رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كان يُوصف بأنه سلة غذاء العالم، لكنه بات اليوم في قبضة المجاعة. نعم، حديثنا عن السودان... بلدٌ كانت حقوله تفيض بالحبوب، ومراعيه تزخر بالماشية، أصبح الآن أرضاً يطحنها الجوع، بعد أن دمّرت الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 كل مقومات الحياة، ومنذ يناير الماضي، تحوّلت المجاعة من مجرد تحذيرات في تقارير أممية إلى حقيقة دامغة، إذ يواجه نحو نصف سكان البلاد خطر الموت جوعاً، حيث تشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الأغذية والزراعة في أغسطس 2025 إلى كارثة غير مسبوقة نحو 24.6 مليون سوداني يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي، بينهم 638 ألفاً في المرحلة الخامسة من التصنيف الأممي، أي المجاعة الكاملة، بينما يعيش أكثر من ثمانية ملايين في حالة طارئة، وخمسة عشر مليونًا آخرين في مستوى الأزمة، هذه ليست مجرد إحصاءات، بل أرواح محاصرة بين مطرقة الحرب وسندان المجاعة.
..وعلى الرغم من نفي مفوضية العون الإنساني في السودان وجود مجاعة في معسكر زمزم للنازحين في شمال دارفور معللة سبب نقص الغذاء الذي تعاني منه بعض المعسكرات هو الحصار الذي تفرضه ميليشيا الدعم السريع، أعلنت تقارير للأمم المتحدة موت طفل كل ساعتين نتيجة سوء التغذية الحاد في مخيم زمزم شمال دارفور، لافتا –التقرير- إلى أنَّ الكارثة تنهش أجساد الأطفال وتقتات على ضعف النساء والفتيات، حيث تشير هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن النساء والفتيات يواجهن أوضاعاً أشد قسوة، حيث ارتفعت نسبة الأسر التي ترأسها نساء وتعاني من الجوع من 14% العام الماضي إلى 26% هذا العام، كما أن 64% من هذه الأسر تعيش مستويات شديدة من انعدام الأمن الغذائي مقارنة بـ48% فقط من الأسر التي يرأسها رجال. هذا يعني أن الأمهات الحوامل والمرضعات والنساء المعيلات يتحملن العبء الأكبر، وبعضهن يفقدن حياتهن أثناء الحمل أو الولادة لغياب الغذاء والرعاية الصحية، بينما الفتيات يعانين سوء تغذية الذي يهدد نموهن وصحتهن الإنجابية في المستقبل، فالتجويع بات شبحا يطل برأسه على متضرري الحروب والنزاعات.
* الحصار المفروض على مدينة الفاشر -في ولاية شمال دارفور - يقدم صورة أوضح عن توظيف التجويع كسلاح، المدينة تخضع منذ أكثر من عام لحصار خانق من قوات الدعم السريع، ما جعلها شبه معزولة عن الإمدادات، الأسواق خالية من أي مواد غذائية، والمستشفيات غير قادرة على استقبال مزيد من الحالات، والناس يعتمدون على أوراق الأشجار أو حفنات من الذرة يقتسمونها بين العائلات، ورغم تحذيرات برنامج الأغذية العالمي منذ أكثر من شهر من إحتمالية وفاة جماعية وشيكة في الفاشر إذا لم تُفتح ممرات إنسانية فوراً، لكن لا أذن سمعت ولا عين رأت!، فإلى جانب الجوع، تتفشى الأوبئة في بلد منهار تماما، إذ أكدت منظمة الصحة العالمية تسجيل أكثر من 102 ألف إصابة بالكوليرا و2600 وفاة مرتبطة بها في أغسطس فقط، فالرقم صادم إلا أنه يعكس البيئة التي يعيش فيها ملايين النازحين، ومع تدهور القطاع الصحي الذي يفتقر للأدوية والمعدات، يتحول المرض إلى مكمل لمشهد التجويع، فيصبح الموت مضاعفاً.
الحرب تسببت أيضا في نزوح جماعي هو الأكبر في العالم اليوم، حيث أكثر من 12 مليون سوداني نزحوا داخليا، و3.5 مليون عبروا الحدود كلاجئين، هذه الأعداد المهولة لم تقابلها استجابة إنسانية بالمستوى المطلوب، برنامج الأغذية العالمي أعلن حاجته إلى 645 مليون دولار لتأمين عملياته حتى نوفمبر المقبل، لكن التمويل لا يزال شحيحا، فيما قُتل أكثر من 84 موظف إغاثة منذ بدء الحرب، ما جعل العمل الإنساني في السودان من الأخطر عالمياً.
وأرى أنَّ ما يحدث في السودان لا ينفصل عما يجري في غزة، في كلا الحالتين، يُستخدم التجويع كسلاح حرب، في السودان هو نتيجة مباشرة لصراع دموي دمّر الزراعة وأوقف الإمدادات، وفي غزة هو سياسة ممنهجة يفرضها الاحتلال الإسرائيلي بهدف كسر إرادة السكان، في الحالتين، المدنيون هم الضحية، والنساء والأطفال أول من يدفع الثمن. المشهد واحد أرواح تنهار تحت وطأة التجويع، ومجتمع دولي يتفرج ويكتفي ببيانات القلق وخطابات الشجب.
ختاماً
المجاعة في السودان ليست مجرد أمرٍ عارض، بل فضيحة إنسانية. فهل يُعقل أن تموتَ شعوبُ دولةٍ كانت تُسمّى بسلة غذاء العالم جوعاً؟! أين الضمير العالمي الذي يؤمن بحقوق الإنسان والحيوان؟ أليسوا بشراً؟ ألا يحقّ لهم أن ينعموا بالعيش الكريم كأبناء الشعوب التي تدّعي المدنية؟ كيف يسمح العالم بحدوث مأساة كهذه في القرن الحادي والعشرين؟ ولماذا لا تجد هذه الكوارث طريقاً إلا إلى دولنا، بينما يتمتع الغرب بحصانةٍ أبدية؟
في عالم يموج بالتحديات والمخاطر، يظل الإنسان بحاجة دائمة إلى ما يربط قلبه بالسكينة والطمأنينة، وليس هناك سبيل... اقرأ المزيد
87
| 19 سبتمبر 2025
«سكان قطاع غزة -كلّهم- مهدّدون بالموت الجماعي جوعاً». بهذه الكلمات الموجعات، التي تتداعى لها المشاعر من أقطار النفس... اقرأ المزيد
129
| 19 سبتمبر 2025
سأحكي حزنَ قدسٍ من أَسايا نفوسٌ تمطرُ الرّمادَ شَظايا وأقلامٌ تراسلُ الحزنَ نعيًا كلامٌ ينتجُ السّحابَ خطايا فكيفَ... اقرأ المزيد
75
| 19 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صحفية فلسطينية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه ليس موتًا محتومًا. الطعنة قد تُنهك الجسد، لكنها تُوقظ الوعي. وبين الألم والصمت، يظل التعليم هو السلاح الأصدق يعلّمنا كيف نحول الخنجر إلى درس، والنزيف إلى ميلاد جديد. وحين نتعلم ذلك، سنستطيع أن نكتب تاريخًا لا يُختزل في طعنة، بل في كيفية النهوض بعدها، حتى لو جعلتنا الطعنة لحظةً لا نستطيع أن نستقيم ولا أن ننحني. الطعنة ليست مجرد نزيف جسدي، بل نزيف قيمي، يعكس خيانة الثقة وارتباك المصالح، ويمتد أثره إلى الوعي الجمعي، حيث يتحول الألم الفردي إلى جرح اجتماعي، لا يُعالج إلا ببناء عقول قادرة على فهمه وتجاوزه. ما ردور الأفعال المحتملة بعد طعنة الخاصرة؟ 1. الانكسار والصمت: حين يختار المجتمع الصمت بعد الطعنة، فإنه يتعوّد على الخوف، ويورّثه للأجيال. يصبح الاستسلام عادة، وتتحول الكرامة إلى ذكرى. • انعكاس اجتماعي: مجتمع صامت يولّد أجيالًا مستكينة، ترى في الخضوع نجاة. • المعالجة بالتعليم: غرس قيم الشجاعة الفكرية، وتعليم الطلاب منذ الصغر أن التعبير عن الرأي ليس جريمة، بل حق وواجب. 2 - الانتفاض والثأر. ردّ الفعل الغاضب قد يحوّل الألم إلى شرارة مقاومة، لكنه قد يفتح أبواب العنف. الثورة بلا وعي تُنتج فوضى، لا حرية. • انعكاس اجتماعي: مجتمعات تعيش على وقع الثأر تفقد استقرارها، وتُدخل أبناءها في دوامة عنف متجددة. • المعالجة بالتعليم: تعليم فنون إدارة الأزمات، وتعزيز ثقافة الحوار والمقاومة السلمية، ليُوجَّه الغضب إلى بناء لا إلى هدم. 3. التفاوض والمرونة الطعنات قد تكون رسائل سياسية. المرونة والتفاوض خيارٌ يُنقذ ما تبقى، لكنه قد يُفسَّر ضعفًا أو خضوعًا. • انعكاس اجتماعي: مجتمعٌ يتبنى ثقافة المساومة قد ينقسم بين من يرى فيها حكمة ومن يراها تنازلًا. • المعالجة بالتعليم: إدخال مناهج تُدرّس فنون التفاوض والوساطة، حتى ينشأ جيل يوازن بين صلابة المبادئ ومرونة المصالح. 4. التحالفات الجديدة كل خنجر قد يدفع إلى إعادة الحسابات، والبحث عن حلفاء جدد. لكنه خيار محفوف بالمخاطر، لأنه يبدّل خريطة الولاءات. • انعكاس اجتماعي: قد يعيد الأمل لفئة، لكنه قد يزرع الشك والانقسام في فئة أخرى. • المعالجة بالتعليم: تعليم التاريخ والسياسة بنَفَس نقدي، حتى يفهم الطلاب أن التحالفات ليست أبدية، بل مصالح متحركة يجب التعامل معها بوعي. 5. التجاهل والمكابرة أخطر الخيارات هو الادعاء أن الطعنة سطحية. المكابرة هنا نزيف صامت، يُهلك من الداخل بلا ضجيج. • انعكاس اجتماعي: يولّد مجتمعًا يهرب من مواجهة الحقائق، ويغرق في إنكار الواقع. • المعالجة بالتعليم: إدخال قيم النقد الذاتي والشفافية، وتربية جيل يتعامل مع الأرقام والوقائع لا مع الأوهام. 6. الاستبصار والتحول أرقى الردود أن تتحول الطعنة إلى درس. فكل خنجر في خاصرة الأمة قد يكون بداية نهضة، إذا استُثمر الألم في التغيير. • انعكاس اجتماعي: مجتمع أقوى، يحوّل الجرح إلى مشروع بناء. • المعالجة بالتعليم: تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، ليُصبح الألم مصدر قوة، والصمت فضاءً لإعادة صياغة المستقبل. وأنا أقول.. الأمة التي تقرأ جراحها لا تُهزم مهما تكررت الطعنات. وحده التعليم يحوّل الخنجر إلى درس، والصمت إلى صوتٍ أعلى.
1353
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس بالدوحة، محطة فارقة في مسار القضية الفلسطينية، إذ إنه قد كشف بوضوح عن نية الاحتلال في عدم إنهاء الحرب، وهذا ما أشار إليه مندوب مصر في الخطاب الجريء الذي أدلى به في جلسة مجلس الأمن، وتأكيده أن الاعتداء يكشف الجهة المعرقلة للاتفاقيات الراغبة في إطالة أمد الحرب لأهداف سياسية ودينية متطرفة. في السياق، حققت القضية نصرًا دبلوماسيًا قويًا، حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة مشروع قرار حل الدولتين، حيث حصل تأييد المشروع على 142 صوتًا، وعشرة أصوات معارضة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت. الاحتلال بات يعاني أزمة عزلة دولية مثّل هذا الإقرار أبرز مظاهرها، إلا أنه على الرغم من ذلك يرفض نتنياهو وحكومته المتطرفة مشروع حل الدولتين بشكل قطعي، وقد أكد قبلها نتنياهو على ذلك بقوله الصريح: «لن تكون هناك دولة فلسطينية». السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يصر نتنياهو على رفض حل الدولتين وإن أدى لمواجهته دول المنطقة والدخول في عزلة دولية تفقده معظم حلفائه؟ الكيان الإسرائيلي يختلف عن الصورة النمطية للأنظمة الاستعمارية، التي تسعى للهيمنة والسيطرة، فالاحتلال الإسرائيلي قائم على إستراتيجية المحو الشامل للوجود الفلسطيني، وتشمل محو التاريخ واللغة والهوية والجغرافيا، فهو مشروع استيطاني إحلالي يستند في جوهره إلى إلغاء وجود الآخر الفلسطيني، ليتمكن ذلك الاحتلال من تحقيق هوية دينية وقومية حصرية. وربما يفسر ذلك ما حرص عليه العدو الصهيوني في نشأته الأولى من ترويج أسطورة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، كأساس يبني عليه ما تترجمه إستراتيجية المحو لاحقا، فيصبح الوجود الفلسطيني مشكلة وجودية لا عائقًا سياسيًا. النظم الاستعمارية السابقة (بريطانيا على سبيل المثال) كانت تتوسع وتحتل الدول اعتمادًا على قوتها الذاتية، كقوة عظمى لها مركز وأطراف، وتسعى للهيمنة على الدول، بهدف دعم نفوذها والسيطرة على ثروات تلك البلاد، لذلك لم تسع بريطانيا إلى الإحلال والدخول في معارك وجودية مع شعوب الدول المستعمرة. أما الكيان الإسرائيلي، فهو حالة خاصة، إذ إن قوته وقدرته على الاحتلال ليست ذاتية، بل هي قائمة بشكل كامل على الدعم الغربي والرعاية الأمريكية، إضافة للغياب العربي كما عبر الدكتور عبدالوهاب المسيري، وهما عنصران قابلان للتغيير، فلذلك تعيش دولة الاحتلال في قلق دائم من الوجود الفلسطيني، إذ إن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض والاحتلال عارض طارئ. انطلاقاً من إستراتيجية المحو ورفض الوجود الفلسطيني، أصدر الكنيست في 2018 قانون القومية، الذي يرسخ بشكل رسمي أن إسرائيل القومية للشعب اليهودي، وحق تقرير المصير فيها من حق الشعب اليهودي وحده، لنزع صفة المساواة عن الفلسطينيين داخل أراضي 48، وتوطئة كذلك لإقصائهم من الدولة اليهودية. دولة الاحتلال مصممة لتعيش داخل الحرب، فالحرب للإسرائيليين هي القاعدة وليست الاستثناء، وحراكها العسكري ليس دفاعًا عن النفس كما تدعي، لا يقوم على الدفاع كما تروج، لكن تقوم على الردع والهيمنة الإقليمية وإبقاء المنطقة في حال اشتعال دائم وعدم استقرار أبدي، والعسكرة كما هو معلوم جزء من الهوية الإسرائيلية، والشعب الإسرائيلي مُهيأ منذ النشأة نفسيًا وثقافيًا لحرب دائمة تعتمد على حقيقة وجوده في محيط عربي. ومنذ تأسيس الكيان وحتى اليوم، لم يمر وقت على الكيان الإسرائيلي دون أن يبدأ هو الحرب والعدوان، حرب 1948، وعدوان 56 على مصر بمشاركة انجلترا وفرنسا، وعدوان نكسة 67 الذي احتل فيه الضفة وغزة وسيناء والجولان، واجتياح لبنان عام 82، والحروب المتكررة على غزة، والهجمات المتواصلة على الأراضي السورية واللبنانية. يرفض الاحتلال الانخراط في أية تسوية سلمية من شأنها أن تمرر مشروع حل الدولتين، لأنه مدفوع بهوية دينية وثقافية إلى عبور الحدود، فقد أُنشئ هذا الكيان ليتمدد لا لينحصر داخل فلسطين، ومن ثم لا يستطيع المضي قدما لتحقيق هذه الأطماع إلا من خلال السيطرة التامة على فلسطين، ومن ثم لا ولن يعترف العدو الصهيوني بفكرة حل الدولتين.
780
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام إسرائيل بقصف مقر تواجد وفد من قادة حركة حماس خلال مفاوضات جارية بوساطة قطرية، هذا الهجوم لم يقتصر أثره على إلحاق أضرار بالمباني المستهدفة، بل أسفر أيضاً عن استشهاد الوكيل عريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من قوة الأمن الداخلي، وعدد من أعضاء حماس ومرافقيهم. يُعد هذا الاعتداء سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، فهو يمثل انتهاكاً مباشراً لسيادة دولة قطر التي تقوم بدور الوسيط المحايد بين إسرائيل وحركة حماس، في إطار الجهود الرامية إلى إطلاق الأسرى وإحلال السلام في غزة والمنطقة، إن تنفيذ غارة عسكرية داخل أراضي دولة مستقلة يضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية التي تضمن احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. كما أن استهداف مقر مفاوضات، وليس ساحة قتال، يُعد خرقاً لأبسط القواعد الإنسانية التي توجب حماية الوسطاء والمشاركين في المفاوضات، وتعكس استخفافاً بدور قطر الذي حظي باعتراف إقليمي ودولي واسع. استشهاد بدر الدوسري، يرمز إلى أن قطر دفعت ثمناً رغم دورها كوسيط، كما أن مقتل أعضاء من حماس في هذه الضربة يشير إلى نية إسرائيل تقويض جهود التهدئة وعرقلة أي مسار تفاوضي يمكن أن يُفضي إلى تسوية سياسية. الهجوم لم يترك أثراً إنسانياً فحسب، بل ألقى بظلال من الشك على إمكانية استمرار الوساطات في مناخ آمن ومحايد، فالوسطاء يحتاجون إلى ضمانات دولية بعدم استهدافهم، وإلا فإن الثقة في العملية السياسية برمتها ستنهار. أمام هذا التطور، تبرز مسؤولية مجلس الأمن الدولي في تحمل واجباته، فقد عبّر المجلس عن قلقه إزاء الحادثة وأكد ضرورة احترام سيادة قطر، لكن الاكتفاء بالبيانات لا يكفي، المطلوب هو إجراءات واضحة لردع إسرائيل عن تكرار مثل هذه الاعتداءات، بما في ذلك: • فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على إسرائيل لتورطها في خرق القوانين الدولية. • إصدار قرار ملزم يضمن حماية الوسطاء والأطراف المشاركة في أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة أو الدول الأعضاء. المسؤولية لا تقتصر على مجلس الأمن وحده، بل تقع أيضاً على عاتق الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ككل. المطلوب هو: 1. توحيد الموقف العربي والإسلامي لإدانة الاعتداء واتخاذ خطوات عملية لحماية السيادة القطرية. 2. دعم قطر في مسعاها القانوني أمام المحافل الدولية لضمان محاسبة المعتدين. 3. تعزيز الحماية الدبلوماسية للوسطاء، سواء من خلال اتفاقيات إقليمية أو عبر الأمم المتحدة. 4. استخدام الضغط الإعلامي والسياسي لتسليط الضوء على الانتهاك ومنع محاولات التغطية عليه. إن قصف إسرائيل لمقر في الدوحة يمثل ليس فقط اعتداءً على قطر، بل رسالة سلبية لكل الدول الساعية إلى الوساطة وإيجاد حلول سلمية للصراعات، لذلك، فإن الرد الدولي يجب أن يكون على مستوى خطورة الحدث، عبر مساءلة واضحة لإسرائيل وتفعيل أدوات الردع، ضماناً لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات وحماية لمساعي السلام في المنطقة.
732
| 14 سبتمبر 2025