رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يجد "الجرّاح" نفسه مضطراً لأن يقوم أحياناً بتخدير موضعي في أماكن تحيط بالموضع الذي يريد أن يجري فيه العملية الجراحية فيقوم بتخدير أكثر من مكان في جلد المريض حول منطقة الجراحة حتى لا يتأثّر المريض ولا يشعر بمشرط الجراحة ولا بغيره من الأدوات التي تقطع جلده ولحمه وعضلاته وأعصابه أو قد تصل إلى عظمه! وكلّما زادت مساحة الجراحة ازدادت حاجة الطبيب الجرّاح إلى تقطيع المزيد من الجلد واللحم وغيره أو كلّما اضطر إلى فتح صدر أو بطن أو رأس أو قلب المريض.. كلّما زادت الحاجة إلى "التخدير الكامل" للجسم بأكمله حتى لا يشعر المريض بمِشرَط أو بمقص أو بإبرة الخياطة فالتخدير الموضعي لا يجدي في هذه الحالة أبداً.
هل وصلت حالة الأمة الإسلامية اليوم إلى حالة التخدير الكامل التي نجح العدو الصهيوني معها في الوصول إلى كامل جسد الأمة الإسلامية بعد أن نجحوا في عملية "البنج" أو التخدير الموضعي لدول الجوار المحيطة بقلب جسد الأمة في فلسطين التي اغتصبوا أرضها بعد وعد بلفور البريطاني لهم الذي وعدهم "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" حيث وعد اليهود بتعويضهم بأرض فلسطين كوطن قومي لهم تعويضاً لهم عمّا لحق بهم من جرّاء المحرقة المزعومة أو الاضطهاد الذي لاقوه في عموم أوروبا ؟!
إن الخيانات المتلاحقة التي ارتكبها بعض الحكّام العرب من الخونة الذين تعاونوا مع البريطانيين لتحقيق ذلك الوعد وتنفيذه على أرض الواقع هي التي أدّت إلى احتلال فلسطين، حيث مهّدوا الطريق أمام البريطانيين والصهاينة وقاموا بتخدير موضعي للفلسطينيين وسحب السلاح منهم ومنع أي مقاومة - واللفظ الشرعي الصحيح هو الجهاد - تعارض وتقاوم هجرة اليهود إلى فلسطين شيئاً فشيئاً حتى أصبح اليهود أكثرية في بعض المناطق ولازالوا يبنون المستوطنات تلو المستوطنات بعد أن خرج البريطانيون الخبثاء من اللعبة وأتى الأمريكان ليقوموا بدور الوسيط "الأخبث" الذين ضحكوا ومسحوا على ذقون العرب "أيام أن كانت لهم لحى" بل ومسحوا بكرامة الوفود الفلسطينية والعربية وهي تتفاوض على بقايا كرامتهم وشرفهم بعد أن داس عليها من جعل الله منهم القردة والخنازيز مهما اعترض على تلك الأوصاف أدعياء "تقارب الأديان" الذين لازالوا يجدون السلام أو الاستسلام طريقاً لاسترداد الحقوق وما تبقّى من ماء وجوههم.
فَهِمَ اليهود اللعبة مبكّراً جداً وفَهِمَ معهم البريطانيون والأمريكان اللعبة كذلك وعلموا أنهم لن يستطيعوا إجراء جراحة دقيقة وخطيرة في وسط جسد الأمة الإسلامية إلا بعد أن يهيئوا الظروف المناسبة لتلك العملية الجراحية الخطيرة في قلب العالم الإسلامي "فلسطين" وما حولها، فبدأت عملية التخدير الموضعي بزرع العملاء وشراء الخونة وتنصيب الحكّام العملاء الذين يرضخون لمطالب أعدائهم ويركعون عند أقدام أسيادهم، فالعملية لن تتم وتكتمل إذا ما وُجِدَ في الأمة رجال مؤمنون صادقون يسعون لتطبيق حكم الله في بلادهم وإقامة شرع الله بينهم ونصرة دين الله في الأرض، ولهذا بدأ مسلسل التخدير مبكّراً جداً بإفساد العقول والأخلاق وشراء الذمم والضمائر شيئاً فشيئاً، فقامت إسرائيل بمماطلة الجانب الفلسطيني وإلهائه بعملية سلام واستسلام طويلة الأجل، بينما قامت في الوقت نفسه بمعاهدات استسلام أخرى لضمان حدودها مع سوريا والأردن ولبنان ومصر فدخلت الأردن ومصر في تلك المعاهدة المهينة ولم تكتف إسرائيل بذلك فقد كانت تعمل ليل نهار بينما العرب والمسلمون نائمون في "الوحل" لا العسل كما يقولون، فقد قامت بعملية طويلة الأجل كذلك تهدف إلى إلهاء الشعوب في الفن والرياضة ومن خلالهما قامت بعملية غسيل دماغ فأصبح المسلمون الذين أُمِرُوا بغض النظر! أصبحوا يلهثون وراء الجنس المحرّم والزنا في السينمات والقنوات الفضائية وفي مجال السياحة بعد أن روّجت لهم الخمور والمخدرات وأقنعتهم بمعاونة الغرب بأن في ذلك تقدما وحضارة! وأصبح المسلمون الذين أُمِرُوا بترك الجدل والاستفادة من الوقت! أصبحوا يلهثون وراء ضياع الأوقات في المباريات والبطولات والمسابقات التافهة وبرامج الجدل العقيم والثرثرة والسخافات ونجحت بأن صرفتهم عن العلم إلى الجهل في كافة المجالات وتركوا التأليف والقراءة والترجمة بل واستوردوا مناهج الغرب بسلبياتها وعيوبها واستوردوا معها الاختلاط والانحطاط فأصبحوا بلا عقل وبلا أخلاق! فأصبحوا جاهزين للخطوات التي تلت بعدها من تشجيع المؤامرات التي يقوم بها الحكّام العرب والمسلمين من الطواغيت ضد شعوبهم بعد أن رسّخوا مبدأ بقاء الحاكم حتى آخر قطرة دم من أبناء شعبه، وبعد أن شجّعوا الطغاة على الظلم وسرقة أموال الشعوب وأعانوهم على ذلك بأن سخّروا لهم القواعد العسكرية والمعاهدات الدولية التي تحميهم وترسّخ حكمهم، بل والأدهى من ذلك أنهم أخضعوا كل الحكّام العرب والمسلمين بل وحكّام العالم تحت سيطرتهم وعرفوا نقطة ضعف كل حاكم وكل دولة فتجسّسوا ووثّقوا خيانة كل عميل لهم بأدلّة ووثائق تفضح اختلاسات اللصوص منهم وتفضخ خيانات أهل الدعارة والرذيلة والفسق منهم!
لقد وصلنا إلى مرحلة من "التخدير الكامل" الذي يقوم فيه الجرّاح بتقطيع الجسد وتمزيقه دون أن يحرّك المريض ساكناً، فإذا صحّ القول بأن إسرائيل هي ذلك "الجرّاح" غير أن الطبيب الجرّاح يخدّر المريض ليعالجه بينما إسرائيل تخدّر جسد الأمة لتمزّقه وتنكّل به وتسحل بجثته في النهاية! بل إن الأمر تعدّى ذلك فلقد أصبح ذلك الجرّاح "كبير الجرّاحين" خبيراً لا يلوّث يديه ولا يحط من قدره بعمليات سهلة وبسيطة يستطيع أي طبيب مبتدئ أن يقوم بها بدلاً عنه، ناهيك عن أنها كلّفت "مساعد الطبيب" الذي يحمل المقص والمشرط بتلك العملية استهزاءً وغروراً! فإسرائيل لا تقوم بشيء يذكر لأنها كلّفت خدمها وعبيدها في العالم العربي والإسلامي بالمهمة فأصبحوا يمزّقون جسد الأمة ويحاربون دينها ويقتلون شعوبهم ويسرقون أموالهم وينهبون خيرات وثروات أوطانهم ناهيك عن أنهم يوفّرون الحماية والدعم لأمن إسرائيل كما كان يفعل حافظ الأسد وجمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك وغيرهم وكما يفعل اليوم بشار الأسد وحزب الشيطان ونوري المالكي وأذناب إيران وكما يفعل الآن عميلها الجديد وخادمها المطيع عبدالفتاح السيسي الذي أوقف ما كان ينوي الرئيس محمد مرسي فعله من مقاومة لإسرائيل، فقتل شعبه وخذل أهل غزّة ووفّر الأمان للصهاينة حتى أعلنت فرحتها بترشّحه للرئاسة كما فرحت سابقاً بترؤس غيره من حكّام العرب والمسلمين.. حتى أصبح المسلمون على أخبار الصهاينة اليوم وهم يقتحمون المسجد الأقصى ويدّنسونه بأقدامهم.. ولا يبالون من ردة فعل العرب ولا المسلمين ولا أي حاكم عربي أو مسلم.. لأن جسد الأمة أصبح في حالة.. "تخدير كامل".
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8001
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4965
| 02 أكتوبر 2025