باختيار الله للمبتلين ظرفيا ومكانيا واليقين بنصره. وما البلاء الذي يبليه شباب ورجال المقاومة ويشهد به العالم ويقف مذهولا من بسالتهم وثباتهم وصمودهم، إلا نصر لله وابتغاء نصره (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). إنهم يعلموننا من منصة الأستاذية تلك المعادلة الإيمانية: «الصبر واليقين طريق النصر والتمكين». تلك المعادلة الإيمانية نطقت بها الآيات القرآنية، وشهدت بها الحوادث التاريخية، وصدقتها الوقائع الحاضرة، وتحكي وتثبت كذلك في وقائع الحرب على غزة الحالية والمستقبلية.
إن ميزان القوة العسكرية المادية بين إسرائيل ومقاومة غزة تبدو المقارنة فيه عصية وربما مستحيلة من غير الأخذ في الاعتبار سلاح اليقين الذي تنفرد به المقاومة دون عدوها الغاصب، ولذلك قلبت عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي الموازين تماما. لقد تحدثت مصادر غربية معنية بالشؤون العسكرية وهي تبدي دهشتها دون أن تضع في حساباتها (سلاح المقاومة الخفي)، مشيرة إلى أن التوازن العسكري بين إسرائيل والمقاومة قد اختل بشكل كبير على الرغم من أن إسرائيل «تمتلك قوات مسلحة راسخة ومتقدمة تقنيا، فضلا عن معدات حديثة وقدرات استخباراتية وبنية تحتية دفاعية موثوقة وقدرات استخباراتية متقدمة. وتشتهر إسرائيل بابتكاراتها التكنولوجية ولديها صناعة دفاعية قوية. وقد طورت تقنيات عسكرية متقدمة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية، ومقلاع داوود والسهم. ويعتبر سلاح الجو الإسرائيلي - وفقا لتلك المصادر المتخصصة - من أكثر القوات الجوية تقدما وجاهزية للقتال في العالم، إذ يعتبر أحد أكثر القوات الجوية تقدما من الناحية التكنولوجية في العالم، فهو مزود بمقاتلات الشبح إف-35، وبمجموعة واسعة من القنابل الذكية التي تصيب الأهداف بأقل قدر من الأضرار الجانبية، وبمنظومة عمليات يرتكز على الشبكة العنكبوتية يتم فيها استخدام المستشعرات على عدة مستويات لاكتشاف الأهداف وإصابتها. ولها قوة بحرية على الرغم من صغر حجمها نسبيا مقارنة ببعض القوات البحرية الأخرى، إلا أنها حديثة ومجهزة بقوارب صواريخ وغواصات وسفن دورية. وليس هذا فحسب فإن إسرائيل تقف وراءها الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة عسكرية في العالم ودول أوروبا وتجد الدعم العسكري واللوجستي والاستخباراتي والسياسي.
إن تلك المصادر «العليمة» غير قادرة على حساب سلاح المقاومة الخفي وهو اليقين، وعلى الرغم من أن المقاومة طورت كذلك سلاحها التقني والصاروخي وأوجعت عدوها، إلا أن سلاحها الخفي ظل هو الأهم والقادر على الإخلال بتوازن القوى المادية العسكرية. واليقين في اللغة العلم الذي لا شك معه. وفي الاصطلاح اعتقاد النصر بأنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا، مطابقا للواقع غير ممكن الزوال. واليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون. ووفقا للحسابات البشرية المادية فإن أي نصر مرتبط بما يتوفر من قوة؛ لأن الحقيقة هي مطابقة العقل والأشياء؛ عندما يكون العقل ملائمًا للأشياء. واليقين هو حالة العقل الذي يعرف كيف يمتلك الحقيقة: فهو بالتالي تأثير الحقيقة على الذات. فاليقين لا ينافي الجهل الذي نقيضه العلم، بل الشك. واليقين فيه حياةٌ للقلب وقوّة وطمأنينة له. زيادةُ الإيمان وقوّته؛ فالعلاقة بين اليقين والإيمان بالله علاقة تكامليّة، كلّ واحد منهما يُؤدّي إلى وجود الآخر؛ فلا إيمانَ من غير يقينٍ بالله، ولا يقين قويٌّ بالله من غيرِ إيمانٍ به، والعمل الصالح تُرجمان ذلك كلّه.
وإذا رسخ الإيمان في القلب، وإذا تعمّق اليقين في النفس أنتج ذلك طاقة نووية من الصبر على ما يقّدره الله تعالى من البلاء، وينبثق عن ذلك الثبات الذي يحير الأعداء، ثم لا يلبث ليل الظلم والطغيان أن ينبلج بفجر النصر والعز والتمكين لأهل الإيمان والاستحقاق، ولا تلبث قوى إسرائيل ومن يحالفها أن تذهب ريحها، وتتفرق صفوفها، وأن يصبح بأسها بينها شديداً، وأن تكون حصاداً للأيدي المتوضئة تخلص منها فلسطين وأهلها وتدرأ شرورها عنهم. ولا يدوم الصبر، ولا يستمر الثبات إلا عندما يكون القلب موصولاً بالله، والثقة عظيمة في نصره، واليقين لا يعتريه الشك في وعده تعالى، (يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى الآخرة). ومن بشريات النصر أن اليقين يجلب طمأنينة في القلوب، وسكينة في النفوس، وثباتا في الأقدام. وهذا ما تثبته المقاومة الباسلة يوما بعد (ألا إن نصر الله قريب).
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8547
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5463
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4752
| 05 أكتوبر 2025