رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثيرة هي الاحتفالات والمناسبات التي تتوزع موضوعاتها حتى تكاد –من كثرتها– أن تشمل جميع أيام السنة، بعضها عام يمكنه أن يستقطب فئات وشرائح متعددة وبعضها متخصص أو موغل في التخصص فيكون موجها إلى أصحاب هذا التخصص.
غير أنه في زحمة تلك المناسبات الكثيرة التي يجري الاحتفال بها؛ تبرز مناسبة أثيرة -ربما- تسقط من اهتماماتنا أو لا نعطيها ما تستحقه من الاهتمام أو لا نعطيها المكانة اللائقة بها في قائمة متابعاتنا رغم أن منظمي تلك المناسبة يحشدون لها إمكانات وطاقات ليست سهلة فضلًا عن أنها تحظى برعاية كريمة وفائقة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء وحاكم إمارة دبي.
المناسبة التي أعنيها هي المؤتمر الدولي للغة العربية الذي سينتظم عقده الخامس في الرابع من شهر مايو القادم في رحاب دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة التي صارت تحتضن هذه المناسبة سنويًا وتحرص على استمرارها، وتوفر لها سائر إمكانات نجاحها بحيث أن هذا المؤتمر أصبح كما العيد السنوي لصاحبة الجلالة، اللغة العربية.
ينظم هذا المؤتمر المجلس الدولي للغة العربية، وهو منظمة يعود تاريخ تأسيسها للعام 2008 حينما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة الموافقة على طلب المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو بإعلان سنة 2008 عاما دوليا للغات حيث عُرض موضوع إنشاء المجلس الدولي للغة العربية على المؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية الذي عقد في مدينة الرياض في دورته الحادية والأربعين بتاريخ 16 أبريل 2008م. وحضره أكثر من (150) رئيس جامعة عربية. وقد تمت الموافقة على إنشائه ودعمه لتحقيق أهدافه المتمثلة في تنسيق الجهود ودعم التعاون وتعزيزه بين جميع الجهات المعنية بخدمة اللغة العربية وتعلمها وتعليمها والعمل بها في الإدارة والتعليم والتجارة وسوق العمل والإعلام والثقافة وغيرها من الميادين الحيوية.
في كلمته الضافية، في العام الماضي إبّان افتتاحه المؤتمر الرابع للغة العربية قال سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم " إن اللغة العربية كانت الأبرز في العديد من بقاع العالم، حيث كانت لغة العلم والمعرفة التي بنتها الحضارة الإسلامية، ونهل منها الغرب، ويجب علينا أن نتعاون لنعيدها إلى مكانتها التاريخية، من خلال ترسيخها ونشرها، والاستفادة من مميزاتها التي تمنحها المرونة اللازمة لاستيعاب مختلف المعاني في جميع التخصصات، وأن نجعلها لغة حياة في جميع المجالات". وأشار إلى أهمية "إعادة صياغة طرق تعاطي مع العربية، من خلال تعزيز استخدامها كلغة أولى وإيصالها إلى الأجيال القادمة بقوتها وجاذبيتها".
وبالطبع لايخفى على أحد حجم الإهمال الذي تعانيه لغتنا العربية وعدم التمسّك –الفعلي– بها كلغة وطنية يُفترض حرصنا على الظهور بها في شتى المناسبات ونعمل بها في شتى الممارسات والمهام، لا نتكلم إلاّ بها، ولا نتعلّم إلاّ بواسطتها، نُعلي شأنها ونتفاخر بها، ولانرضى أن نتنازل أو يتنازعها في المقام أي لغة أخرى.
وحري بنا أن نولي هذا المؤتمر الدولي الذي يشارك فيه المئات من الخبراء والأساتذة والمسؤولين شيئًا من اهتمامنا وأن نعطي المبادرات والتوصيات الصادرة عنه مجالها للتطبيق في واقعنا العربي، فننشر فضل لغتنا العربية وأهميتها، ليس لأبنائنا فقط وإنما للعالم أجمع، بالضبط مثلما جميع دول العالم المتقدّم – على اختلاف لغاتهم وتعددها – حريصون على لغاتهم، ويعلون من مكانتها ولا يرتضون بديلًا عنها. هكذا يُفترض لولا أن مسائل الهوية والانتماء والثقافة تراجعت في كثير من دولنا العربية وتحوّل الاهتمام إلى غيرها حتى أصبحت -أو كادت تكون- اللغة العربية نسيًا منسيًا أو شيئًا مهملًا أو طيفًا من التراث.
سانحة
جاء في بكائيـة شـاعر النيل حافـظ إبراهيم على لغتنا العربية في قصيدته الشهيرة:
وِسـعْتُ كِـتَابَ الله لَـفْظَاً وغَـايَةً وَمَـا ضِـقْتُ عَـنْ آيٍ بـهِ وَعِظِاتِ
فـكيفَ أَضِـيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ وتـنـسيقِ أَسْـمَـاءٍ لـمُخْتَرَعَاتِ
أنـا الـبحرُ فـي أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ فَـهَلْ سَـاءَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13686
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1803
| 21 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا مميزًا من حكامنا الوطنيين، الذين أثبتوا أنهم نموذج للحياد والاحترافية على أرض الملعب. لم يقتصر دورهم على مجرد تطبيق قوانين اللعبة، بل تجاوز ذلك ليكونوا عناصر أساسية في سير المباريات بسلاسة وانضباط. منذ اللحظة الأولى لأي مباراة، يظهر حكامنا الوطنيون حضورًا ذكيًا في ضبط إيقاع اللعب، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الفرق واحترام الروح الرياضية. من أبرز السمات التي تميز أدائهم القدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في الوقت المناسب. سواء في احتساب الأخطاء أو التعامل مع الحالات الجدلية، يظل حكامنا الوطنيون متوازنين وموضوعيين، بعيدًا عن تأثير الضغط الجماهيري أو الانفعال اللحظي. هذا الاتزان يعكس فهمهم العميق لقوانين كرة القدم وقدرتهم على تطبيقها بمرونة دون التسبب في توقف اللعب أو توتر اللاعبين. كما يتميز حكامنا الوطنيون بقدرتهم على التواصل الفعّال مع اللاعبين، مستخدمين لغة جسدهم وصوتهم لضبط الأجواء، دون اللجوء إلى العقوبات القاسية إلا عند الضرورة. هذا الأسلوب يعزز الاحترام المتبادل بينهم وبين الفرق، ويقلل من التوتر داخل الملعب، مما يجعل المباريات أكثر جاذبية ومتابعة للجمهور. على الصعيد الفني، يظهر حكامنا الوطنيون قدرة عالية على قراءة مجريات اللعب مسبقًا، مما يسمح لهم بالوصول إلى أفضل المواقع على أرض الملعب لاتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة. هذه المرونة والملاحظة الدقيقة تجعل المباريات أكثر انتظامًا، وتمنح اللاعبين شعورًا بالعدالة في كل لحظة من اللعب. كلمة أخيرة: لقد أثبت حكّامُنا الوطنيون، من خلال أدائهم المتميّز في إدارة المباريات، أنهم عناصرُ أساسيةٌ في ضمان نزاهة اللعبة ورفع مستوى المنافسة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به على الصعيدين المحلي والدولي.
1248
| 25 نوفمبر 2025