رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة بنت يوسف الغزال

  [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

567

فاطمة بنت يوسف الغزال

أنقذوا أبناءنا من تأثيرات ألعاب العنف

13 أغسطس 2025 , 02:38ص

في زمن الثورة الرقمية، تحوّلت الألعاب الإلكترونية من وسيلة للتسلية إلى ظاهرة حياتية يومية تسيطرعلى أوقات أبنائنا، حتى باتت جزءًا من روتينهم اليومي، لكن المعضلة تكمن في نوعية هذه الألعاب، حيث غزت بيوتنا ألعاب العنف، وألعاب التحدي الخطيرة، التي تُغري الأطفال والمراهقين بخوض تجارب محفوفة بالمخاطر، مثل لعبة “روبلكس” وبعض الألعاب التي تقود للأسف في حالات عديدة إلى إيذاء النفس أو الانتحار.

انزلاق في السلوك والأخلاق

تؤكد الدراسات التربوية أن التعرض المستمر لمشاهد العنف والقتل في الألعاب الإلكترونية يعيد تشكيل منظومة القيم لدى الطفل، إذ يصبح أكثر تقبّلاً للسلوك العدواني، وأقل تعاطفاً مع معاناة الآخرين، هذه الألعاب تبني داخل ذهن الطفل لاعتياده على العنف، فيراه أمراً طبيعياً أو حتى مسلياً، كما أن بعض ألعاب التحدي تدفع المراهق إلى المغامرة المتهورة لإثبات شجاعته أمام أقرانه، دون إدراك لعواقب أفعاله، وهناك أمثلة في دول عربية عديدة اعدت دراسات أظهرت نتائج مخيفة في تأثير هذه الألعاب على السلوك الأخلاقي، مثلا السعودية أظهرت دراسات محكمة في السعودية نسباً ملحوظة من اضطرابات اللعب بين طلبة المدارس، حيث وصلت نسبة انتشار اضطراب الألعاب إلى نحو 20% بين طلاب لعبوا ألعاب الفيديو في عينة دراسية حديثة، هذا رقم يوضّح أن المشكلة ليست هامشية بل شائعة بين فئات المراهقين. مثال آخر دولة الإمارات أحدث تقييمات للأنماط الحركية والوقت الترفيهي تشير إلى أن نسبة كبيرة من طلاب المرحلة الثانوية يقضون وقت شاشة ترفيهيًا يتجاوز التوصيات (مثلاً تقرير سجلّ أن نحو 26% من طلاب الثانوية تجاوزوا حدود الزمن الموصى به في أحد الاستبيانات الوطنية). هذا يؤثر على النشاط البدني والتركيز، مثال أخير الأردن ومصر ومناطق عربية أخرى أظهرت دراسات محلية (مسوح ومقالات أكاديمية) انتشاراً واضحاً للاستخدام المفرط للإنترنت والألعاب، مع ارتباط قوي بالقلق والاكتئاب لدى بعض الشباب، وهناك دراسة أردنية أكدت أن الإدمان على الإنترنت مشكلة شائعة بين الشباب المقصودين بالدراسة).

كما أن منظمة الصحة العالمية صنفت (اضطراب الألعاب) في تصنيف الأمراض ICD-11 كحالة يمكن تشخيصها سريرياً عندما يؤدي اللعب إلى تعطيل حاد للحياة اليومية والعلاقة والعمل أو الدراسة، لكنها تؤكد أن نسبة المتأثرين بالدرجة المرضية ضئيلة نسبيًا مقارنة بمجموع اللاعبين، هذا يوجب التمييز بين الاستخدام المفرط المؤذي والحب الطبيعي للألعاب الترفيهية

تأثير مباشر على التحصيل الدراسي

الإدمان على هذه الألعاب يسرق ساعات طويلة من وقت المذاكرة والنوم، فيدخل الطالب الصف مرهقاً ذهنياً وجسدياً، ومع مرور الوقت، يتراجع التركيز، ويضعف التحصيل الأكاديمي، ويزداد الغياب الذهني في الحصة، وتشير تقارير تربوية إلى أن بعض الطلاب يقضون أكثر من 6 ساعات يوميًا على هذه الألعاب، مما يجعلهم غير قادرين على الالتزام بخطط المذاكرة أو حتى بالمشاركة الصفية الفعّالة.

البدائل التربوية والحلول الواقعية

لمواجهة هذا الخطر من قبل الجهات المعنية بالدولة والمؤسسات التعليمية، لا تكفي التحذيرات النظرية، بل يجب إيجاد بدائل جذابة تستهوي الأبناء وتنافس هذه الألعاب مثل: تفعيل الأنشطة الرياضية والفنية في المدارس والمراكز المجتمعية، تشجيع الألعاب التعليمية التي تجمع بين المتعة وتنمية المهارات، تنظيم أوقات اللعب بوضع جداول استخدام الأجهزة، تعزيز الحوار الأسري وفهم اهتمامات الأبناء بدلًا من الاكتفاء بالمنع.

تجارب دولية ناجحة

 الصين فرضت قيوداً صارمة على أوقات اللعب الإلكتروني للأطفال، وحددتها بـ 3 ساعات أسبوعيًا فقط، مع مراقبة المحتوى، وأصدرت تعليمات للأسر في حال تجاوز هذه المدة لابد من الاتصال بالجهة المعنية بالدولة، والكثير من الأسر أبلغت تلك الجهات بادمان ابنائها لهذه الألعاب وتم أخذهم بالقوة من منازلهم وادخالهم الى معسكرات تهذيب للأبناء ورعاية يومية لمدة ثلاثة اشهر وتخرج منها كل من ادخل في هذه المعسكرات شخص مختلف في حياته ومفيد للمجتمع.

مثال آخر كوريا الجنوبية أطلقت “قانون سندريلا” الذي يمنع الأطفال دون 16 عامًا من اللعب بعد منتصف الليل، أما اليابان وضعت برامج مدرسية توعوية حول مخاطرالألعاب العنيفة، مع دمج حصص البرمجة لتوجيه اهتمام الطلاب نحو صناعة ألعاب هادفة.

دور الأسرة والمدرسة في الإرشاد

لا يمكن لأي قانون أو حملة أن تنجح دون وعي الوالدين، فالتوجيه المستمر، والمتابعة الهادفة، وإشراك الأبناء في أنشطة بديلة، هي خط الدفاع الأول ضد هذه الظاهرة، كما أن هناك اقتراحات علمية عملية يمكن ان تقوم بها الأسر لإقلاع الأبناء عن هذه العادة التي أصبحت سيئة، وذلك بوضع (قانون أسري) بسيط يوضح أوقات اللعب (مثلاً: بعد أداء الواجبات + ساعتان كحد أقصى في أيام الأسبوع، وزيادة معتدلة في إجازات نهاية الأسبوع)، والالتزام بالعقاب والمكافأة بوضوح، ومنع اللعب قبل النوم بساعة على الأقل لأن النوم المنتظم يحسن الذاكرة والتركيز، ويقضي على الاستثارة الناتجة عن اللعب. 

كسرة أخيرة

ألعاب العنف الإلكترونية ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل قد تتحول إلى أداة لتشكيل العقول والسلوكيات بطرق مدمرة، حمايتنا لأبنائنا تبدأ من الوعي، والمتابعة، وتوفير البدائل، وصولاً إلى بناء جيل رقمي واعٍ يستخدم التقنية لبناء مستقبله، لا لهدم نفسه. 

اقرأ المزيد

alsharq من الخور إلى الدوحة.. نداء لا يُرد

في الفضاء الواسع، لا يسكنُ الناسُ وحدهم، بل يسكنُ معهم وجعٌ لا يُقال، وحنينٌ لا يُحتمل. ذكرياتٌ مثقلةٌ،... اقرأ المزيد

117

| 05 سبتمبر 2025

alsharq الستر.. أعظم درس في التربية

في حياة كل إنسان ثمة مواقف صغيرة قد تغيّر مسار حياته كله. قد تكون كلمة عابرة أو تصرفًا... اقرأ المزيد

126

| 05 سبتمبر 2025

alsharq طفل مُندفع

لا يمكنه السيطرة على انفعالاته؛ وبنبرة تعاطف قالت أمه: ما زال صغيراً فعمره خمس سنوات فقط، وبدأت الشكوى... اقرأ المزيد

57

| 05 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية