رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نواصل الحديث حول كتاب «العقلية الصهيونية ولاهوت الإبادة» لمؤلفه/ قتيبة مسلم
ثانياً: دور التيار الشيوعي في مواجهة المشروع الكولونيالي الصهيوني
تتناول هذه الدراسة الدور الحقيقي للحركة الشيوعية في النضال ضد الصهيونية، ومساهمتها في نشر التوعية الثورية والتحررية، وبث روح المواجهة ورفض الاستسلام، كما تكشف عن التلاعب الذي مارسته الأنظمة الامبريالية المتواطئة في تأليب الجماعات الصغرى -لا سيما دينياً- على بعضها، وذلك لضمان فرقتها، والتغلب من ثم على المنهج الشيوعي الذي يسعى إلى التطور الشامل.
تنقسم هذه الدراسة إلى فصلين يتفرع عنهما عدد من المباحث. فيتناول الفصل الأول (التيار الشيوعي: ظروف النشأة والتطور) نشأته وعقباته وتحدياته ومحاولات تعريبه، من أجل إضفاء روح الوطنية في نضاله نحو التحرر، وفرض مبادئ الاشتراكية والمساواة. أما الثاني (عصبة التحرر الوطني) فيتطرق إلى نشأة العصبة ومواصلة العمل الشيوعي الوطني والتقدمي لا سيما بعد النكبة، وكذلك إلى الاهتمام الذي ولاه الحزب الشيوعي الإسرائيلي للقضية الفلسطينية متضمناً «حق الأقلية العربية بالمساواة والمواطنة الفاعلة، وحق عودة اللاجئين».
لذا، يتطرق الباحث في مبحث (معاداة الاستعمار) إلى الخطر المتمثل في عدم وضوح أهداف الجانب الفلسطيني أو أدوات تحقيقها، ما يحيل حراكه السياسي إلى عمل فوضوي وعشوائي ومبعثر ومخترق بتأثير ديني أو قبلي أو تعليمي، خلاف التخطيط المحكم لدى الجانب الصهيوني رغم تناقضاته المركزية.
ثالثاً: البدو صراع المكان والأيديولوجيا
تتناول هذه الدراسة فئة البدو كشريحة اجتماعية لا تنفصل عن بقية الفئات ضمن النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وما تعرضوا له من هجمة استيطانية استهدفت السيطرة على النقب التي كانوا يتملكون أراضيها ويعيشون عليها، حيث كانت النقب تشكّل عقبة نحو الامتداد السكاني والعمراني والأمني والسياحي لدى الصهاينة، وما كان من أصالة ردود أفعالهم التي أظهرت حقيقتهم الوطنية المتكاتفة مع القضية القومية، وفي رفض الانزواء أو الاندماج مع الجماعات العسكرية المحتلة وخططها الاستعمارية.
تنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة فصول تتفرع بدورها إلى عدد من المباحث. فيتناول الفصل الأول (صراع البقاء والتحدي) التاريخ الوجودي للبدو في صحراء النقب وملكيتهم العرفية والقانونية للأرض وتجذرهم فيها هوية وأصالة، ومحاولة العدو الصهيوني التوغل بينهم واستمالتهم للعمل كعملاء وتجنيد شبابهم في صفوف جيشه، وفصلهم عن انتمائهم العربي، ومحاولة تمدينهم من أجل السيطرة على أراضيهم التي لها أن تستوعب عشرات الآلاف من المهاجرين اليهود. أما الثاني (تحديات الهوية وصمود المكان) فيتطرق إلى خطة طرد البدو قانونياً من أراضيهم باعتبارهم غزاة وسكّان غير شرعيين، الأمر الذي تطوّر إلى صدام، حَصَر البدو في حدود ما أطلق عليه بالسياج. ويستكمل الثالث (الأرض، القانون، الأيديولوجيا) المشاريع الاستيطانية في النقب ورفض البدو الانسلاخ عن حيزهم الجغرافي وانتمائهم الوطني.
وفي مبحث (العراقيب: نموذج للتهويد) الذي تناول الفلسطينيين المغيبين في إسرائيل جراء تحيز الرؤية الصهيونية للمواطن اليهودي على الفلسطيني، والقابع تحت خط الفقر، يستشهد الباحث بالنص التوراتي: «وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً، فلا تستبق منها نسمة ما، بل تحرقها أي (تقتلها) تحريماً للحثيين والأدوميين والكنعانيين والفرزيين والحورتيين واليبويسيين كما أمرك الرب إلهك».
رابعاً: النظرة الصهيونية للفلسطينيين العرب
تتناول هذه الدراسة حقيقة الصهيونية التي تنعكس بشكل أكبر في الصراع التاريخي بين ممثليها والعرب، وضرورة أخذها بعين الاعتبار في التعاطي اليومي، من أجل إذكاء روح الانتماء الوطني، ومواجهة الصراع بتحدياته القائمة وخططه المستقبلية.
تنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة فصول تتفرع بدورها إلى عدد من المباحث. فيتناول الفصل الأول (الاستعلاء والعنصرية) هذا الشعور بالتفوق العرقي الموغل في العقلية الصهيونية والمنعكس في مشروعها الاستيطاني، وفي الربط بين الدين والقومية من أجل خلق أمة من العدم على أنقاض الشعب الفلسطيني، وإقصائه من الحيز الجغرافي والتاريخي والسياسي. أما الثاني (اسقاطات المنفى على الفلسطينيين) فيتناول هذه الإسقاطات ذهنياً وسلوكياً، والتي تبدو أوضح ما تكون في نعت اليهود بها الآخرين، كمحاولة للتعافي النفسي، وإيجاد حيز لممارسة كافة صنوف القمع والظلم والاستبداد وإسقاط صفات «الدونية والشر والفساد والخمول والجهل والكسل» على الفرد الفلسطيني، ومن ثم تفعيل «الموقف الهرتسلي» المؤسس للحركة الصهيونية والمنادي بطرد العرب. ويعرض الثالث (السيطرة العملية: الحلقة العنصرية في نفي الآخر) عدد من الآراء المضطربة لمسؤولين صهاينة تعكس حالة من تطور ميراث الحقد الصهيوني المتأصل، في «نظرة جماعية تحكم الأفراد والمؤسسة» تضمن الوجود الصهيوني على الأرض، الأمر الذي يخلص إلى استمرار الصراع قائماً بين «شعب بلا مقومات أو أصول» و «شعب جذري وأصلاني».
يقول الباحث في مبحث (عقدة التفوق وظلم الذات) عن مراهنة الصهيونية في خلق وجودها من بين جملة ممنهجة من أكاذيب وادعاءات وأساطير، وتحقيق مآربها الاستيطانية: «لقد استندت الأيديولوجية الصهيونية على سبع مقولات أساسية، ارتكزت عليها في صياغة وجودها، وتطور تقدمها السياسي: 1) مقولة الأمة اليهودية الواحدة. 2) مقولة شعب الله المختار. 3) مقولة اللاسامية. 4) الصهيونية هي حركة تحرر وطني. 5) الإسرائيلي يساوي اليهودي، واليهودي يساوي الصهيوني. 6) تهويد الأرض التي تم تحريرها.7) كل صهيوني يهودي، وليس كل يهودي صهيوني».
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
765
| 16 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
717
| 11 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي تحاول القيام بأدوار إيجابية أو سلبية، وخصوصا في مراحل بناء الدول وتأسيسها. ومنطقيا ينبغي على مَن يُصَدّر نفسه للقيام بأدوار عامة أن يمتاز ببعض الصفات الشخصية والإنسانية والعملية والعلمية الفريدة لإقناع غالبية الناس بدوره المرتقب. ومن أخطر الشخصيات والكيانات تلك التي تتعاون مع الغرباء ضد أبناء جلدتهم، وهذا ما حدث في غزة خلال «طوفان الأقصى» على يَد «ياسر أبو شباب» وأتباعه!. و»أبو شباب» فلسطيني، مواليد 1990، من مدينة رفح بغزة، وَمَسيرته، وفقا لمصادر فلسطينية، لا تُؤهّله للقيام بدور قيادي ما!. ومَن يقرأ بعض صفحات تاريخ «أبو شباب»، الذي ينتمي لعائلة «الترابية» المستقرة في النقب وسيناء وجنوبي غزة، يجد أنه اعتُقِل في عام 2015، في غزة، حينما كان بعمر 25 سنة، بتهمة الاتّجار بالمخدّرات وترويجها، وحكم عليه بالسجن 25 سنة. وخلال مواجهات «الطوفان» القاسية والهجمات الصهيونية العشوائية على غزة هَرَب «أبو شباب» من سجنه بغزة، بعدما أمضى فيه أكثر من ثماني سنوات، وشكّل، لاحقا، «القوات الشعبية» بتنسيق مع الشاباك «الإسرائيلي»، ولم يلتفت إليها أحد بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحرب والقتل والدمار والفوضى المنتشرة بالقطاع!. وبمرور الأيام بَرَزَ الدور التخريبي لهذه الجماعة، الذي لم يتوقف عند اعترافها بالتعاون مع أجهزة الأمن «الإسرائيلية» بل بنشر التخريب الأمني، والفتن المجتمعية، وقطع الطرق واعتراض قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها!. وأبو شباب أكد مرارًا أن جماعته تَتَلقّى الدعم «دعماً من الجيش الإسرائيلي»، وأنهم عازمون على «مواصلة قتال حماس حتى في فترات التهدئة»!. وهذا يعني أنهم مجموعة من الأدوات الصهيونية والجواسيس الذين صورتهم بعض وسائل الإعلام العبرية كأدوات بديلة لتخفيف «خسائر الجيش الإسرائيلي باستخدامهم في مهام حسّاسة بدل الاعتماد المباشر على القوات النظامية»!. ويوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025 أُعلن عن مقتل «أبو شباب» على يد عائلة «أبو سنيمة»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث: وأنهم «واجهوا فئة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني». وبحيادية، يمكن النظر لهذا الكيان السرطاني، الذي أسندت قيادته بعد مقتل «أبو شباب» إلى رفيقه «غسان الدهيني» من عِدّة زوايا، ومنها: - الخيانة نهايتها مأساوية لأصحابها، وماذا يَتوقّع أن تكون نهايته مَن يَتفاخر بعلاقته مع الاحتلال «الإسرائيلي»؟ - دور جماعة «أبو شباب» التخريبي على المستويين الأمني والإغاثي دفنهم وهم أحياء، مِمّا جعل مقتل «أبو شباب» مناسبة قُوْبِلت بالترحيب من أكثرية الفلسطينيين وغيرهم. - مقتل «أبو شباب» يؤكد فشل الخطة «الإسرائيلية» بجعل مجموعته المُتَحكِّم بمدينة «رفح» وجعلها منطقة «حكم ذاتي» خارج سيطرة المقاومة، وبهذا فهي ضربة أمنية كبيرة «لإسرائيل» التي كانت تُعوّل عليهم بعمليات التجسّس والتخريب. - قد تكون «إسرائيل» تَخلّصت منه، قبل إرغامها، بضغوط أمريكية، على المضي بالمرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وذلك بتركه ليواجه مصيره كونه قُتِل بمنطقة سيطرة جيشها!. - الحادثة كانت مناسبة لدعم دور المقاومة على أرض غزة، ونقلت هيئة البثّ «الإسرائيلية»، الأحد الماضي، عن مصادر فلسطينية أن «مسلحين ينتمون لمليشيات عشائرية معارضة لحماس سَلّموا أنفسهم طواعية لأجهزة (حماس) الأمنية في غزة». منطقيًا، لو كانت جماعة «أبو شباب» جماعة فلسطينية خالصة ومنافسة بعملها، السياسي والعسكري، للآخرين بشفافية وصدق لأمكن قبول تشكيلها، والتعاطي معه على أنه جزء من المشاريع الهادفة لخدمة القطاع، ولكن حينما تَبرز خيوط مؤكدة، وباعترافات واضحة، بارتباط هذا الكيان وشخوصه بالاحتلال «الإسرائيلي» فهنا تكون المعضلة والقشّة التي تَقصم ظهر الكيان لأن التعاون مع المحتل جريمة لا يُمكن تبريرها بأيّ عذر من الأعذار. مقتل «أبو شباب» كان متوقعا، وهي النهاية الحتمية والسوداء للخونة والعملاء الذين لا يَجدون مَن يُرحب بهم من مواطنيهم، ولا مَن يَحْتَرِمهم من الأعداء، ولهذا هُم أموات بداية، وإن كانوا يمشون على الأرض، لأنهم فقدوا ارتباطهم بأهلهم وقضيتهم وإنسانيتهم.
648
| 12 ديسمبر 2025