رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع إشراقة شمس هذا اليوم، تكتب قطر صفحة جديدة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، إذ تحتضن «دوحة الخير» قمةً استثنائية تأتي في لحظة مصيرية. فبينما يتواصل العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني الأعزل، امتدت يد الاحتلال الغاشمة لتطال قطر نفسها بضربة غادرة، في استهدافٍ سافرٍ لدولة لم تتوانَ يوماً عن الدفاع عن فلسطين وقضيتها العادلة، إن انعقاد هذه القمة لا يُعد مجرد اجتماع بروتوكولي، بل هو امتحان حقيقي لإرادة القادة، وفرصة تاريخية لإثبات قدرتهم على حماية كرامة الأمة وصون سيادة دولها.
إن اجتماع القمة اليوم في الدوحة يحمل بُعدين متلازمين: الأول نصرة الشعب الفلسطيني الذي يواجه حرب إبادة ممنهجة، والثاني الدفاع عن قطر التي استُهدفت مباشرة كرسالة إسرائيلية خطيرة بأن أي دولة تساند فلسطين لن تكون في مأمن. ومن هنا، فإن هذه القمة ليست خياراً بل واجباً تاريخياً يمس كرامة الأمة جمعاء.
لقد أثبتت التجارب الماضية أن الاحتلال الإسرائيلي لا يتراجع إلا تحت ضغط حقيقي، وأنه يستفيد من الانقسام والتردد العربي والإسلامي، واليوم، بعد أن توسع العدوان ليشمل فلسطين وقطر معاً، يصبح لزاماً على القادة العرب والمسلمين أن يتعاملوا مع الموقف بوصفه عدواناً شاملاً يستهدف الأمة كلها، لا مجرد نزاع محلي أو أزمة عابرة.
منذ أكثر من سبعة عقود، ظلت القضية الفلسطينية هي البوصلة المركزية للأمة، غير أنّ السياسات الدولية المزدوجة والمعايير الانتقائية في تطبيق القانون الدولي، جعلت الاحتلال الإسرائيلي يتجرأ أكثر على ارتكاب جرائم الحرب دون خوف من العقاب.
اليوم، ومع تواصل العدوان الإسرائيلي، تبرز أهمية هذه القمة التي تعقد في قطر، الدولة التي أثبتت عبر مواقفها المتكررة أنها لا تتعامل مع فلسطين كقضية سياسية عابرة، بل كقضية وجود وهوية. فالمشهد الراهن يتطلب أكثر من أي وقت مضى توحيد الجهود السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية في جبهة واحدة قوية، تُعيد للقضية مركزيتها وتفرض على العالم التعاطي معها بجدية.
إذًا فالمطلوب أن تكون مخرجات قمة الدوحة مُعبّرة عن موقف واحد وموحّد، يعكس التزاماً جماعياً لا لبس فيه بالدفاع عن فلسطين، لأن وحدة الصف هي السلاح الأول في مواجهة آلة الاحتلال، وهي أيضاً الرسالة الأقوى للمجتمع الدولي بأن الأمة قادرة على تجاوز تبايناتها عندما يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية.
التاريخ مليء بالقمم التي خرجت ببيانات قوية لكن لم يُكتب لها التنفيذ. المطلوب من قادة اليوم أن يترجموا كلماتهم إلى أفعال، عبر اتخاذ قرارات اقتصادية ودبلوماسية ذات أثر مباشر، كقطع العلاقات أو تجميدها مع الاحتلال، أو على الأقل خفض التمثيل الدبلوماسي، وتفعيل الضغوط في المؤسسات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، لمحاسبة إسرائيل على جرائمها.
في السنوات الأخيرة، تراجعت القضية الفلسطينية في سلم الأولويات لدى بعض الأنظمة، نتيجة لانشغالات داخلية أو إقليمية. هذه القمة يجب أن تُعيد البوصلة إلى مكانها الطبيعي، وأن تؤكد أن فلسطين ليست قضية شعب وحده، بل قضية الأمة كلها، وأن المساس بالقدس أو غزة أو أي بقعة من الأرض الفلسطينية هو مساس بكرامة مليار ونصف المليار مسلم.
الإعلام الغربي لعب دوراً في تزييف الحقائق وتبرير العدوان الإسرائيلي، ما يجعل من الضروري وضع إستراتيجية إعلامية عربية وإسلامية تكشف للرأي العام العالمي جرائم الاحتلال وتدحض روايته وهنا تأتي أهمية التنسيق بين القنوات والمنصات والمؤسسات الإعلامية في الدول العربية والإسلامية لتوحيد الرسالة الموجهة للعالم.
لا يمكن الحديث عن الدفاع عن فلسطين دون دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، المطلوب من القمة اعتماد آليات عملية لدعم غزة والقدس والضفة الغربية، سواء عبر المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة، أو عبر توفير الدعم السياسي والمادي لمؤسسات الشعب الفلسطيني التي تواجه الحصار والعدوان.
منذ سنوات طويلة، لعبت قطر دوراً ريادياً في نصرة القضية الفلسطينية، سواء عبر الدعم المالي والإنساني المباشر لسكان غزة، أو من خلال الوساطات الدبلوماسية التي قادتها للتخفيف من حدة الأزمات ووقف العدوان في محطات متعددة.
اليوم، تحتضن الدوحة هذه القمة التاريخية، في تأكيد جديد على التزامها الثابت بدعم فلسطين، وعلى أنها حاضنة للمواقف العربية والإسلامية الصادقة التي تسعى للترجمة العملية لا الاكتفاء بالشعارات. فالمواقف القطرية كانت دائماً واضحة وحاسمة: لا تنازل عن القدس، لا شرعية للاحتلال، ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل يعيد الحقوق إلى أصحابها.
إن الدور القطري يتجاوز حدود الدعم المالي والسياسي، ليعكس إرادة صلبة في جعل القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام الدولي، سواء عبر المحافل الدبلوماسية أو عبر الحملات الإعلامية والإنسانية.
ختاما إن قمة الدوحة اليوم ليست فقط من أجل وقف نزيف الدم الفلسطيني، بل أيضاً رداً مباشراً على العدوان الإسرائيلي الذي استباح سيادة قطر، هذا الاستهداف المزدوج يكشف أن الاحتلال لم يعد يرى خطوطاً حمراء، وأنه ماضٍ في غطرسته ما لم يواجه بردّ عربي وإسلامي موحّد وحازم.
إن انعقاد هذه القمة في قطر، في هذا التوقيت العصيب، هو رسالة أمل للشعب الفلسطيني، ورسالة تحدٍّ للاحتلال الإسرائيلي، ورسالة إلى العالم بأسره بأن العرب والمسلمين ما زالوا قادرين على الفعل إذا امتلكوا الإرادة. فإما أن تكون هذه القمة بداية مرحلة جديدة من الفعل العربي والإسلامي المؤثر، أو أن ينظر إليها التاريخ كفرصة ضاعت في لحظة كانت بأمسِّ الحاجة إلى قرارات شجاعة.
منذ تولى الرئيس شي جين بينج قيادة الصين في 2013، نال اهتمام الصين بما يسمى الجنوب العالمي أو... اقرأ المزيد
183
| 21 سبتمبر 2025
الجدال الكبير الذي أثاره قرار سحب ترخيص مديرة مكتب إحدى القنوات من ممارسة العمل الصحفي في السودان يدعونا... اقرأ المزيد
108
| 21 سبتمبر 2025
يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج العربية بشأن وجود قرار زيادة الأجور للعمالة المنزلية لدولة الفلبين... اقرأ المزيد
279
| 21 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
• ناشطة اجتماعية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه ليس موتًا محتومًا. الطعنة قد تُنهك الجسد، لكنها تُوقظ الوعي. وبين الألم والصمت، يظل التعليم هو السلاح الأصدق يعلّمنا كيف نحول الخنجر إلى درس، والنزيف إلى ميلاد جديد. وحين نتعلم ذلك، سنستطيع أن نكتب تاريخًا لا يُختزل في طعنة، بل في كيفية النهوض بعدها، حتى لو جعلتنا الطعنة لحظةً لا نستطيع أن نستقيم ولا أن ننحني. الطعنة ليست مجرد نزيف جسدي، بل نزيف قيمي، يعكس خيانة الثقة وارتباك المصالح، ويمتد أثره إلى الوعي الجمعي، حيث يتحول الألم الفردي إلى جرح اجتماعي، لا يُعالج إلا ببناء عقول قادرة على فهمه وتجاوزه. ما ردور الأفعال المحتملة بعد طعنة الخاصرة؟ 1. الانكسار والصمت: حين يختار المجتمع الصمت بعد الطعنة، فإنه يتعوّد على الخوف، ويورّثه للأجيال. يصبح الاستسلام عادة، وتتحول الكرامة إلى ذكرى. • انعكاس اجتماعي: مجتمع صامت يولّد أجيالًا مستكينة، ترى في الخضوع نجاة. • المعالجة بالتعليم: غرس قيم الشجاعة الفكرية، وتعليم الطلاب منذ الصغر أن التعبير عن الرأي ليس جريمة، بل حق وواجب. 2 - الانتفاض والثأر. ردّ الفعل الغاضب قد يحوّل الألم إلى شرارة مقاومة، لكنه قد يفتح أبواب العنف. الثورة بلا وعي تُنتج فوضى، لا حرية. • انعكاس اجتماعي: مجتمعات تعيش على وقع الثأر تفقد استقرارها، وتُدخل أبناءها في دوامة عنف متجددة. • المعالجة بالتعليم: تعليم فنون إدارة الأزمات، وتعزيز ثقافة الحوار والمقاومة السلمية، ليُوجَّه الغضب إلى بناء لا إلى هدم. 3. التفاوض والمرونة الطعنات قد تكون رسائل سياسية. المرونة والتفاوض خيارٌ يُنقذ ما تبقى، لكنه قد يُفسَّر ضعفًا أو خضوعًا. • انعكاس اجتماعي: مجتمعٌ يتبنى ثقافة المساومة قد ينقسم بين من يرى فيها حكمة ومن يراها تنازلًا. • المعالجة بالتعليم: إدخال مناهج تُدرّس فنون التفاوض والوساطة، حتى ينشأ جيل يوازن بين صلابة المبادئ ومرونة المصالح. 4. التحالفات الجديدة كل خنجر قد يدفع إلى إعادة الحسابات، والبحث عن حلفاء جدد. لكنه خيار محفوف بالمخاطر، لأنه يبدّل خريطة الولاءات. • انعكاس اجتماعي: قد يعيد الأمل لفئة، لكنه قد يزرع الشك والانقسام في فئة أخرى. • المعالجة بالتعليم: تعليم التاريخ والسياسة بنَفَس نقدي، حتى يفهم الطلاب أن التحالفات ليست أبدية، بل مصالح متحركة يجب التعامل معها بوعي. 5. التجاهل والمكابرة أخطر الخيارات هو الادعاء أن الطعنة سطحية. المكابرة هنا نزيف صامت، يُهلك من الداخل بلا ضجيج. • انعكاس اجتماعي: يولّد مجتمعًا يهرب من مواجهة الحقائق، ويغرق في إنكار الواقع. • المعالجة بالتعليم: إدخال قيم النقد الذاتي والشفافية، وتربية جيل يتعامل مع الأرقام والوقائع لا مع الأوهام. 6. الاستبصار والتحول أرقى الردود أن تتحول الطعنة إلى درس. فكل خنجر في خاصرة الأمة قد يكون بداية نهضة، إذا استُثمر الألم في التغيير. • انعكاس اجتماعي: مجتمع أقوى، يحوّل الجرح إلى مشروع بناء. • المعالجة بالتعليم: تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، ليُصبح الألم مصدر قوة، والصمت فضاءً لإعادة صياغة المستقبل. وأنا أقول.. الأمة التي تقرأ جراحها لا تُهزم مهما تكررت الطعنات. وحده التعليم يحوّل الخنجر إلى درس، والصمت إلى صوتٍ أعلى.
1410
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس بالدوحة، محطة فارقة في مسار القضية الفلسطينية، إذ إنه قد كشف بوضوح عن نية الاحتلال في عدم إنهاء الحرب، وهذا ما أشار إليه مندوب مصر في الخطاب الجريء الذي أدلى به في جلسة مجلس الأمن، وتأكيده أن الاعتداء يكشف الجهة المعرقلة للاتفاقيات الراغبة في إطالة أمد الحرب لأهداف سياسية ودينية متطرفة. في السياق، حققت القضية نصرًا دبلوماسيًا قويًا، حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة مشروع قرار حل الدولتين، حيث حصل تأييد المشروع على 142 صوتًا، وعشرة أصوات معارضة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت. الاحتلال بات يعاني أزمة عزلة دولية مثّل هذا الإقرار أبرز مظاهرها، إلا أنه على الرغم من ذلك يرفض نتنياهو وحكومته المتطرفة مشروع حل الدولتين بشكل قطعي، وقد أكد قبلها نتنياهو على ذلك بقوله الصريح: «لن تكون هناك دولة فلسطينية». السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يصر نتنياهو على رفض حل الدولتين وإن أدى لمواجهته دول المنطقة والدخول في عزلة دولية تفقده معظم حلفائه؟ الكيان الإسرائيلي يختلف عن الصورة النمطية للأنظمة الاستعمارية، التي تسعى للهيمنة والسيطرة، فالاحتلال الإسرائيلي قائم على إستراتيجية المحو الشامل للوجود الفلسطيني، وتشمل محو التاريخ واللغة والهوية والجغرافيا، فهو مشروع استيطاني إحلالي يستند في جوهره إلى إلغاء وجود الآخر الفلسطيني، ليتمكن ذلك الاحتلال من تحقيق هوية دينية وقومية حصرية. وربما يفسر ذلك ما حرص عليه العدو الصهيوني في نشأته الأولى من ترويج أسطورة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، كأساس يبني عليه ما تترجمه إستراتيجية المحو لاحقا، فيصبح الوجود الفلسطيني مشكلة وجودية لا عائقًا سياسيًا. النظم الاستعمارية السابقة (بريطانيا على سبيل المثال) كانت تتوسع وتحتل الدول اعتمادًا على قوتها الذاتية، كقوة عظمى لها مركز وأطراف، وتسعى للهيمنة على الدول، بهدف دعم نفوذها والسيطرة على ثروات تلك البلاد، لذلك لم تسع بريطانيا إلى الإحلال والدخول في معارك وجودية مع شعوب الدول المستعمرة. أما الكيان الإسرائيلي، فهو حالة خاصة، إذ إن قوته وقدرته على الاحتلال ليست ذاتية، بل هي قائمة بشكل كامل على الدعم الغربي والرعاية الأمريكية، إضافة للغياب العربي كما عبر الدكتور عبدالوهاب المسيري، وهما عنصران قابلان للتغيير، فلذلك تعيش دولة الاحتلال في قلق دائم من الوجود الفلسطيني، إذ إن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض والاحتلال عارض طارئ. انطلاقاً من إستراتيجية المحو ورفض الوجود الفلسطيني، أصدر الكنيست في 2018 قانون القومية، الذي يرسخ بشكل رسمي أن إسرائيل القومية للشعب اليهودي، وحق تقرير المصير فيها من حق الشعب اليهودي وحده، لنزع صفة المساواة عن الفلسطينيين داخل أراضي 48، وتوطئة كذلك لإقصائهم من الدولة اليهودية. دولة الاحتلال مصممة لتعيش داخل الحرب، فالحرب للإسرائيليين هي القاعدة وليست الاستثناء، وحراكها العسكري ليس دفاعًا عن النفس كما تدعي، لا يقوم على الدفاع كما تروج، لكن تقوم على الردع والهيمنة الإقليمية وإبقاء المنطقة في حال اشتعال دائم وعدم استقرار أبدي، والعسكرة كما هو معلوم جزء من الهوية الإسرائيلية، والشعب الإسرائيلي مُهيأ منذ النشأة نفسيًا وثقافيًا لحرب دائمة تعتمد على حقيقة وجوده في محيط عربي. ومنذ تأسيس الكيان وحتى اليوم، لم يمر وقت على الكيان الإسرائيلي دون أن يبدأ هو الحرب والعدوان، حرب 1948، وعدوان 56 على مصر بمشاركة انجلترا وفرنسا، وعدوان نكسة 67 الذي احتل فيه الضفة وغزة وسيناء والجولان، واجتياح لبنان عام 82، والحروب المتكررة على غزة، والهجمات المتواصلة على الأراضي السورية واللبنانية. يرفض الاحتلال الانخراط في أية تسوية سلمية من شأنها أن تمرر مشروع حل الدولتين، لأنه مدفوع بهوية دينية وثقافية إلى عبور الحدود، فقد أُنشئ هذا الكيان ليتمدد لا لينحصر داخل فلسطين، ومن ثم لا يستطيع المضي قدما لتحقيق هذه الأطماع إلا من خلال السيطرة التامة على فلسطين، ومن ثم لا ولن يعترف العدو الصهيوني بفكرة حل الدولتين.
786
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام إسرائيل بقصف مقر تواجد وفد من قادة حركة حماس خلال مفاوضات جارية بوساطة قطرية، هذا الهجوم لم يقتصر أثره على إلحاق أضرار بالمباني المستهدفة، بل أسفر أيضاً عن استشهاد الوكيل عريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من قوة الأمن الداخلي، وعدد من أعضاء حماس ومرافقيهم. يُعد هذا الاعتداء سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، فهو يمثل انتهاكاً مباشراً لسيادة دولة قطر التي تقوم بدور الوسيط المحايد بين إسرائيل وحركة حماس، في إطار الجهود الرامية إلى إطلاق الأسرى وإحلال السلام في غزة والمنطقة، إن تنفيذ غارة عسكرية داخل أراضي دولة مستقلة يضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية التي تضمن احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. كما أن استهداف مقر مفاوضات، وليس ساحة قتال، يُعد خرقاً لأبسط القواعد الإنسانية التي توجب حماية الوسطاء والمشاركين في المفاوضات، وتعكس استخفافاً بدور قطر الذي حظي باعتراف إقليمي ودولي واسع. استشهاد بدر الدوسري، يرمز إلى أن قطر دفعت ثمناً رغم دورها كوسيط، كما أن مقتل أعضاء من حماس في هذه الضربة يشير إلى نية إسرائيل تقويض جهود التهدئة وعرقلة أي مسار تفاوضي يمكن أن يُفضي إلى تسوية سياسية. الهجوم لم يترك أثراً إنسانياً فحسب، بل ألقى بظلال من الشك على إمكانية استمرار الوساطات في مناخ آمن ومحايد، فالوسطاء يحتاجون إلى ضمانات دولية بعدم استهدافهم، وإلا فإن الثقة في العملية السياسية برمتها ستنهار. أمام هذا التطور، تبرز مسؤولية مجلس الأمن الدولي في تحمل واجباته، فقد عبّر المجلس عن قلقه إزاء الحادثة وأكد ضرورة احترام سيادة قطر، لكن الاكتفاء بالبيانات لا يكفي، المطلوب هو إجراءات واضحة لردع إسرائيل عن تكرار مثل هذه الاعتداءات، بما في ذلك: • فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على إسرائيل لتورطها في خرق القوانين الدولية. • إصدار قرار ملزم يضمن حماية الوسطاء والأطراف المشاركة في أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة أو الدول الأعضاء. المسؤولية لا تقتصر على مجلس الأمن وحده، بل تقع أيضاً على عاتق الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ككل. المطلوب هو: 1. توحيد الموقف العربي والإسلامي لإدانة الاعتداء واتخاذ خطوات عملية لحماية السيادة القطرية. 2. دعم قطر في مسعاها القانوني أمام المحافل الدولية لضمان محاسبة المعتدين. 3. تعزيز الحماية الدبلوماسية للوسطاء، سواء من خلال اتفاقيات إقليمية أو عبر الأمم المتحدة. 4. استخدام الضغط الإعلامي والسياسي لتسليط الضوء على الانتهاك ومنع محاولات التغطية عليه. إن قصف إسرائيل لمقر في الدوحة يمثل ليس فقط اعتداءً على قطر، بل رسالة سلبية لكل الدول الساعية إلى الوساطة وإيجاد حلول سلمية للصراعات، لذلك، فإن الرد الدولي يجب أن يكون على مستوى خطورة الحدث، عبر مساءلة واضحة لإسرائيل وتفعيل أدوات الردع، ضماناً لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات وحماية لمساعي السلام في المنطقة.
732
| 14 سبتمبر 2025