رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جواهر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

288

جواهر آل ثاني

زمن الظاهر

18 فبراير 2025 , 02:00ص

لو كان لنا أن نعطي هذا الوقت من الزمان اسماً، لسميته زمن شاشات الهواتف.. زمن التلفاز.. زمن الأغاني.. زمن الأفلام والمسلسلات.. زمن نوافذ السيارات وطاولات المقاهي والمطاعم.. زمن بلكونات الفنادق والأسماء على الجرائد.. زمن الساعات الثمينة والمجوهرات النادرة.. باختصار زمن الظاهر والمظاهر.

من يُعرف في وسائل التواصل الاجتماعي يصبح مرغوباً.. من يظهر في الأفلام والمسلسلات يصبح مشهوراً.. من يركب السيارات الغالية ويرتدي الساعات الثمينة ويشتري المجوهرات النادرة يصبح مطلوباً.. من يرتاد المقاهي والمطاعم الراقية يصبح عصرياً ورائعاً.. ومن يسكن فنادق خمس نجوم ويظهر اسمه في الجرائد والمجلات يصبح معروفاً. ما هو الشيء المشترك بين جميع من ذكرتهم آنفاً؟ الناس لاحظوهم من الخارج كما يفعلون عندما ينظرون إلى شبابيك المتاجر. نظروا إليهم نظرة مادية ملؤها الإعجاب والتقدير.

أصبح الناس ينظرون إلى حياة غيرهم على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفاز وغيره، ويتمنون بأن يكونوا مكانهم! البعض يتمنى لو أنه كان مكان مالك تلك السيارة الفارهة التي لمحها في الشارع، والبعض يتمنى لو كان يستطيع أن يجرب كل يوم هواية مثل ذاك المليونير الذي يسجل نشاطاته في إنستجرام، والبعض يتمنى لو انتمى لتلك العائلة التي تُصيّف كل عام في دولة مختلفة.. وهكذا تتعدد أمنيات الناس اليوم حسب ما يرونه أمامهم! ولكن ماذا عما لا يرونه أمامهم؟ ماذا لو كانت تلك السيارة مملوكة ومُجهزة لإنسان مُقعد لا يستطيع المشي؟ ماذا لو كانت تجربة الهوايات الجديدة هي طريقة المليونير في محاربة مرض نفسي يعاني منه؟ ماذا لو كان أفراد تلك العائلة التي تُصيّف كل عام في دولة مختلفة لا يطيقون ويكيدون لبعضهم كلما سنحت الفرصة؟

المظاهر تخفي في أحيان كثيرة البواطن، خاصة في عالم مليء بالفلاتر والإعلانات المدفوعة والحلول التي تشتريها الأموال والقوة والجمال. الحل في هذا الزمن، هو أن يعيش الإنسان حياة كريمة لنفسه، وكيف يفعل ذلك؟ ألا يتمنى أن يكون غير نفسه، وأن يعيش حياته بأصالتها وكل ما فيها، فالمقارنة وتمنِّي الإنسان بأن يصبح غير نفسه، أمر متعب، خاصة وأنت لا تعرف قصة غيرك الحقيقية، ولم تعرف سوى ما شاهدته من وراء حجاب!

مساحة إعلانية