رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قُدّر لي أن أشاهد مجموعة من الفضائيات "الغريبة" الناطقة بالعربية، أثناء تواجدي في بلد عربي، وكانت برامج السحر والشعوذة، وبيع الأوهام حاضرةً في بعض برامج تلك الفضائيات. شاهدتُ مَن تقول عن نفسها إنها " مُعالجة روحانية"، وتحمل درجة الدكتوراه، وتختص بفكِّ (الربط)، حيث تقول للمتصل: "زوجتك عندها ربط بسبب امرأة"!.
فضائية أخرى عجيبة، يستخدم المذيعان فيها (الجوال) للرد على المتصلين! ولكأن المحطة ليست فيها سماعات للإذن مرتبطة بالاستوديو! وأخرى لتفسير الأحلام، وما أكثر بيعها للوهم.
تقرأ على الشاشة: لدينا خواتم سليمان لحلّ جميع مشاكلكم، للحجز اتصل (.....).
تقرأ: الشيخ (إدريس) لفك المستور وطلب الحبيب، رقم الهاتف (....).
تقرأ: عسل الثور الهائج ( Crazy Bull) وبه وعود وهمية للفحولة.. اتصل(...).
تقرأ: لبعض الشباب المراهق: " عليجن العباس، كل بنية تشوف رقمي تتصل!.
تقرأ: عاشق ودي بوحدة تستحق (كلبي)، يعني قلبي.
تقرأ: الشيخ (أبورضوان) لقهر الجنّ وفتح الرزق وجلب ما وراء الحجاب.
تقرأ: الشيخة الروحانية الصادقة، إبطال السحر، إكرام الجن، شغلة مهمة سواء في
العالم العلويّ أم السفلي.
تقرأ: الكفن لابدّ أن يكون من القطن، سعره من 3-5 دنانير للمتر، ولابدّ أن تظل
تنظر للكفن يومياً، وتضعه في مكان بائن، كي تتذكر الموت!
طبعاً، هذا غير الفضائيات الدينية المتعصبة التي تنشر "خوارق" لبعض الصحابة لا يصدّقها العقل ولا المنطق، ومنها ما يقول "الشيخ" لامرأة لم تحبل، اكتبي اسم الصحابي (....) على بطنك وسوف تحبلين!.
أتساءل في نفسي: لو كان مخترع التلفزيون الذي بدأ أول تجاربه عبر أسطوانة حلزونية واسمه (فلاديمير زوركين) وهو مهاجر روسي عام 1923، وقبله قام الألماني (بول نيبكو) عام 1884، إلى أن دخل التلفزيون مرحلة الاستخدام الجماهيري عام 1948 في الولايات المتحدة. نعم، لو كان هؤلاء يعلمون أن اختراعهم سوف يتحول إلى هذا النمط من الفضائيات، لما أقدَموا على ذاك الاختراع الرهيب. وأن الروس، عندما بدأوا تجارب الأقمار الصناعية عام 1957، عبر القمر (سبوتنك 1) وما بعده، لو علموا أن الأقمار الصناعية، سوف تُستخدم بهذه الطريقة المُهينة، لما أضاعوا جهودَهم وتفكيرهم سنين طويلة!.
مثل تلك المحطات "الخديجة" لا يمكن أن تساهم في توسعةِ مَدارك المواطن العربي، ولا تقدم له حلولاً ناجعة لمشاكل حياته اليومية، قدرَ ما تعطيه الوهم، وتجعله يتعلق بتلك الفضائيات، ولا يقوم بالبحث عن عمل أو تفعيل عقله لفائدته وفائدة مجتمعه.
إن التلفزيون وسيلة ترفيهية وتثقيفية في المقام الأول، ولا يجوز أن تُستخدم لإغواء بعض المساكين، الذين يعانون أمراضاً نفسية، فيزيدهم ذلك مرضاً على أمراضهم، لأن القائم على الاتصال، في مثل تلك البرامج، يُدرك ضعفَ حيلة المُتصل، وحاجته للتعلق بأية وسيلة، من أجل تغيّير حياته، أو إخراجه من مشكلته، بدلاً من تحويل عقله نحو حل مشكلته عبر التفكير السليم والمبادرات الإيجابية، خصوصاً ما تعلَّق بأمور الزواج، الخيانة، ضعف العلاقة الزوجية، الانحراف الاجتماعي، ولربما عدم القدرة على التفكير السليم، فالمُصاب بمثل تلك الحالات، قد يُضحّي بثمن الرغيف، من أجل الاتصال، وسماع كلام قد يُخفف، لحظيًّا، من معاناته، ولكن في الأغلب يزيد من مأساته.
أنا لم أسمع أن لدى اليابانيين أو الغرب مثل هذه البرامج، التي تُضيِّع الوقت والمال، وتقدّم أقوالاً، عبر مشاهدَ ثابتة، ونحن نعلم أن التلفزيون صورٌ متحركة، مَشاهِدُ لا نرى فيها إلا المُقدِّم أو "المشعوذ" وفوق رأسه، وتحت الشاشة رسائلُ تؤيد ما يقوله، وتنشر مآسي بعض المرضى، فلا إبداع في الصورة، وتلك مخالفة أولى في البث الفضائي.
هنالك مَن دخل مجال التلفزيون من أجل اصطياد نقود بعض المرضى النفسيين، حيث لا توجد لدى هؤلاء محطات متكاملة، هندسياً وبرامجياً، ولا كوادر متخصصة، ولا اشتراكات في وكالات الأنباء، مجرد تأجير قناة على الأقمار الصناعية، وكاميرا داخل شقة ضيقة، والأنكى أن بعض المُقدمين يطلبون من المتصل أو المتصلة، أن يتصلوا بهم على هواتفهم الخاصة بعد البرنامج، ولكُم أن تتصوروا حجم فواتير الاتصالات على هؤلاء المرضى، وقد يكونون فقراء أو مُعدَمين!
أعتقد، أن القضية متعلقة بالجهل في المقام الأول، من جانب المتصلين، وبالجشع من أصحاب هذه "الدكاكين" الفضائية، التي لا تبيع سلعاً جديرة بالاستهلاك الآدمي، في المقام الثاني.
لذلك، لجأت بعضُ الدول إلى تقنين البث الفضائي، ووضع قوانينَ لممارسة مهنة البث، فيما عُرف بقانون (المرئي والمسموع). ولله الحمد، ما زالت منطقتنا الخليجية لم تصلها هذه الموضة المنتشرة في البلاد العربية، وذلك لوجود قوانين تحمي المجتمع من جشع بعض التجار. لأن حماية العقل، أهم من حماية المعدة، والتي أيضاً توجد لها قوانينُ صارمة من أجل صحة المواطن.
الجهل، آفة كبرى، ولابد، من أجل حماية المجتمع، أن تَسنَّ البلدان التي تنطلق منها هذه الفضائيات قوانينَ واضحة لمبادئ البث التلفزيوني، كما أن للتعليم دوراً مهماً في حماية المجتمع من الانزلاق إلى مهاوي هذه الفضائيات.
وإذا كان الشيءُ بالشيء يُذكر، فإن هجوم وسائل التواصل علينا، خلال العشر سنوات الماضية، أيضاً خلقَ حالة من الهيجان والتسرع والانشداه، بحيث أصبح الإنسان، لا شعورياً، يضع هاتفه على الطاولة، ويعود لتناوله بعد ثوان قليلة، وفي هذا كلام كثير، عن سلبيات الهاتف المحمول، إلا أنني أتحدث هنا عن المضمون، وآثار الدعَة والاتكالية على وسائل التواصل، التي سهّلت الوصول إلى المعلومة، في الوقت الذي نشرت الأميةَ الأبجديةَ والمعرفيةَ على نطاق واسع، وعدم قدرة (المتواصل) على التعبير السليم في الإملاء أو توليف الجُمل الصحيحة، وهذا أيضًا سوء استخدام للتكنولوجيا، التي لم يعرف مخترعوها، أنها سوف تُستخدم في تبادل (النكات) أو السباب، أو تحقير الآخر، أو التعصُّب الديني والقبلي.
جميلٌ أن نستخدم التكنولوجيا لنشر المعرفة، وقيَمِ التسامح والاعتراف بالآخر، ونشرِ قيَم الحقِّ والخير والجمال، ونترفع عن تلك "الشتائم" التي نراها عبر هذه الأدوات، والانزلاقات، كما حدث بين إعلاميتين في المنطقة، بصورة لا تُناسب المرأة، لأن الكلمات الجارحة تتجاوز قيَمَ الدين والأخلاق والإنسانية.
جميلٌ أن نتقارب عن طريق أدوات التواصل، بدلاً من أن نتباعد، كما هو حاصل اليوم، أربعة أشخاص في صالة واحدة، وكُلُّ واحد منهم لا يشعر بالّذي أمامه، ولا يريد أحداً أن يقاطعه، ويُخرجه من عالمهِ المُثير.
جميلٌ أن نستخدم هذه الأدوات في التعليم، وهي وسيلة ناجعة للتواصل، بدلاً من عبارات وصور (هلا بالخميس)!!
هامش: بمناسبة الحديث عن الفضائيات، نلاحظ ظاهرة التمَحْور حول الذات، (Egosim) لدى بعض مذيعات الفضائيات العربية، طمعاً في ترقية أو "التقرّب"، وتجد المذيعة تُهين ضيوفَها، وتُقاطعهم قبل أن يُكملوا الفكرة التي يتطلبها المقام، ولكأنها في مجلسها الخاص !؟ وهذا تصرّفٌ شائن يُنفِّر المشاهدين عن المحطة!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1818
| 21 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1524
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1491
| 25 نوفمبر 2025