رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جعفر الطلحاوي

جعفر الطلحاوي

مساحة إعلانية

مقالات

3310

جعفر الطلحاوي

أربعة أخطار (أخرى) للسكوت على المنكر

21 يناير 2016 , 01:02ص

1. هلاك الصالحين والخيِّرين

1 — في الصحيحين: عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ، وَمأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ، وَبِالَّتِي تَلِيهَا» فَقَالَتْ زَيْنَبُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» في فتح الباري لابن حجر: قَالَ ابن الْعَرَبِيِّ فِيهِ الْبَيَانُ بِأَنَّ الْخَيِّرَ يَهْلِكُ بِهَلَاكِ الشِّرِّيرِ إِذَا لَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ خُبْثَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا غَيَّرَ عَلَيْهِ لَكِنْ حَيْثُ لَا يُجْدِي ذَلِك ويصر الشرير على عمله السيء وَيَفْشُو ذَلِكَ وَيَكْثُرُ حَتَّى يَعُمَّ الْفَسَادُ فَيَهْلِكَ حِينَئِذٍ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ ثُمَّ يُحْشَرُ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى نِيَّتِه" 2 — في صحيح الجامع والصحيحة: (" إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الْأَرْضِ، أَنْزَلَ اللهُ بَأسَهُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَالِحُونَ؟، قَالَ: " نَعَمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ صَالِحُونَ، يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسُ) (ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِهِ") قال تعالي: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ" هود: مكية. إن وجود المصلحين في الأمة هو صمام الأمان لها، وسبب نجاتها من الإهلاك العام، فإن فقد هذا الصنف من الناس؛ فإن الأمة — وإن كان فيها صالحون — يحل عليها عذاب الله كلها صالحها وفاسدها؛ لأن الفئة الصالحة سكتت عن إنكار الخبث، وعطلت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاستحقت أن تشملها العقوبة. ولقد بوب الإمام مالك في الموطأ على هذا الحديث باباً سماه: (باب ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة) وساق تحته أثراً عن عمر بن عبدالعزيز، قوله رحمه الله: كان يقال إن الله — تبارك وتعالى — لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم وقد قص الله — عز وجل — علينا خبر بني إسرائيل حين نهاهم أن يعدوا في السبت ولنا في تلك القصة عبرة فقد أنجى الله تعالى الذين ينهون عن السوء فقط، وأما البقية فقد عذبهم كلهم. هذه سنته — سبحانه — في كل أمة يحق عليها العذاب. فإن لم يكن في الأمة من ينهى عن السوء والفساد فلا نجاة لأحد منها.

2. عدم استجابة الدعاء

الإنسان يلجأ إلى الله وحده عندما يمسه الضر، ويدعوه سبحانه أن يكشف عنه السوء حتى المشرك يفعل ذلك: "..إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ" النحل: مكية "وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ.." الإسراء: مكية، والمسلمون التاركون لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندما ينـزل بهم العقاب يتجهون إلى الله — عز وجل — يدعونه ولكنه لا يستجيب لهم، في صحيح الترغيب والجامع:

3. سخط الله

في صحيح الترغيب والصحيحة والجامع —: «مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ". يعني بهذا الحديث: أن الرجل إذا عَرَضَ له أمر إذا فعله؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وغضبَ الناسُ عليه، أو أمر إذا فعله رَضِىَ الناسُ عنه، وغضب الله عليه، فإنْ فعلَ ما فيه رِضَا الله وغضبُ الناس؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَدَفَعَ عَنْهُ شَرَّ النَّاسِ،، وإن فعل ما فيه رِضَا الناسِ وغضبُ الله؛ وَكَلَه الله إلى الناس؛ يعني: سلَّط الله الناس عليه حتى يؤذوه ويظلموا أو يهلكوه، ولم يدفع عنه شرَّهم.

4. خسارة أسهم الإسلام ونقصان بنيانه

في الصحيحة: "الْإِسْلَامُ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ: الْإِسْلَامُ سَهْمٌ، وَالصَلَاةُ سَهْمٌ، وَالزَّكَاةُ سَهْمٌ، وَحَجُّ الْبَيْتِ سَهْمٌ، وَالصِّيَامُ سَهْمٌ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ سَهْمٌ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ سَهْمٌ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ سَهْمٌ، وَقَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ" يقول الحافظ بن رجب: تعليقا على حديث "بني الإسلام على خمس" هذه دعائم البنيان وأركانه، فبقية خصال الإسلام كبقية البنيان، فإذا فقد شيء من بقية الخصال الداخلة في مسمى الإسلام الواجب نقص البنيان ولم يسقط بفقده. وأما هذه الخمس، فإذا زالت كلها سقط البنيان ولم يثبت بعد زوالها وكذلك (إن) زال منها الركن الأعظم وهو الشهادتان، وزوالهما يكون بالإتيان بما يضادهما ولا يجتمع معهما فبقية خصال الإسلام والإيمان (بعد الخمس) لا يخرج العبد بتركها من الإسلام عند أهل السنة والجماعة. فسائر خصال الإسلام الزائدة على أركانه الخمسة ودعائمه إذا زال منها شيء نقص البنيان ولم ينهدم أصل البنيان بذلك النقص وإنما خالف في ذلك الخوارج ونحوهم من أهل البدع وقال طاوس: مثل (الإسلام) كشجرة أصلها الشهادة، وساقها كذا وكذا، وورقها كذا وكذا، وثمرها: الورع، ولا خير في شجرة لا ثمر لها، ولا خير في إنسان لا ورع فيه. ومعلوم أن ما دخل في مسمى الشجرة والنخلة من فروعها وأغصانها وورقها وثمرها إذا ذهب شيء منه لم يذهب عن الشجرة اسمها، ولكن يقال: هي شجرة ناقصة، وغيرها أكمل منها، فإن قطع أصلها وسقطت لم تبق شجرة، وإنما تصير حطبا، فكذلك الإيمان والإسلام إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه مع بقاء أركان بنيانه لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه لنقصه بخلاف ما انهدمت أركانه وبنيانه فإنه يزول مسماه بالكلية.

مساحة إعلانية