رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المشهد الأول:
بدأت الحرب في 27 ديسمبر 2008، قُبيل دقائق من تقديمي أول اختبار نهائي في مرحلتي الإعدادية الأولى – اختبار اللغة العربية، ويقولون إن الحرب انتهت، وبدأت أخرى وانتهت أيضاً، وبدأت واحدة وانتهت، وأخرى وانتهت، وواحدة بعد وانتهت!.
هكذا أعلن السياسيون، وقال المذيعون وكتب الصحفيون، ولكن منذ 27 ديسمبر 2008 لم أشعر بأن الحرب انتهت.
المشهد الثاني:
لا مشاهد أخرى هنا، فكل المشاهد تعيد ترتيب نفسها للعرض مرات كثيرة، حلماً وواقعاً، في أوج حالات التركيز وفي كل حالة شرود ذهني، لتخبرني بأنها هي الحرب لا تزال مشتعلة.
فإن انتهت الحرب، ماذا عن إعادة مشهد هروبي من المدرسة تحت وابل من الصواريخ إلى المنزل قبل ١٤ عاماً؟ وعن مشهد تطاير المنازل كقطعة بسكوت هشة أمامي في حرب ٢٠١٢؟ وعن مشهد الاختناق بالغاز في حرب ٢٠١٤؟.
ملحوظة: إعادة المشاهد هنا لا تعني الجلوس على أحد كراسي السينما والاستمتاع بأكل الفشار، بل هي أشبه بإعادة خوض التجربة مراراً على خشبة المسرح بكل عناصرها وواقعيتها.
فإن انتهت الحرب، لماذا يسكنني الخوف من أصوات الطائرات العابرة ومن أصوات الأبواب المغلقة بقوة ومن أصوات بكاء الأطفال ومن أصوات الرعد ومن الإضاءة الحمراء الساطعة؟.
استشعار الحرب
تجربتي الأخيرة مع العدوان على غزة خلقت لدي تساؤلا خياليا، لربما يكون مادة دسمة لأفلام الخيال العلمي، فقبل أن تبدأ بوادر الحرب الأخيرة، بدأت كوابيس الحرب تلاحقني في كل ليلة بأبشع صورها؛ وانهالت عليّ ذكريات الحروب كسيل جارف ليل نهار بصورة غير اعتيادية، ليأكلني الخوف والارتياب.
وبعدها بدأت الحرب، ليبقى السؤال هنا: هل اكتسبت أجسادنا وخلايانا - مع كل هذه الحروب - القدرة على استشعار الحرب وتخلق لدينا حالة من الخوف والشك وتنسج الأحلام لتحذرنا من المستقبل الحتمي؟.
الحرب ذاكرتي
إن لم تقتلنا الحرب، تقتلنا الذاكرة، الحرب تسكنني وتعيش فيَّ وأعيش فيها، فالحرب ذاكرتي، لا أستطيع الهروب من أي إجابة عن تفاصيل حياتي دون أن تكون الحرب مقترنة اقتراناً كلياً كتوأم سيامي في كل لحظة من لحظات حياتي الحاسمة.
فكيف لي أن أنسى بداية مرحلتي الإعدادية وارتباطها بحلم الصحافة دون ذكر حرب ٢٠٠٨-٢٠٠٩، وكيف لي أن أنسى أول غرزة حياكة صوف لي لأنها كانت خلال نهار حربٍ تحاول أمي فيه جمع أفكارنا في غرزة قد نكملها أو نموت قبل ولادتها.
وأذكر يوم ولادة أول حفيدة لنا “فاطمة” في ليلة كانت الصواريخ شعارها، وأذكر ليلة اختبار الجغرافيا للثانوية العامة حين لم يغريني القصف للتوقف عن الدراسة.
وكيف لي أن أنسى ساعة نتيجة الثانوية العامة (التوجيهي) بنسبة ٩٨.٨٪، أذكرها لأن الفرحة التي طالتني وأهلي لم يُكتب لها أن تخرج من باب بيتنا، أذكرها لأن الزغاريد لم يُكتب لها أن تخرج من بين الأحبال الصوتية، أذكرها لأنه كان بيننا شهداء لأن صوت الموت والحرب كان أعلى من أن يسمح لفرحتنا بالعبور ولو حتى عبر أسلاك الهواتف.
وأذكر بعد مرور شهر بالضبط على بداية عملي حين بدأت مسيرات العودة وارتقى شهداء وتمزقت أطراف شباب غزة.
وأذكر كل الاختبارات التي تأجلت في الجامعة، لأن تصعيدًا ما وفي ليلة ما حسم أمر (تعليق الدوام الجامعي غدًا وتأجيل الاختبارات).
وأذكر قبل حفلة تخرجي بيوم كثيرًا، فرحًا بكل تأكيد ولكن، كان هنالك تصعيد ليلي على غزة.
وأذكر يوم خطبة ابنة عمي، يوم هربت ذكرياتي في مركز سعيد المسحال الثقافي ويوم أُصيبت الموسيقى بالبكم ويوم مات المسرح في غزة، وذكريات بلا نهاية.
مشهد مستجد
في الغربة، يحاصرنا الخوف مئات المرات في الثانية الواحدة وتصيبنا (متلازمة الهاتف)، إذ لا يمكن لجلسة أصدقاء أو عمل أو محادثة عابرة أن تفصلك عن هاتفك لمتابعة الأخبار ثانية بثانية خوفاً من أن يضيع منك خبرٌ ما وخوف على أهلك وأصدقائك موزعين على قطاع غزة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
في الغربة تصبح كل الأسماء واحدة والوجوه واحدة والأماكن واحدة، رماديةٌ هي الحياة، واضحٌ هو الموت.
إن أكثر ما يؤلم في معادلة الغربة هذه أننا في غربة جسدية فقط، القلب هناك والعقل هناك والحواس هناك والذكريات كلها صُنعت هناك وتأخذنا إلى هناك، لنبقى عالقين هناك.
في الغربة، يحاصرنا الشعور بالعجز والانفصال عن الواقع وعدم الارتباط به، إذ تجد نفسك في الصباح مجبراً على ممارسة حياتك الطبيعية وأن تتعامل مع أناس ربما لم يسمعوا بغزة من قبل، وأن تنجز مهامك الوظيفية وأن تكون عنصراً فاعلاً بعقلٍ لم يعد هنا، بل هناك! فكيف أمضي وأنا هناك؟ ففي الغربة أجسادٌ بلا أرواح.
حرب غير منتهية
قد تنتهي الحرب، لكن حروبٌ كثيرة لا تنطفئ نيرانها ولا تبردها الأيام، حروب تعيش في ذاكرة ووجدان كل من عاش حرباً وذاق منها ما ذاق من خوفٍ وفقدٍ وألم.
قد تنتهي الحرب، لتبدأ معها حروبٌ أخرى نركض فيها وراء قطار الحياة الذي فاتنا ونحن عالقون في الحرب، حروبٌ تجبرنا على الحياة، حروبٌ تجبرنا على محاولة التأقلم والاندماج، حروبٌ لا ندرك بدايتها جيدًا وندرك ألا نهاية لها لأننا نعلم بأنها نحن.
قرار يستحق الدراسة مسبقاً
حينما صدر القرار الوزاري في عام 2023 بإعفاء أبناء الأئمة والمؤذنين من رسوم الكتب والمواصلات في المدارس الحكومية... اقرأ المزيد
78
| 30 ديسمبر 2025
أصالة الجمال الحق !
ما أثمن أن يصل الإنسان إلى لحظة صفاء، تلك اللحظة النادرة التي تهدأ فيها ضوضاء الداخل، ويخفّ فيها... اقرأ المزيد
57
| 30 ديسمبر 2025
الدوحة.. هوية تُبنى بهدوء وتُخاطب العالم بثقة
في زمنٍ تتسابق فيه المدن على ناطحات السحاب، وتتنافس الدول على مظاهر القوة الخشنة، اختارت الدوحة طريقًا مختلفًا:... اقرأ المزيد
54
| 30 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1992
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1584
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1122
| 24 ديسمبر 2025