رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جواهر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

255

جواهر آل ثاني

طريق الإلهام

17 يونيو 2025 , 02:00ص

أعظم شيء يمكن للإنسان أن يفعله في الحياة هو أن يلهم غيره. أعظم مهنة هي المهنة التي تُلهم الغير وتحفزهم وتدفع بهم إلى الأمام لينفعوا العالم ويساعدوا غيرهم. هناك مقولة رائعة تقول: «العمل الذي تمارسه ليس هدفك في الحياة.. هدفك في الحياة هو ما يحدث للآخرين عندما تقوم بالعمل الذي تمارسه!». Your purpose is not what you do. It’s what happens to other people when you do what you do.

ولهذا نجد الاحترام الكبير للمعلمين والآباء والأمهات.. لأنهم أكثر من يزرع الالهام في الانسان. هم أكثر من يحفزون على العمل وملاحقة الشغف والمبادرة ومساعدة وحب الآخرين.

كيف يلهم الانسان غيره؟ بالشغف. بدون شغف لا وجود للإلهام. المعلمون الذين علمونا كانوا شغوفين إما بالمادة التي يعلمونها الطلاب أو برغبتهم بنجاح طلابهم. الآباء والأمهات الذين ألهموا أطفالهم، إما كانوا شغوفين بعمل أو شيء ما (لاحظه) أطفالهم أو كانوا شغوفين بنجاح أطفالهم وراحتهم. كل شخص ألهم شخصا آخر، كان شغوفاً بشيء أو عمل ما، وصل أثره إلى الشخص الآخر.

يقول ستيف جوبز في كلمته التي ألقاها في حفل تخريج جامعة ستانفورد سنة ٢٠٠٥ بأنه لم يكن يعرف ماذا يريد أن يكون وهذا الشيء أرعبه وأرعب والديه الذين جمعا المال طوال حياتهما حتى يتمكن جوبز من دخول الجامعة، إلا أن ذلك لم يكن شغف جوبز، الذي ترك الجامعة ( وهو لا يزال لا يعرف ماذا يريد) وقام بحضور فقط المواد التي تهمه ومنها مادة (تعليم الخط) والعمل على الحواسيب وبرمجياتها.

شغف ستيف جوبز بنى له شركة آبل وألهم الملايين من الناس بقصة نجاحه وبالأجهزة التي أخرجها، بل ان حتى مادة تعليم الخط الذي لم يكن يعرف وقتها لماذا اهتم بها، ساعدته عندما بنى (الماك) وأخرجه كأول حاسوب بخطوط رائعة وفنيات جميلة جذبت المستخدمين لها.

الشغف لا يستأذن الانسان. قد يكون الشغف في هيئة مهارة يكتسبها الانسان مع الوقت مثل الخياطة وقد يكون موهبة يتلقاها من الله سبحانه وتعالى مثل الرسم (مع أن حتى الرسم يمكن تعلمه)، وقد يكون شغفا متوارثا مثل اعتناء الابن او الابنة بتجارة الأب في الملابس أو في مجال المطاعم أو غير ذلك. وقد يأتي الشغف في صورة اهتمام بشيء أو عمل في البداية ثم يتطور مع الوقت ليصبح شغف كاكتشافنا لرياضة جديدة أو عند قراءتنا في مجال جديد مثل الأنثروبولوجيا او أصناف النباتات والكائنات الحية.

قد يقول لي أحدهم ولكني لا أملك شغفا أو «فقدت الشغف» كما يقول الكثير مازحاً.. وسأقول لهم ان الشغف الحقيقي «لا يُفقد» أما بالنسبة لمن يقولون انهم بلا شغف محدد وبالتالي لا يعرفون ماذا يفعلون في حياتهم: فأقول لهم: قلة قليلة تُولد وهي تعرف ما هو شغفها وماذا تريد أن تعمل في حياتها. لا تقنطوا. السر هو في أن تجربوا ما تقدرون عليه وأن تحاولوا اكتشاف شغفكم. اقرأوا. طالعوا. سافروا. تحاوروا مع الغير وخاصة ذوي الخبرة من مجالات مختلفة حتى تصلوا إلى شغفكم. طريق الالهام ليس لأصحاب القلوب الضعيفة!

مساحة إعلانية