رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة ناعوت

فاطمة ناعوت

مساحة إعلانية

مقالات

3476

فاطمة ناعوت

أكذوبةُ الخريف

17 أبريل 2013 , 12:00ص

تقول العربُ: "التعلُّم في الصِّغر، كالنقش على الحجر. والتعلّم في الكِبَر كالحرث على الماء" الأول ثابتٌ دامغٌ، والثاني زائلٌ كما يُمحى ما تخطه بعصا على صفحة الماء. وأختلف مع الحكمة الشهيرة. فليس من سنّ محددة ليتعلّم الإنسانُ معارفَ جديدةً. إن الوقت المناسب للتعلّم هو كاملُ المدة التي يقضيها الإنسان فوق الأرض، يعني كامل عمره. لهذا يقولُ الإنجليز: Never too late to lear، لم يَفُتِ الوقتُ أبدًا للتعلُّم.

والحقُّ أن الغرب يُطبّق هذه القاعدة بإتقان. فلا نندهش حين نطالعُ في صحف الغرب أخبارًا عن عجائزَ ذهبوا ليتعلَّموا فنونًا ومعارف جديدة. مثل التي ذهبت لتتعلم التطريز وفنَّ تنسيق الزهور وهي في الثمانين، أو ذلك الذي راح، في السبعين، يتدرَّب على رياضة تسلّق الجبال، أو تلك التي قررت العزْفَ على البيانو في التسعين، أو الزوجين المُسنّين اللذين قررا أن يجوبا العالم على دراجتيهما، وغيرهم الكثير! أخبارٌ لم تعد تدهشنا، من فرط تكرارها.

أما نحن العرب، فلدينا ميراث مضادّ ضخمٌ، يُقصِر التعلُّمَ على المراحل العمرية الأولى، ويسخرُ من طلب العلم في الكِبَر! كأن المعرفة كمٌّ محدود من المعلومات في حقيبة، يفتحها الصغيرُ في سنواته الأولى ليرى ما بها، ثم يغلقها ويرميها في النهر! ومثل ذلك المَثَل المصري (المحبط): "بعد ما شاب، وَدّوه الكُتّاب!" يعني: أبعدما وَخَطَ الشَّيبُ رأسَه، يذهب إلى الكُتّاب؟! والكُتّابُ مكانٌ يدرس فيه الصغارُ أصولَ اللغة والقرآن في القرى المصرية، قبل سنّ التعليم الإلزاميّ.

 لهذا ابتهجتُ كثيرًا حين قرأتُ عن الأردنية "فضّة" ابنة عام 1921، بيسان فلسطين، حين قرّرتْ أن تمحو أميّتَها وقد تخطّت التسعين عامًا! لتغدو، ليست وحسب أكبرَ طالبة على مقاعد الدرس في الأردن، ولا في العالم العربي، بل في العالم بأسره! ذكرت صحيفةُ "الدستور" الأردنية أن انحناء ظهرها تحت وطأة السنين، لم يمنعها من طلب العلم الذي حُرمت منه صغيرةً، في بداية القرن الماضي.

تقول الجدّة فضة، إن حُلمَ القراءة والكتابة لم يبرحها مدى عمرها الطويل، إلا أن ظرفها المعيشيّ العسر، حالَ دون حلمها. ثم صحتْ ذات فجر وقد قررت أن تتعلّم، بعدما زارها حُلم ليلٍ رأت نفسها فيه تقرأ القرآن. ومع شعاع الشمس، توكأت على عصاها، ومشيت إلى مركز محو الأمية وسجّلت اسمها. كلَّ صباح، تذهب للدرس، ثم تعود البيت عصرًا، فتراجع دروسها مع أبناء أحفادها الصغار، وتُحضّر في المساء دروس الغد. والآن، وقد أتقنت القراءةَ والكتابة، تنوي الاستمرار في التعلّم مادام في العمر متسعٌ. ذاك إن نور العلم قد دخلها وتذوقت بهاءه، ولم يعد ممكنًا أن يحجبه عنها شيء. الأجمل من كل هذا، أنها تقوم كذلك بدور تنويريّ بتشجيع جاراتها المسنّات على التعلم، مثلها.

تحية احترام لتلك المرأة التي خَطَتْ بحذائها فوق ثقافة بالية تدحضُ العزيمة، وتركن إلى الكسل والرضا بالمقسوم مادام العمرُ يركض نحو محطّته الأخيرة، وأعلَتْ، بدلَ ذلك، المثلَ الغربيَّ الذي يحثّ على العمل والعلم، مادام في العمر لحظة. لا تصدقوا أن للعمر خريفًا.

 

اقرأ المزيد

alsharq شنغهاي والقيادة الصينية لدول الجنوب

منذ تولى الرئيس شي جين بينج قيادة الصين في 2013، نال اهتمام الصين بما يسمى الجنوب العالمي أو... اقرأ المزيد

213

| 21 سبتمبر 2025

alsharq صورة السودان في الإعلام الخارجي من يرسم ملامحها؟ 1-2

الجدال الكبير الذي أثاره قرار سحب ترخيص مديرة مكتب إحدى القنوات من ممارسة العمل الصحفي في السودان يدعونا... اقرأ المزيد

114

| 21 سبتمبر 2025

alsharq رواتب العاملات

يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج العربية بشأن وجود قرار زيادة الأجور للعمالة المنزلية لدولة الفلبين... اقرأ المزيد

306

| 21 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية