رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قد تبدو الصورة قاتمة أحياناً، وشديدة السواد أحياناً أخرى، أو مظلمة عند أولئك الملتزمين بدينهم والذين يريدون له العزّة والنصر والتمكين في بلاد الإسلام والمسلمين، قبل أن يكون له ذلك في بلاد الكفار من الغرب والشرق، خاصّة ونحن نرى واقع المسلمين اليوم في العالم العربي والإسلامي يشكو من اضطهاد حكّام ظلمة أو طغمة حاكمة أو اعتلاء أرذل الناس أخلاقاً وأكثرهم جهلاً للمناصب العليا في الحكم والسياسة والاقتصاد والقضاء والإعلام في كثير من الدول العربية تحديداً والإسلامية عموماً، وقد تبدو الصورة وردية جميلة ومبشّرة لدى أولئك العلمانيين والليبراليين وأعوانهم ومؤيديهم في الداخل والخارج، عندما يرون انحصار دور الإسلام في المساجد دون سائر الأماكن، وانحصار دوره في أحكام الزواج والطلاق دون سائر الأحكام في دهاليز المحاكم الفاسدة، وانحصار دوره في برامج الفتاوى وتفسير الأحلام في أروقة القنوات الفضائية الفضائحية الفاسدة أيضاً.
قد تبدو الصورة كذلك لدى الطرفين كلٌ حسب هدفه وآماله، فالإسلاميون يريدون له النصر والتمكين في الأرض، والعلمانيون والليبراليون وغيرهم من أعداء الإسلام يريدون له الانزواء والتقلّص والانكماش أكثر حتى يعيثوا في الأرض فساداً كيفما يشاؤون وفق أهوائهم ووفق مخططات أسيادهم في الغرب والشرق، ويقف المسلم البسيط عاجزاً عن تفسير تلك الحرب الدائرة بين الحق والباطل ويتساءل: متى ستنتهي الحرب على الإسلام؟! أو لماذا لا يتركون المسلمين وشأنهم؟ فيأتيه الجواب من فوق سبع سماوات وينطق به الذي لا ينطق عن الهوى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويتلوا قول ربنا تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم).
سألني أحدهم (هل يوجد مشروع إسلامي؟) في أعقاب سماعه لمصطلح (المشروع الإسلامي) الذي كنت قد ذكرته خلال حديثي معه عن الإخوان المسلمين، وفي سياق امتعاضه مما حدث في مصر وتأييده - الضمني - للانقلاب بجدوى أن الإسلاميين لم (ينضجوا) بعد ليحكموا مصر! أو بمعنى آخر علينا الانتظار حتى يستحق الإسلاميون الحكم بما أنزل الله على أرض الله في مصر وغيرها من البلاد، فعجبت وتعجّبت من ذلك السؤال الذي يستحق أن نقف عنده وقفات.
إن المشروع الإسلامي أو رسالة الإسلام أو غيرها من المصطلحات التي نقصد بها إيصال هذا الدين العظيم (الإسلام) إلى العالمين ممن لم ينعم الله عليهم بعد باعتناق هذا الدين قبل أن يموتوا على الشرك بالله والعياذ بالله، فتلك هي رسالة الأنبياء ورسالة سيد البشر وحبيب الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن الله، ويقيم الحجة عليهم حتى لا يُعذر أحدٌ ممن وصله ذلك المشروع أو تلك الرسالة فلم يؤمن بها إيماناً حقيقياً ويعمل بمقتضاها ويطبّقها فيما بقي من عمره بل ويدعمها وينصر أهلها المستضعفين المظلومين ويأخذ على يد ظالمها ويقف في وجهه ناصحاً ومناهضاً ومعترضاً، فالمشروع الإسلامي هو مشروع ينبغي على كل مسلم أن يساهم فيه ولو بالقليل من الجهد والوقت والمال، ولهذا كانت الأحاديث النبوية الكثيرة تحثّ على فعل الخيرات بشتّى أنواعها والمعروف في أدنى صوره في شكل ابتسامة في وجه أخيك أو كلمة طيبة تلقى بها أخاك المسلم، فتشعره بالأخوة الإسلامية والمحبّة في الله، والمشروع الإسلامي هو كلٌ لا يتجزّأ، فلا يجوز بحال من الأحوال أن نأخذ منه ما نريد ونترك ما يتعارض مع مصالحنا وأهوائنا الشخصية، فمن لا يؤمن بالجهاد (ذروة سنام الإسلام) وسيلة لنشر الدين وإقامة دين الله في الأرض يستوي مع من لا يؤمن بالابتسامة أو الهدية وسيلة لنشر المحبة والرحمة للعالمين كما أوصانا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، في تعاملنا ومعاملاتنا اليومية مع إخواننا المسلمين أو أهل الذمّة من غير المسلمين في ديار الإسلام أو حتى مع الكفار والمشركين الذين لم يؤذوننا.
(إن هذا الدين عظيم فأوغلوا فيه برفق)، وهي وصيّة نبويّة عظيمة لمن أراد أن يحمل همّ الإسلام وأن ينقله إلى غيره وينشره في العالمين، إذ عليه أن يفهم الإسلام الصحيح وأن يخوض فيه رويداً رويداً، كما يلج أحدنا في بحر عميق لا يعرف أعماقه ولا أسراره، فالوصول إلى الأعماق يتطلّب علماً غزيراً وفهماً ودراية بمقاصد الشريعة ورأي الشرع في مختلف جوانب الحياة، ولهذا على المسلمين أن يفهموا الإسلام كمشروع أو كرسالة ينبغي إيصالها للعالمين كما ينبغي العمل على إقامة دولتها على أرض الله ولا ينبغي الاستسلام أو اليأس والقنوط بسبب غلبة وانتصار الباطل في جولة من الجولات أو انقلاب أعداء الإسلام على أهل الإسلام في مصر أو غيرها من البلاد، لأن هذا المشروع لا يحمله الإخوان المسلمون في مصر أو غيرهم من الجماعات الدعوية في ديار الإسلام، فحسب وإنما يحمله كل مسلم بين جوانحه وينبغي أن يعيش وأن يموت وهو مازال يحمل همّ نصرة الإسلام والمسلمين، ولهذا فإن من لم يحدّث نفسه بالجهاد يُخشى عليه أن يموت وفيه خصلة من النفاق! إذ لا يستوي رضاه بواقع المسلمين المؤلم مع رضاه بأن لا ينصر الإسلام ولو بالقليل من الجهد أو المال أو حتى النيّة في الجهاد ونصرة الدين!
وعليه، فإننا نستطيع القول بأن كل جماعة أو فرد من المسلمين إنما يخدم الإسلام كمشروع وقد يضرّه من حيث يدري أو لا يدري، فكما أن جماعة طالبان قد خدمت مشروع الإسلام برؤيتها الخاصة فإن الإخوان المسلمين قد خدموا مشروع الإسلام برؤيتهم الخاصة وهكذا الحال مع بقية الجماعات والأفراد من العلماء والمفكرين والتجّار والسياسيين والاقتصاديين والكتّاب والإعلاميين، وكل مسلم ومسلمة ممن يهتدون بهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعده من الخلفاء والصحابة والسلف الصالح، ولهذا فقد أصبحت القاعدة المعروفة والواضحة للجميع بأن كل جماعة يهاجمها الغرب وأعداء الدين إنما هي جماعة تخدم (المشروع الإسلامي) بشكل أو بآخر أو تساهم بجهودها للوصول إليه، ولهذا فقد هاجم الإعلام الغربي والعربي (المتصهين) معه مشروع طالبان رغم أنه بشهادة الكثيرين قدّم صورة طيبة عن الإسلام والمسلمين لا كما شوّهها ذلك الإعلام، وكذلك الحال مع جماعة الإخوان المسلمين التي يعاديها الغرب وعملاؤهم من حكّام المسلمين، فالقاعدة البسيطة المجرّدة تقول (كل من يعاديه الغرب وأعداء الإسلام ويعملون على تنحيته ومهاجمته بالتواطؤ مع حكّام المسلمين - في الغالب - إنما يخدم المشروع الإسلامي) ولهذا تتساءل: لماذا لا يهاجم الغرب وحكّام المسلمين المشروع الصفوي الشيعي المجوسي أو الجماعات الصوفية المبتدعة مثلاً وغيرها من الجماعات والفرق المنحرفة والضالّة؟! الجواب ببساطة.. لأنها ليست مشروعاً إسلامياً وإنما مشاريع معادية للإسلام وتخدم المشروع الصهيوني الصليبي الصفوي المجوسي في نهاية المطاف.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
 
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2793
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
1824
| 03 نوفمبر 2025