رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. جاسم الجزاع

* باحث وأكاديمي كويتي
[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

654

د. جاسم الجزاع

هل يحكم الفلاسفة المؤسسات ؟

19 فبراير 2025 , 02:00ص

كما تعلمون أن الإدارة ليست مجرد قواعد علمية ورقمية فقط، بل هي فن يستند إلى فهم الطبيعة البشرية والتعلق بالبصائر والنظر الى حوادث الأمور، وهنا يتلاقى الفكر الفلسفي مع علم الإدارة، حيث يمكن لأفكار الفلاسفة العظماء أن تقدم إضاءات غير تقليدية للقادة السياسيين والاداريين اليوم، فمن سقراط الذي أسس للحوار قواعد النقد، إلى العلامة ابن خلدون الذي وضع نظريات في العمران والاجتماع البشري كوحدة تنظيمية، تتجلى الفلسفة كمنبع لا ينضب للحكمة الإدارية. وقد كان سقراط يؤمن بأن المعرفة تبدأ بالسؤال وليس بالإجابة، وهو نهج يمكن للقادة تبنيه من خلال الإدارة بالحوار والمناقشة، حيث يمكن استبدال الأوامر المباشرة بأسئلة تحليلية تحفيزية ملهمة تدفع الموظفين للتفكير النقدي والبحث عن حلول مبتكرة في أداء أعمالهم، مما يعزز روح الفريق والشعور بالمسؤولية. وفي المقابل، رأى أفلاطون أن الدولة المثالية يقودها “الفيلسوف الملك”، وهو تصور يمكن إسقاطه على القيادة الإدارية حيث يحتاج القادة في المنظمات والمؤسسات إلى رؤية استراتيجية عميقة تتجاوز الحلول السريعة إلى التفكير في الأثر البعيد للقرارات، والحكمة من قراراتهم، مما يجعلهم أكثر قدرة على مواجهة التحديات. وأما أرسطو، فقد قدم مفهوما يحقق التوازن بين التطرفات والمتناقضات، وهو ما يعكسه القائد الناجح في قدرته على اتخاذ القرارات بحكمة بين الحزم والمرونة، والجمع بين المخاطرة والاحتياط، وبين الابتكار والمحافظة على الاستقرار، مما يجعل قراراته أكثر عقلانية وأقل اندفاعًا.

أما العلامة ابن خلدون، فقد وضع أنموذجًا لفهم دورة حياة الدول والمجتمعات، وهي نظرية يمكن تطبيقها على عالم الأعمال والمنظمات والمؤسسات، حيث تمر تلك المنظمات بمراحل مبتدئة بروح الفريق والابتكار في مرحلة النشأة، ثم تزدهر مع تحقيق النمو، قبل أن تدخل في الجمود الإداري بسبب إحلال البيروقراطية والترهل الإداري محل الإبداع، وهنا إذا لم تتمكن من تجديد نفسها، فقد تصل إلى الانهيار والموت حالها حال البشر. فالقائد هنا إن تبنى حكمة الفلاسفة فسوف يدرك أن فهم الدورة التنظيمية تمكنه من اتخاذ قرارات استباقية تمنع مؤسسته من التراجع، وذلك من خلال تبني ثقافة الابتكار وإعادة الهيكلة الدورية لتجنب الركود والموت الإداري. ومن منظور آخر، نجد أن الفلاسفة لم يتحدثوا فقط عن نظم الحكم والإدارة من حيث اتخاذ القرارات والصرامة في شؤون الحكم، بل ناقشوا أيضًا الأخلاقيات المرتبطة بها، حيث أكد سقراط على أهمية تبني النزاهة من القائد في أطروحاته، بينما شدد أفلاطون على أن الحاكم أو القائد لا يجب أن يسعى وراء مكاسبه الشخصية بل يجب أن يضع مصلحة الجماعة فوق كل اعتبار، وهو ما يتطابق مع مفاهيم الحوكمة الرشيدة في الشركات الحديثة.

فالفكر الفلسفي يمكن أن يساعد أيضًا في فهم تعقيدات بيئة العمل المعاصرة، حيث إن القائد الذي يتبنى نهجًا سقراطيًا في النقاش وبناء الحوارات، ونهجًا أفلاطونيًا في صياغة الرؤية والحكمة البعيدة، ونهجًا أرسطويًا في تحقيق التوازن بين المتناقضات والمصالح، ونهجًا خلدونيًا في استشراف المستقبل وفهم تقلب الأيام والدول، سيكون قادرًا على إدارة فريقه ومؤسسته بفعالية وتحقيق النجاح المستدام.

اقرأ المزيد

alsharq الشرع والواقعية السياسية

منذ اليوم الأول لتوليه قيادة سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، والرئيس أحمد الشرع يحطم رويدا رويدا جميع التصورات... اقرأ المزيد

369

| 18 نوفمبر 2025

alsharq وزارة التربية والتعليم هل من مستجيب؟

شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من المواطنين والمقيمين من أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في مدارس... اقرأ المزيد

1230

| 18 نوفمبر 2025

alsharq د. زغلول النجار.. عالمٌ حمل عزة العلم وصدق الدعوة

( قضية الإسلام عادلة، لكنها كثيرًا ما تُقدَّم بألسنةٍ ضعيفة ) «الشيخ محمد الغزالي» بهذه الكلمات التي تختصر... اقرأ المزيد

195

| 18 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية