رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
القمة الاقتصادية العربية الثانية في شرم الشيخ الأسبوع الماضي جاءت في ظروف حاسمة خلف كواليسها غليان الشعوب العربية لما يتجرعه معظمها من ويلات الجوع والبطالة وغلاء المعيشة والتضخم.
الثورة الشعبية التونسية كما أسلفت في مقال الأسبوع الماضي نجمت عن الذاكرة الجماعية بل وحفزت أيضا الذاكرة الجمعية للشعوب وأنتجت ردود فعل شعبية عامة، فلا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة..، فأحداث تونس الأخيرة فجرت البركان الهامد المر الذي استدعى أن يهب القادة العرب لأن يولوا مواجهة البطالة وإيجاد فرص عمل حقيقية للشباب العربي في القمة أهمية كبرى سعيا جادا لعلاج ناجع لكثير من المشاكل والاحتقانات التي يعاني منها العالم العربي اليوم خصوصا "أن نسبة البطالة فيه تصل في المتوسط إلى %12 خلال الفترة ما بين 2005 و2008. وان هذه النسبة ترتفع إلى %30 بين الشباب حسب ما يؤكده تقرير الأمم المتحدة لعام 2010 حول "أهداف التنمية في الألفية الثانية" في الوقت الذي يشير فيه التقرير إلى "مخاوف كبيرة" من آثار ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي كانت واحدة من الشكاوى المتكررة في التظاهرات التي شهدتها الدول العربية أخيرا.
هذا وباختلاف نسب البطالة وحجمها ونوعها في الدول العربية، فإنها كما أفادت صحيفة الحياة "تواجه الحاجة لتوفير 100 مليون فرصة عمل حتى 2020".
هذه الفرص المليونية تشرئب لها الأعناق، تلك الأعناق التي لم تنتظر لتضع نفسها في مقصلة شنقا في موت بطيء كأسلوب اعتراض، بل اختارت موتها حرقا بطريقة مباغتة سريعة عاجلة كأقصى درجات عدم التحمل لتعكس مدى إلحاح حاجتها ودرجة إحباطها حتى في طريقة الموت والانتحار الذي بات ظاهرة جماعية بعد البوعزيزي في محاولات مستمرة في مصر والجزائر وموريتانيا واليمن والسودان ليس تزكية أو شرعنة لقتل النفس في حد ذاته وهو أسلوب مرفوض شرعا وثورة ولكن حيلة العاجز في سبيل إضرام فتيل ثورات أخرى لن نسميها جائعة بقدر ما يمكن أن نطلق عليها ثورات الكرامة الإنسانية التي تستدعي في كل امة وكل زمن إيجاد المأمن من أمرين هما أساسيات الحياة كما جاءت في كتابه تعالى (الإطعام من الجوع والأمن من الخوف) وبعدها تستقر كل الكرامات حتى احترام حق الحياة.
تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور منها قهر الرجال، ولا أمر أصعب على الرجال من أن يجدوا أنفسهم عاجزين لا بإرادتهم بل بإرادة غيرهم عن توفير أساسيات الحياة الكريمة، خصوصا مع أعلى درجات التعليم والكفاءة في دول أو أنظمة تسلم إلى ظلم اجتماعي وطبقي عقيم يعاني منه عدد من الدول العربية في فجوات اقتصادية كبيرة يفاقم مأساتها أنها بطالة تأتي وسط تضخم وغلاء معيشي حاد وعدم عدالة في توفير فرص العيش الكريم تلك التي حولت المجتمعات العربية إلى طبقية بعض نخبها يضج بالبذخ والثراء في برج عاجي بينما تعاني أغلبية الشعوب الفقر والجوع الذي يصل في بعض الدول إلى المدقع ولا توسط بينهما فالحياة إما أبيض أو أسود ولا ملامح رمادية بينهما وسط دكتاتوريات ناجحة في استحواذ كل فرص دولها السياسية والاقتصادية بـ %99.9.
والبعض الآخر في دول أخرى عربية وإن كانت أوفر حظا إلا انها تعاني تحول المجتمعات إلى طبقية مخملية برجوازية قسمت لا على مقاييس الكفاءة والعلم والفرص المتكافئة بل على مقاييس ابن من والعائلة والاسم واللقب والحظوة السياسية والاجتماعية والوساطة والمحسوبيات والتقرب زلفى...
هذه هي التحديات في الكرامة الإنسانية التي تواجه الدول العربية جلها وليس فقط الدول التي انتحر من انتحر أو ثار من ثار فيها تعبيرا عن القهر والظلم، التأثير سيكون مداه مستمرا وعدوى الانتفاضات الشعبية هي عدوى هامدة لا خامدة (والعرب خير من يدرك الفرق بين المعنيين) وان تعددت أشكالها وان اختلفت التأثيرات من تونس عن غيرها من الدول التي تقدم عددا من المكتسبات الحقوقية الديمقراطية من ناحية التعبير والإعلام ومن ناحية تكوين الأحزاب والجماعات.
حتى الدول النفطية مع الوفرة ليست بمعزل عن مغبات وعواقب هذه الثورات خصوصا لدى من لم يفطن أن التفاضل في التحكم في تأثير التضخم وخفض مستوى الغلاء المعيشي والحد من البطالة ليست صورية بتقدير قيمة دخل الفرد على العموم بنسب لا تطول النُخاع بقدر الحسد الدولي ذراً للرماد في العيون، أو بقرارات دعم السلع في المواسم أو وفقا للظروف السياسية أو الاقتصادية أو الآنية، ولا تعالج بتوفير شواغر لشغل مجرد أعمال تدر أي عائد على أي فرد لرصد أرقام للتقارير، نبغ الفرد أم جهل — أعني مهما كانت درجة علمه ومهاراته — حتى لا تضيع عقولٌ وأيدٍ، أعني (فكرا أو مهارة) أمام درج سكرتير أو طابع أو عربة خضار أو أغطية هواتف جوالة مقلدة، بقدر ما إن المعالجة الحقة هي معايير دولية تضع الفرصة المناسبة أمام الكفاءة البشرية المناسبة وفي موقعها المناسب بلا عنصرية أو تمييز لجنس أو طائفة أو مذهب أو قبيلة أو عائلة أو اسم أو قرابة أو حظوة أو مصلحة سواء في الحكومات الوراثية أو الجمهورية، هذا مع إدراك تقدير قيمة العقول المواطنة وحقوقها في أعمال أوطانها أمام سوق عربية فقيرة الفرص، منتهكة العرض أو مغتصبة، لم تُوحّد بعد لتقوى ولتدخل حيز المنافسة الدولية مع السوق الأوروبية أو الأسواق العالمية المشتركة.
الانكواء الشعبي واضح وجلي وهو ما جعل التحرك الرسمي في سائر الدول العربية منذ الثورة التونسية ليس فقط على نطاق دول تعاني البطالة لتعلن إجراءات حكومية مثل زيادة في الرواتب والأجور للموظفين والمتقاعدين مؤخرا كما في الأردن أو إعلان مناقصات لشراء كميات من الحبوب الغذائية لتجنب نقص قد يؤثر على الأوضاع الاجتماعية كما في المغرب
أو دعم التموين الحكومي في موريتانيا والسلع الأساسية في مصر وغيرها...
بل حدا أيضا بدول نفطية غنية مثل الكويت إلى الإعلان عن استعدادها لتوفير المواد المدعومة بالمجان.
وحدا أيضا بحوالي 200 عماني ليخرجوا في تظاهرة ضد غلاء المعيشة في مسقط يوم الاثنين الماضي، وهي وان كانت متواضعة العدد فإنها تعد سابقة ونادرة من نوعها في دول الخليج العربية النفطية.
الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أثار الانتباه أمام القمة العربية الاقتصادية الثانية في شرم الشيخ الأربعاء الماضي إلى أن "النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة" وان المواطن العربي دخل في حالة "غير مسبوقة من الغضب والإحباط".
فعلى الدول العربية أن تعي أنّ ثورة الكرامة... أشد من ثورة الخبز..... وأن الإحباط الشعبي هو المُوقِد لأقسى أشكال الغضب الهامد لا الخامد....
كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1974
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1332
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1140
| 22 ديسمبر 2025