رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حل مشكلات المواطنين هي من الواجبات العامة والدينية، ففي الحديث الشريف يقول رسولنا الكريم – صلَّى الله عليه وسلم –: ” والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ”، وهناك أيضاً نقطة مهمة وهي أن المسؤول عندما يتسلم قيادة مؤسسة أو دائرة، سيصبح واجباً عليه فرض عين أن يعمل على حل مشكلات المواطنين والمراجعين، ففي كتابه الرائع (مشكلات في طريق الحياة الإسلامية ) يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله يقول فيه: ” إن فرض الكفاية يتحول إلى فرض عين عندما يتم توظيف شخص ما في أداء مهمة ما، ففرض عين على الطبيب أن يعالج مرضاه وأن يطور من نفسه وأن يطلع على كل ماهو جديد في مجاله حتى يتعلم أكثر ويكون سبباً في شفاء مرضاه، وفرض عين على الطالب أن يدرس ويجتهد ويتعلم من أجل تحقيق الخير له ولمجتمعه، وفرض عين على صاحب المهنة أن يتقن مهنته وأن يتعلم كل ما هو جديد في مهنته وأن يؤدي عمله بكل إخلاص وبما يرضي الله، وحق عين على المدير أن يستمع إلى المواطنين وأن يعمل على حل مشكلاتهم وأن ينقل معاناتهم إلى المسؤول الأعلى وأن يكون دائماً حاضراً في عمله.
ما وراء الأبواب المغلقة للمسؤولين
إن سياسة الأبواب المغلقة أصبحت من الأفكار الإدارية البالية والتي كنا نراها في الأفلام العربية القديمة، فهذه السياسة تدل على المكانة الرفيعة للمدير، فهو صاحب منصب ومهم ولا يقابل العامة حتى لا ينزل إلى مستواهم، للأسف الشديد أن نرى هذه الظاهرة رغم أن عاداتنا وتقاليدنا وديننا تمنع هذه الظاهرة السيئة، فالمدير أولاً وأخيراً في خدمة المواطنين وخدمتهم شرف وأمانة وعلى كل مدير أن يفتخر ويستمتع عندما يعمل على حل مشكلات المواطنين. ولا ننسى أن نذكر هذا المدير بأن: ” تبسمك في وجه أخيك صدقة ”، فاغتنم هذه الفرص لزيادة صدقاتك، ويتحجج بعض المسؤولين بالانشغال الدائم وعنده عمله كثير واجتماعاته متلاحقة ويرى البعض بأن استقبال المراجعين والجلوس معهم هو ضعف وعدم الثقة بالنفس، مما يجعل هؤلاء المسؤولين قابعين خلف الأبواب المغلقة، في الوقت الذي يعتبر رضا المراجعين إزاء هذه المؤسسات والأجهزة الحكومية مهما جداً وينعكس هذا على سمعة هذه المؤسسة أو الهيئة، ولابد أن يتمتع المسؤولون المكلفون في خدمة الجمهور بمستوى عال من التعليم والكفاءة في التعامل مع الجمهور، ولا نغفل بأن هناك بعض الجهات تتمتع بقدر كاف من المرونة في التعامل مع الجمهور وترفع على الدوام شعار الأبواب المفتوحة في وجه المراجعين والموظفين المرؤوسين مما يجعل هذه الجهات محل تقدير واعجاب المراجعين، وقلما تجد كل الوزارة أو المؤسسة بهذا القدر الراقي والحضاري من المعاملة، وإنما تتميز بها بعض الإدارات أو الجهات التي تقدم بعض الخدمات التي تقدمها هذه الجهة أو الوزارة.
ويأتي الاختيار الدقيق للمسؤولين والقيادات لشغل هذه المناصب الحساسة في الجهات المختلفة هو العامل الأكبر في نجاح علاقة الجهة مع مراجعيها، حيث إن سياسة الباب المفتوح للمسؤولين لا يقدم عليها إلا المسؤول الذي يتمتع بكفاءة وثقة عالية في قدراته الذاتية، ويأتي ذلك بصقل هذه الكفاءات من خلال التدريب المستمر للقيادات ووضع برامج متخصصة لفن التعامل مع الجمهور، مما يثمر عن صناعة مسؤول قادر على استقبال لائق للمراجعين، والاطلاع على احتياجاتهم، والتوجيه عليها، ومتابعة ما لهم من حقوق، وسرعة تنفيذها، ومنح الجميع حقوقهم دون استثناء، والالتزام بمبادئ العدل والمساواة، وهو ما تحرص عليه أجهزة الدولة ورسالتها التي توجهها لمواطنيها وذلك بتسخير كافة الإمكانيات لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، حيث إن خدمة المراجعين والتفاعل مع احتياجاتهم ومتابعة حقوقهم المتعثرة واجب على كل مسؤول يقدّر حجم الأمانة، مع تعزيز قنوات الاتصال مع المواطنين وإنهاء معاملاتهم، ويكون لكل مسؤول وقيادي سياسة واضحة ومعروفة للجميع يعلمها جميع الموظفين ويبلغوها بالطبع للمراجعين، بأن تكون سياسة الباب المفتوح بالتدرج الوظيفي الموجود في الجهة المعنية وتكون المراجعة بشكل تدريجي في حال عجز الموظف المختص عن انهاء المعاملة ويتم توجيه المراجع بمراجعة المسؤول الأعلى منه ثم الأعلى حتى يصل إلى قمة الهرم الوظيفي في تلك الجهة الخدمية، ومن عوامل نجاح المسؤولين أن يقوم بتخصيص يوم محدد في الأسبوع لمراجعة الجمهور للاستماع إلى مشاكلهم التي تواجههم في سير انهاء خدماتهم، مما يرضي جميع الأطراف بالتقيد باليوم المحدد.
كسرة أخيرة
لابد أن يعلم المسؤولون القياديون خاصة في الجهات الخدمية التي تتعامل مع الجمهور بأن من أهم واجباته وأصل وجوده في هذا المنصب هو لخدمة ذلك المراجع البسيط الذي لا حول ولا قوة له في خدمة ذاته، وأن الدولة أنشأت هذه المؤسسة أو الجهة لأداء خدمة معينة للمواطنين، ولابد أن يتمتع هذا المسؤول بالأمانة وإدراكه بأنه وضع في هذا المنصب لخدمة المراجعين، وندرك تمام الإدراك بأن حجم المهام الملقاة على المسؤولين في الوزارات كبير، خاصة من يتولى منصباً قيادياً خدمياً ولكن ما الذي يمنع أن يخصص كل قيادي أو مسؤول يوماً واحداً على الأقل لاستقبال المراجعين والاستماع لشكاواهم، والاستفادة من قنوات التواصل عبر مواقع الإعلام الاجتماعي ووسائل التواصل المختلفة من خلال تخصيص حسابات أو صفحات رسمية لبعض المسؤولين أو القيادات داخل الوزارات الخدمية للتواصل مع الجمهور عبر هذه الوسائل والرد على استفساراتهم وملاحظاتهم.
الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه، حركاته، وحتى ضحكاته المقتضبة لم تكن مجرد تفاصيل عابرة؛ بل كانت رسائل غير منطوقة تكشف عن قلق داخلي وتناقض صارخ بين ما يقوله وما يحاول إخفاءه. نظراته: قبل أن يبدأ حديثه، كانت عيونه تتجه نحو السلم، وكأنها تبحث عن شيء غير موجود. في لغة الجسد، النظرات المتكررة إلى الأرض أو الممرات تعكس قلقًا داخليًا وشعورًا بعدم الأمان. بدا وكأنه يراقب طريق الخروج أكثر مما يراقب الحضور، وكأن المنصة بالنسبة له فخّ، والسلم هو طوق النجاة. يداه: حين وقف أمام المنصة، شدّ يديه الاثنتين على جانبي البوديوم بشكل لافت إشارة إلى أن المتحدث يحتاج إلى شيء ملموس يستند إليه ليتجنب الارتباك، فالرجل الذي يقدّم نفسه دائمًا بصورة القوي الصلب، بدا كمن يتمسك بحاجز خشبي ليمنع ارتعاشة داخلية من الانكشاف. ضحكاته: استهل خطابه بإشارات إلى أحداث جانبية وبمحاولة لإضحاك الجمهور حيث بدا مفتعلًا ومشحونًا بالتوتر. كان الضحك أقرب إلى قناع يوضع على وجه مرتبك، قناع يحاول إخفاء ما لا يريد أن يظهر: الخوف من فقدان السيطرة، وربما الخوف من الأسئلة التي تطارده خارج القاعة أكثر مما يواجهه داخلها. عيناه ورأسه: خلال أجزاء من خطابه، حاول أن يُغلق عينيه لثوانٍ بينما يتحدث، ويميل رأسه قليلاً إلى الجانب ويعكس ذلك رغبة لا واعية في إبعاد ما يراه أو ما يقوله، وكأن المتحدث يحاول أن يتجنب مواجهة الحقيقة. أما مَيل الرأس، فكان إشارة إلى محاولة الاحتماء، أو البحث عن زاوية أكثر راحة نفسيًا وسط ارتباك داخلي. بدا وكأنه يتحدث إلى نفسه أكثر مما يخاطب العالم. مفرداته: استدعاؤه أمجاد الماضي، وتحدثه عن إخماد الحروب أعطى انطباعًا بأنه لا يتقن سوى لغة الحروب، سواء في إشعالها أو في إخمادها. رجل يحاول أن يتزين بإنجازات الحرب، في زمن يبحث فيه العالم عن من يصنع السلم. قناعه: لم يكن يتحدث بلسانه فقط؛ بل بجسده أيضًا حيث بدا وكأنه محاولة لإعادة ارتداء قناع «الرجل الواثق» لكن لغة جسده فضحته، كلها بدت وكأنها تقول: «الوضع ليس تحت السيطرة». القناع هنا لم يخفِ الحقيقة بل كشف هشاشته أكثر. مخاوفه: لعلها المخاوف من فقدان تأثيره الدولي، أو من محاكم الداخل التي تطارده، أو حتى من نظرات الحلفاء الذين اعتادوا سماع خطاباته النارية لكنهم اليوم يرون أمامهم رجلاً متردداً. لم نره أجبن من هذا الموقف، إذ بدا أنه في مواجهة نفسه أكثر من مواجهة الآخرين. في النهاية، ما قدّمه لم يكن خطابًا سياسيًا بقدر ما كان درسًا في لغة الجسد. الكلمات قد تخدع، لكن الجسد يفضح.
4692
| 29 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4617
| 29 سبتمبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
2052
| 06 أكتوبر 2025