رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

585

هديل رشاد

غزة تنتصر «خاوة»

22 يناير 2025 , 02:00ص

مرت خمسة عشر شهرًا على جولة التصعيد الأخيرة بين غزة والاحتلال الإسرائيلي، لتبرز معالم ميزانٍ جديد للنصر، حيث لم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها المعلنة من تنفيذ خطة الجنرالات، أو تفكيك المقاومة لاسيما حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، أو كسر إرادة سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عاما رغم استهداف العدو المحتل -طيلة الخمسة عشر شهراً الماضية- المدنيين، والإمعان الوحشي بتدمير البنى التحتية، بل واستخدام أبشع الممارسات بحق سكان قطاع غزة من قصف وتدمير وتجويع وترهيب.

في قلب هذا المشهد، وقفت وتقف غزة هاشم أو غزة العزة سمها ما شئت فهي غزة الشامخة الصابرة المحتسبة لشهدائها وجرحاها، ليبرز من بعيد صورة رجال المقاومة على اختلاف فصائلها لاسيما كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وهي تجوب شوارع القطاع بعدتها وعتادها فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد الماضي، وكأن لسان حالها يقول المعركة لم تنتهِ، وأن المقاومة مستمرة ما استمر الاحتلال، وخططكم أيها العدو ديست بأقدام رجال المقاومة، بل نفذت خطة ورؤية الشهيد يحيى السنوار-رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقا-، وجثوتم على ركبكم وصولاً لهذه الصفقة، التي نفذت بتوقيت غزة الأبية، ليتقاطع مع مشهدهم مشهد آخر يبرز الحشد الشعبي الكبير المؤيد والداعم للمقاومة، ويبرز قوة تلاحم الشعب الفلسطيني لاسيما سكان غزة مع قيادته، ليبرهن مجددا أن تفكيك حركة المقاومة الإسلامية حماس «عصي»، بل إن الصورة بأكملها وضعت الحكومة اليمينية المتشددة التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حرج مع مناصريها ومنتقديها متسائلين ماذا كان يصنع جيش إسرائيل خلال الخمسة عشر شهراً الماضية في قطاع غزة؟، فلا حماس فُككت، ولا الأسرى أعيدوا!. .. قد يقول قائل أين النصر الذي حققته غزة بعد 47035 شهيد؟، فبالرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم من قوى خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تعرّض الاقتصاد الإسرائيلي لخسائر ضخمة نتيجة توقف الأنشطة التجارية والصناعية في المناطق المستهدفة، كما تراجعت ثقة الجمهور الإسرائيلي في قيادته السياسية والعسكرية، التي فشلت في حسم المعركة، بل وواجهت انتقادات شديدة بسبب استراتيجيتها غير المجدية في قطاع غزة.

* تكبّدت إسرائيل خسائر كبيرة على مختلف الأصعدة خلال هذه الحرب غير العادلة، فقد بلغت تكلفة الحرب 42 مليون دولار، وبلغت الخسائر الاقتصادية أكثر من 34 مليار دولار، كما بلغ إجمالي العجز في الميزانية 37.5 مليار دولار، كما أغلقت 60 شركة إسرائيلية، وتراجع قطاع السياحة بنسبة 70%، أما من حيث الخسائر البشرية فقد أسفرت الحرب عن مقتل 810 جنديا إسرائيليا، وتم استدعاء نحو 220 ألف جندي من الاحتياط، وأصيب نحو 14 ألف جندي إسرائيلي، بمعدل ألف مصاب شهرياً، فضلا عن ما واجهه الاحتلال من ضربات نوعية وجهتها المقاومة، سواء من خلال الصواريخ بعيدة المدى التي وصلت إلى العمق الإسرائيلي، أو عبر العمليات النوعية التي نجحت في استهداف مواقع استراتيجية، إلى جانب الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي، أُجبر آلاف المستوطنين على النزوح إلى مناطق أكثر أمانًا، ما شكّل ضغطاً داخلياً هائلًا على الحكومة الإسرائيلية، دونما أن ننسى الإخفاق الأمني والاستخباراتي الذي وصم الحكومة الإسرائيلية منذ عملية طوفان الأقصى.

* على الجانب الآخر، قدم الشعب الغزي تضحيات جسيمة، حيث استُشهد المئات وأُصيب الآلاف جراء العدوان الإسرائيلي المستمر، دُمّرت منازل ومرافق حيوية، وزادت معاناة السكان بسبب الحصار، لكن هذه التضحيات، التي اعتقد الاحتلال أنها ستُضعف الشعب وتؤدي إلى قلب الشارع الغزي على المقاومة، جاءت بنتائج عكسية، فبدلاً من أن ينهار الدعم الشعبي للمقاومة، ازداد الالتفاف حولها كخيار وحيد للدفاع عن غزة وحمايتها من الاحتلال، كما تأكد المؤكد أن كتائب عز الدين القسام وعناصر المقاومة المسلحة تمثل الدرع الحامي لهم، وأن معركتهم ليست فقط من أجل البقاء، بل من أجل الحرية واستعادة الحق الفلسطيني المنهوب منذ 76 عاماً وليس الآن.

ختامًا...

في ظل هذه المعطيات، يمكن القول إن غزة أثبتت مرة أخرى أن إرادة الشعوب أقوى من آلة الحرب، فصمود المقاومة، وحجم التضحيات المقدمة، والتفاف الشعب حولها، كلها عوامل عززت فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، ورغم الثمن الباهظ الذي دفعه أبناء غزة، يبقى المشهد يؤكد أن النصر يبدأ من الثبات، وأن الشعوب التي تقاوم لا يمكن أن تُركع، وانتصار أهالي غزة كان «خاوة» أي رغما عن أنف «النتن ياهو» ومن ناصره.

مساحة إعلانية