رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هل من الطبيعي أن ترى شباباً مسلمين من الجنسين وفي بلاد المسلمين، تسألهم عن عدد ركعات صلاة المغرب، فيتلعثم البعض، ويتردد آخر، ويخطئ الباقي؟!
هل من الطبيعي أن لا يدري كثير من المسلمين، لاسيما الجيل الشاب، عدد أركان الإسلام؟
هل من الطبيعي ألا يعرف الناس أسماء الأنبياء؟
هل من الطبيعي ألا يشعر كثير من المسلمين عن معاناة مسلمين آخرين في مشارق الأرض ومغاربها ؟
هل من الطبيعي أن يعيش جيل مسلم شاب على تفاهات الأشياء والأولويات في فوضى عارمة عنده؟
هل وصلنا إلى مرحلة غربة الإسلام أو صار الإسلام غريبا؟
هل نعيش زمن اختفاء الإسلام بحيث لا يبقى منه سوى كلمة التوحيد؟
الأسئلة لا تنتهي ..
* نعم، الأسئلة لا تنتهي ولكن الأمر لا شك أنه مؤلم أولاً، ومن ثم مخيف ومحبط في الوقت نفسه ثانياً، ويدعو بالتالي إلى كثير تأمل وتدبر ثالثاً، ثم رابعاً وأخيراً، أهمية أن يتحول ذلكم التأمل والتدبر إلى برامج وخطط عملية واقعية، تصحح تلك المشاهد وتعيدها إلى طبيعتها، عبر آليات ووسائل وجهات رسمية تنفذها وأخرى شعبية تعاونها.
شخصياً لا أريد ولا أتمنى أن يكون هذا الزمن الذي نعيشه هو ما حدّث به الصحابي الكريم حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، عن الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، وهو يصف مشهداً مؤلماً وغريباً في الوقت نفسه وسيصل إليه المسلمون حتماً في زمن ما، حيث لا يعرف الناس حينها ما الإسلام، فضلاً عن معرفة أحكامه وشرائعه وتفاصيل أخرى !
فماذا قال حذيفة في رواية له عن الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم؟
قال :» يُدْرَسُ الإسلامُ، كما يُدْرَسُ وشْيُ الثوب، حتى لا يُدْرَى ما صيامٌ ؟ ولا صلاة ولا نُسك ولا صدقة، ويُسْرَى على كتاب الله في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخُ الكبيرُ، والعجوزُ يقولون: أدركْنا آباءَنا على هذه الكلمة، يقولون : لا إله إلا الله، فنحن نقولها ..» إلى آخر الحديث.
أي أن الإسلام سوف يُدْرسُ كما يُدْرسُ وشْيُ الثوب، أي تنمحي آثاره وتعاليمه كما تنمحي نقوش الثوب مع الزمن وتختفي.
* الشاهد من الموضوع أن التساؤلات المطروحة في مقدمة المقال، لا يمنع مانع من ربطها بهذا الحديث، واعتبارها مؤشرات على أننا ربما نعيش فعلاً هذا الزمن الذي تحدث عنه الرسول الكريم، أو ربما نكون في بدايات تشكّل هذا الزمن أو العهد الذي ستنمحي آثار وتعاليم الإسلام فيه.
التقنية في خدمة الإسلام
حرفياً لا شيء يمنع أن يكون هذا الزمن هو المعني في الحديث، ولكن سيكون غريباً بعض الشيء. وجه الاستغراب يأتى من كيفية وصول مسلم إلى مستوى معرفي هابط لا يدري فيه عن الدين سوى لا إله إلا الله، بل ربما لا يدري إن كان مسلماً أو ماذا يعني أن يكون مسلماً، في وقت نشهد طفرة علمية معرفية وتقنية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، والمرشحة لأن تتطور سريعاً سريعاً في قادم العقود وليست القرون، وبشكل لا يعلم مداها إلا الله.
اليوم مثلاً، ومن بعد ثورتي التقنيات والمعلومات اللتين بدأتا منذ أكثر من عشرين عاماً، صار أمر التعليم والتعلم أكثر يسراً وسهولة، والبحث عن المعلومة لا تأخذ منك جهداً كالذي كان قبل ثلاثة أو أربعة عقود مثلاً، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي أبرز مؤشرات هذا التطور المتسارع.. فكيف والحال المعرفي والتقني هكذا، ويحدث للمسلمين ما يحدث من جهل بالدين وحقائقه وأساسياته ؟
كيف لمسلم أن يصل إلى ذلكم الفقر المعرفي فيما يتعلق بدينه، واليوم بفضل الله ثم التقنيات المعلوماتية والتواصلية، صار جُل العالم يعرف عن الإسلام والمسلمين أكثر مما مضى، وصار أمر البحث أو الوصول إلى معرفة الإسلام غاية في السهولة، ويحصل الباحث على مبتغاه في أي زمان وأي مكان؟
لقد اهتدى الآلاف إلى هذا الدين بفضل التقدم العلمي والمعرفي الذي نعيشه الآن، ثم صارت تتعلم وتتفقه ذاتياً في الدين عبر هذه الوسائل، دون حاجة للتواصل البشري مع أساتذة وعلماء وفقهاء وغيرهم ممن لهم علم ودراية بالدين وتفاصيله، إلا بعد حين من الزمن.
المسلمون يجهلون دينهم
أيُعقل بعد كل هذا وفي ظل هذا التقدم المعرفي المذهل أن يجهل المسلم أبسط أساسيات دينه؟
نعم، يمكن أن يصل المسلمون إلى هذا المستوى الهابط في معرفة دينهم، والرسول الكريم لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى. ولا شيء يمنع حدوث ما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم، وإن كان في اعتقادي رغم ذلك، يحتاج الأمر لبعض الوقت، لكن لا أظنه طويلا !
لو تتأمل معي وتمعن النظر في تلك الجهود المستمرة النشطة، والخطط المحكمة، التي تُبذل هنا وهناك لسلخ المسلمين عن دينهم وعقيدتهم وثقافتهم في مواقع جغرافية شتى، لاسيما العربية منها، وإغراقهم بشتى الملذات والملهيات أو المنغصات والمشكلات، حتى رأينا فعلياً مسلمين لا يدري أحدهم عن دينه سوى لا إله إلا الله في مثل هذا الوقت من التقدم العلمي والمعرفي والتقني البشري الهائل، لوجدت أن من كُنّا نعتقدهم المقصودين في أحاديث آخر الزمان والذين سيأتون بعد قرون عدة أو آلاف السنين من الآن، ما هم إلا نحن مسلمي اليوم !
ماذا يعني هذا؟
يعني أهمية التنبه لخطر مشهد يُراد له أن يتجسد على أرض الواقع، وقد بدأت آثاره بالظهور فعلياً، ومن المحتمل أن تتعمق أكثر فأكثر ما لم نتدارك هذا المشهد ونصححه. نحن اليوم في خطر اتساع دائرة الجهل بالدين، رغم التقدم العلمي والمعرفي والتقني الهائل، والتي من المفترض أن تزيد مستخدميها علماً ونوراً وفهماً، لكن الواقع الحالي للمسلمين يقول غير هذا.
علماء وفقهاء الدين توزعت بهم السبل ما بين اتجاه البعض للانزواء والبحث عن الأمان، أو تورط قسم آخر مع القصور ودواوين السلاطين، أو قسم ثالث أراد الإصلاح، فوجد نفسه في غياهب السجون والمعتقلات، وقسم رابع أخير صار ضررهم أكثر من نفعهم. بينما في الوقت ذاته ينتشر دعاة على أبواب جهنم، وتنتشر وتتراكم الأفكار الفاسدة والفلسفات والملهيات هنا وهناك، عن أيماننا وشمائلنا، ومن فوقنا وتحتنا، بل من كل اتجاهات أرضنا !
فاللهم قنا شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن. وعلّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
د. عـبــدالله العـمـادي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه ليس موتًا محتومًا. الطعنة قد تُنهك الجسد، لكنها تُوقظ الوعي. وبين الألم والصمت، يظل التعليم هو السلاح الأصدق يعلّمنا كيف نحول الخنجر إلى درس، والنزيف إلى ميلاد جديد. وحين نتعلم ذلك، سنستطيع أن نكتب تاريخًا لا يُختزل في طعنة، بل في كيفية النهوض بعدها، حتى لو جعلتنا الطعنة لحظةً لا نستطيع أن نستقيم ولا أن ننحني. الطعنة ليست مجرد نزيف جسدي، بل نزيف قيمي، يعكس خيانة الثقة وارتباك المصالح، ويمتد أثره إلى الوعي الجمعي، حيث يتحول الألم الفردي إلى جرح اجتماعي، لا يُعالج إلا ببناء عقول قادرة على فهمه وتجاوزه. ما ردور الأفعال المحتملة بعد طعنة الخاصرة؟ 1. الانكسار والصمت: حين يختار المجتمع الصمت بعد الطعنة، فإنه يتعوّد على الخوف، ويورّثه للأجيال. يصبح الاستسلام عادة، وتتحول الكرامة إلى ذكرى. • انعكاس اجتماعي: مجتمع صامت يولّد أجيالًا مستكينة، ترى في الخضوع نجاة. • المعالجة بالتعليم: غرس قيم الشجاعة الفكرية، وتعليم الطلاب منذ الصغر أن التعبير عن الرأي ليس جريمة، بل حق وواجب. 2 - الانتفاض والثأر. ردّ الفعل الغاضب قد يحوّل الألم إلى شرارة مقاومة، لكنه قد يفتح أبواب العنف. الثورة بلا وعي تُنتج فوضى، لا حرية. • انعكاس اجتماعي: مجتمعات تعيش على وقع الثأر تفقد استقرارها، وتُدخل أبناءها في دوامة عنف متجددة. • المعالجة بالتعليم: تعليم فنون إدارة الأزمات، وتعزيز ثقافة الحوار والمقاومة السلمية، ليُوجَّه الغضب إلى بناء لا إلى هدم. 3. التفاوض والمرونة الطعنات قد تكون رسائل سياسية. المرونة والتفاوض خيارٌ يُنقذ ما تبقى، لكنه قد يُفسَّر ضعفًا أو خضوعًا. • انعكاس اجتماعي: مجتمعٌ يتبنى ثقافة المساومة قد ينقسم بين من يرى فيها حكمة ومن يراها تنازلًا. • المعالجة بالتعليم: إدخال مناهج تُدرّس فنون التفاوض والوساطة، حتى ينشأ جيل يوازن بين صلابة المبادئ ومرونة المصالح. 4. التحالفات الجديدة كل خنجر قد يدفع إلى إعادة الحسابات، والبحث عن حلفاء جدد. لكنه خيار محفوف بالمخاطر، لأنه يبدّل خريطة الولاءات. • انعكاس اجتماعي: قد يعيد الأمل لفئة، لكنه قد يزرع الشك والانقسام في فئة أخرى. • المعالجة بالتعليم: تعليم التاريخ والسياسة بنَفَس نقدي، حتى يفهم الطلاب أن التحالفات ليست أبدية، بل مصالح متحركة يجب التعامل معها بوعي. 5. التجاهل والمكابرة أخطر الخيارات هو الادعاء أن الطعنة سطحية. المكابرة هنا نزيف صامت، يُهلك من الداخل بلا ضجيج. • انعكاس اجتماعي: يولّد مجتمعًا يهرب من مواجهة الحقائق، ويغرق في إنكار الواقع. • المعالجة بالتعليم: إدخال قيم النقد الذاتي والشفافية، وتربية جيل يتعامل مع الأرقام والوقائع لا مع الأوهام. 6. الاستبصار والتحول أرقى الردود أن تتحول الطعنة إلى درس. فكل خنجر في خاصرة الأمة قد يكون بداية نهضة، إذا استُثمر الألم في التغيير. • انعكاس اجتماعي: مجتمع أقوى، يحوّل الجرح إلى مشروع بناء. • المعالجة بالتعليم: تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، ليُصبح الألم مصدر قوة، والصمت فضاءً لإعادة صياغة المستقبل. وأنا أقول.. الأمة التي تقرأ جراحها لا تُهزم مهما تكررت الطعنات. وحده التعليم يحوّل الخنجر إلى درس، والصمت إلى صوتٍ أعلى.
1380
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس بالدوحة، محطة فارقة في مسار القضية الفلسطينية، إذ إنه قد كشف بوضوح عن نية الاحتلال في عدم إنهاء الحرب، وهذا ما أشار إليه مندوب مصر في الخطاب الجريء الذي أدلى به في جلسة مجلس الأمن، وتأكيده أن الاعتداء يكشف الجهة المعرقلة للاتفاقيات الراغبة في إطالة أمد الحرب لأهداف سياسية ودينية متطرفة. في السياق، حققت القضية نصرًا دبلوماسيًا قويًا، حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة مشروع قرار حل الدولتين، حيث حصل تأييد المشروع على 142 صوتًا، وعشرة أصوات معارضة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت. الاحتلال بات يعاني أزمة عزلة دولية مثّل هذا الإقرار أبرز مظاهرها، إلا أنه على الرغم من ذلك يرفض نتنياهو وحكومته المتطرفة مشروع حل الدولتين بشكل قطعي، وقد أكد قبلها نتنياهو على ذلك بقوله الصريح: «لن تكون هناك دولة فلسطينية». السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يصر نتنياهو على رفض حل الدولتين وإن أدى لمواجهته دول المنطقة والدخول في عزلة دولية تفقده معظم حلفائه؟ الكيان الإسرائيلي يختلف عن الصورة النمطية للأنظمة الاستعمارية، التي تسعى للهيمنة والسيطرة، فالاحتلال الإسرائيلي قائم على إستراتيجية المحو الشامل للوجود الفلسطيني، وتشمل محو التاريخ واللغة والهوية والجغرافيا، فهو مشروع استيطاني إحلالي يستند في جوهره إلى إلغاء وجود الآخر الفلسطيني، ليتمكن ذلك الاحتلال من تحقيق هوية دينية وقومية حصرية. وربما يفسر ذلك ما حرص عليه العدو الصهيوني في نشأته الأولى من ترويج أسطورة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، كأساس يبني عليه ما تترجمه إستراتيجية المحو لاحقا، فيصبح الوجود الفلسطيني مشكلة وجودية لا عائقًا سياسيًا. النظم الاستعمارية السابقة (بريطانيا على سبيل المثال) كانت تتوسع وتحتل الدول اعتمادًا على قوتها الذاتية، كقوة عظمى لها مركز وأطراف، وتسعى للهيمنة على الدول، بهدف دعم نفوذها والسيطرة على ثروات تلك البلاد، لذلك لم تسع بريطانيا إلى الإحلال والدخول في معارك وجودية مع شعوب الدول المستعمرة. أما الكيان الإسرائيلي، فهو حالة خاصة، إذ إن قوته وقدرته على الاحتلال ليست ذاتية، بل هي قائمة بشكل كامل على الدعم الغربي والرعاية الأمريكية، إضافة للغياب العربي كما عبر الدكتور عبدالوهاب المسيري، وهما عنصران قابلان للتغيير، فلذلك تعيش دولة الاحتلال في قلق دائم من الوجود الفلسطيني، إذ إن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض والاحتلال عارض طارئ. انطلاقاً من إستراتيجية المحو ورفض الوجود الفلسطيني، أصدر الكنيست في 2018 قانون القومية، الذي يرسخ بشكل رسمي أن إسرائيل القومية للشعب اليهودي، وحق تقرير المصير فيها من حق الشعب اليهودي وحده، لنزع صفة المساواة عن الفلسطينيين داخل أراضي 48، وتوطئة كذلك لإقصائهم من الدولة اليهودية. دولة الاحتلال مصممة لتعيش داخل الحرب، فالحرب للإسرائيليين هي القاعدة وليست الاستثناء، وحراكها العسكري ليس دفاعًا عن النفس كما تدعي، لا يقوم على الدفاع كما تروج، لكن تقوم على الردع والهيمنة الإقليمية وإبقاء المنطقة في حال اشتعال دائم وعدم استقرار أبدي، والعسكرة كما هو معلوم جزء من الهوية الإسرائيلية، والشعب الإسرائيلي مُهيأ منذ النشأة نفسيًا وثقافيًا لحرب دائمة تعتمد على حقيقة وجوده في محيط عربي. ومنذ تأسيس الكيان وحتى اليوم، لم يمر وقت على الكيان الإسرائيلي دون أن يبدأ هو الحرب والعدوان، حرب 1948، وعدوان 56 على مصر بمشاركة انجلترا وفرنسا، وعدوان نكسة 67 الذي احتل فيه الضفة وغزة وسيناء والجولان، واجتياح لبنان عام 82، والحروب المتكررة على غزة، والهجمات المتواصلة على الأراضي السورية واللبنانية. يرفض الاحتلال الانخراط في أية تسوية سلمية من شأنها أن تمرر مشروع حل الدولتين، لأنه مدفوع بهوية دينية وثقافية إلى عبور الحدود، فقد أُنشئ هذا الكيان ليتمدد لا لينحصر داخل فلسطين، ومن ثم لا يستطيع المضي قدما لتحقيق هذه الأطماع إلا من خلال السيطرة التامة على فلسطين، ومن ثم لا ولن يعترف العدو الصهيوني بفكرة حل الدولتين.
783
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام إسرائيل بقصف مقر تواجد وفد من قادة حركة حماس خلال مفاوضات جارية بوساطة قطرية، هذا الهجوم لم يقتصر أثره على إلحاق أضرار بالمباني المستهدفة، بل أسفر أيضاً عن استشهاد الوكيل عريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من قوة الأمن الداخلي، وعدد من أعضاء حماس ومرافقيهم. يُعد هذا الاعتداء سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، فهو يمثل انتهاكاً مباشراً لسيادة دولة قطر التي تقوم بدور الوسيط المحايد بين إسرائيل وحركة حماس، في إطار الجهود الرامية إلى إطلاق الأسرى وإحلال السلام في غزة والمنطقة، إن تنفيذ غارة عسكرية داخل أراضي دولة مستقلة يضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية التي تضمن احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. كما أن استهداف مقر مفاوضات، وليس ساحة قتال، يُعد خرقاً لأبسط القواعد الإنسانية التي توجب حماية الوسطاء والمشاركين في المفاوضات، وتعكس استخفافاً بدور قطر الذي حظي باعتراف إقليمي ودولي واسع. استشهاد بدر الدوسري، يرمز إلى أن قطر دفعت ثمناً رغم دورها كوسيط، كما أن مقتل أعضاء من حماس في هذه الضربة يشير إلى نية إسرائيل تقويض جهود التهدئة وعرقلة أي مسار تفاوضي يمكن أن يُفضي إلى تسوية سياسية. الهجوم لم يترك أثراً إنسانياً فحسب، بل ألقى بظلال من الشك على إمكانية استمرار الوساطات في مناخ آمن ومحايد، فالوسطاء يحتاجون إلى ضمانات دولية بعدم استهدافهم، وإلا فإن الثقة في العملية السياسية برمتها ستنهار. أمام هذا التطور، تبرز مسؤولية مجلس الأمن الدولي في تحمل واجباته، فقد عبّر المجلس عن قلقه إزاء الحادثة وأكد ضرورة احترام سيادة قطر، لكن الاكتفاء بالبيانات لا يكفي، المطلوب هو إجراءات واضحة لردع إسرائيل عن تكرار مثل هذه الاعتداءات، بما في ذلك: • فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على إسرائيل لتورطها في خرق القوانين الدولية. • إصدار قرار ملزم يضمن حماية الوسطاء والأطراف المشاركة في أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة أو الدول الأعضاء. المسؤولية لا تقتصر على مجلس الأمن وحده، بل تقع أيضاً على عاتق الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ككل. المطلوب هو: 1. توحيد الموقف العربي والإسلامي لإدانة الاعتداء واتخاذ خطوات عملية لحماية السيادة القطرية. 2. دعم قطر في مسعاها القانوني أمام المحافل الدولية لضمان محاسبة المعتدين. 3. تعزيز الحماية الدبلوماسية للوسطاء، سواء من خلال اتفاقيات إقليمية أو عبر الأمم المتحدة. 4. استخدام الضغط الإعلامي والسياسي لتسليط الضوء على الانتهاك ومنع محاولات التغطية عليه. إن قصف إسرائيل لمقر في الدوحة يمثل ليس فقط اعتداءً على قطر، بل رسالة سلبية لكل الدول الساعية إلى الوساطة وإيجاد حلول سلمية للصراعات، لذلك، فإن الرد الدولي يجب أن يكون على مستوى خطورة الحدث، عبر مساءلة واضحة لإسرائيل وتفعيل أدوات الردع، ضماناً لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات وحماية لمساعي السلام في المنطقة.
732
| 14 سبتمبر 2025