رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1416

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

لقد جرى الكثير من الماء تحت الجسر

11 يونيو 2025 , 02:00ص

منذ الثمانينات، والمجتمعات الخليجية تعبر الجسر نحو عالم مختلف، لكن الجسر ذاته لم يبق كما كان، ولا المياه تحته بقيت صافية أو هادئة، شيء ما عميق قد تبدّل، لا في شكل المدن فقط، بل في نَفْس الإنسان الخليجي، في ملامحه وهمومه، في سلوكه وهويته، وحتى في نظرته للحياة.

كانت البدايات بسيطة، فيها شيء من الفطرة، الأحياء متآلفة، الناس يعرف بعضهم بعضًا، الأسر متماسكة، الأدوار الاجتماعية واضحة، ومكانة الكبير محفوظة، ثم جاء زمن الطفرة، وفتحت الأبواب لعالم يتدفق بلا توقف، عالم يختلط فيه البناء العمراني بخلخلة القيم والمألوف، ويتقدّم فيه الإسمنت أسرع من الإنسان. ومع بداية العقد الأخير من الألفية الماضية دخلت الفضائيات، ثم الإنترنت، ثم الهواتف الذكية، فتبدّلت الأذواق وتغيرت المرجعيات، وتراجع تأثير الأسرة والمدرسة، وتقدّمت الشاشات بكل ما فيها من صور ومفاهيم، بعضها جميل، وكثيرها مشوه، أصبح الشاب يتكوّن ذهنيًا من مصادر لا تقيم أي اعتبار لدينه ولغته وهويته.

أما المرأة الخليجية فقد تقدّمت خطوات واسعة، تعلمت، ونجحت، وشاركت بجدارة، لكن بقي التحدي قائمًا في تحقيق التوازن الصعب بين عملها في الخارج، ورسالتها داخل بيتها، فالمجتمع لا يزال يطالبها بأن تؤدي كل الأدوار بكفاءة مطلقة، دون أن يهيئ لها الظروف العادلة، فما زال النجاح المهني عند البعض يُنظر إليه كتنازل عن الدور الأسري، وكأنها في موضع اختبار دائم لا ينتهي. وفي المقابل، تواجه مشاريع الزواج تحديات لم تكن موجودة بهذه الحدة، فتأخّر سن الزواج، وارتفعت تكاليفه، وتضاعفت نسب الطلاق، وكأن الرباط الذي كان يومًا ما مقدسًا، أصبح تجربة قابلة لإعادة النظر في مشروعها، وأصبح الكثير من البيوت بلا مرجعية، وبلا دفء، وبلا حوار، وبعضها يعيش تحت سقف واحد، لكن بأرواح متباعدة.

أما الشباب، فقد وجدوا أنفسهم في واقع يتطلب منهم أن يكونوا جاهزين لعالم لا يشبهه شيء من حكايات الآباء، ولا في مجتمعاتهم الأصيلة، ولا ثقافتهم التي ورثوها، فقد قفز العالم في المجالات التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وهنا لا نتحدث عن عصر الكمبيوتر ولا الاتصالات، تلك القفزة العظيمة كانت في مجال الذكاء الاصطناعي الذي لم نستوعب أبعاده حتى الآن، لقد نزعت تلك القفزة المجتمعات الحديثة من تاريخها وموروثها لتصبح العيون شاخصةً في هذا الوحش التقني القادم من والمتجه إلى المجهول.

التحديات لا تقف هنا، فالتركيبة السكانية طرأ عليها الكثير من التغيرات، والهوية أصبحت مُطوّقة بثقافات متعددة، وأصوات كثيرة، ومحاطة بلغات ولهجات وأساليب حياة لا تشبهها.

كل ذلك حدث في أقل من ثلاثة عقود، كأننا عشنا قرونًا في عقدين، لقد جرى الكثير من المياه تحت الجسر، ولم تكن كلها عذبة، ولا كلها آسنة، فبعضها كان ضروريًا، وبعضها حمل معه شوائب تحتاج إلى تنقية.

إن ما نحتاجه اليوم ليس حنينًا للماضي، ولا هروبًا إلى المستقبل، بل وقفة واعية، نعيد فيها ترتيب أولوياتنا، ونستعيد بها شيئًا من هويتنا، لا لنقف في وجه التغيير، بل لنوجّهه لا أن نستسلم إليه، إن الجسور لا تُبنى كي نتأمل المياه التي تحتها، بل لنصل إلى الضفة التي نريد.

اقرأ المزيد

alsharq قطر عنوان الدبلوماسية الهادئة

في زمنٍ تتنازع فيه القوى الإقليمية والدولية على النفوذ السيادي وتغيب فيه لغة العقل أمام صخب المصالح تبرز... اقرأ المزيد

54

| 12 أكتوبر 2025

alsharq الحوار الشامل بين السودانيين ما الذي يعطله؟

المنطق يحتم على السودانيين باختلاف انتماءاتهم العرقية والجهوية وبصفة خاصة النخب السياسية والأكاديمية منهم أن يتدبروا أمرهم جيداً... اقرأ المزيد

42

| 12 أكتوبر 2025

alsharq تشريع الارتقاء بالحياة

في خطوة نوعية تعكس رؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع متماسك ومتوازن، صادق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم... اقرأ المزيد

60

| 12 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية